السعودية: دعوات لتبني استراتيجية وطنية للتغلب على حالة «عدم التوازن» في السوق العقارية

خبراء يؤكدون ضرورة دراسة نظام الرهن العقاري قبل تطبيقه

جانب من أحد المعارض العقارية في السعودية (تصوير: غازي مهدي)
TT

في الوقت الذي تتأرجح فيه السوق العقارية بين الانخفاض والارتفاع في الأسعار، جاءت مطالبات عقارية بإعادة التوازن للسوق، وذلك مع نشاط سوق الأسهم، وحالة الترقب التي تعيشها السوق العقارية، وصعوبة التمويل خلال الفترة الحالية.

ودعا خبراء عقاريون إلى ضرورة تبني استراتيجية وطنية شاملة للنهوض بواقع القطاع العقاري في السعودية، مشيرين إلى أهمية تهيئة البيئة العقارية عبر تسريع تطبيق التنظيمات والتشريعات الفاعلة، التي من شأنها تحديد الآلية الملائمة والمرجعية المحددة لتطوير القطاع العقاري والنهوض به.

وقال المهندس زهير فؤاد حمزة المدير التنفيذي لشركة «تمليك»: «إن التحديات التنظيمية والتشريعية تعد اليوم أكثر التحديات التي تواجه القطاع العقاري السعودي، لا سيما تلك المتعلقة بالجوانب التمويلية كأنظمة الرهن العقاري، وأنظمة ومشتقات التمويل، التي أسهم غيابها في تراجع الدور التمويلي للمصارف السعودية».

ويساهم القطاع العقاري بنحو 55 مليار ريال من إجمالي الناتج المحلي، غير أن وجود عوامل معقدة في تشعباته المتعددة، يستدعي تشكيل هيئة عقارية مستقلة، تشرف على الأطر التنظيمية للقطاع.

وفي هذا السياق، يوضح حمزة أن القطاع العقاري، يحتل المرتبة الثانية في الاقتصاد الوطني بعد القطاع النفطي، ويسهم بنحو 55 مليار ريال من إجمالي الناتج المحلي، إلا أنه يعد من أكثر القطاعات الاقتصادية تعقيدا نظرا إلى تشعباته، وتعدد العوامل التي تحدد مساره، كالعوامل التشريعية والتنظيمية المتعلقة بأنظمة التمويل والتطوير، وقواعد البيانات الخاصة بالتملك والتوقعات المستقبلية للنمو الديموغرافي، وتعدد الجهات المسؤولة.

ويشير حمزة إلى أنه إضافة إلى تلك العوامل يضاف إليها النواحي التنظيمية، وعوامل الهجرة من القرى والهجر إلى المدن، إضافة إلى تلك العوامل المتعلقة بأنظمة البناء والرخص والملكيات الخاصة، والعوامل المرتبطة بأسعار مواد البناء وآلية ضبطها.

وتابع: «هناك جوانب أخرى متعلقة بمعايير العرض والطلب، التي عادة ما تتسم بالتذبذب وعدم الثبات، لافتا إلى أن ذلك يستدعي وجود هيئة عقارية مستقلة تأخذ على كاهلها وضع الأطر التنظيمية للقطاع العقاري، وتدير الشراكة بين القطاعين العام والخاص في سبيل توفير الحلول الملائمة التي تسهم في تطور السوق العقارية، وثبات نموها».

واعتبر المدير التنفيذي لشركة «تمليك» العقارية أن العنصر الديموغرافي يعد من أبرز المحفزات الاستثمارية للقطاع العقاري في السعودية، الذي يرتبط بارتفاع معدل النمو السكاني، واستحواذ شريحة الشباب، الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما من مجمل عدد السكان، على نسبة تصل إلى 55 في المائة، مما يعزز حاجة السوق المحلية إلى توفير مئات الآلاف من الوحدات السكنية سنويا، لمواجهة الطلب المتوقع على تلك الوحدات من قبل تلك الشريحة، خاصة في ظل التوجهات الحكومية لتطوير البنى التحتية المرتبطة بالمدن والأحياء والتجمعات السكنية الجديدة. ورغم حاجة السوق إلى تطبيق نظام الرهن العقاري، فإن الخوف من سلبيات تطبيق النظام، ما زالت تفرض نفسها، مما يدعو إلى إقرار تشريعات تدعو إلى وضع سقف للفوائد، بحيث تتناسب مع دخل المستهلك، لتجنب الآثار السلبية التي من الممكن أن تحمله ما لا طاقة له به. وفي هذا الصدد، قال عبد الله سعد الأحمري رئيس التثمين العقاري بغرفة التجارة والصناعة بجدة: «على الرغم من إيجابيات نظام الرهن العقاري، والحاجة الملحة لتطبيقه في السعودية، فإنه يجب دراسة هذا النظام بشكل كاف، يسهم في تلافي الجوانب السلبية، التي كان لها دور كبير في انهيار أسواق عالمية أخرى، مشيرا إلى فقاعة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية، التي أدت إلى الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم».

وأضاف الأحمري: «تنحصر سلبيات الرهن العقاري، في الخوف من معدلات الفوائد المبالغ فيها، والمترتبة على قروض التمويل، التي يمكن أن تثقل كاهل المستهلك، إضافة إلى كيفية المعالجة في حال تبقى جزء يسير من القرض بعد تسديد معظمه، بمصادرة العقار من قبل الجهة الممولة، مشددا على أهمية تحديد سقف للفوائد بنسبة معينة لا يمكن أن يتجاوزها الممول».

من جهة أخرى كشفت مصادر مطلعة أن إقرار الرهن العقاري أصبح أقرب بشكل أكبر من قبل، وذلك بعد الأنباء التي تتوارد عن أن مجلس الوزراء السعودي قد يقره قريبا نظرا لقرب انتهاء مشروع الرهن العقاري عند محطة هيئة الخبراء في مجلس الخبراء، مشيرين إلى أن الأسابيع القليلة المقبلة كفيلة بإخراج النظام إلى النور.

وبحسب المصادر فإن الاختلاف كان بين قطاعين سيكون لهما دور في منظومة الرهن العقاري، إضافة إلى توافق الرهن العقاري مع الشريعة الإسلامية.

وتأتي تلك الأنباء في الوقت الذي تستعد فيه شركات التمويل لإطلاق عملياتها خلال الفترة المقبلة، بانتظار إقرار الرهن، ومع توجه البنوك إلى الاستعداد لإيجاد سيولة لازدياد الإقراض، وهو التحرك الذي قام به البنك السعودي الفرنسي، من خلال إصدار سندات بقيمة تصل إلى 650 مليون دولار، وهي مؤشرات على تجهيز البنية التحتية للإقراض لشراء المنازل.