مجلس الغرف السعودية: قطاع العقارات عنوان النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة

انطلاق المؤتمر السعودي الدولي الثاني غدا بمشاركة واسعة من مسؤولين وخبراء

أكد تقرير مجلس الغرف أن القطاع العقاري سيكون قطاعا محوريا خلال الفترة المقبلة («الشرق الأوسط»)
TT

يعتبر قطاع العقار في السعودية قطاعا محوريا لعمليات التنمية التي تعيشها البلاد خلال المرحلة الحالية، لإسهامه المباشر في دفع عجلة النمو، وخلق المزيد من فرص العمل، وتحريك النشاط الاقتصادي في الكثير من الصناعات والأنشطة الأخرى المرتبطة به.

ومن خلال الحركة التي شهدها القطاع العقاري خلال الفترة الماضية، ثبت أنه مرتبط بأكثر من 92 صناعة ونشاطا، منها ما هو مرتبط بمرحلة ما قبل الإنشاءات، مثل مكاتب الدراسات والاستشارات العقارية، والمكاتب الهندسية، وشركات التسويق، ومنها ما هو مرتبط بمرحلة الإنشاءات مثل صناعة المقاولات، وصناعة مواد البناء، ومنها ما هو بعد مرحلة الإنشاء مثل شركات التشغيل والصيانة، وغيرها من الصناعات المكملة لهذا القطاع.

وبحسب تقرير صادر من مجلس الغرف السعودية، فإن انتعاش القطاع العقاري يضمن نمو النشاط في هذه القطاعات والصناعات بالتبعية، وهو ما يعني أن القطاع العقاري يعتبر قاطرة النمو في الاقتصاد الوطني.

وذكر التقرير أن قطاع العقارات بالمملكة يشهد معدلات نمو مرتفعة في كافة النواحي، خاصة في بناء المساكن وقيام المشاريع العمرانية والمدن الاقتصادية الكبرى، مواكبا حالة الانتعاش الاقتصادي التي تعيشها المملكة، واتجاه المستثمرين إلى هذا النوع من الاستثمارات الآمنة قليلة المخاطر، بالمقارنة بالأنواع الأخرى من الاستثمارات، مشيرا إلى أن عدة عوامل ساهمت في زيادة نمو وانتعاش قطاع العقارات.

وبين تقرير مجلس الغرف السعودية الذي أصدرته على هامش انطلاقة المؤتمر السعودي الدولي للعقار، الذي ينطلق غدا بمشاركة واسعة من المسؤولين والخبراء، بعض تلك العوامل التي أشار إليها أن منها الخسائر المتتالية التي شهدتها سوق الأسهم في السنوات الأخيرة، وأدت إلى قيام الكثير من المستثمرين بتغيير مسار استثماراتهم والتحول إلى الاستثمار العقاري، إضافة إلى حالة الازدهار الاقتصادي وتزايد حجم السيولة، والزيادة السكانية المضطردة، وما يرتبط بها من تزايد الطلب على الوحدات السكنية، ودور الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتدعيم هذا القطاع مؤخرا.

وتناول التقرير الذي حمل عنوان «القطاع العقاري قاطرة النمو الاقتصادي في المملكة» 4 محاور هي: الدور الاقتصادي للقطاع، والوضع المستقبلي لسوق العقارات، والعوامل المؤثرة فيه، والتحديات التي تواجه القطاع العقاري.

- الدور الاقتصادي لقطاع العقارات في السعودية: يساهم قطاع العقارات في المملكة بدور هام في النشاط الاقتصادي، من خلال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص العمل، وفي خلق فرص استثمارية جديدة لأصحاب الأعمال ولمدخرات المواطنين، ولتلبية تزايد الطلب على الوحدات السكنية، والعمل على تخفيض تكاليف هذه الوحدات.

وأوضح وجود الكثير من المؤشرات التي تعكس دور هذا القطاع في الاقتصاد الوطني بصورة واضحة وأهم هذه المؤشرات: مساهمة قطاع العقارات في الناتج المحلي الإجمالي، حيث تشير بيانات خطة التنمية إلى أن قطاع العقارات في المملكة يحتل المرتبة الثانية في الاقتصاد الوطني بعد قطاع البترول، ويساهم بنحو 55 مليار ريال (14.6 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي، وبنحو 9.5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي.

وأضاف التقرير، أن الناتج المحلي الإجمالي لقطاع العقارات ارتفع بنسبة 50 في المائة خلال الفترة من 1999 حتى 2008، بمعدل نمو سنوي متوسط 5 في المائة.

وأشار التقرير إلى أنه في إطار ذلك قدرت خطة التنمية الثامنة نمو النشاط العقاري بمعدل سنوي 6 في المائة حتى عام 2009، كما قدرت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 7.2 في المائة عام 2009.

كما يصف مؤشر حجم الاستثمار في القطاع العقاري بوجود تفاوت كبير في تقديرات حجم الاستثمارات في القطاع العقاري، وذلك بسبب عدم وجود جهة تعمل كمرجعية رسمية للقطاع العقاري وترصد تطور هذا القطاع بشكل دقيق، وهو ما يؤكد أهمية إنشاء الهيئة العليا للعقار. إلا أن المؤشرات توضح أن هناك استثمارات كبيرة بدأت بالتدفق نحو القطاع العقاري في المملكة، وأن حجم الاستثمار في القطاع العقاري سيتجاوز 82 مليار ريال (21.8 مليار دولار) خلال الثلاث سنوات المقبلة، وأن هذه الزيادة في الاستثمارات تأتي من 3 مصادر تتمثل في تحول عدد لا بأس به من المستثمرين في سوق الأسهم إلى الاستثمار العقاري باعتباره ملاذا آمنا يحقق دخلا مستقرا، حيث هناك تقديرات بأن تتحول مبالغ كبيرة نحو القطاع العقاري خلال الفترة القادمة، خاصة من الأموال التي تمتلكها سيدات في المملكة.

ثاني المصادر، يتمثل في رؤوس الأموال السعودية التي بدأت في العودة للاستثمار في المملكة بعد الأزمة المالية العالمية، في حين يتضمن ثالث المصادر زيادة توجه مدخرات الأفراد نحو الاستثمارات العقارية باعتبارها مربحة وتحقق دخلا مناسبا، خاصة بعد أن أصبح الاستثمار العقاري مهنة لكثير من أفراد المجتمع السعودي.

وأشار التقرير إلى أنه في ضوء هذا النمو هناك توقعات بأن تصل الأموال المستثمرة في بناء العقارات الجديدة حتى عام 2020 نحو 484 مليار ريال (129 مليار دولار)، ويمكن اعتبار تراخيص البناء الصادرة عن وزارة الشؤون البلدية والقروية مؤشرا لنمو الاستثمارات في هذا القطاع، حيث يتوقع أن تصل هذه التراخيص عام 2010 نحو 37 ألف رخصة.

وقال مجلس الغرف السعودية إنه يمكن اعتبار نمو المبيعات المحلية من الإسمنت مؤشرا على نمو هذا القطاع، حيث ارتفعت هذه المبيعات من 15.5 مليون طن عام 1995 إلى 24.7 مليون طن عام 2005، متوقعا أن يصل الطلب إلى نحو 63.5 مليون طن عام 2010.

وأشار التقرير إلى أن الاستثمارات مطلوبة وبشكل ملحّ، من أجل تلبية تزايد الطلب على مختلف المنتجات العقارية من أراضٍ وعقارات سكنية واستثمارية وتجارية ومنفعة عامة، مثل التقسيمات الصناعية والزراعية والشاليهات، والفنادق، والمدارس، والمستشفيات، والأسواق التجارية، والمصانع وغيرها.

وبين التقرير أن حجم الطلب على العقارات تزايد بمختلف تقسيماتها في المملكة خلال السنوات الأخيرة، سواء كانت عقارات مخصصة للسكن أو للنشاط التجاري، وجاء ذلك نتيجة لعدة عوامل، أهمها الطفرة الاقتصادية التي تشهدها المملكة في الوقت الراهن، كما يتأثر حجم الطلب على الوحدات العقارية بمجموعة من العوامل، أهمها عدد السكان ومعدل النمو السكاني، والتركيبة العمرية للسكان، والناتج المحلي الإجمالي، ونصيب الفرد منه، وحجم الإنفاق التنموي على مشاريع البنية التحتية، والقروض المقدمة إلى هذا القطاع من قِبل البنوك والجهات المختصة بالتمويل العقاري.

وأضاف أن أغلب العوامل تشير إلى تزايد الطلب بشكل واضح على العقارات في المملكة، مبينا أن التقديرات تشير إلى أنه لتلبية هذا الطلب يتطلب الأمر بناء ما بين 164 ألفا إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا، كما أنه يجب إنشاء 2.62 مليون وحدة سكنية حتى 2020.

وذكر تقرير «القطاع العقاري قطار النمو في المملكة»، أنه من الملاحظ أن آثار تزايد الطلب العقاري بدأت تنعكس على نشاط هذا القطاع العقاري ككل، حيث تضاعفت قيمة الصفقات العقارية بالمملكة عام 2009، التي تجاوزت نحو تريليون ريال (266 مليار دولار) عام 2008.

وبحسب مجلس الغرف السعودية، فإن بعض التقارير تؤكد أن الطلب على العقارات سيشهد مزيدا من النمو، عندما يتم حل مشكلة التمويل العقاري في السنوات المقبلة، حيث يعتبر ذلك عاملا مهما في نمو القطاع العقاري.

وقال التقرير، إن حجم العمالة في القطاع العقاري يمثل نحو 15 في المائة من إجمالي العمالة المدنية في جميع القطاعات وجميع التخصصات، المرتبطة بالمراحل المختلفة للبناء والتشييد من مهندسين ومصممين واستشاريين، ومقاولين، وفنيين، ومسوقين، ومثمنين، وغيرهم الكثير ممن لهم علاقة بالقطاع العقاري، ويقدر متوسط النمو السنوي للعمالة في هذا القطاع بنحو 5.1 في المائة، ومن ثم فإنه يعتبر القطاع المستوعب الأول للعمالة على مستوى القطاعات الإنتاجية، وأشار إلى أنه، وذلك لا يعني أن هذا القطاع يساهم في استيعاب عمالة وطنية بنفس النسبة نظرا إلى طبيعة فرص العمل في هذا القطاع، وانخفاض إقبال العمالة الوطنية عليها، واعتماده بشكل كبير على العمالة الوافدة، الأمر الذي يعول عليه في خفض معدلات البطالة في المستقبل عندما تتوفر العمالة الوطنية التي تلبي احتياجات هذا القطاع من المهن المختلفة.

- مستقبل القطاع العقاري بالمملكة: توقع مجلس الغرف السعودية من خلال التقرير، أن تشهد الفترة القادمة ازدهارا للقطاع العقاري، حيث يتوقع أن يصبح من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمار، وذلك في ظل الظروف المالية والاقتصادية المواتية، وفي ظل تحول الكثير من المستثمرين، ومدخرات الأفراد نحو هذا القطاع، بما يعني أن القطاع مقبل على طفرة غير مسبوقة يؤكدها توفر السيولة والتمويل وتوفر الطلب ووجود مبادرات ضخمة للاستثمار في هذا القطاع، ويدعم ذلك الشواهد المتمثلة في معدلات النمو غير المسبوقة في قطاع العقارات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والخليج بصفة عامة.

وتجاوز حجم الاستثمار في صناعة التشييد والبناء في الشرق الأوسط أكثر 300 مليار دولار، ويتوقع أن تزداد هذه الصناعة بنسبة 10 في المائة سنويا، الأمر الذي يجعل هذا القطاع مهيأ لاستقبال الكثير من الأفكار التطويرية الجديدة في إنشاء المباني وتبني التقنيات الحديثة والمتخصصة والمخفضة لتكاليف الإنشاءات على المدى الطويل.

في حين يتمثل اهتمام خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثامنة بالقطاع العقاري وتوقعاتها بأن يحقق الأهداف، منها الوصول بمعدل النمو في هذا القطاع إلى 7 في المائة، واستكمال إعداد كود البناء السعودي والبدء في تطبيقه، وإنشاء قاعدة بيانات للقطاع العقاري، بما يخدم المهتمين والمختصين في هذا المجال من باحثين وأصحاب شركات عقارية ومستثمرين، ويساهم في إعداد الدراسات والبحوث وبناء الخطط والاستراتيجيات اللازمة لتنمية هذا القطاع وتطويره.

إضافة إلى إعداد دليل عقاري للمقاولين، يشمل جميع أنظمة البناء والتشييد السارية واللوائح والمواصفات والإرشادات، مما يسهل على المستثمرين متابعة كل ما يتعلق بالشؤون العقارية في المملكة، وخاصة بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وتطبيق معايير البيئة والسلامة في البناء والتشييد.

ويأتي عامل اهتمام الدولة بالقطاع العقاري وزيادة الجزء المخصص له في الموازنة العامة للدولة لعام 2010 ضمن العوامل التي ستساعد على تنمية القطاع، كما يتضمن ذلك زيادة المخصصات للمستفيدين من القروض العقارية والمنشآت، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتشجيع المستثمرين لإنشاء المشاريع الحكومية التي تتضمنها الموازنة العامة، من خلال منح تسهيلات نوعية لقطاع المقاولات، كان أهمها تعديل قيمة الدفعة المقدمة التي تصرف للمقاولين عند توقيع العقود الحكومية لتكون 10 في المائة من قيمة العقد بشرط ألا تتجاوز 50 مليون ريال، بالإضافة إلى المرونة النسبية التي تبنتها وزارة العمل في مجال تطبيق نسب السعودة في قطاع المقاولات.

وقال تقرير مجلس الغرف، إن الكثير من الشركات العقارية تتوجه لطرح مشاريع سكنية جديدة خارج المدن، للابتعاد عن الازدحام السكاني والأسعار العالية للأراضي، مثل شمال مدينتي الرياض وجدة، هذا بالإضافة إلى الكثير من المشاريع العقارية التي يجري العمل بها حاليا لتطوير الأحياء الجديدة في مدن الخبر والدمام ومنطقة العزيزية، والاهتمام بجذب استثمارات العنصر النسائي لقطاع العقارات، حيث تمت مشاركة الشركات العقارية المحلية والخليجية والبنوك في المعارض والمؤتمرات النسائية المخصصة للإسكان والتمويل العقاري.

كما أضاف التقرير، أن من ضمن العوامل التي ستساهم في تحريك السوق العقارية، هو تحمس وسباق الشركات والمؤسسات العقارية في المملكة لإطلاق صناديق وبرامج للتمويل العقاري من أجل جذب أكبر عدد من المقترضين لإقامة المشروعات العقارية، وبعض القرارات التي اتخذتها الدولة التي ستشجع على نمو القطاع العقاري، ومن أهمها، قرار فتح المجال أمام غير السعوديين لتملك العقارات، مما سيجذب المزيد من الاستثمارات للقطاع، ويحد من تحويلات العمالة الوافدة للخارج لتدخل إلى القطاع العقاري، كذلك القرار الخاص بالسماح للجهات الحكومية بتأجير الوحدات العقارية، وقرار مجلس الوزراء الأخير بمنع المضاربة على أراضي المنح المخصصة لبناء المساكن.

- العوامل المؤثرة في مستقبل القطاع العقاري: أوضح التقرير أنه في ضوء التحليل السابق لواقع قطاع العقارات في المملكة، يتضح أن الفرصة سانحة أمام هذا القطاع أكثر من أي وقت مضى، لضخ المزيد من الاستثمارات لتوفير العقارات التي تلبي الاحتياجات الأساسية للسوق لأغراض السكن ولأغراض النشاط التجاري والسياحي وغيرها، ولكن عند الحديث عن فرص نمو هذا القطاع لا بد من الأخذ في الاعتبار العوامل المؤثرة في مستقبل هذا القطاع، التي من الممكن أن تؤثر على نموه بشكل كبير.

وأوضح التقرير أن من أهمها النمو الاقتصادي والسكاني وتركيبة السكان، حيث تسجل المملكة معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، ويواكبها نشاط تجاري وصناعي كبير يرفع الطلب على العقارات المخصصة للأنشطة التجارية والصناعية، كما تشهد المملكة أعلى معدلات النمو السكاني على مستوى العالم، مما يعني أن هناك طلبا على المساكن يشجع التوسع في هذا القطاع، خاصة أن المملكة تعتبر من المناطق الشابة التي ترتفع فيها نسبة السكان في سن المراهقة أو دون العشرين، ونسبة السكان غير المتزوجين، الأمر الذي يعني أن هناك معدلات نمو في الطلب المستقبلي على قطاع الإسكان والعقارات بصفة عامة في المملكة.

ولفت تقرير مجلس الغرف إلى أن تحسن مناخ الاستثمار عموما، وخاصة ما يتعلق بوجود حوافز لرأس المال الوطني والأجنبي للاستثمار في القطاعات الإنتاجية ومنها قطاعا السياحة والصناعة، وسينعكس أثره حتما على قطاع العقارات بتوجيه بعض الفوائض له، وخلق مزيد من الطلب على الوحدات العقارية المخصصة لمختلف الأنشطة والأغراض. وأشار إلى أن ذلك سيعزز استمرار الدعم والتمويل للعقارات المخصصة للمشروعات الخدمية مثل المستشفيات والمدارس والفنادق، واستقرار السياسة الخاصة بدور الدولة في توفير السكن للمواطن، حيث إنه من الملاحظ خلال السنوات الأخيرة تبني سياسة قائمة على تراجع هذا الدور، وهو ما شجع على دخول الكثير من الشركات لملء الفراغ الحادث نتيجة لذلك، وأدى إلى فتح شهية الأموال في قطاعات أخرى للتحول للقطاع العقاري من خلال الاستثمار في شركات وصناديق ومحافظ عقارية وخاصة مشاريع الإسكان، ومنها أموال البنوك والتأمينات الاجتماعية ومصلحة التقاعد وبعض شركات التطوير العقاري. كما أكد أن استمرار عملية تشجيع قطاع العقارات وخاصة فيما يتعلق بالقرارات الأخيرة لمجلس الوزراء من حيث مرونة الشروط والمواصفات للعقود الحكومية، وعدم سعودة الوظائف الفنية غير المتوافرة في سوق العمل، ومنع المضاربة على أراضي المنح، حيث إن ذلك سيرفع معدلات الإنجاز، وسيتيح الفرصة للاستعانة بالعمالة الفنية المدربة بأسعار معقولة، بما يؤدي إلى الإسراع بتنفيذ الكثير من المشروعات العقارية.

وبالإضافة إلى ما سبق أشار التقرير إلى وجود عوامل أخرى ستلعب دور المحدد للنمو في القطاع العقاري خلال السنوات المقبلة، أهمها توقع عودة الارتفاع في أسعار النفط، والاستفادة من طفرة عائداته في تطوير هذا القطاع مع عودة النشاط الاقتصادي العالمي للانتعاش بعد انتهاء تداعيات الأزمة المالية العالمية، والاهتمام بالإنفاق على برامج التدريب والتوظيف الخاصة بالقطاع، والاستفادة من ازدهار القطاع السياحي في الفترة القادمة خاصة السياحة الدينية، وسياحة الترانزيت وإقامة المعارض التجارية وسياحة الترفيه والمؤتمرات.

إضافة إلى الدور البالغ الأهمية للتمويل العقاري الذي أصبح مطلبا ملحا لجميع العاملين في القطاع العقاري بالمملكة، وسيعزز أثر كل هذه العوامل المشروعات الضخمة التي تم تخصيص مبالغ لها في الموازنة العامة للدولة، التي يتوقع لها أن تحول المملكة إلى ورشة كبيرة للبناء والتشييد العقاري خلال السنوات القادمة.

وشدد مجلس الغرف على أن التمويل هو شريان الحياة للقطاع العقاري، حيث يساعد على سرعة إنجاز المشاريع العقارية، سواء السكنية أو التجارية أو العمرانية، ولذلك اهتمت الدولة بإيجاد وسائل لتمويل الأفراد وخاصة من ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة وكذلك المؤسسات لمساعدتهم في إنشاء هذه المشاريع.

وجاء ذلك بحسب تقرير «القطاع العقاري قطار النمو في المملكة» من خلال إنشاء صندوق التنمية العقارية منذ عام 1974، كما تمنح البنوك الائتمان لتمويل النشاط العقاري، وعلى الرغم من كل ذلك ما زالت قضية التمويل العقاري حجر الزاوية التي يجب الإسراع بإرسائها للنهوض بقطاع العقارات، خاصة أن التمويل المقدم للقطاع العقاري ما زال لا يلبي طلبات المؤسسات والأفراد عليه، حيث يمكن ملاحظة ذلك من خلال حجم الائتمان المقدم من صندوق التنمية العقارية ومن البنوك.

في حين تقدم المصارف الائتمان للقطاع العقاري بغرض الاستثمار أو الاستهلاك لكل من المؤسسات والأفراد، والملاحظ أن حجم الائتمان المصرفي الممنوح لقطاع العقارات بصفة عامة قد ارتفع من 19.7 مليار ريال (5.2 مليار دولار) عام 1999 إلى 31.7 مليار ريال (8.4 مليار دولار) عام 2005، بنسبة زيادة بلغت نحو 85 في المائة، ثم قفز ليصل إلى 52.6 مليار ريال (14 مليار دولار) خلال الربع الأول من عام 2009.

وإلى جانب قروض صندوق التنمية العقارية تقدم البنوك التجارية القروض للأفراد بهدف الاستهلاك العقاري وفق ما أشار إليه تقرير مجلس الغرف السعودية، وشهدت تلك القروض تزايدا خلال الفترة من 2002 حتى2005 من 4.5 مليار ريال (1.2 مليار دولار) إلى 13.7 مليار ريال (3.6 مليار دولار)، ثم قفزت نتيجة لحالة الازدهار الاقتصادي والعقاري التي تعيشها البلاد لتصل لنحو 15.4 مليار ريال (4.1 مليار دولار) خلال الربع الأول من عام 2009. وأوضح أنه في ضوء تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، ينتظر أن يؤدي صدور نظام الرهن العقاري إلى تنشيط القطاع العقاري في المملكة، وهو النظام الذي يعلق عليه المستثمرون أملا كبيرا في حل مشكلات التمويل الخاصة بالقطاع، وذلك باعتبار مشكلة التمويل من أهم التحديات التي تواجه نمو هذا القطاع.

- التحديات التي تواجه القطاع العقاري: شدد مجلس الغرف السعودية في التقرير الخاص بقطاع العقار الذي تزامن إصداره مع مؤتمر سايرك 2، على أنه على الرغم من الأهمية التي تمثلها سوق العقارات للاقتصاد الوطني وعلى الرغم من قدرته على النمو والازدهار، فإن هذا القطاع أمام مجموعة من التحديات التي ستحدد مستقبل هذا القطاع، ومستقبل دوره في مسيرة التنمية الوطنية، من حيث حجم الاستثمارات، ومعدل النمو، وخلق فرص العمل، وتلبية الطلب المتزايد على الوحدات العقارية المخصصة لمختلف الأغراض، وكذلك كسب المنافسة على سوق العقارات في المملكة وفي منطقة الخليج عموما.

وتتمثل أبرز تلك التحديات بحسب التقرير في النجاح بسد الفجوة الكبيرة بين الطلب المحلي المتزايد على العقارات بصفة عامة والمساكن بصفة خاصة والمعروض منها، حيث لم تفلح الطفرة العقارية الحالية في سدها نتيجة نقص العقارات المخصصة للنشاط التجاري مقارنة بالطلب عليها، وكذلك نتيجة لتوجه معظم المشاريع العقارية إلى تلبية حاجات الطبقات الميسورة التي لا تمثل سوى فئة بسيطة من المجتمع. وتوفير التمويل اللازم لهذا القطاع من مصادر متعددة وبشروط ميسرة للمستثمرين، وقيام الدولة بمساعدة المستثمرين من خلال تقديم قروض بشروط ميسرة، حيث إن من أهم المشكلات التي تواجه هذا القطاع، تردد البنوك في منحه التمويل ووضع الشروط الصعبة أحيانا، وهو أمر أصبح واضحا خلال عام 2009 في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية.

وتوطين الوظائف بقطاع العقارات وخاصة في مهن التسويق والدراسات والاستشارات والتصميمات والتشغيل والصيانة، وذلك من خلال إيجاد العمالة المدربة، وتوفير الكوادر الوطنية المؤهلة للعمل بقطاع العقارات من مهندسين وفنيين.

إضافة إلى التحدي الخاص بنسبة السعودة والحد من استقدام العمالة الأجنبية، الذي يلزم المنشآت العقارية بتحقيق نسبة سعودة تصل إلى 10 في المائة التي تم تخفيضها إلى 5 في المائة، حيث يمكن الاستفادة من ذلك بالعمل على توفير برامج متخصصة للتدريب والتوظف في المهن الخاصة بقطاعات العقارات والإنشاءات والصيانة للعمالة السعودية.

والتزام المستثمرين بدراسات الجدوى الاقتصادية في إقامة مشاريعهم العقارية، والتزامهم بالمخططات العقارية، وذلك لتجنب الكثير من المخاطر، وتجنب التضخم غير المبرر في الأسعار الناشئ عن تداول العقار من مستثمر لآخر.

والنجاح في المحافظة على استقرار أسعار مواد البناء خاصة الإسمنت والحديد، حتى لا يؤثر ذلك على عقود المقاولين، وحتى لا يؤثر في النهاية على أسعار هذه العقارات، ومن ثم تغلب قطاع العقارات على التحديات التي يفرضها انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، من خلال النمو والتطور بنفس وتيرة نمو الاقتصاد الوطني، ومواكبة المستجدات الحديثة التي يفرضها التطور العالمي على القطاع من حيث العمالة المدربة، والخدمات المعلوماتية، وطرق التصميم والابتكار.

وأخيرا التحدي الخاص باستقطاب الاستثمارات السعودية العاملة في دول أخرى، وخاصة في دبي وأبوظبي، وتشجيع المستثمرين في القطاع العقاري بتقدم قروض ميسرة لهم، علاوة على سرعة إصدار التراخيص للمشاريع العقارية، الأمر الذي يستدعي تعديل البيئة الخاصة بالتنظيم والتشريع للقطاع العقاري بالمملكة، وإيجاد البيئة الجاذبة للاستثمار.