عقارات قيمتها 1.5 مليار استرليني تباع بالمزاد حتى نهاية العام

بداية موسم المزادات العقارية في بريطانيا

عندما تهبط مطرقة مندوب المزاد للمرة الثالثة تصبح عملية البيع نافذة قانونيا (الشرق الأوسط)
TT

الربع الأخير من كل عام هو موسم المزادات العقارية التقليدي في بريطانيا. وتساهم عدة عوامل في جعل الموسم الحالي، الذي بدأ هذا الشهر وينتهي مع نهاية العام، من اكبر مواسم العقار حجما، حيث تقدر هيئة مثمني العقار البريطانية قيمته بحوالي مليار ونصف المليار استرليني (2.4 مليار دولار) هي قيمة عقارات تباع في المزاد خلال الربع الاخير من العام وتوفر فرصا استثمارية نادرة.

وساهمت الازمة الائتمانية من ناحية وندرة العقارات المتاحة في السوق للبيع من ناحية اخرى في اقبال غير عادي على المزادات. ويقول مدير هيئة مثمني العقار وادارة المزادات البريطانية، تشارلز سميلز، ان المزادات تتيح فرص استثمار نادرة في قطاع العقار البريطاني بأسعار قد تقل عن معدلات السوق بحوالي 20 في المائة. ولكن هذا الربح يتحقق طالما ان المستثمر يعرف احوال السوق ويشتري العقارات بحرفة ومهارة ويقوم بابحاث السوق اللازمة.

ولم تعد المزادات العقارية تقتصر على شركات تطوير العقار والاثرياء ومحترفي الاستثمار، فهناك المزيد من المشترين العاديين الذي يأملون في صفقة صغيرة لعقار يعيشون فيه او يبيعونه بربح هامشي بعد تجديده. وعلى هؤلاء الاستماع الى نصائح محترفي المزادات العقارية اولا قبل الاقبال عليها، لان فرص الخسائر واردة ايضا وبنسبة تكاد تعادل نسب تحقيق الارباح.

ويقسم سميلز نجاح استخدام المزادات في تحقيق الارباح الى ثلاث مراحل: الاستعداد، والتوثيق، ثم الاستراتيجية. والمرحلة الاولى هي الاهم حيث يستعد المستثمر بتفقد العقارات المعروضة في المزاد وانتقاء العقارات التي يريد ان يزايد عليها. والخطوة الاولى هي زيارة هذه العقارات ميدانيا والاطلاع عليها وعلى المنطقة المحيطة بها وسؤال الشركات المحلية عن مستوى الاسعار والمتغيرات الطارئة على المنطقة. فهناك مناطق تنمو واخرى تتدهور. ولا يجب على الاطلاق شراء عقارات من دون مشاهدتها اولا، فهذا في عرف الخبراء هو ضرب من الجنون. ولابد من الاستعداد لكل الاحتمالات وعدم افتراض ان كل عقار معروض في المزاد يقدم فرصة عقارية جيدة. ثم على المستثمر ان يحسب حساباته ويضع لنفسه حدا اقصى لا يتخطاه في المزاد.

ثم تأتي المرحلة الثانية وهي التوثيق وتأتي بعد اختيار العقار المناسب. ويجب هنا مراجعة وثائق العقار التي تأتي في «بروشر» خاص من شركة المزادات لكل عقار معروض للبيع. وتشمل الوثائق حقوق الملكية ومسح الارض المقام عليها العقار وتراخيص البناء وضمانات البناء اذا كان عمره يقل عن عشر سنوات. واذا لم يكن المشتري خبيرا بمثل هذه الوثائق فعليه استشارة محام.

ومن الوثائق التي يجب مراجعتها ايضا ترتيب القرض العقاري اذا كان المشتري يحتاج اليه. ويجب ان يدبر المشتري قيمة المقدم المطلوب فور فوزه بالمزايدة وهي نسبة 10 في المائة من قيمة العقار تدفع فورا ولا ترد اذا لم تتم الصفقة. ويتعين تسديد باقي الثمن خلال 28 يوما من تاريخ المزاد. وفي حالات طلب التمويل يجب على المشتري ان يحصل من المصرف الخاص به على تعهد بالتمويل ضمن قيمة معينة متفق عليها سلفا، حتى يعرف المشتري حدوده السعرية التي لا يجب ان يتخطاها.

وتتوقع معظم البنوك ان يدفع المشتري نسبة 15 في المائة من الثمن بحد ادنى وكلما زادت هذه النسبة كلما استطاع الحصول على شروط تمويل افضل. واذا تخطى المشترى حدود التمويل المتاح له فقد يقع في ورطة تدبير التمويل الاضافي، وهنا تكمن اهمية الالتزام بحدود التمويل المتاح الا في اضيق الحدود.

وينصح بعض الخبراء بالحصول على مسح هيكلي للعقار قبل المزايدة عليه، ولكن مثل هذا المسح يتكلف في بريطانيا حوالي 500 استرليني. ويعني هذا ان مثل هذه التكلفة قد تكون هدرا اذا لم يفز المستثمر بالعقار في المزاد. ولكن الشراء من دون مسح هيكلي قد يحمل معه مخاطرة اكبر.

وفيما يتعلق بالشق الثالث وهو الاستراتيجية، فهي تأتي في يوم الشراء وداخل قاعة المزاد التي قد يكون لها رهبة خاصة لمن لم يعتد عليها. وينصح الخبراء بحضور مزاد او اثنين من دون المشاركة للتعرف على مجريات الامور قبل خوض التجربة. والبديل الاخر هو ان يستخدم المستثمر مضاربا محترفا يمكن التواصل معه اثناء المزاد بالهاتف. من النصائح الاخرى ايضا عدم بداية المزاد لان هذا من شأنه ان يرفع السعر بلا ضرورة. والافضل الانتظار الى نهاية المزاد ثم الدخول المفاجئ لانتزاع الصفقة.

وتزيد جاذبية المزادات في الوقت الحاضر الى درجة انها تستبعد العقارات الصعبة التي كانت تتخصص فيها في الماضي. وتعرض هذه العقارات الصعبة على قطاعات متخصصة في السوق، تقبل عليها بأسلوب مغاير للمزايدة. فالشركات ومحترفو صناعة البناء يدرسون العقارات الصعبة جيدا ثم يعرضون فيها اسعارا تقديريه تعد نهائية ولا تقبل التفاوض بحيث يقبل بها البائع او يرفضها. وينظر هؤلاء المقاولون إلى العقارات الصعبة كنوع من الاستثمار بحيث يجري اصلاحها واعادة بيعها بالوسائل العادية او ازالتها واستثمار الارض في مشروعات اخرى. وترى بيوت المزاد ان هذه الوسيلة اصلح للعقارات الصعبة لان المشتري العادي يفتقر الى الخبرة والوقت اللذين يمكن بهما التحقق من القيمة الفعلية لهذه العقارات قبل التقدم لشرائها.

من مزايا المزادات العقارية ان كلا من البائع والمشتري يتأكد فورا من اتمام صفقة بيع العقار وشرائه في يوم المزاد نفسه، اذا ما تخطى السعر الحد الادنى المطلوب في العقار. وهذا يختلف جذريا عن اسلوب البيع العادي في السوق الذي يستغرق في بريطانيا عدة اسابيع يسودها القلق من الطرفين بسبب احتمال انسحاب احد طرفي الصفقة في اللحظة الاخيرة قبل تبادل التعاقد القانوني. في حالات البيع بالمزاد تتم الصفقات فورا وبلا شروط. فحينما تدق مطرقة مندوب المزاد ثلاث مرات إيذانا بإتمام الصفقة، تصبح نافذة قانونيا.

وتقول مؤسسات المزاد البريطانية ان الاسعار المعلنة في كتيب المزاد ليست الا مؤشرات على الاسعار التي يمكن ان تباع بها العقارات. وتمثل هذه الاسعار في بعض الاحيان الحد الادنى او المتوسط، ولكن السعر الواقعي قد يختلف كثيرا وفقا لحالة السوق. وهي تؤكد ان المزادات لم تعد الحل الاخير للتخلص من العقارات الصعبة وبيعها بأي ثمن، بل ان المزادات تعتبر احيانا الاختيار الاول لتحقيق معدلات اسعار تفوق احيانا المتوسط السائد في السوق. وهي تحقق للبائع عملية بيع فورية تتيح له اتخاذ قراراته الاستثمارية الاخرى بسرعة وتوفر له ايضا سيولة سريعة من العقار لا يتيحها اي مصدر اخر. هناك ايضا بعض الخدع العقارية مثل عرض اسعار منخفضة ولكنها وهمية وقد تقل عن السعر الادنى المطلوب في العقار. وتعتمد ادارات المزاد على ان المزايدة من شأنها ان تجعل هذا السعر رمزيا وتتخطاه الى اسعار اعلى. ولا تقتصر المزادات على العقارات السكنية وانما تتخطاها الى عقارات تجارية ومجمعات مكتبية وادارية تتخطى قميتها ملايين الدولارات.

البيع بالمزاد: بالاضافة الى فرص الشراء بالمزاد تتيح المزادات ايضا فرصا فورية للبيع للمستثمرين لكافة العقارات السكنية والتجارية. وتقول ادارات المزاد ان تحديد سعر البيع له اهمية قصوى في نجاح البيع لانه يوفر المناخ التنافسي المطلوب لنجاح المزايدة عليه.

وبدلا من عرض العقارات في السوق وانتظار فرص البيع التي قد تطول، او قد تطول اجراءاتها، فإن المزاد يوفر فرص بيع اكيدة وسريعة. كما يلغي المزاد اي عقبات مثل تدبير التمويل او انتظار ان يبيع المشتري عقاره اولا كما يحدث في الصفقات العادية. وفي حالات المزاد يتم توقيع التعاقد في اليوم نفسه وتنتهي كافة الاجراءات بين ستة الى ثمانية اسابيع.

ويصلح المزاد ايضا للمستثمرين الراغبين في بيع عدد كبير من العقارات دفعة واحدة. وهو يتيح لهم تحقيق اكبر هوامش من الارباح لانه يبيع لهم وحداتهم العقارية فرادى وليس بالجملة. وهو ايضا يضيف نوعا من الفورية والشفافية السعرية لكافة الصفقات.

ولم تعد الصفقات المعروضة في المزاد تقتصر على هؤلاء الذين يحضرون في القاعة ويزايدون على الصفقات، فالانترنت تتيح الان فرصا دولية للبيع بالمزاد عبر بائعين ومشترين اجانب يشاركون في المزادات عبر الهاتف او عن طريق مندوبين عنهم يتم الاتفاق معهم على الشروط والاسعار.

وتتم عملية البيع بالاتصال باحدى الشركات المنظمة للمزادات مثل «سافيل» أو «ألسوب» وطلب عرض عقار معين للبيع في المزاد. وتعاين الشركة العقار وتقوم بتصويره للعرض في «بروشر» المزاد، وتنصح البائع بحدود السعر الممكن تحقيقه بناء على خبرتها. ويتم الاتفاق ايضا على تاريخ المزاد المطلوب حيث تجرى المزادات على نحو دوري في حدود ثلاثة او اربعة مزادات اسبوعيا.

وتطالب شركات المزاد بكافة المعلومات عن العقار بما في ذلك صك الملكية وخريطة المساحة الارضية وصور فوتوغرافية. كما تطلب من البائع اثبات شخصيته اذا لم تكن قد تعاملت معه من قبل. اما التكاليف فهي تشمل رسوم المشاركة في المزاد سواء بيع العقار ام لم يبع بالاضافة الى عمولة عند بيع العقار بنجاح. وتتراوح العمولة بين نسبة اثنين واثنين ونصف في المائة. وقبل العرض تزور شركة المزاد موقع العقار وتعاينه وتجري بعض القياسات وتلتقط بعض الصور، ثم يتم ابلاغ محامي البائع بتحضير الوثائق الخاصة ببيع العقار ومتابعة عملية البيع. ثم يتم الاتفاق على السعر الادنى مع البائع وهو السعر غير المعلن الذي لا يباع العقار اذا لم يحققه.

نصائح الخبراء للمشتري بالمزاد.. لا تبدأ بكشف أوراقك لمنافسيك

* التمويل يجب ان يسبق دخول المزاد. فالشراء بالمزاد معناه دفع نسبة 10 في المائة فورا، ودفع بقية المبلغ خلال 28 يوما. ويجب ان يذهب المشتري الى المزاد وعرض الموافقة على التمويل في جيبه. وتتيح البنوك وعود تمويل لعقارات معروضة في المزاد بشرط الاتفاق المسبق مع المشتري على الحد الاقصى للتمويل المتاح له.

* لابد للمشتري بالمزاد ان يقوم بعمليات بحث ميداني مكثفة عن العقار الذي يرغب في شرائه، وذلك لان رسو المزاد عليه يجبره قانونيا على الشراء. ويشترط بعض المزادات مسحا هيكليا للعقار المعروض للبيع، ويمكن الاطلاع عليه لقاء رسوم لدار المزاد. واذا لم يكن مثل هذا المسح متاحا فالأفضل للمشتري أن يجري مسحا خاصا به حتى يتجنب المفاجآت.

* لا تكشف اوراقك لبقية المزايدين، بأن تكون اول المنافسين على السعر. والافضل تقديم عرض الشراء في المراحل النهائية للمزاد. كما ان من الافضل للمشتري غير المتمرس ان يمثله خبير مزادات يعرف الاجراءات ومجريات المزاد، ويجري العملية باحتراف وفقا للاتفاق مع المشتري وبلا انفعال نحو الصفقات.

* يباع العقار في المزاد بعدما يتخطى السعر الاحتياطي الذي يضعه البائع كحد ادنى مقبول للبيع، ولذلك لا اهمية بالمرة للعروض الاولية الرخيصة، التي تقدم فقط لجس النبض. وهناك بعض العبارات التي يستخدمها وكيل المزاد للاشارة الى ان الثمن تخطى الحد الادنى المطلوب، مثل عبارة «بيع العقار أصبح جديا وفوريا» وهنا يشتد الصراع للحصول على الصفقة بين المتنافسين.

* الثقة في استخدام مؤشرات واضحة للجميع في المزايدة ضرورية لانها توضح لوكيل المزاد وبقية الحاضرين انك تعني ما تقول وانك لن تتراجع، وهذا ايضا يخيف الاخرين من منافستك أو تقديم عروض اعلى.

* لا يجب تخطي الحد الاقصى المتفق عليه مع البنك، ولابد من وجود خطة او سيناريو للمشاركة في المزاد حتى لا يقع المشتري في محاذير الانطلاق لرفع السعر عشوائيا.