خبراء: المشروعات العقارية المقبلة تصب في صالح ذوي الدخل المتوسط والمحدود

العالم العربي في حاجة إلى 1.5 مليون وحدة سكنية سنويا

TT

يتوقع المراقبون والعاملون أن يحمل العام الحالي استقرارا نسبيا للقطاع العقاري الذي بدأ ينفض عن نفسه غبار الأزمة المالية العالمية التي عصفت به. ويرى أحمد مطر الأمين العام للاتحاد العربي للتنمية العقارية في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الحالة العقارية في الوطن العربي عموما في عام 2010 تبعث على التفاؤل لعدة أسباب؛ منها أن «الطلب الحقيقي على الوحدات السكنية وغيرها من الوحدات العقارية يعتبر طلبا حقيقيا يزداد عاما بعد عام نتيجة زيادة عدد السكان في الوطن العربي بمعدل 2.6 في المائة سنويا، أي نحن بحاجة كل عام إلى نحو مليون ونصف المليون وحدة سكنية، وهذا طلب لا تتم تلبيته بالكامل. وبالتالي، فإن الطلب يبقى موجودا، ولكننا نحتاج إلى أن يتشكل المعروض وفق رغبات الطلب، بمعنى أن يكون الاتجاه أكثر نحو الوحدات منخفضة التكاليف أكثر من الوحدات باهظة الثمن أو السوبر ديلوكس».

من ناحية ثانية، يجد مطر أن الشركات العقارية العربية تتجه لتعديل شكل منتجاتها العقارية والتركيز على المنتجات منخفضة التكاليف أو المتوسطة خلال الفترة المقبلة، وقال: «نحن في الوطن العربي نحتاج الآن إلى نحو 4 ملايين وحدة عقارية منخفضة التكاليف، بينما المعروض لا يلبي نحو ربع الطلب، وهذا إنما يقودنا مجددا للتأكيد على أن القطاع العقاري لديه كثير من فرص النمو والازدهار». متوقعا أن «نشهد ارتفاعا تدريجيا في الأسعار هذا العام والعام المقبل».

في المقابل، يجد أحمد آل سودين رئيس مكتب الإمارات في الاتحاد العربي للتنمية العقارية وعضو مجلس الكونسيرتيوم العالمي للاتحادات العقارية، أن هذا العام سيشهد استقرارا في أسعار العقارات ليس أكثر. واعتبر في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن الحديث عن بدء تعافي القطاع أمر مبالغ فيه، «بل إن خصوصية هذا القطاع واختلافه من بلد إلى آخر ستبقى واضحة، وعملية التعافي، أساسا، تأخذ وقتا طويلا». وعن تقييمه لواقع القطاع العقاري في الإمارات قال آل سودين إن «السوق العقارية تختلف من إمارة إلى أخرى ولكل خصوصيتها؛ فبينما نجد أن سوق أبوظبي مستقرة، فإننا نلاحظ أن الشركات العقارية باتت أكثر حذرا، وأعتقد أن المشروعات التي كان مخططا إقامتها ولم يبدأ العمل بها ستشهد تأجيلا أو نوعا من إعادة الدراسة. أما دبي فنستطيع القول إنها في مرحلة التعافي، فلن يكون هناك مزيد من التراجع في الأسعار، بل نوع من الاستقرار، لكن هذه العملية تأخذ وقتا بالطبع. ومن المؤكد أننا لن نشهد إطلاق مشروعات جديدة، بل سيكون الوقت لتصريف الموجود. وهنا من الضروري أن نتوقف عند موضوع أساسي عند الحديث عن تراجع قيمة العقار؛ فالمضاربات كانت السبب الأساسي وراء رفع أسعار كثير من العقارات في دبي في فترة ما قبل الأزمة فوق قيمتها الحقيقية بأضعاف. والانخفاض الذي شهدناه إنما أعاد الأمور إلى نصابها». ورأى آل سودين أن الفترة المقبلة لن تحمل معها مشروعات بحجم التي أطلقت خلال السنوات الماضية «لأن كل الدول لديها اليوم؛ إما فائض، أو تتوقع أن يكون عندها اكتفاء. كما أعتقد أن الدول العربية بدأت تعي أنه يجب الاستثمار أكثر في الدول العربية نفسها من دون أن نغفل ضرورة أن نسعى لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع العقاري في دولنا ولا نكتفي بوضع استثماراتنا في الخارج».

وحول هذه النقطة بالتحديد يقول مطر إن «أنظار المطورين العقارين يجب أن تتجه في المرحلة المقبلة إلى المشروعات التي تخاطب حاجات ذوي الدخل المتوسط والمحدود، حيث إن السوق باتت مشبعة إلى حد كبير بالوحدات العقارية عالية التكاليف التي كانت الأكثر تأثرا بالأزمة المالية العالمية. وينطبق هذا الأمر على مختلف الدول العربية ومن ضمنها الدول الخليجية، لا سيما سلطنة عمان والبحرين، حيث إن شريحة كبيرة من السكان هي من فئة الشباب وهؤلاء معظمهم وافدون جدد على سوق العمل ويبحثون عن وحدات سكنية تكون في متناول اليد. وفي هذا السياق شهدنا أواخر العام الماضي الإعلان عن إطلاق (دار الزين) كأول مشروع سكني متكامل موجه للفئات ذات الدخل المحدود في سلطنة عمان». ويقول مشعل موسى المدير التنفيذي لـ«دار الزين» لـ«الشرق الأوسط»: «لقد استندنا في إطلاق هذا المشروع إلى واقع أن السوق بحاجة كبيرة لمثل هذه الوحدات السكنية، فدخل الفرد في عمان منخفض مقارنة مع دول الخليج الأخرى، ونجد أن معظم المواطنين باتوا يحملون كثيرا من القروض إلى جانب القروض السكنية، مما يجعلهم يتجهون للبحث عن وحدة سكنية مناسبة بحيث لا يكون القرض مرهقا لميزانيتهم. وهنا ارتأينا أن نقدم وحدات عقارية تتوجه علانية إلى هذه الفئات، وذلك للمرة الأولى في السلطنة مع التركيز على أنها وحدات عقارية ذات مواصفات عالية الجودة ولكن بأسعار مناسبة». وتوقع موسى أن تأخذ شركات عقارية أخرى هذا التوجه في الفترة المقبلة، خاصة أن طبيعة تركيبة المجتمع العماني يغلب عليها عنصر الشباب. وبالتالي، فإن العرض سيظل موجودا وسيسير في منحنى تصاعدي.