«البيت المفتوح».. أسلوب جديد لبيع العقار

بدأ أميركيا وينتشر الآن في أوروبا

أسلوب «البيت المفتوح» يأتي إلى لندن قريبا
TT

فكرة «البيت المفتوح» (Open House) هي فكرة تسويقية معروفة منذ فترة طويلة في سوق العقار الأميركية، ولكنها لم تصل إلى أوروبا إلا قريبا. وتحاول الآن الكثير من شركات العقار الكبرى تطبيقها، بعد أن حققت بها النجاح في سوقين أخريين في أستراليا ونيوزيلندا. ومازالت أوروبا تتبع أساليب تسويق العقار التقليدية باستخدام شركات العقار، أو اللجوء إلى الإنترنت أو المزادات. ولكن فكرة «البيت المفتوح» تعتمد على دعوة كل المهتمين بشراء عقار معين إلى الحضور في موعد محدد لمشاهدة ومعاينة العقار جماعة، بدلا من المعاينة الفردية لكل منهم. وبعد المعاينة تبدأ عروض الشراء التي قد يتخللها نوع من المنافسة بين المشترين، على غرار ما يحدث في المزادات.

هذا الأسلوب له عدة مزايا للبائع وللمشتري على السواء، وهو أيضا مفيد في الإسراع ببيع العقار؛ حيث يختصر الفترة التي يعرض فيها العقار في السوق، كما يسهم في رفع ثمنه بسبب حضور عدد كبير من المنافسين لمشاهدة العقار في الوقت نفسه. وهو أيضا أسلوب يختصر جهد بائع العقار؛ لأنه ينظم هذه الزيارة لمرة واحدة، بدلا من تكرار الزيارات الفردية من المهتمين بشراء العقار، الأمر الذي يستهلك الكثير من الوقت والجهد.

والفكرة تصلح أيضا لكل أحوال السوق، خصوصا في أوقات الكساد التي تنخفض خلالها معدلات المنافسة على شراء العقار، كما أنها تعتبر إقامة مزاد فوري للعقار، ولكن من دون الارتباط بالبيع المباشر أو اللجوء لدور المزاد. ويقول دافيد آدامز من شركة «تشسترتون» العقارية البريطانية، إنه قدم هذا الأسلوب بنجاح إلى السوق الأسترالية، ويحاول الآن تطبيقه في بريطانيا. وهو يعدد مزايا النظام، بالقول إنه نجح في عام 1991 في ذروة أزمة العقار الأسترالية أن يحقق النجاح التسويقي بالفكرة الجديدة. كما أن الأسلوب الجديد وجد رواجا بين الأسر التي كانت تريد بيع عقاراتها من دون الحاجة إلى المحافظة على رونق العقار طوال الوقت، تحسبا من زائر مفاجئ جاء لمشاهدته. وفي اليوم المفتوح يستعد البائع باستئجار فريق تنظيف محترف لكي يتحول العقار إلى مكان نظيف ومريح للعين، مع حدائق مشذبة وغرف أطفال مرتبة.

وهو يضيف أن الأسلوب الجديد يعمل لصالح المشتري أيضا، حيث يقام «البيت المفتوح» أثناء عطلة نهاية الأسبوع، وأحيانا تستغل عائلات بأكملها الفرصة لكي تشاهد العقارات المعروضة للبيع بهذا الأسلوب، وأحيانا تزور أكثر من عقار.

وهناك عدة أساليب لعقد زيارات «البيت المفتوح» يذكر منها آدامز أربعة، هي أولا: زيارات مكثفة وسريعة لا تستغرق إلا ما بين ربع ساعة وساعة كاملة. وتعلن شركات العقار عن هذه المواعيد، وهي تكون في العادة مزدحمة ويحضر فيها الجيران والمشترون المهتمون، وبعض المارة الفضوليين حيث لا حاجة لتسجيل أو تحديد مواعيد لهذه الزيارات. ثانيا: زيارات تعقد على مدى يوم كامل أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، وتشرف عليها شركات العقار، ولا تزدحم بالزوار مثل الزيارات القصيرة. ثالثا: يمكن لشركات العقار أن تحدد الزيارات بتقديم دعوات محددة للمشترين المهتمين بالعقار، ويصلح هذا الأسلوب لمالكي العقارات الفاخرة في المناطق الأرستقراطية كبيرة الحجم، حيث يخشون من اختفاء بعض الأغراض الثمينة صغيرة الحجم، في حالات تقديم دعوات مفتوحة للجميع للزيارة. وهذا الأسلوب يوفر الأمن اللازم لهؤلاء البائعين. أما الأسلوب الرابع فهو إعلان شركات العقار عن «البيت المفتوح»، وترك المناسبة لمالك العقار لكي ينظمها. ولا ينصح آدامز بهذا الأسلوب؛ لأن أصحاب العقار قد يجدون أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه، حيث عشرات الزوار يتجولون في أرجاء المنزل بحرية، ومن دون ضوابط.

ويقول بعض البائعين الإنجليزيين الذين استخدموا هذا الأسلوب، إن المهمة كانت شاقة، وتحتاج فعلا للكثير من المشرفين على الزيارة. ويقول أحد البائعين بهذا الأسلوب في مقاطعة كنت البريطانية، إنه فشل في البيع بالأسلوب التقليدي حتى نصحه الوكيل العقاري بتجربة «البيت المفتوح». وفي اليوم المحدد بلغ عدد الزائرين نحو 26 زائرا، بعضهم وصل في الوقت نفسه. وعلى رغم انشغال صاحب العقار بالإجابة على الكثير من الأسئلة، فإن النتيجة كانت إيجابية، وأسفرت عن تقدم ثلاثة بعروض جدية لشراء العقار. وبدلا من الثمن المطلوب في العقار، وهو 550 ألف جنيه إسترليني، بيع العقار بمبلغ 600 ألف جنيه إسترليني.

ويقول خبير عقاري في لندن: «إن هذا الأسلوب يتلاعب بعواطف المشترين، حيث يقع بعضهم في حب العقار، ويخشى في الوقت نفسه أن يتقدم آخرون ويحرموه من حلم ملكية هذا العقار، ولذلك يتصرف بطريقة تبدو لا عقلانية، ويعرض سعرا عاليا في العقار حتى يضمن عملية الشراء».

ويضيف هاريسون دونوفريو المتخصص في هذا الأسلوب لبيع العقار من شركة «هامتونز إنترناشيونال» قائلا: «إنه ينصح البائعين بتنظيف الحديقة، ووضع بعض الزهور في غرفة الجلوس وفي الحمام، مع بعض الموسيقى الهادئة. وفي المساء ينصح بإشعال بعض الشموع ذات الرائحة العطرية، خصوصا روائح البرتقال والليمون». وتشجع الموسيقى المشترين على الاسترخاء والاستغراق في وقت التجول في أرجاء العقار. وتطلب بعض الشركات من أصحاب العقار إخلاء العقار في ذلك اليوم، حتى تتاح الفرصة للمشترين للتجول في العقار بهدوء وبلا إحراج. وكانت الشركات لاحظت أن بعض المشترين يختصر الزيارة ولا يشاهد كل أرجاء العقار إذا كان سكانه موجودين أثناء الزيارة.

ومع ذلك فإن هذا الأسلوب لا يصلح لجميع الحالات، حيث يقول مدير مكتب عقاري بريطاني، إنه يتجنب أسلوب «البيت المفتوح» تماما؛ لأنه يعبر عن يأس مالك العقار من البيع بالأسلوب التقليدي.

كما أكد خبير عقاري آخر أن هذا الأسلوب يفرز معه بعض المشاكل، مثل الازدحام ومشاكل صف السيارات التي قد تزعج الجيران، وقد تصل إلى حد إبلاغ الشرطة.

من المحتمل أيضا أن يسفر أسلوب «البيت المفتوح» عن زيارة عدد قليل من المشترين المحتملين إلى العقار بسبب سوء التسويق، الأمر الذي قد ينعكس سلبيا على صاحب العقار، وقد يغري بعض الزوار الذين لاحظوا ذلك بتقديم عروض متدنية لشراء العقار.

وتضيف مالكة عقار أميركية خطرا آخر، وهو السرقة، حيث عادت إلى عقارها بعد يوم مفتوح لكي تكتشف أن زجاجة عطر غالية الثمن قد اختفت من حمام العقار بعد تجول الكثير من الزوار فيه بلا مراقبة. وأضافت أنها بحثت في الموضوع، واكتشفت تعرض الكثير من العقارات إلى السرقة أحيانا من لصوص محترفين يعاينون العقار من الداخل في اليوم المفتوح، ثم يعودون بشاحنة لكي يفرغوا محتوياته.

مديرة شركة عقارية أميركية أخرى اسمها ليز جونسون، تقول إنها لا تحقق مبيعات كثيرة بهذا الأسلوب، إلا أنها تطبقه لأنه يوفر لها المزيد من فرص المبيعات. وتشرح ليز بالقول، إن الزوار الذين يحضرون مناسبات «البيت المفتوح» يسألونها عقب تفقد العقار عما إذا كان لديها عقارات أخرى معروضة للبيع. وفي أغلب الأحوال يتوجه الزوار إلى شراء العقارات الأخرى! وهي تشير إلى تراجع جاذبية «البيت المفتوح» بسبب الإنترنت الذي تحول إليه كثيرون كبديل سريع وعملي لمراجعة أكبر عدد ممكن من العقارات في أقصر وقت ممكن. وفي عام 1995 كانت نسبة اثنين في المائة فقط تستخدم الإنترنت في عمليات البحث عن العقار، ولكن هذه النسبة ارتفعت إلى 77 في المائة العام الماضي. وهي تضيف أن مبيعات «البيت المفتوح» التي تحققها لا تزيد عن نسبة أربعة في المائة من إجمالي مبيعات مكتبها.

وتمثل ليز جونسون تيارا متناميا في السوق الأميركية يعتبر أن أسلوب «البيت المفتوح» مضيعة للوقت وخطر على سلامة العقار، حيث يفضل الباعة فتح أبواب منازلهم فقط للمشترين الجادين القادمين في زيارات خاصة. وهناك الكثير من الحالات الأميركية التي فشلت فيها زيارات «البيت المفتوح» في جذب متفرج واحد على العقار، خصوصا في أوضاع السوق المتردية الآن. ويلجأ باعة العقار إلى الكثير من الأساليب المغايرة، مثل المدونات، وإدراج العقار على قوائم «غوغل» و«كريغ ليست» من أجل تحقيق أكبر حجم من الانتشار التسويقي الذي يعتبرونه أكثر فاعلية في جذب المشترين.

وتشير إحصاءات السوق إلى أن جاذبية أسلوب «البيت المفتوح» ترتفع وتهبط مع أحوال السوق، فقد كانت نسبة 41 في المائة في عام 1995، ثم هبطت إلى 28 في المائة في عام 2003، وارتفعت إلى 51 في المائة في عام 2005، ولكن نصف هؤلاء كانت حماستهم لهذا الأسلوب ضعيفة بعد التجربة.

ويبدو أن أكبر المخاوف المصاحبة لهذا الأسلوب في الوقت الحاضر هو جانب الأمان، فالكثير من باعة العقار لا يريدون لأغراب التجول بين حجرات منازلهم، قد يكون من بينهم لصوص، أو متطفلون جاءوا لكي يشاهدون ديكورات المنزل. وهناك عدة حوادث نادرة لوكلاء عقار تعرضوا للاعتداء، وأحيانا القتل بينما كانوا ينتظرون في عقارات شاغرة بمفردهم في انتظار الزوار.

ولكن المتحمسين لهذا الأسلوب من البيع يعتقدون أن بعض الإجراءات الأمنية البسيطة من شأنها أن تمنع مثل هذه الحوادث. وتنصح شركات العقارات بإزالة كل المتعلقات والأغراض الشخصية والتحف الثمينة من متناول اليد، ومصاحبة الزوار في كل غرفة، مع وجود عدد كاف من موظفي شركة العقار وأصحاب العقار لضمان أمن المناسبة. والنتيجة هي أن البائع قد يحقق صفقة سريعة بسعر أعلى. ويؤكد أكثر من خبير أن الأرقام والمبيعات تؤكد فعلا أن أسلوب «البيت المفتوح» يحقق النجاح حتى في أحوال السوق الصعبة، على الرغم من مخالفة البعض الآخر لهذا الرأي.

ويقول آدامز إن لديه الكثير من الإحصاءات التي جمعها منذ عام 2001 حول أرقام المبيعات والقيم المحققة في العقارات، وأنها من دون استثناء كانت أفضل من أسعار المبيعات بالأسلوب العادي. وهذا الأسلوب قد ينجح عربيا، ولكنه يحتاج لإدارة خبيرة حتى يحقق النتائج المرجوة منه. ولكنَّ آخرين يعتقدون أن الإنترنت غير المعادلة، وأن بداية البحث عن العقار قد تكون بزيارة موقع عقاري، وليس بزيارة العقار نفسه.

* نصائح للمشترين والبائعين بأسلوب «البيت المفتوح»

* هناك الكثير من النصائح للمشترين والبائعين يقدمها خبراء البيع بأسلوب «البيت المفتوح» منها:

أولا - للمشترين:

- لا بد من الاتفاق على الميزانية القصوى قبل الذهاب لمشاهدة العقار، والالتزام بالحد الأقصى، وعدم تخطيه مهما كانت إغراءات العقار.

- قد يتعين تدبير قرض عقاري قبل زيارة العقارات المعروضة في السوق، حتى يكون التمويل متاحا في حالات الحاجة إلى تقديم عروض سريعة.

- من المفيد قياس أبعاد العقار والأركان الداخلية، من أجل ترتيب المفروشات. ويمكن التقاط عدد كبير من الصور حتى يمكن تقييم العقار بعد انتهاء الزيارة.

- إذا وجد المشتري أن العقار مزدحم، وأن فرص تفحص أرجاء العقار غير مريحة في وجود عدد كبير من الزوار، يمكنه أن يطلب من الشركة العقارية ترتيب زيارة خاصة في وقت لاحق بعيدا عن الضوضاء والازدحام.

ثانيا - للبائعين:

- لا بد من العناية بمظهر العقار من الخارج كما هو الحال في الداخل. ولا بد من إزالة أي أغراض شخصية، وتوفير مناخ مريح ببعض الموسيقى الخفيفة، وإعداد بعض القهوة.

- لا بد من إبلاغ الجيران بمناسبة «البيت المفتوح»، كما يفضل إبلاغ الشرطة المحلية أيضا، حتى لا يتسبب ازدحام السيارات في إيجاد مشكلة بسبب سوء الفهم لما يحدث.

- من المفضل أن يسجل صاحب العقار أسماء وأرقام اتصال الزوار إذا لم تكن الشركة العقارية المشرفة قد فعلت ذلك.

- لا بد من التأكد أن الشركة العقارية لديها من الموظفين والمشرفين ما يكفي لتنظيم الحدث، خصوصا في حالات الازدحام.

- لا بد أيضا من التأكد أن الشركة العقارية قد قامت بجهد جيد لتسويق العقار، حتى يحصل البائع على النتائج المرجوة من بيع عقاره بالثمن الملائم.