«الأزمات» ترجح كفة الاستثمارات الفردية في تداولات سوق العقارات السعودية

خبير: الشركات لم تستطع السيطرة على السوق.. وتقرير يؤكد وجود تأثيرات للرهن على القطاع

زادت الاستثمارات الفردية تداولات العقار السعودي وسط انتظار الشركات لقانون الرهن العقاري (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي تمر منطقة الشرق الأوسط بعدد من الأزمات الاقتصادية، تتمثل في أزمة دبي وتداعيات الأزمة المالية العالمية، وانعكاساتها على مصادر التمويل وركود نشاط الشركات العقارية خلال الفترة الحالية، سجلت مبيعات الأفراد نموا جيدا خلال الفترة الماضية في سوق العقارات السعودية.

وجاء تنامي حركة الأفراد في بيع وشراء الأراضي في المرتبة الأولى قبل تداولات العقارات، وذلك لتعلق الأفراد في المملكة بشراء الأرض، في حين جاء شراء المنازل في المرتبة الثانية، وشقق التمليك بعدها، وهو ما يساهم في بوادر جيدة لاستقبال عام 2010 للسوق العقارية.

وأكد عقاريون أن السيولة لدى الأفراد أفضل من ما هي لدى الكثير من الشركات، في ظل اعتماد الشركات على آليات تمويل مختلفة، قد يكون بعضها متعطلا بسبب ما يحدث من أزمة في التمويل وارتفاع تكلفته خلال الفترة الحالية، وهو ما ينعكس الآن على أداء عدد من الشركات العالقة في مشاريع سابقة، وقد تضررت من صعوبة الحصول على تمويل في وقت تمر به المنطقة في أزمات متواصلة.

وقال الدكتور عبد الله المغلوث الباحث العقاري إن العقار بالنسبة للفرد السعودي ثقافة، كما أن العقار يعتبر من أقدم المهن الموجودة في المملكة، التي يكتسبها الفرد من الآباء والأجداد بطريقة التوارث، خصوصا بعد أن كانت المدن صغيرة، في الوقت الذي يعرف فيه العقار على أنه «الابن البار».

وأشار الدكتور عبد الله إلى أن الأفراد أكثر خبرة من الشركات التي لم تستطع السيطرة على السوق العقارية، حيث إن عمر الشركات العقارية بالمفاهيم الجديدة يعتبر قصيرا مقارنة بالأفراد في البيع والشراء، ولذلك فإن الأفراد أكثر خبرة في التعامل مع الظروف الحالية، وهو الأمر الذي ساهم في نشاطهم خلال الفترة الحالية، في الوقت الذي تمر فيه المساحات التي تعمل فيها الشركات بأزمة، وهو ما حدث كمثال في أزمة دبي الأخيرة.

يذكر أن سوق التمويل في منطقة الشرق الأوسط تعاني من ارتفاع تكلفتها خلال الفترة الماضية، الأمر الذي زاد من صعوبة حصول الشركات على تمويلات عقارية، في الوقت الذي تتعرض له بنوك عالمية لمشكلات في قروضها لشركة «دبي العالمية» وشركة «نخيل»، وهو ما زاد من عملية الضغط على البنوك في مسألة التمويل، خصوصا العقارية منها.

وكانت شركة «دبي العالمية» التي تبلغ ديونها 59 مليار دولار (35 مليار جنيه إسترليني) قد طلبت من البنوك المقرضة مهلة 6 أشهر حتى تتمكن من دفع ديونها، علما بأنه كان يُفترض أن تسدد مبلغ 3.5 مليار دولار في الشهر المقبل.

كما تعرضت سوق التمويل أيضا لأزمة «سعد» و«القصيبي» التي وصل حجم المديونية التي تعاني منها الشركتان نحو ما يقرب من 10 مليارات دولار (37.5 مليار ريال(، وهو ما زاد من الضمانات والضوابط على التمويل.

وأضاف الباحث العقاري أن الأمور باتت أفضل للأفراد لاقتناص الفرص، مشيرا إلى أنه جاء الدور للعمل بالمثل القائل: «الاستثمار يقتنص الفرص»، وهو يضرب دائما عندما تتعرض الأسواق لأي أزمة وتنتج فرص قد لا تتكرر.

وأكد أن مفهوم الوسيط أو السمسار العقاري أو المكتب العقاري في السابق كان قائما على اقتناص الفرص، فعندما يحتاج صاحب العقار إلى السيولة ويضطر إلى بيع عقاره فإن هذه الحالة هي ما يطلق عليها فرصة.

إلى ذلك ذكر حسام ناصر ممثل مبيعات في شركة «تطوير عقاري»، أن الأراضي تمثل الطلب الأكبر للأفراد في الوقت الحالي، خصوصا أن الفترة الحالية تمثل فرصة للشراء، مع توقف الأسعار عن الارتفاع، وانخفاض عدد من الأراضي لحاجة الشركات إلى سيولة.

وأضاف أن الكثير من الأفراد هم من فئة ذوي الدخول المتوسطة، لافتا إلى أن الكثير من العملاء يستخدمون مدخراتهم بنسبة أكبر للحصول على أراضٍ، في حين يأتي في المرتبة الثانية استخدام تمويلات بنكية وسط عروض خاصة للأفراد من قبل البنوك.

وتمر السوق العقارية في المملكة بفترة ترقب، خصوصا قبل الإعلان عن قانون الرهن العقاري، وهو ما يؤكده العقاريون، وهو أن آلية القرار هي التي ستعمل على 3 تأثيرات على السوق، تتمثل في زيادة أداء السوق، أو انخفاضه، أو البقاء على ما هو عليه.

ويتوقع أن يتم الإعلان عن قانون الرهن العقاري في غضون الأسبوعين المقبلين، كما سبق أن ذكر وزير المالية من أنه سيكون قبل نهاية العام الجاري، في حين لم يحدد من هي الجهة التي ستعمل على الرهن العقاري.

من جهة أخرى أشار تقرير اقتصادي إلى أن السوق السعودية ما زالت تنتظر المصادقة على قانون الرهن العقاري الجديد، الذي أُعلن عنه في بداية العام الحالي.

وذكر التقرير الصادر من شركة «بيت الاستثمار العالمي ـ غلوبل» أن الرهن العقاري سيوفّر للبنوك السعودية أعمال رهن عقاري آمنة، كما أنه سيعزز ثقة المستثمرين في القطاع، ومن المنتظر أيضا أن يحفز القانون الجديد الطلب على سوق العقارات السكنية في المملكة.

وأشارت «غلوبل» في تقريرها إلى أن سوق العقارات السكنية السعودية تتمتع بنظرة مستقبلية مستقرّة، حيث يعتمد الطلب بشكل أساسي على السكان الشباب المحليين والباحثين عن مساكن بأسعار معقولة.

وأكد أن المعروض الجديد من الوحدات السكنية مال في المملكة بصفة أساسية ناحية مشروعات التطوير العقاري الفاخرة، مما قلل من المعروض من العقارات السكنية من الفئة المتوسطة.

وتوقع التقرير أن يصل في المملكة عجز بمقدار مليون وحدة سكنية بحلول عام 2012، إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يؤدي صدور قانون الرهن العقاري الجديد إلى زيادة الطلب على العقارات السكنية. ولفت التقرير إلى أن النظرة المستقبلية لأداء قطاع المساحات المكتبية تبدو سلبية، حيث ينتظر أن تطرح أكثر من 550 ألف متر مربع من صافي المساحة القابلة للإيجار في السوق خلال العامين المقبلين في الرياض.

كما توقع التقرير أن يتم تسليم أكثر من 300 ألف متر مربع من مساحات المكاتب في جدة قبل حلول عام 2011، ويتوقع أن ينمو المعروض من المساحات المكتبية في الخبر والدمام بأكثر من 8.7 ألف متر مربع بنهاية عام 2010.