«خدمات ما بعد البيع».. أبرز مطالب مشتري العقارات في السعودية

خبراء: الصيانة محور مهم للمنافسة في السوق العقاري

تحتاج الوحدات السكنية للمزيد من شركات الصيانة لضمان تصحيح الأخطاء التنفيذية في عملية البناء (تصوير: خالد الخمس)
TT

تشهد السوق العقارية السعودية تحولاً في الخدمات العقارية التي يقدمها منتجو الوحدات العقارية، في ظل المنافسة بين شركات التطوير والتطوير الفردي الذي يقوم به عدد من الأفراد المستثمرين في تطوير مختلف أنواع العقارات في المملكة.

ويأتي احد اشكال التحول في قطاع العقارات في ما يتعلق بتقديم خدمات ما بعد البيع، وهو الأمر الذي تنافس فيه الشركات العقارية الكبرى دون غيرها في ظل الإمكانيات التي تمتلكها، في حين تنتهي علاقة الفرد المستثمر ببناء المنازل، عند بيعه على المشتري، وهو الأمر الذي يتسبب في وقت لاحق بنشوء قضايا مختلفة حول عملية الصيانة التي يجريها المشتري على المنزل الجديد من قبل الأفراد.

وذكر عقاريون وعاملون في القطاع العقاري السعودي أن تقديم خدمات ما بعد البيع هو المحور المقبل للمنافسة بين المستثمرين الأفراد، وشركات التطوير العقاري الكبرى، في الوقت الذي تخصص فيه تلك الشركات فريقاً متكاملا لتقديم خدمات ما بعد البيع للعملاء والمستهلكين، وهو الأمر الذي يفوق الوحدات السكنية المشتراة من الأفراد، والذي لا يملك إلا أن يتعاون مع عاملي الصيانة بشكل فردي، مما يجلب الإحساس للمشتري أو العميل بالخوف من ذلك التعامل.

وبين درويش باكير مدير إدارة التسويق بشركة رافال للتطوير العقاري أنه عند تطوير عقار أو بناء منزل يجد العميل خيارين، إما متابعة بناء العقار أو المنزل بنفسه، أو تكليف مقاول بالقيام بهذه المهمة أو شراء منزل قيد الإنشاء أو جاهز من مطور معيّن.

واشار الى أن السوق في المملكة يفتقر إلى خدمات ما بعد البيع وتقدير العميل وتقييمه ومحاولة بناء علاقة معه، وما يحصل هو بيع العميل السلعة وتجاهله إذا ما رغب في خدمة لهذه السلعة، وهو ما يعني أن العلاقة تنتهي مع المقاول أو المطوّر، اللذين بينهما فرق شاسع من لحظة إتمام عملية البيع، فلا يوجد علاقة تستمر بعدها، بل الأسوأ من ذلك، الهروب من المسئوليات المباشر كأبسط الأمور.

ولفت باكير إلى أن العقار كأحد أكبر روافد الاقتصاد الوطني السعودي بعد البترول، وهو يعاني من نقص كبير في خدمات ما بعد البيع، وحتى قبل البيع، حيث ان جودة المنتج لا تكون في كثير من الحالات تتناسب وأدنى المقاييس العالمية، وذلك من خلال استخدام كميات إسمنت وحديد ومواد بناء دون المستوى المطلوب، إضافة الى أخشاب ومواد صحية ذات جودة متدنية، وبالتالي فإن مبدأ خدمات ما بعد البيع هو امتداد لما قبل البيع على حد وصفه.

وأكد على أن شركته تعمل على تطبيق نموذج في خدمة العميل أولاً كأساس لبناء علاقة طويلة، وذلك من خلال تطوير ضاحية كاختصاص عمل الشركة، وجزء من تحديد وضعها في التطوير العقاري، فإنه يتم مراعاة معايير عدة للجودة سواء كان في مرحلة التخطيط أو التنفيذ أو التشطيب وحتى التعامل وذلك بتقديم أعلى مستويات الجودة.

وأشار الى أنه يتم تقديم منتج يلائم أحلام وطموحات السوق، مشيراً الى أن خدمات ما بعد البيع تشمل مساعدة الساكنين على اختيار وتنسيق الحدائق الذي يتوافق وأذواقهم بأسعار تنافسية، وكذلك بالنسبة للأجهزة المنزلية والتكييف التي تم اختيارها بعناية تتوافق وطرق معيشتهم واستخداماتهم، وهو ما ينطوي تحت عملية خدمات ما بعد البيع.

كما ذكر أن الخدمات تشمل أيضا الضمان على الأعمال الإنشائية والكهرباء وتمديدات المياه والبنية التحتية الأساسية لجميع الخدمات بما فيها تلك القابلة للتطوير والمبنية على شبكة الألياف الضوئية وخط الهاتف والإنترنت والبث التلفزيوني والحدائق والممشى والأمن على مدار الساعة. من جهته قال خالد المبيض المدير التنفيذي لشركة بصمة للتسويق العقاري ان اغلب منتجي الواحدات العقارية لا يقدمون خدمات ما بعد البيع، وهو الأمر الذي يضع العوائق بين الممول كالبنك أو شركة التقسيط وبين العميل، في الوقت الذي يخرج منه المنتج بعد إتمام عملية البيع.

وأضاف المبيض أن السوق العقاري بحاجة الى شركات صيانة عقارية، تعمل على صيانة المنازل وتعديل أخطاء البناء، وغيرها مما يكون على شكل ضمان يقدم من الشركات العقارية أو الفرد، في ظل التوسع الحاصل في عمليات بناء الوحدات العقارية المختلفة، وهو الأمر الذي يحتاج الى أكثر من شركة لتغطية الحاجة الملحة للسوق العقاري.

وأشار المدير التنفيذي لشركة بصمة لتسويق العقارات للحاجة الى إيجاد آلية عمل بين المشتري والبائع والممول، لضمان وجود الصيانة كاستقطاع 5 في المائة من مبلغ الشراء من قبل كل من الأطراف الثلاثة ووضعها للصيانة، للخروج من الحرج الذي قد يحصل في حال حدوث أي خطأ، وبالتالي يضمن الأطراف الثلاثة وجود مبلغ يغطي الأخطاء التنفيذية تتوزع تكلفتها على الجميع دون تحيز.

من جهته بين احمد السلمان خبير ومتعامل في قطاع السوق العقاري أن المنافسة بين شركات التطوير العقاري ستكون ما بين جودة المنتج من خلال موقعه وعملية بنائه، إضافة الى احد أهم المحاور الأساسية وهو ما يتعلق بخدمات ما بعد البيع، مشيراً الى أن الكثير من الوحدات السكنية تظهر بعض العيوب في بنائها، والتي تحتاج الى صيانة من قبل البائع.

وأكد أن تلك الصيانة تشكل تكلفة على الفرد أو على الشركة، إلا أن خدمات الشركات تظل وقتاً أطول من الفرد والذي يعمل على صيانة المنازل خلال شهر أو شهرين بعد البيع، في اغلب الأحوال.

ولفت السلمان الى أن خدمات ما بعد البيع تتضمن صيانة المنزل وتعديل الأخطاء التنفيذية لبناء المنزل، وغيرها من الخدمات التي تتضمن الكهرباء وتوصيل المياه، مشيراً الى أن منازل شهدت عطبا كاملا بسبب الأخطاء في عمليات البناء، في الوقت الذي تخصص تلك الشركات أرقام هواتف مخصصة لعمليات الصيانة.

وتشهد السعودية عمليات بناء ضخمة لمشاريع سكنية تقدر بنحو 200 مليار ريال (53 مليار دولار) وذلك من خلال مجموع المشاريع المعلنة، في الوقت الذي يتم تنفيذ عدد من المدن الاقتصادية والتي تحتوي على مشاريع عقارية سكنية وتجارية، والتي يتجاوز حجم الاستثمارات فيها نحو 180 مليار ريال ( 48 مليار دولار).

في الوقت الذي يصل فيه حجم الاستثمارات العقاري بشكل عام الى 1.4 تريليون ريال (373 مليار دولار) في جميع الاستثمارات والأشكال العقارية في المملكة.

وعاد السلمان ليؤكد على أن المرحلة المقبلة تحتاج الى تعزيز مفهوم خدمات ما بعد البيع، وذلك لضمان تطور السوق العقاري بشكل كبير، خاصة أن السوق مقبل على نقلة نوعية بدخول نظام الرهن العقاري، والذي يتوقع صدوره خلال الشهرين المقبلين، وهو ما سيعمل على نقل القطاع العقاري من العمل كحرفة الى العمل كصناعة حقيقية تتضمن كافة مقومات الصناعة المختلفة، من صناع ومسوقين وبائعين، إضافة إلى مستهلكي ومقدمي خدمات ما بعد البيع، مما سيوجد قاعدة صلبة في القطاع العقاري في المملكة.

وكانت شركات عقارية إقليمية وعربية قد دشنت اعمالها في المملكة، من خلال مشاريع إسكانية ضخمة، وأعلنت عن طرحها للبيع، في الوقت الذي تشهد فيه العاصمة السعودية الرياض، نحو 11 مشروعا، وتبلغ حاجة الرياض من المساكن نصف مليون وحدة سكنية حتى عام 2025، بمعدل 27.5 ألف وحدة سكنية.

وتحتاج السعودية بحسب تقارير صادرة عن غرفة تجارة وصناعة جدة، عن حاجة البلاد الى نحو 4.5 مليون وحدة سكنية خلال العشرين عاما المقبلة، ويبلغ حجم الاستثمار وتكاليف الإنشاء، تريليوني دولار، الأمر الذي يتطلب مواكبة تلك الوحدات لشركات تقدم خدمات ما بعد البيع وهو ما يعتقد انه سيفتح باب استثمار جديد في قطاع العقارات بالمملكة.