هبوط الإيجارات في دبي يغير خريطتها الديموغرافية

خبير في «شعاع كابيتال» لــ «الشرق الأوسط» نتوقع انخفاض الإيجارات بين 10 و15%

TT

يبدو أن التصحيح السعري الحاد الذي لحق بالقطاع العقاري في دبي وهبط بأسعاره بشكل واضح خلال العامين الماضيين لم يكن بعيدا عن قطاع رديف شديد الحيوية أيضا هو قطاع الإيجارات، الذي كان له نصيب هو الآخر من هذا التصحيح. فما لحق بالأسعار من هبوط منذ بداية الأزمة المالية العالمية وحتى الآن اقتربت أحيانا من 70 في المائة في بعض المناطق كان له أثر واضح على التركيبة الديموغرافية لدبي، عندما باتت المناطق السكنية في الإمارة خاضعة لنظرية الأواني المستطرقة والهجرة الداخلية في مسعى من السكان الذين يقيمون في مناطق معينة للانتقال إلى أماكن أفضل من حيث الخدمات وجودة الحياة وبالسعر نفسه الذي اعتادوا على دفعه قبل انخفاض الأسعار في مناطق سكناهم السابقة التي شغلها سكان آخرون قادمون من المناطق ذات الجودة الأقل.

وتشهد دبي نوعا من الترقية في مواقع السكن مع انتشار ثقافة جديدة تتلخص في أني «إذا كنت أسكن في منطقة جيدة كمنطقة المارينا مثلا (القريبة من مدينة دبي للإعلام) فلماذا لا أنتقل للعيش في منطقة جميرا بيتش ريزيدنتس الشهيرة التي تعتبر أكثر رقيا وبالسعر نفسه»، وهو ما يقوله مضر نصر وهو محاسب في إحدى شركات الإنشاءات الكبرى في دبي. وحال مضر تنطبق على معظم ساكني الإمارة من المقيمين في مسعى دائم منهم لتحسين مستوى سكناهم، خصوصا ممن يعيشون في مساكن مشتركة وهو أمر شائع جدا في دبي، وهو أيضا ينطبق على عدد كبير من سكان الشارقة، الإمارة الأقرب إلى دبي، ممن تحركوا باتجاه دبي الأقرب إلى أماكن عملهم غالبا، وبعد أن كان استئجار غرفة في فيلا مثلا في منطقة الجميرا الراقية التي تعتبر امتدادا لمنطقة برج العرب، يكلف بين 4 إلى 5 آلاف درهم شهريا قبل عامين وضمن شروط صارمة تمنع سكن أكثر من شخص في غرفة واحدة، أصبحت فيلات في هذه المنطقة الراقية مكتظة بالعشرات من محدودي الدخل بعد أن أصبح بالإمكان أن يتشارك أربعة أو حتى ستة غرفة واحدة، وهي سياسة جديدة رضخ لها المؤجرون لمواجهة تراجع الطلب واستقطاب مستأجرين أصبح من الصعوبة إيجادهم وفقا للشروط السابقة.

ويسكن الصحافي عمر أوزون في فيلا مشتركة مؤلفة من ثماني غرف في منطقة الجميرا وهو يستعد للانتقال إلى سكن آخر. يقول: «قبل سنتين فقط كنا تسعة أشخاص ومعظم الموجودين كانوا من جنسيات أوروبية، أما الآن فوصل العدد إلى 26 شخصا.. صدقني أن غرفة واحدة قد تستخدم من ثمانية أو عشرة أشخاص من بعض الجنسيات الآسيوية في بعض الأحيان والوضع بات لا يحتمل لذلك سأنتقل للعيش في مكان آخر».

وعلى ما يبدو فإن هذه الظاهرة آخذة في التعمق بانتظار المزيد من الانخفاض في الإيجارات قد يتراوح بين 10 و15% حتى نهاية العام، فيما يبدو أن المعروض الجديد الذي سيدخل السوق على مدى الأعوام الثلاثة القادمة لا يزال يشكل أبرز المخاطر التي تواجهها أسواق العقارات السكنية والتجارية على حد سواء، الأمر الذي سيعزز من توجهات وسلوكيات التردد والبحث عن القيمة من جانب المستأجرين المحتملين.

ويرى الخبير العقاري روي شري من شعاع كابيتال للاستشارات أن سمعة بعض المناطق التي باتت تتحول إلى مناطق سكن للعمال الآسيويين بسبب انخفاض الإيجارات فيها «ونتوقع المزيد من انخفاض الأداء لهذه المناطق».

ويعترض سكان هذه المناطق التي كانت تقدم على أنها مثالية لجهة تركيبتها السكانية على انخفاض المستوى العام للمنطقة بحكم انخفاض أسعار الإيجار أيضا فيها. ووفقا للخبير العقاري روي شري من شعاع كابيتال للاستشارات كانت شركة إعمار بالرغم من الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها الأفضل، والدليل على ذلك أن مناطق إعمار لا تزال الأكثر قيمة من حيث السمعة التي تحظى بها المناطق التي قامت إعمار بتطويرها في حين تتراجع سمعة بعض المناطق لشركات أخرى.

ويقول الخبير العقاري روي شري: «إن العام الحالي سيشهد مزيدا من الانخفاض في القيمة الإيجارية للوحدات السكنية والتجارية قد تتراوح بين 10 و15% وأن العام 2011 قد يشهد نوعا من الاستقرار في أحسن الأحوال هذه إذا كنا أمام نمو قوي للاقتصاد وهذا الاستقرار قد يكون مرتبطا بمناطق معينة فقط» وترى جيسي داونز، مديرة الأبحاث والتطوير والخدمات لدى «لاندمارك الاستشارية»: «ستنخفض معدلات الإيجارات - السكنية والتجارية - في معظم المناطق على مدى الأشهر القليلة المقبلة، وتحديدا الأبنية ذات الجودة الأقل الموجودة داخل المجمعات السكنية الأقل نموا وتطورا. إلا أنه من المرجح أن تبقى إيجارات بعض الوحدات السكنية ذات الجودة العالية في بعض المواقع الرئيسية مستقرة؛ الأمر الذي ينطبق على عدد محدد من مجمعات الفلل والأبنية السكنية».

وفي الحديث عن الشقق السكنية، فإن زيادة العرض قد أضاف المزيد من الضغوط على الإيجارات في الكثير من المناطق، بما فيها المناطق البارزة ذات الجودة العالية. فقد شهدت مناطق مثل نخلة جميرا ومرسى دبي زيادة في العرض عقب عمليات تسليم جديدة بحدود أقل؛ فقد انخفض إيجار الشقة المؤلفة من غرفتين في نخلة الجميرا بنسبة 4 في المائة لينخفض بذلك الإيجار من 120 ألف درهم إلى 115 ألف درهم سنويا، في حين انخفضت الشقق المؤلفة من غرفتين في مرسى دبي بنسبة 6 في المائة لينخفض الإيجار من 90 ألف درهم إلى 85 ألف درهم سنويا. وقد لوحظ هذا الاتجاه النموذجي في كل من الأبنية التي تم تسليمها أخيرا والأبنية ذات الجودة الأقل.

ويشير دليل «لاندمارك الاستشارية» إلى أن معدلات إيجار الفلل قد بقي مستقرا نسبيا في بعض المواقع والمشاريع مثل «المرابع العربية» و«فيكتوري هايتس»، وأجزاء من منطقة «البحيرات» التي تشهد انخفاضا في الحدود الدنيا.

وكانت تقارير إعلامية محلية ذكرت أن دائرة الأراضي والأملاك بدبي استقبلت الكثير من طلبات إلغاء عقود المشترين المتعثرين عن سداد الدفعات المالية للعقار من قبل شركات التطوير العقاري العاملة في دبي، وأن السوق العقارية في دبي تترقب موجة إلغاء عقود المشترين المتعثرين عن السداد في عدد من المشاريع سواء الجاهزة أو التي لا تزال قيد التنفيذ أو أصبحت على مشارف التسليم.

إلى ذلك حثت «لاندمارك لإدارة العقارات»، التابعة لشركة «لاندمارك للعقارات»، الملاك في الإمارات العربية المتحدة على اتباع استراتيجية صيانة وقائية بهدف الحفاظ على قيمة عقاراتهم. وقال مايكل مايكل، مدير المبيعات لدى «لاندمارك للعقارات»: «يتوجب على أصحاب المنازل والملاك اتباع أفضل الإجراءات الوقائية لضمان ارتفاع قيمة عقاراتهم، عوضا عن اتباع أسلوب رد الفعل وصيانة الأعطال عند حدوثها فقط، حيث إن الصيانة الدورية للشقق والفلل على حد سواء ستحافظ وتزيد من قيمتها على المدى الطويل».