السعودية: هيئة الخبراء تدرس نظاما تمويليا عقاريا جديدا

«البيع على الخريطة» سيساعد المطورين العقاريين على تمويل مشاريعهم

تسعى وزارة التجارة إلى للإسهام في إيجاد نظام تمويلي جديد لمساعدة المطورين العقاريين (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشف مسؤول بارز في وزارة التجارة السعودية عن دراسة نظام تمويلي جديد في السوق العقارية في المملكة، من قبل هيئة الخبراء في مجلس الوزراء، سيسهم في مواكبة تحولات السوق لتمويل المشاريع بطريقة جديدة تضمن للأطراف كافة حقوقهم.

وقال حسان بن فضل عقيل، وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة الداخلية، إن نظام بيع الوحدات العقارية على الخريطة المتكامل تم رفعه إلى خادم الحرمين الشريفين، ويدرس حاليا في هيئة الخبراء، في الوقت الذي شكلت فيه الوزارة لجنة من بعض الجهات الحكومية للترخيص ببيع الوحدات العقارية على الخريطة، سواء السكنية أو التجارية أو المكتبية أو الخدمية أو الصناعية أو السياحية. من خلال إيجاد حساب الضمان، والقيد في سجل المطورين العقاريين، وفقا للائحة التنظيمية الصادرة من الوزارة بهذا الخصوص. وجاء ذلك التنظيم بهدف الإسهام في تمويل المشاريع من خلال بيع الوحدات العقارية على الخريطة، لمساعدة المطورين العقاريين في تمويل مشاريعهم في ظل ازدياد الطلب على الوحدات العقارية، ودعم قطاع التمويل العقاري عبر وسائل مختلفة لضمان بناء مشاريع تسد الحاجة العقارية المتنامية خلال الفترة الحالية.

وبحسب عقيل، فإن القطاع العقاري يشغل أكبر نسبة من الاستثمارات في الاقتصاد السعودي، حيث تقدر حجم الاستثمارات في السوق بنحو 1.2 تريليون ريال (320 مليار دولار)، في الوقت الذي يتداول فيه ما يقارب من 100 مليار ريال (26.6 مليار دولار) إلى 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) سنويا في هذا القطاع، مؤكدا أن التوقعات تشير إلى أن تصل الأموال المستثمرة في الإنشاءات العقارية الجديدة حتى عام 2020 إلى 484 مليار ريال (129 مليار دولار).

وأشار وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة الداخلية إلى أن ركيزة سوق العقارات في المرحلة المقبلة تتمثل في نمو الطلب، وتصحيح الأسعار، وتوقع إقرار الرهن العقاري، وانخفاض أسعار مواد البناء واستمرارية مشاريع التنمية الحكومية، والائتمان المصرفي المقدم إلى القطاع العقاري، الذي بلغ حجمه خلال الربع الأول من العام الماضي 6.52 مليار ريال (1.6 مليار دولار).وبيّن عقيل، الذي كان يتحدث خلال المؤتمر السعودي الدولي للعقار «سايرك 2»، أن حالة عدم الثقة والخوف التي تعيشها السوق العقارية هي حالة نفسية بالدرجة الأولى، وليست مرتبطة بأرض الواقع، في الوقت الذي يحتوي القطاع العقاري في المملكة على المقومات جميعها التي تساعده على تنمية مستدامة قوية، في ضوء ضخ الحكومة نحو 400 مليار دولار في المشاريع الحكومية، وتحول القطاع العقاري إلى صناعة، وتوافر البيئة المناسبة تتواكب مع متطلبات السوق السعودية، مؤكدا أن الحاجة تتطلب إنشاء 2.62 مليون وحدة سكنية حتى نهاية 2020.

وشدد على أن الأولوية القصوى ستعطى لتوجيه الاستثمارات العقارية، من خلال التطوير العقاري للوحدات العقارية، والتركيز على تلبية الاحتياجات المتزايدة من الفئات متوسطة الدخل للسكن أمر ملح، وسيسهم في تحقيق دفعة كبيرة لأداء السوق، حيث إن خلق الطلب عامل حاسم في سوق العقارات المحلية.

وكان مؤتمر سايرك قد عقد في الفترة ما بين 28 فبراير (شباط) الماضي وحتى 2 مارس (آذار) الحالي، وخرج بتوصيات مشابهة للمطالبات السابقة، من خلال إنشاء هيئة عليا للعقار تكون مظلة ومرجعية لشؤون العقار، وتتولى التنظيم والتشريع والرقابة وترصد تطوره وتبحث معوقاته، وتعمل على استحداث وسائل تسهم في استقرار السوق العقارية وتوازنها، وأن تكون هي المنسق والمفعّل للتنظيمات والتشريعات الخاصة بصناعة العقار جميعها، التي تمنع الازدواجية والتضارب في تطبيق القرارات والأنظمة التي تتعلق بالقطاع العقاري.

كما شملت التوصيات تحفيز آليات التمويل العقاري وتنظيمها، عن طريق مشاركة الصناديق الحكومية وشبه الحكومية في دعم المشاريع التطويرية، وبخاصة الإسكانية منها، وسرعة إنشاء السوق الثانوية وتنظيمها، وتهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة والمحفزة للاستثمار العقاري بشكل عام، والإسكاني بشكل خاص، إضافة إلى سرعة إصدار الأنظمة والتشريعات التي تحكم التعاملات المنظمة للسوق العقارية، وتحديثها وتفعيلها، كإصدار أنظمة الرهن العقاري، وتحديث نظام جمعية الملاك ونظام التثمين وتفعيل نظام التسجيل العيني للعقار. في حين طالب خبير عقاري بإيجاد نظريات جديدة لقطاع العقارات في الوقت الذي تحول فيه القطاع العقاري من أصول ثابتة يتم بيعها وشراؤها بطريقة تقليدية إلى قطاع يتميز بسهولة تداوله في صورة ورقة مالية. وقال الدكتور عبد الوهاب أبو داهش إن معظم القطاعات العقارية أصبحت منضوية تحت شركات عقارية مدرجة في أسواق الأسهم، مؤكدا في الوقت ذاته أن القطاع العقار لم يعد قطاعا معزولا يتأثر فقط بما يحدث في الاقتصاد المحلي، بل أصبح قطاعا متشابكا بشكل قوي بين الاقتصاديات العالمية، حتى وصلت تداعيات وآثار أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة إلى اقتصادات العالم كله، بما فيها المملكة.

وأشار أبو داهش إلى أن من العوامل التي أسهمت في تشابك القطاع هو تحويل الرهونات العقارية إلى مشتقات مالية، تم بيعها لحكومات وصناديق وأفراد خارج الدول الغربية، إضافة إلى التمويل العقاري أصبح عالميا، حيث إن البنوك العالمية أقدمت على إقراض شركات وأفراد خارج بلدانها، خصوصا في اقتصادات الدول الناشئة، مشبها ذلك بما حدث في دبي، وتحول الاستثمار العقاري إلى العالمية، حيث إن جزءا من استثمارات الشركات العقارية ينتقل للاستثمار والتطوير في بلدان أخرى بحرية، مشابه للاستثمار في أي قطاعات أخرى.

وأكد أن تأثير الأزمة العالمية لم يكن على أسواق الأسهم العالمية فقط، بل تعداه إلى القطاع العقاري، ليصبح العقار سلعة يمكن تداولها بشكل مقارب جدا إلى أسهم الشركات المتداولة في أسواق الأسهم العالمية، وموضحا في الوقت ذاته أن النظرية الاقتصادية الكلاسيكية التي تعامل العقار على أنه سلعة غير قابلة للتبادل التجاري باتت غير صحيحة. من جهته، قال الدكتور سعيد الشيخ، عضو مجلس الشورى السعودي وكبير الاقتصاديين في «البنك الأهلي»، إن الفئة العمرية الأقل من 30 عاما تشكل نسبة 67 في المائة من السكان، مما يعني استمرار معدلات النمو السكانية العالية وارتفاع الطلب على المساكن في السوق السعودية.

وأضاف أنه منذ أزمة سوق الأسهم السعودية عام 2005، فإن نمو القروض الاستهلاكية لفئة التمويل العقاري كان بطيئا، حيث وصل إجمالي تمويل العقار 16 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من 2009، مشيرا إلى أنه على أثر الأزمة المالية وتحفظ البنوك فإن الائتمان لقطاع التشييد والبناء تراجع بنسبة 8 في المائة لتسعة أشهر من عام 2009.

وقدر الشيخ حجم الإنفاق لبناء المساكن في 2010 بما يبلغ 65 مليار ريال (17.3 مليار دولار)، وبإجمالي 850 مليار ريال (226 مليار دولار) للفترة ما بين 2010 و2020، وأن يصل متوسط الطلب السنوي على السكن نحو 160 ألف وحدة.

وأكد كبير الاقتصاديين في «البنك الأهلي» أن مؤشر التفاؤل لقطاع الإنشاء الذي أطلقه البنك مؤخرا يشير إلى تحسن الثقة للربع الأول 2010، لا سيما للطلبيات والمبيعات الجديدة، إضافة إلى أن استطلاعات مؤشر التفاؤل تؤكد تحسن الثقة لقطاع التمويل والتأمين والعقار في الفترة نفسه.