الأزمة المالية وندرة الشريحة المستهدفة تؤثران على دخول الشركات العقارية العالمية السوق السعودية

خبير عقاري: دخولها محدود وسيظل بطيئا لفترة طويلة

الشركات تقتضي دخولها السوق المحلية بعد أن تضمن نجاحها وتحقيق أرباحها
TT

في الوقت الذي تؤكد فيه جهات حكومية مثل الأمانات وغيرها على أن فتح السوق العقارية أمام شركات التطوير العقاري والمقاولات العالمية هو هدف وغاية تسعى لتحقيقها من أجل تحقيق الأهداف التنموية والتطويرية التي تتبناها، يؤكد الخبراء العقاريون على أن دخول هذه الشركات بطيء ومحدود جدا وغير مرشح للزيادة أو التوسع ضمن السوق العقارية قريبا لأسباب كثيرة.

وعلى الرغم من أن شركات التطوير العالمية والإقليمية قد استثمرت في السوق السعودية قبل الأزمة المالية، فإنها لم توجد بنفس الفعالية التي وجدت عليها في السابق، وذلك لتضرر أغلب الشركات من تداعيات أزمة الرهونات العقارية المسببة للأزمة المالية العالمية.

الخبير العقاري، ورئيس اللجنة العقارية بغرفة التجارة والصناعة بجدة سابقا، خالد أسعد جمجوم أكد أن دخول الشركات العالمية الكبرى السوق العقارية السعودية لا يمكن النظر إليه إلا من منظور إيجابي، وأضاف: «وجودهم في السوق المحلية مهم جدا لتطوير الحركة العقارية والعمرانية، وإيجابي من نواح كثيرة ليس أقلها تنشيط السوق، والإشكالية الكبرى التي تعترض تحقيق الإيجابيات المتأتية على دخولهم السوق المحلية هي عدم وجود حوافز وميزات حقيقية تجذبهم للاستثمار في السوق المحلية بشكل كبير».

وقال جمجوم: «سياسة هذه الشركات تقتضي دخولها السوق المحلية بعد أن تضمن نجاحها وتحقيق أرباحها بكل تأكيد، فهي تجري دراسات مستفيضة، وتحرص على وجود ضمانات مرتفعة، إلى جانب نوعية التخطيط الممتاز الذي تجريه هذه الشركات قبل دخولها إلى أي سوق مستهدفة، إلى جانب أن المعايير العالية التي تعتمدها تقتضي في الوقت نفسه ارتفاع أسعارها ولهذا فهي تخاطب شريحة معينة لا تؤثر كثيرا على السوق العقارية السعودية التي تتحكم فيها الطبقة السائدة وهي الطبقة محدودة ومتوسطة الدخل».

وفي الوقت الذي يؤكد فيه عدم وجود حوافز ومغريات حقيقية لشركات العقار والمقاولات العملاقة، لا ينفي جمجوم دخول بعض هذه الشركات إلى السوق المحلية لكنه يصف هذا الوجود بـ«المحدود والبطيء جدا» وهو ما يجعل تأثير هذه الشركات على أسعار العقارات المحلية محدودا جدا وغير مرشح للزيادة إلا بتوسع الشريحة التي تستهدفها هذه الشركات وبالتالي يمكن حينها أن يكون لها تأثير ملحوظ على أسعار السوق. سواء من خلال أسعار العقارات أو من خلال سحبها لأجزاء أكبر من الأراضي المخصصة للمشروعات الاقتصادية والإسكانية.

ويصف جمجوم أداء هذه الشركات بـ«المتفاوت» فبعضها نجح في السوق المحلية، والبعض الآخر لا يزال متعثرا إلى هذه اللحظة وفي مشروعات أطلقت من سنوات، ويقول: «الإشكالية التي يجب الاهتمام بها على مستوى عال لضمان اكتساب الخبرات والأهداف المنشودة من دخول هذه الشركات هي أن المستهلك المحلي يجعلها تمنحه مستوى أقل جودة، في الوقت الذي يجب أن يتم الحرص على أن تعمل هذه الشركات في السوق المحلية وفق المستويات العالية للجودة التي تتعامل بها عالميا، وإلا فلن يكون لوجودها معنى أو فائدة».

وأضاف: «الإشكالية الأخرى التي تعوق وجود هذه الشركات هي بحثها عن الشفافية في التعامل بالدرجة الأولى، وبالنسبة إلينا فإن الأنظمة وحتى الطبيعة الاجتماعية للعملاء المستهدفين لا توفر الشفافية بالدرجة المطلوبة، ولا تستطيع هذه الشركات بطبيعة الحال أن تضع ملياري ريال (533 مليون دولار) أو 3 مليارات ريال (800 مليون دولار) ليتابعها معقب بسيط بحثا عن تصريحات وإجراءات ليست شفافة تماما».

وفي الوقت نفسه يؤكد جمجوم أن شركات عربية كثيرة أصبحت تدخل إلى السوق العقارية السعودية مؤخرا بواسطة شراكات سعودية لكنها ليست بمستوى الشركات العالمية الكبرى التي تحتاج السوق السعودية إلى دخولها لتحقيق التطوير العقاري المطلوب.

وحول الصيغة التوافقية التي تدخل بها هذه الشركات حاليا إلى السوق يقول: «الشركات الكبرى التي ترغب في الدخول إلى السوق السعودية تبحث بداية عن شركات سعودية غالبا ما تكون مرتبطة باسم تجاري عائلي مرموق وعريق لتضمن جديتها وإمكانياتها في تلبية المطالب المتوقعة منها بحكم الشراكة. ومن ثم تقوم بطلب تقييم الأراضي من خلال ثلاثة مكاتب متخصصة على الأقل للحصول على القيمة العادلة للأرض، التي يمكن أن تكون مملوكة في العادة للشريك السعودي».

من جهته قال المهندس عمر الحميدان، مدير إدارة التخطيط العمراني بأمانة مدينة جدة: «إن رؤية وهدف الأمانة يتمثل في استقطاب الشركات العالمية الكبرى في مجال العقار والمقاولات للدخول إلى السوق السعودية، من أجل إحداث نقلة عمرانية جبارة، الهدف منها جعل مدينة جدة على وجه الخصوص في مصاف أهم مدن العالم من حيث التقدم العمراني».

وأضاف الحميدان أن الأمانة تقدم الكثير من الحوافز لتشجيعها على دخول السوق السعودية، التي تعد أصلا سوقا واعدة ذات إمكانات كبرى تثير اهتمام أي مستثمر عالمي، وأضاف: «من بين الحوافز التي نقدمها زيادة الارتفاعات، وتسهيلات في الإجراءات وغيرها من السياسات التحفيزية التي نتبعها والتي ساهمت في زيادة عدد الشركات الراغبة في الدخول إلى السوق السعودية».

وعلى الرغم من تضرر عدد من شركات التطوير العقاري الإقليمية، وبالتحديد القادمة من دبي، بالأزمة المالية العالمية، فإن مصادر رشحت دخول شركات جديدة كالشركات الكويتية والماليزية مع إقرار الرهن العقاري، المتوقع صدوره خلال الفترة المقبلة في السعودية، مما سيساهم في تخفيف حدة الطلب الذي يتنامى مع قلة العرض، بسبب حاجز الأسعار الذي يعرقل مسيرة التواصل بينهما.