انتعاش الطلب على السيراميك رغم تراجع الإقبال على الوحدات العقارية في مصر

مطالب بدعم صادراته بعد تراجعها بنسبة 20% بسبب الأزمة المالية

TT

في الوقت الذي يتراجع فيه الإقبال على الوحدات العقارية بمصر، يتزايد الإقبال على مواد البناء، وخاصة السيراميك، عزاها خبراء إلى اتجاه الشركات العقارية إلى تسليم الوحدات كاملة التشطيب، مما يترتب عليه زيادة الطلب على السيراميك الذي يعتبر عاملا أساسيا في تشطيب الوحدات العقارية في البلاد، هذا إلى جانب جاذبية السيراميك المصري للأسواق الخارجية.

وخلال النصف الأول من العام الحالي، شهدت أغلب الشركات العاملة في السوق المصرية ارتفاعا في مبيعاتها، فبلغ إجمالي مبيعات شركة «العز» للسيراميك والبورسلين نحو 202.16 مليون جنيه، مقارنة بنحو 154.87 مليون جنيه خلال الفترة نفسها من العام الحالي، بينما ارتفعت أرباح شركة «ليسكو» خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 19.6 في المائة.

ويوجد في مصر 17 مصنعا لإنتاج السيراميك، يبلغ حجم استثماراتهم نحو الـ7.5 مليار جنيه مصري (1.3 مليار دولار)، وتصل تكلفة إنشاء المصنع الواحد حاجز الـ8.5 مليار جنيه مصري (1.5 مليار دولار).

ومع تزايد الطلب، يزداد الإقبال على إنشاء خطوط إنتاج جديدة، يقول مصطفى السلاب، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب المصري، إن السنوات الثلاث المقبلة ستشهد إنشاء مصانع جديدة يتراوح عددها ما بين 3 إلى 5 مصانع جديدة، مشيرا إلى أن متوسط تكلفة إنشاء المصنع الواحد تقدر حاليا بنحو نصف مليار جنيه (88 مليون دولار أميركي)، بإجمالي تكلفة تتراوح ما بين 1.5 مليار جنيه (316 مليون دولار أميركي) و2.5 مليار جنيه (438 مليون دولار أميركي).

وأضاف السلاب أن حجم التصدير المصري من السيراميك يتراوح ما بين 70 إلى 80 مليون متر سنويا، وهو ما يقاس بنسبة 18 في المائة من إجمالي إنتاج تلك المصانع المقدر بنحو 320 مليون متر سيراميك سنويا، مشيرا إلى أن مجموعة «السلاب» وحدها تصدر ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين متر من السيراميك سنويا. وأوضح السلاب أن مصر تستورد سنويا 0.5% من حجم الإنتاج السنوي لمصر من السيراميك، أو ما يعادل مليون متر في السنة، ويأتي أغلبه من إسبانيا وإيطاليا والصين.

وقال السلاب، الذي يرأس مجلس إدارة شركة لإنتاج السيراميك أيضا في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك تحديات تواجه هذه الصناعة، تكمن في التخوف الدائم من قبل مصنعي السيراميك من ارتفاع أسعار الطاقة لعدم حصول هذه الصناعة على دعم من قبل الحكومة مثل كثير من الصناعات الأخرى كالصناعات النسيجية وغيرها، مضيفا أنه في حال ارتفاع تكلفة المنتج ستضطر أغلب تلك المصانع إلى تقليص إنتاجها تدريجيا، وقد يصل ذلك في بعض الحالات إلى انسحاب البعض من السوق.

وأشار إلى أن حجم الإنتاج السنوي في مصر ينمو بمعدل 10 في المائة سنويا رغم التخوف من النمو الذي تشهده تركيا والبرازيل والصين في ما يخص تلك الصناعة والمنافسة الشرسة التي تواجهها مصر مع تلك الدول، مؤكدا أن المنتج المحلي وصل إلى درجة أصبح أكثر جودة من المنتج الإسباني، سواء في التصميمات أو مطابقته للمواصفات العالمية.

وقال كريم عبد العزيز، عضو غرفة مواد البناء وشعبة صناعة السيراميك باتحاد الصناعات المصرية، إن غرفته تقدمت بدراسة لصندوق دعم الصادرات، إثر تعرض هذه الصناعة لانتكاسة حقيقية بسبب الأزمة المالية العالمية تضمنت مطالبا للحصول على دعم 10 في المائة ينخفض سنويا بنسبة 2 في المائة حتى يصل بعد خمس سنوات إلى 2 في المائة، وذلك بعد أن شهد العام الماضي تراجعا لصادرات السيراميك المصري في الأسواق الخارجية لا سيما في المنطقة العربية وأفريقيا بنحو 20 في المائة، كما أدى استمرار سورية في فرض رسم الوارد على السيراميك المصري إلى تراجع مبيعات السيراميك، مما دفع ذلك بالتزامن مع الأزمة العالمية بعض المصانع المصرية إلى إغلاق بعض خطوط الإنتاج لديها، وإيقاف التوسعات الاستثمارية التي كانت تنوى زيادتها.

وعلى صعيد متصل، قال الدكتور محمود الجرف، المدير التنفيذي لمركز تكنولوجيا السيراميك بوزارة التجارة والصناعة، إنه تم اختيار محافظة أسوان كإحدى القلاع المنتجة للطفلة التي تغذي جميع مصانع السيراميك المصرية بنسب تتراوح ما بين 65 إلى 70 في المائة من الخامات المستخدمة في عمليات التصنيع - لتكون موقعا لإنشاء أول معمل معتمد دوليا بخبرة ألمانية لإجراء الاختبارات الفنية اللازمة لجودة الخامات والمنتجات وضبط جودة الطفلة المستخدمة في عمليات التصنيع، مؤكدا أن هناك فرصا واعدة لزيادة إسهام قطاع السيراميك في الناتج الصناعي، خاصة مع زيادة النمو المطرد في التوسع العمراني وحجم التجارة الداخلية وزيادة الطلب علي السيراميك.

وأشار الجرف إلى أن المركز بدأ في إعداد مناهج تدريبية خاصة بمشكلات الإنتاج التي واجهتها المصانع العاملة في مجال السيراميك، بالإضافة إلى برنامج متكامل لتقليل الفجوة الفنية وتحسين جودة الإنتاج، حيث يستهدف البرنامج تدريب ألف من العاملين بالمصانع وعقد أكثر من 50 ورشة عمل متخصصة في هذه المجالات، ويصل دعم هذه البرامج إلى 80 في المائة يتحملها المركز.

وفي ما يتعلق بخطة المركز خلال العام، أوضح الجرف أنه سيتم إدخال تكنولوجيات النانو تكنولوجي لصناعات السيراميك والرخام والطوب والإسمنت، عن طريق استخدام مواد بسيطة وتكنولوجية جديدة تضاف إلى عمليات التصنيع، بهدف تحسين إنتاجية تلك الصناعات وزيادة جودتها والقيمة المضافة لهذه الصناعات واستخدام هذه التكنولوجيا.