تقرير: الأسواق العقارية تتعافى في 22 بلدا

العاصفة الثلجية تساهم في تراجع الأسعار في بريطانيا بداية العام بنسبة 1%

أسعار العقارات السكنية في بريطانيا تراجعت بنسبة 1% في يناير بداية العام الحالي لأول مرة منذ 10 أشهر
TT

أكد بنك نيشين وايد البريطاني، الذي يعتبر الأكبر في البلاد على صعيد القروض العقارية في تقريره الأخير نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي 2010، أن أسعار العقارات السكنية في بريطانيا تراجعت بنسبة 1% في يناير (كانون الثاني) بداية العام الحالي لأول مرة منذ 10 أشهر. وعلى هذا الأساس يصبح معدل سعر العقار السكني على الصعيد الوطني 161.3 ألف جنيه إسترليني، أي بتراجع نسبته 13 في المائة تقريبا عن أسعار عام 2007 نهاية الطفرة العقارية وقبل أزمة الائتمان الدولية، حيث وصل معدل سعر العقار إلى أكثر من 186 ألف جنيه إسترليني، إلا أن التراجع الأخير لا يزال أفضل في طبيعته من السابق إذ استعادت الأسعار ما نسبته 9 في المائة من قيمتها نسبة إلى ما كانت عليه أيام التراجع الحاد في فبراير العام الماضي، حيث وصل معدل سعر المنزل آنذاك نتيجة الركود وأزمة الائتمان الدولية قبلها إلى 1474.7 ألف جنيه إسترليني. وكان معدل التراجع الشهري على أسعار العام الماضي قد تعدى الـ1.5 في المائة في فبراير نسبة إلى ما كانت عليه في يناير.

وحذر بنك نيشين وايد من هذا التراجع قد يكون بداية لتراجعات أخرى هذا العام، كما توقع بعض الخبراء قبل أشهر. وأكد البنك أيضا أن التراجع يعود في معظمه إلى قلة الزبائن الناشطين في الأسواق خلال الفترة والأسابيع الأخيرة بسبب الأحوال الجوية والعاصفة الثلجية التي جمدت كل نشاط اقتصادي. وجاء ذلك مترافقا مع نهاية فترة الإعفاء من ضريبة الطابع للمشترين الجدد.

وعلى الرغم من أنه يصعب معرفة كل الأسباب التي أدت إلى التراجع الأخير بعد أشهر طويلة من النمو البطيء والنسبي، فإن الأرقام الأخيرة تشير إلى تراجع كبير على صعيد عدد الصفقات العقارية المعقودة بداية العام وتراجع كبير في عدد القروض العقارية الممنوحة في نفس الفترة، أي أن التراجع على جميع الصعد، ولذا حذر البنك والكثير من المؤسسات المالية والعقارية من مغبة حصول المزيد من التراجعات هذا العام. وكانت الرسالة نفسها قد صدرت عن كيت باركر عضو لجنة المراقبة المالية في بنك إنجلترا الأسبوع الماضي بعد الحديث عن تراجع عدد القروض العقارية الممنوحة وصعوبة الحصول عليها هذه الأيام للكثير من الناس، عندما قالت إن الأسواق العقارية قد تكون ضعيفة هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

ويؤكد تقرير نيشين وايد، أن المعدل الربعي للأسعار لا يزال مرتفعا بنسبة 1.6 على الرغم من أنه أقل مما كان عليه بداية العام الماضي وفي سبتمبر (أيلول) أيضا حيث وصلت نسبة الارتفاع إلى 3.7 في المائة.

ويشير التقرير إلى أنه منذ منتصف العام الماضي كان عدد القروض العقارية الممنوحة يرتفع تدريجيا، لكن معظم هذه القروض تتمتع بمعدلات فائدة متغيرة، إذ إن القروض التي تتمتع بمعدلات فائدة ثابتة تراجعت بنسبة 80 في المائة. أما عدد القروض العقارية التي تتبع معدل الفائدة العام لبنك إنجلترا فقد تراجع بنسبة 14 في المائة منذ يوليو (تموز) العام الماضي.

وتأتي الأخبار البريطانية على خلفية التقارير الأخيرة والكثيرة والإيجابية عن تطورات الأسواق حول العالم وقدرتها على الخروج من الركود وبداية تسجيل نمو معقول من آسيا إلى أوروبا إلى الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية.

وقد أشار تقرير «غلوبال بربرتي» بهذا الصدد، قبل أيام أن مؤشرها الأخير يشير إلى أن معظم أسعار العقارات حول العالم تحسنت في الربع الأخير من العام الماضي أي قبل شهرين وارتفعت في 22 بلدا حول العالم من أصل 34 بلدا على لائحة المؤشر. كما تراجعت الأسعار حسب المؤشر في تلك الفترة أيضا في 11 بلدا.

لكن إذا أخذنا النسبة السنوية بعين الاعتبار، فإن العام الماضي حسب المؤشر كان سيئا، إذ تراجعت الأسعار خلاله في 18 بلدا، ولم يتعد عدد البلدان التي شهدت ارتفاعا على الأسعار الـ16 بلد. كما أن الأسعار بشكل عام حول العالم - لا تزال - على الرغم من مؤشرات التعافي أقل مما كانت عليه قبل سنة من العام الماضي (طيلة 2008).

ولا تزال هونغ على رأس المؤشر بارتفاع نسبته 22 في المائة سنويا من عام 2008 إلى عام 2009 وبنسبة 1.56 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي. تلاها تايوان بنسبة سنوية لا تقل عن 18 في المائة عن نفس الفترة ثم أستراليا بنسبة 4.3 في المائة وبعدها النرويج (سلبا) وبعدها شنغهاي في الصين والسويد ونيوزيلاندا وسويسرا وسنغافورة وفرنسا ثم لوكسمبورغ وبريطانيا والبرتغال واليابان وإندونيسيا (سلبا) وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وكندا وألمانيا والولايات المتحدة. وفي آخر المؤشر هولندا وإسبانيا وكرواتيا والدنمارك وآيرلندا وسلوفاكيا وتايلاند وآيسلاندا وبلغاريا وليتوانيا والإمارات العربية المتحدة ولاتفيا.

ويوضح التقرير الأخير لـ«غلوبال» أن بعض الدول الآسيوية شهدت تعافيا وانتعاشة عقارية قوية وسريعة في الربعين الثالث والرابع من العام الماضي، بينما تواصل التراجع في الكثير من الأسواق الضعيفة على أهميتها.

ومن أكثر الدول الأوروبية تأثرا بهذا التراجع ليتوانيا وآيرلندا حيث سجلت آيرلندا تراجعا بنسبة 11 في المائة (11.8% عام 2008) وفي ليتوانيا بنسبة 29 في المائة، 19% خلال العام الماضي 2009. وبالطبع كان هذا الوضع في الأسواق العقارية الآيرلندية الأسوأ في أوروبا، على خلفية التراجع الاقتصادي العام السنة الماضية حيث انكمش الاقتصاد في الربع الثالث من العام الماضي بنسبة لا تقل عن 7.4 في المائة وارتفع معدل البطالة ليصبح 11.6 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

ومن الأسواق التي تعرضت أيضا إلى خضة وضربة قوية من الركود العالمي هي الأسواق البلغارية التي سجلت تراجعا على الأسعار أيضا في الربع الأخير من العام الماضي بنسبة لا تقل عن 2.2 في المائة، نسبة إلى ما كانت عليه قبل عام، وتراجعت الأسعار بمعدل 26 في المائة سنويا العام الماضي أيضا.

ووصل هذا المعدل في سلوفاكيا التي تعرضت لهزة عقارية قوية أيضا إلى 12 في المائة سنويا، وكانت نسبة التراجع في الربع الأخير من العام الماضي نحو 2.2 في المائة وهي نسبة مشابهة لبلغاريا.

أما إسبانيا فقد شهدت تراجعا بنسبة 6.4 في المائة العام الماضي، ووصل معدل الأسعار إلى المعدل الذي كان عليه قبل 6 سنوات أي عام 2004.

وبعد تعافٍ قصير منتصف العام الماضي عادت الأسعار في البرتغال في الربع الأخير من العام الماضي إلى التراجع وبنسبة 1 في المائة. أما أوكرانيا التي اشتعلت فيها الأسعار عام 2005 فقد شهدت تراجعا على الأسعار بنسبة 30 في المائة العام الماضي وبنسبة 3.6 في الربع الأخير منه.

ولا تزال الأسواق العقارية الروسية في غيبوبة منذ الربع الأخير من عام 2008، أي منذ عامين، ولم يقل التراجع على الأسعار العام الماضي على الصعيد الوطني عن 20 في المائة.

إلا أن أكبر نسبة تراجع على أسعار العقارات العام الماضي كانت في لاتفيا وريغا حيث وصلت النسبة إلى أكثر من 50 في المائة.

وتشير «غلوبال» إلى أن قطر في الخليج العربي من أسوأ المناطق العقارية على صعيد التراجع العام الماضي، حيث وصلت نسبته إلى 30 في المائة وربما أكثر. كما تراجع معدل الإيجارات بنسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة. ويعود ذلك إلى تراجع كبير على الطلب نسبة إلى ارتفاع عدد العقارات الجديدة المتوافرة في الأسواق والخارجة من الكثير من المشاريع الحديثة، ويقدر عدد الوحدات السكنية الجديدة العام الماضي التي دخلت الأسواق 10 آلاف وحدة، ولذا يتوقع أن تتراجع الأسعار العام الحالي أيضا (2010) وبنسبة لا تقل عن 15 في المائة. ولا يتوقع أي تغيير على الصورة قبل العام المقبل.

أما الدول التي تشهد تعافيا بطيئا فهي الولايات المتحدة الأميركية، إذ لم تتعد نسبة التراجع السنوية العام الماضي أكثر من 2.6 في المائة، وفي الربع الأخير من العام الماضي 0.3 في المائة. كما أن كندا في عداد الدول التي بدأت تشهد هذا التعافي البطيء حيث لم تتعد نسبة التراجع السنوية العام الماضي أكثر من 2.2 في المائة وقد توقفت الأسعار عن التراجع نهاية العام.

على الجهة الأخرى وباستثناء الأرجنتين وكولومبيا، تشهد أسواق أميركا اللاتينية العقارية طفرات عقارية مختلفة كما هو الحال في بعض مناطق الشرق الأوسط وإسرائيل ولبنان والقارة الآسيوية، لكن أهم المناطق نموا وارتفاعا للأسعار لا تزال هونغ كونغ وتايوان. وتشير الأرقام الأخيرة إلى أن الأسعار في هونغ كونغ ارتفعت العام الماضي بنسبة 20 في المائة على خلفية تزايد الطلب من أغنياء الصين، على الرغم من أن الأسعار كانت قد تراجعت بنسبة 15 في المائة في الربع الأول من العام الماضي.

والوضع نفسه ينطبق على سنغافورة التي تراجعت فيها الأسعار بنسبة 6.5 في المائة في الربع الأول، ثم ارتفعت بنسبة 14.3 في المائة في الفترة الباقية من العام الماضي. وفيما لم تتعد نسبة الارتفاع على الأسعار في اليابان أكثر من 0.8 في المائة عن نفس الفترة، سجلت في أستراليا ارتفاعا بنسبة 12 في المائة وسجلت نيوزيلاندا نسبة 4.6 في المائة.

على أي حال، فإن الوضع في الأسواق الآسيوية بشكل عام يختلف كثيرا عن بقية الأسواق العالمية، إذ إن للارتفاعات على الأسعار والطفرات من الناحية الاستثمارية جوانب سلبية، ففضلا عن حق التملك للأجانب فإن أسعار العقار غالية جدا في هونغ كونغ وسنغافورة ويصل معدل سعر المتر المربع في هونغ كونع 15 ألف دولار، بينما لا يقل ذلك عن 11 ألف دولار في سنغافورة، وأن عائدات الإيجار قليلة وفقيرة لا تتعدى الـ3.4 في المائة. ففي كوالالمبور في ماليزيا مثلا، تعتبر الأسعار رخيصة نسبيا مقارنة بغيرها من المدن الكبرى على صعيد الأسعار والرسوم على الصفقات. وفي تايلاند العائدات ليست سيئة، وخصوصا قطاع الشقق، إلا أن الضرائب لا تزال عالية للمستثمرين.

وبشكل عام تعتبر إندونيسيا الأفضل آسيويا على صعيد العائدات الإيجارية السنوية، إذ تبلغ فيها 12.3 في المائة، تأتي بعدها الفيلبين بنسبة 8.9 في المائة، ثم ماليزيا بنسبة 8.7 في المائة، ثم تايلاند بنسبة 7.9 في المائة، واليابان بنسبة 5.6 في المائة، وبعدها كمبوديا وسنغافورة بنسبة 3.79 في المائة، والهند والصين بنسبة متقاربة تصل إلى 3.5 في المائة، وأخيرا هونغ كونغ بنسبة 3.1 في المائة، وتايوان بنسبة 2.6 في المائة، حسب ما يؤكد مؤشر «غلوبال» الأخير.