عقارات الشوارع الرئيسية المزدحمة.. مصائب وفوائد

سلبيات ضوضائها المزعجة تقابلها إيجابيات موقعها

جانب من العاصمة الأميركية واشنطن
TT

يمتلك راسل بوم منزلا من 3 غرف، في حي راقٍ في أرلينغتون، جدرانه من القرميد، وأرضيته من الخشب، بالإضافة إلى أنه يحتوي على مدفئة، ومرأب سيارات مستقل، كما أنه قريب من المطاعم ومكتب البريد والمكتبة، ولكن ذلك المنزل يقع في الوقت نفسه في مواجهة طريق واشنطن بوليفارد السريع، يقول بوم، أحد المسؤولين بالشؤون الخارجية الذي يسعى لبيع منزله حاليا: «أنت تتجاهل الحكمة التقليدية، عندما تشتري بيتا على الطريق الرئيسي»، وذلك لأن الحياة على مقربة من أحد الطرق السريعة سواء كانت على مقربة من شارع بيلتواي أو على مقربة من أحد الطرق الرئيسية التي تمر عبر المدينة لا تلائم جميع الأشخاص، وعلى الرغم من ذلك، يؤكد الخبراء في العقارات أن الحياة على مقربة من طريق رئيسي لها بعض المميزات كذلك، فمثلا في أغلب الأحوال تكون أسعار تلك المنازل أقل من مثيلاتها البعيدة عن الطريق السريع، بالإضافة إلى أن قربها من الطريق يجعل سكانها يوفرون بعض الوقت الذي يتم إهداره في الانتقال. ومن جهة أخرى، فإن تلك المنازل يمكن أن تكون أكثر هدوءا مما تعتقد، بل إن بعض أصحاب تلك المنازل يقولون، إن ضجيج المرور أصبح يماثل أصوات تكسّر الأمواج على شاطئ المحيط.

ووفقا لبعض ملاك المنازل وخبراء العقارات، فإنه يجب أن نضع في اعتبارنا ملابسات الحياة في شارع رئيسي أو حتى في شارع سريع، فعلى سبيل المثال، يجب على المرء الذي يسعى للحصول على منزل بشارع مزدحم إلقاء نظرة على الشقة خلال فترات الذروة المرورية، كما يمكن أن يمثل ركن السيارة إحدى العقبات الأساسية، بالإضافة إلى أنه من الضروري أن يطلع الراغبون في شراء تلك الشقق على الخطط المحلية للمواصلات والنقل قبل الشراء، فمن جهتها، تقول باربارا كيمنت، التي تعمل كوكيل عقاري، والتي كانت تعيش في شارع كيمب ميل المزدحم بويتون لمدة 25 عاما: «يجب أن تطلع على الخطط المستقبلية للمنطقة، اتصل بالمسؤولين واحصل على المعلومات بنفسك».

وتضيف أن فكرة إهدار الوقت خلال الانتقال من الطريق الفرعي إلى الطريق الرئيسي تعد من أكثر مساوئ السكن في شارع مزدحم، بالإضافة إلى سائقي السيارات الذين يطرقون بابها عندما تتعطل سياراتهم، وتضيف سيمنت: «كوكيلة عقارية، فإن كل ما يهمني هو الاستثمار، فلم أكن لأحصل على نفس العائد من منزل آخر».

كما أن المنازل التي تقع على طريق مزدحم تكون أسعارها في الأغلب أقل من أسعار العقارات المماثلة في شوارع أخرى، مما يمكن الكثير من الناس من الحصول على فرصة إلحاق أولادهم بمدارس المقاطعة وشراء نوع من المنازل لم يكن ليصبح في متناول أيديهم.

يقول واين والاس، المثمن العقاري، إنه يقلل من سعر العقار الذي يقع على طريق رئيسي بنسبة تتراوح بين 10% أو 12%، ولكنه أكد في الوقت نفسه أنه توجد استثناءات في بعض الأحيان. ومن جهة أخرى يقول والاس، إن المنازل مشتركة الملكية تكون قيمتها أعلى إذا ما كانت على طريق رئيسي، كما أنه في سوق تتجه للصعود، فربما لا يقوم مثمن العقارات بتخفيض أي نسبة من قيمة المنزل نظرا لوقوعه على طريق رئيسي، مضيفا: «عندما تكون السوق نشطة كما كان قبل 3 أو 4 سنوات، يرغب الناس في شراء أي شيء يقع في متناول أيديهم».

ووفقا لوالاس الذي يعمل كمثمن عقاري بسلفر سبرينع منذ أكثر من 40 عاما، فإن شارعا رئيسيا مزدحما يمر عبر المدينة ربما يكون أكثر جاذبية من شارع مزدحم مروريا بإحدى الضواحي.

وفي الوقت نفسه يؤكد والاس: «أن السكن في شارع مزدحم تكون له مميزات في بعض الحالات»، فبعيدا عن السعر، هناك بعض المزايا الأخرى للحياة على مقربة من الشارع الرئيسي بما في ذلك القدرة على رؤية إعلانات البيع بسهولة، وسهولة الوصول إلى محطات المترو، بالإضافة إلى فرصة الحصول على مكان متميز لمشاهدة استعراضات الرابع من يوليو (تموز)، وذلك وفقا لما قاله دان نسميير الوكيل العقاري بويشرت ريالتورز، الذي يسكن على طريق غالوز في شمال فيرجينيا، ويضيف نسميير: «هناك محطة أتوبيس أمام منزلي مباشرة».

ومن جهة أخرى، تقول سيمنت، إنها كانت سعيدة بمشاهدة سيارات إزالة الجليد المتراكم عندما كانت تعيش بطريق كيمب ميل.

وبالطبع فإن هناك بعض الأسباب التي تجعل مثمني العقارات يقللون أسعار العقارات التي تقع على طريق رئيسي، منها نقاء الهواء، ففي يوليو أعلنت «هيئة حماية البيئة» عن تخصيص 1.4 مليون دولار أميركي لإجراء دراسة مشتركة بالتعاون مع جامعة ميتشغان لفحص التأثيرات الصحية لتلوث الهواء على الأطفال الذين يعيشون على مقربة من الشوارع المزدحمة.

فعلى سبيل المثال، ربما يكون لخطط تطوير النقل الكبرى، مثل خطط إنشاء مطالع ومنازل الجسور، التي ما زالت تحت الإنشاء تأثيرات كبرى على العقارات القريبة منها.

وبالتأكيد، فإن تأثير إنشاء طريق جديد على العقارات المجاورة أمر يمكن التنبؤ به حيث يكون لقطاعات النقل خطط معدة لعدة سنوات قادمة، وبالتالي فإن ملاك العقارات، التي من المتوقع أن تتضرر، يكون لديهم علم مسبق بوجود أزمة، فيقول جو مايكلوشيك مدير مكتب العقارات بإدارة ماريلاند للطرق السريعة: «هناك الكثير من اللقاءات العامة»، فإذا ما كان هناك مشروع لإنشاء طريق، من المتوقع أن يؤثر على أحد ملاك المنازل، فإننا نحاول بصفة عامة إما أن نستغل الفناء بشكل مؤقت وإما أن نأخذ جزءا صغيرا من العقار بدلا من إزالة تلك العقارات، ويضيف مايكلوشيك: «90% من عمليات الاستحواذ على العقارات تكون عمليات استحواذ محدودة».

ووفقا لملاك العقارات والوكلاء العقاريين، توجد حلول لمشتري المنازل الذين يرغبون في الحصول على منزل مريح بسعر ملائم، ويقع على مقربة من طريق سريع، ولكنهم يرغبون في الوقت نفسه في تقليل الجوانب السلبية للسكن على الطريق السريع، مثل وضع سور حول العقار، وإضافة مساحة خضراء، مما يمكن أن يشكل فارقا حقيقيا.

ومن جهة أخرى، يقول بول كوهلر، المسؤول بإدارة فيرجينيا للطرق والمواصلات: «جزء كبير من الضوضاء ليس إلا مسألة نفسية، فعندما ترى السيارات وهي تتحرك، تسمع الضوضاء».

ويقول أحد الوكلاء العقاريين، إنه إذا ما استخدمت أشجار السرو سريعة النمو، والنوافذ المعزولة، بالإضافة إلى وضع سور حول المنزل لتوفير الخصوصية، تكون بذلك قد قطعت جزءا كبيرا من الطريق لبيع ذلك المنزل.

وفي النهاية، فإن ضوضاء الطريق هي شيء يمكنك الاعتياد عليه، وفقا لنسميير وغيره ممن يعيشون في الطرق المزدحمة.

ومن جهة أخرى، يرى بعض ملاك المنازل أن الأمر أشبه بالماكينات التي تصدر ضجيجا رتيبا للمساعدة على النوم، حيث إنها تخلق ضوضاء مهدهدة، ولكن الفارق الوحيد، وفقا لنسميير: «أنك تنظر إلى السيارات بدلا من أمواج المحيط».

ومن جهة أخرى، قال بوم إنه لم يكن منزعجا من الضوضاء أو الحركة المرورية، التي تكون قد هدأت في وقت رجوعه من العمل، ولكنه قرر بيع العقار بدلا من أن يبقى به ويكون عليه توسيعه لمجرد أن يظل قريبا من الأماكن التي يقضي بها أوقات فراغه.

ووفقا لشوك رؤوف، الوكيل العقاري بكولدويل بانكر التابعة لـ«دي سي ريالتي غروب» فإن جزءا كبيرا من سعادة الشخص الذي يعيش على مقربة من شارع مزدحم تتعلق بأولوياته وتوجهاته.

ويقول رؤوف، إنه كان يعيش قبل ذلك بشارع هادئ ومنعزل، يقع على مقربة من مدرسة، مما يجعله موقعا مثاليا، ولكن بالنسبة لبعض الناس يبدو الأمر منعزلا أكثر من اللازم، مضيفا: «لكل فرد رغباته الخاصة، فإذا لم يكن لديك أطفال صغار، فإن وجود حديقة أو فناء على مقربة من شارع مزدحم ربما يصبح أمرا بلا قيمة على الإطلاق، وربما تكون أكثر اهتماما بوجود مطبخ مجهز، فالأمر يتعلق بالتفضيلات».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»