الأزمة المالية تساهم في تغيير قواعد لعبة شراء العقارات في نيويورك.. نحو الأفضل

5 طرق لضمان تفوق المشترين في السوق

تسببت الأزمة المالية في تغيير أسعار العقارات في نيويورك
TT

تبدو محاولة تحديد ما يجري الآن داخل سوق العقارات في نيويورك أشبه بالوقوف على الشاطئ ومحاولة تحديد اللحظة التي سيتحول عندها اتجاه التيار، من دون الاطلاع على بيانات مساعدة.

لكن مع تنامي المبيعات واجتذاب المنازل المعروضة للبيع أو الإيجار عشرات العملاء المحتملين، بات أمر واحد واضحا هو أن قواعد اللعبة تبدلت، وأن هذا التغيير جاء في بعض الجوانب نحو الأفضل. وكان من شأن فترة الركود التي شهدتها البلاد إحداث الكثير من التغييرات الكبرى، مثل انخفاض الأسعار، وفرض قيود أكثر صرامة على الإقراض، وتراجع معدلات الفائدة إلى مستويات منخفضة قياسية، إلا أن التقنية أيضا كان لها تأثير كبير على أسلوب إقرار الصفقات التجارية؛ حيث منحت الجميع القدرة على الوصول إلى معلومات كان السماسرة يعدونها من قبل من الأسرار الكبرى، وكشفت النقاب عن تفاصيل ربما لم يكن السماسرة أنفسهم على علم بها (مثل تورط مشتر ما في عدة قضايا). ومع استعداد البائعين والمشترين لإنجاز صفقاتهم، تحول الطريق الذي بدا ذات يوم واضح المعالم إلى ما يشبه المتاهة. وفي ما يلي بعض النقاط الإرشادية التي يمكنها المعاونة على الخروج بسلام من هذه المتاهة.

عقبات الرهن العقاري

* لو أن هناك لفظة توجز العملية الراهنة لتقديم طلب للحصول على رهن عقاري، فهي «الأوراق». والملاحظ أن فرض معايير أكثر صرامة على نشاطات منح القروض يعني أن الكثير من المشترين سيحتاجون المزيد من الأوراق. وتمثلت نقطة البداية التقليدية للمشترين في ضمان الحصول على خطاب موافقة مسبقة للحصول على رهن عقاري. الآن توصي الجهات المانحة للقروض بعقد مناقشات مفصلة حول قرض ما قبل التوجه لمعاينة المنازل المعروضة للبيع أو الإيجار. من خلال ذلك يمكن اتخاذ قفزة واسعة في ما يخص جمع الوثائق التي سيرغب المصرف في الاطلاع عليها.

في هذا السياق، قال بيتر هاماريتش، الذي اشترى شقة في تشيلسي في أبريل (نيسان)، بعد بيعه هو وشريكه شقة مؤلفة من غرفة واحدة بالقرب من مركز لينكولن، «منذ ثلاث سنوات، حصلت على رهن عقاري بعد إجراء مكالمة هاتفية واحدة أثناء قيادتي السيارة». لكن هذه المرة، تبدلت الأوضاع؛ حيث أشار إلى أن 90 في المائة من الوثائق التي قدموها اضطروا إلى تقديمها مجددا أو تقديم نسخ معدلة منها.

وتتضمن هذه الأوراق بيانات بالعائدات الضريبية، وأخرى مصرفية، وإيصالات دفع، التي من المحتمل أن تظهر الحاجة إلى إعادة تقديمها جميعا من جديد مع صدور نسخ أحدث خلال عملية ربما تستغرق ما يصل إلى ستة شهور.

من جهته، قال بوب دونوفان، نائب رئيس «بانك أوف أميركا» الذي عمد أخيرا إلى تحديث موقعه على شبكة الإنترنت ليعرض على المشترين مزيدا من النصائح قبل التقدم بطلبات للحصول على رهن عقاري: «إن تجهيز الأوراق المطلوبة مسبقا يمكنه إنقاذ المرء من بعض العناء عند إنجاز الصفقة».

من بين التغييرات الأخرى أن خطابات الالتزام بتقديم الرهن العقاري التي تصدرها مصارف للمشترين بمجرد توقيعهم على العقد، من المحتمل أن تلحق بها شروط، ما يعني أنه قبل إصدار المصرف لشيك لك بالفعل، ستضطر إلى الخضوع لعملية مراجعة تفصيلية لشؤونك المالية. على سبيل المثال، حال وجود إجراء إيداع غير اعتيادي، فإن هذا قد يثير الشكوك حول وجود شخص آخر يعاونك في عملية الشراء. من ناحيته، أوضح ريتشارد مارتن، نائب رئيس «دي إي كابيتال مورتجيدج»، أن الهدف من وراء جمع السجلات والوثائق في وقت مبكر يتمثل في تجنب التعرض لأسئلة في وقت لاحق، خلال مراحل عملية توفير القرض.

وأضاف: «باعتبارنا مسؤولين عن شؤون القروض، يتعين علينا التحلي بقدر شديد من الدقة والاستعداد للإجابة عن هذه الأسئلة. لقد دخلنا حقبة جديدة تماما في مجال الرهن العقاري، لن نتراجع عنها مجددا قط، فجميع هذه التغييرات ستبقى».

البحث

* ساد الاعتقاد دوما أن الربيع يعد أكثر أوقات العام ازدحاما من حيث حركة البيع والشراء داخل مدينة نيويورك. إلا أن الرياح المالية المتحولة غيرت هذا الوضع. في هذا الإطار، أشار كينيث شيف، النائب التنفيذي لرئيس شركة «ستريبلنغ أند أسوشيتس»، إلى أنه «اتسمت المواسم بأهمية أقل خلال العامين الماضيين. الآن ازدادت أهمية الأنباء الاقتصادية، فعندما تكون الأنباء جيدة ويشعر الناس بأمان أكبر، تشهد حركة الشراء رواجا».

وقال شيف، إن حركة الطلب أثمرت ربعا رابعا قويا في عام 2009. ونوه سماسرة آخرون إلى حدوث حركة إقبال في وقت مبكر عن المعتاد في أعداد المتسوقين، خلال الربيع، الآملين في الاستفادة من الاعتمادات الضريبية المخصصة لمشتري المنازل التي تنتهي بحلول نهاية أبريل (نيسان).

وكان هذا تحديدا هو الدافع وراء آن هنيل وزوجها، كوري تشين، اللذين أقدما للمرة الأولى في حياتهما على شراء منزل، وشرعا في عملية البحث عن منزل مناسب في يناير (كانون الثاني)، واستقرا في نهاية الأمر على شقة تضم غرفتي نوم في لاور مانهاتن في 10 مايو (أيار). ورغم أن الشقة التي قاما بشرائها كانت واحدة من أوائل الشقق التي شاهداها، فإنهما استغرقا بعض الوقت قبل الإقدام على شرائها.

وعن سبب ذلك، قالت هنيل: «أعتقد أننا عاودنا زيارة هذا المكان ثلاث مرات قبل أن نتقدم رسميا بعرض شراء، حيث قضينا كثيرا من الوقت في السير في أرجاء الحي وتفقد محال البقالة ووسائل المواصلات وما إلى ذلك».

وبات هذا الحذر سمة مميزة للمشترين في الوقت الراهن. خلال سنوات الازدهار، كان الناس يشترون المنازل من دون التفكير في الفترة التي يخططون للإقامة في المنازل الجديدة خلالها، والمدة التي تستغرقها عملية البيع. وأشار بعض السماسرة إلى أنهم ينصحون المشترين الآن بالتخطيط للإقامة في المنازل التي يشترونها خمس سنوات على الأقل، أو تأجيرها.

وعندما يحين وقت البيع، تبدو العقارات الجذابة لقاعدة واسعة من المشترين أفضل من أي عقارات أخرى.

من ناحيته، قال أندرو بارتفيلد، الذي قبل في أبريل (نيسان) عرضا لشراء علية في هيلز كيتشين كان قد طرحها في السوق في ديسمبر (كانون الأول)، إن المساحة المفتوحة ووجودها بمصنع أسلحة جرى تعديله ليصبح مبنى سكنيا كانا نقطة جذب عندما اشترى العلية عام 2003، لكن هذا الأمر يبدو سلبيا الآن. ومع ذلك، أبدى فليد سعادته بالصفقة، والسعر الذي ناله.

لكنه استطرد قائلا: «لا أعتقد أنني كنت سأتلقى هذا العرض منذ عامين، لكنني لم أكن أفكر في بيع العلية منذ عامين».

تحديد السعر والتفاوض

* ربما لا يؤثر عامل في عملية التفاوض أكثر من بيانات العقارات المتاحة حاليا على شبكة الإنترنت. وتساعد مواقع الإنترنت مثل NYTimes.com و«ستريت إيزي» و«زيلو» المشترين في الاطلاع على معلومات لم تكن متاحة في السابق، مثل عدد المرات التي جرى خلالها تخفيض سعر العقار، ومنذ متى وهو مطروح داخل السوق، وكم دفع المالك.

وبنقرات قليلة إضافية يمكن أن تطالع تاريخ عمليات البيع الحديثة لكل شقة داخل مبنى ما، ويمكن أن تكشف نقاشات حماسية داخل مواقع مثل «براونستونر» و«كوربد» عن أشياء أخرى، مثل احتمالية وجود مدرسة في الجوار تسبب ضوضاء.

ويقول دوغلاس هيدينغز، من مؤسسة مجموعة «هيدينغز للعقارات» ومدوّن عن أخلاقيات القطاع على TrueGotham.com، إن توافر المعلومات الجديدة قد حال دون استخدم بعض وسائل الخداع القديمة. ويقول: «كان من الممكن أن يقوم بعض السمسارة بسحب عقار ما من السوق، وإعادته كما لو كان جديدا».

وفي الوقت الحالي، يمكن للمشترين التعرف على تاريخ العقار، وقد أعطتهم هذه البيانات ميزة جديدة يستفيدون منها خلال التفاوض.

ويقول سبنسر راسكوف، مسؤول التشغيل الأول في «زيلو»: «وكأنك تلعب لعبة البوكر؛ إذ تريد الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات عما يوجد لدى الشخص الآخر».

وتساعد الأدوات الموجودة في «زيلو» في التعرف على القيمة السوقية، عن طريق إظهار الخصم الموجود على البند المعروض، سعر البيع بالمقارنة مع آخر سعر معروض، للعقارات المماثلة التي بيعت أخيرا. ولكن بالنسبة إلى هؤلاء الذين يرغبون في تقديم عرض منخفض، يورد السماسرة ذلك، وتتم الصفقات في إطار 10 في المائة من السعر المعروض، ويمكن أن تجذب الشقق الجيدة ذات الأسعار المناسبة عروضا كثيرة، حيث لا يوجد سوى عدد قليل من هذه الشقق معروض للبيع.

وتقول ويندي ويزمان، التي تبحث مع زوجها عن شقة بها غرفة نوم واحدة تعود لفترة ما قبل الحرب (أي أواخر الثلاثينات من القرن الماضي) داخل بناية لها بواب، منذ سبتمبر (أيلول): «كنا نسمع أن هذه الفترة تناسب من يريد الشراء، ولكنني لا أشعر بذلك». وفي فترة الشتاء عثرا على ما كانا يبحثان عنه، ولكن لم يتم إنهاء عملية البيع؛ لأنه لم يكن مع البائع وثيقة تظهر أنه المالك الوحيد، وبدآ رحلة بحث عن منزل من جديد في مارس (آذار). وتقول ويزمان: «عندما بدأت البحث في أول الأمر، بدا أن هناك الكثير، ولم أعرف أننا كنا نبحث عن شيء عزيز، فنحن لا نريد أن نسكن وحسب».

التعاقد

* عندما يتنافس ستة مشترين على تقديم عروض، فإن الحماس من أجل توقيع التعاقد يمكن أن يجعل عملية المراجعة مجرد إجراء شكلي تقريبا. ولكن تجري المصارف تدقيقا أكبر على المباني والمشترين، وينصح المحامين وكلاءهم بأن يقوموا بالمثل.

ومع تردد المصارف في تمويل عمليات شراء داخل مشروعات إنشاء جديدة نسبة المبيعات فيها أقل من 50 في المائة، يفضل المقرضون أن يكون 10 في المائة من الرهن العقاري المستحق للعقار في صندوق الاحتياطي الخاص بهم، ويفضلون المباني التي يشغلها صاحب المبنى نفسه على المباني التي يوجد بها عدد كبير من المستأجرين.

ويقول بول ولسك، وهو محامي عقارات مع «هارتمان أند كرافن» في مانهاتن، إنه يجب أن يتأكد المشترون من أن محاميهم يجرون الفحص الفني النافي للجهالة. ويجب أن يسألوا، على سبيل المثال، عن قواعد التأجير بالباطن وفحص البيانات المالية للمبنى.

ويقول وولسك: «ربما قام اثنان من الملاك بالتوقف عن دفع الصيانة لأنهم يعارضون بعض التسريبات داخل المبنى»، مشيرا إلى أن محاضر اجتماعات مجلس الإدارة يمكن أن تكشف أشياء مثل مشكلات الضوضاء وتقييم تحت الدراسة وبق الفراش.

ويقول إن النقطة الأهم في مفاوضات التعاقد هي الإقفال. وتستغرق عادة من 60 - 90 يوما بعد توقيع التعاقد، وهي عرضة للتأجيل، بسبب بائع غير مستعد للرحيل أو بنك غير مستعد لإصدار شيك. وتحتوي معظم العقود حاليا على فقرة تجعل الصفقة متوقفة على حصول المشتري على رهن عقاري.

ويقول دوتي هيرمان، رئيس «برودينشال دوغلاس إليمان»: «قبل ثلاثة أو أربعة أعوام، لم تكن العقود تعلق على شيء. وفي الوقت الحالي، فإن البائعين أكثر عرضة لأن يعلقوا الشراء على الحصول على رهن عقاري؛ لأن معظم محامي المشترين يقولون إنهم لن يسمحوا بتوقيع العقد من دون ذلك».

الإقفال

* ويقول جيسي غوردن، وهو محامي عقارات في «كوستيلو أند غوردن» داخل مانهاتن: «الشيء الوحيد الذي يمد الفترة من التعاقد حتى الإغلاق هو المقرضون»، موضحا أن أي شروط في خطاب الالتزام يجب التعامل معها قبل إصدار جهة الإقراض شيكا، ويمكن أن تكثر هذه الشروط.

ويقول غوردن: «تُلبى أحد الشروط، سواء كان ذلك تقديم نسخ من عوائد الضرائب أو غير ذلك، ويؤدي ذلك إلى ظهور خمسة شروط أخرى يجب الوفاء بها»، وذكر على سبيل المثال أسئلة حول الخصم على عائد ضريبي. وتؤثر التقييمات الضعيفة والرفض من جانب مجالس الملاك على الصفقات. وفي مانهاتن، يتعثر نحو 65 تعاقدا شهريا، وذلك حسب ما تفيد به تقارير لـ«ستريت إيزي». ولذا لا يجب أن يشعر المشترون بأنهم يصرفون النظر عندما يكون هناك تعاقد على عقار ما.

ويقول مايكل سميث، الرئيس التنفيذي في «ستريت إيزي»: «عندما نتصل بالسمسار، يقول السمسار عادة سأعرض عليك ذلك على سبيل الاحتياط», وبفضل هذه الوسائل تغيرت قواعد العقارات، وأصبحت هناك عقبات أكثر، ويقول الكثير من السماسرة، إن البيانات الجديد الخاصة بالشفافية والفحص الفني النافي للجهالة في التمويل، ساهمت في توفير سوق إسكان أكثر قوة بالنسبة للمشترين والبائعين.

ويقول ديان راميرز، رئيس «هالستيد للعقارات»: «إنها حقبة جديدة، وأعتقد أن ذلك سوف يعود بالنفع علينا جميعا على المدى الطويل».

* خدمة «نيويورك تايمز»