السعودية تشهد عقد صفقات عقارية بقيمة 434 مليون دولار في أسبوع

في المدينة المنورة والرياض والدمام.. وتقارير تؤكد الحاجة إلى معالجة الاحتياجات القانونية لقطاع الرهن

يتوقع أن تنخفض وتيرة التداولات العقارية في السعودية مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم (تصوير: يوسف الدبيسي)
TT

سجلت صفقات الأراضي في السعودية خلال الأسبوع الثاني من شهر أغسطس (آب) الحالي مبالغ بقيمة 1.6 مليار ريال (434 مليون دولار)، وذلك في 3 مدن، هي: المدينة المنورة والعاصمة الرياض بالإضافة إلى مدينة الدمام في شرق البلاد.

وبحسب بيانات رسمية صادرة من وزارة العدل السعودية، فإن صفقات الأراضي سجلت انخفاضا في العاصمة الرياض، بنسبة 6.77 في المائة، من خلال 1716 صفقة، بقيمة 1.226 مليار ريال (327 مليون دولار)، في الوقت الذي سجل المؤشر ارتفاعا في كتابة العدل الأولى في الدمام بنسبة 11.66 في المائة، بعد تسجيل 282 صفقة بقيمة إجمالية بلغت 277 مليون ريال (61 مليون دولار).

كما سجل المؤشر انخفاضا في كتابة العدل الأولى بالمدينة المنورة بنسبة 19.75 في المائة، بقيمة إجمالية بلغت 124.3 مليون ريال (33.2 مليون دولار).

وقال عقاريون إن الحركة لا تزال نشطة بتحقيق معدلات متوسطة في عملية البيع والشراء في 3 مدن، مؤكدين أن الرقم الفعلي يتجاوز ما تم تحقيقه، إذا ما تمت إضافة مدن نشطة كمدينة جدة ومكة المكرمة، خاصة أن تلك المدن تعتبر من أنشط المدن العقارية في المملكة.

وقال محمد القحطاني، الخبير العقاري، إن فكر الاستثمار العقاري في قطاع الأراضي لا يزال مسيطرا، خاصة في ظل تحقيق عوائد بشكل جيد من خلال الاستثمار قصير المدى والمتوسط، مشيرا إلى أن الأراضي هي الخيار الأول للاستثمار والادخار والتجارة عند المجتمع السعودي.

وكانت وزارة العدل السعودية قد ذكرت في وقت سابق أنه ستتم إضافة المدن الأخرى تباعا، متى ما تم الانتهاء من الإجراءات اللازمة لقياس مستوى الصفقات في تلك المدن.

وتابع القحطاني أنه يتوقع أن تنخفض وتيرة تداولات الأراضي في الأسبوع الثالث مع دخول منتصف شهر رمضان والاستعداد لإجازة العشر الأواخر في رمضان، التي تقرها الحكومة السعودية خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم، مؤكدا أن الموسم العقاري يعد بحركة قوية في فترة ما بعد رمضان، وسيستمر حتى دخول موسم الحج، في ظل الانتظار لإقرار مشروع الرهن العقاري.

إلى ذلك أظهرت تقارير اقتصادية أن معالجة الاحتياجات القانونية لقطاع الرهن العقاري في السعودية لا تزال تواجه صعوبات، الأمر الذي يؤدي إلى بطء الإقراض والبناء، في الوقت الذي يسود الغموض مصير القرار بعد الإعلان الأخير حول إعادة قانون الرهن العقاري إلى مجلس الشورى.

وقال التقرير الصادر من شركة «سي بي ريتشارد أليس» للاستشارات الدولية إنه على الرغم من تزايد الطلب على المنازل، فإن الفشل المستمر والموثق في معالجة الاحتياجات القانونية لقطاع الرهن العقاري في المملكة قد أدى إلى بطء الإقراض والبناء.

وأضاف التقرير التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن الغموض الناجم عن الإعلان الأخير حول إعادة قانون الرهن العقاري الجديد إلى مجلس الشورى، يعني أن المطورين الذين أخذوا يهتمون بشكل متزايد بقطاعات الإسكان لذوي الدخل المنخفض والدخل المتوسط، عليهم أن يعيدوا النظر في مثل تلك المشاريع.

وتابع التقرير: «ليس هناك جدول زمني لحل الخلافات القائمة التي تتعلق بقانون الرهن العقاري بين مجلس الشورى والحكومة، ولكن عند الأخذ بعين الاعتبار أن هذه القضية لا تزال قيد الدراسة لأكثر من عقد من الزمن، فمن الصعب أن يكون المرء متفائلا بأي ».

وأكد مايك وليامز مدير تنفيذي ورئيس قسم الأبحاث والاستشارات لـ«الشرق الأوسط» بشركة «سي بي ريتشارد أليس» للاستشارات في التقرير: «إن نتيجة هذا الغموض هو أن المطورين لا يستطيعون بناء مساكن منخفضة التكاليف أو مساكن (ذات تكاليف في متناول اليد)، وأشار إلى وجود حاجة ماسة لها من قبل أعداد كبيرة من السكان، حيث يعلم المطورون أن هؤلاء السكان غير قادرين على شراء المساكن الجاهزة. ولفت إلى أنه عندما تترافق هذه القضية مع معدلات المواليد العالية، وتفشي المضاربات في الأراضي، التي غالبا ما تدفع أسعار الأراضي إلى ما يتجاوز قيمتها الاقتصادية الحقيقية، فإن السعودية قد تكون متجهة نحو مشكلات اجتماعية خطيرة».

وكان بنك «إتش إس بي سي» قد أصدر مؤخرا تقريرا بين أن السعودية تحتاج إلى مليون مسكن جديد بحلول 2014، وأن الكمية الحالية من المساكن تقدر بنحو 4 ملايين وحدة، الأمر الذي يشير إلى أنه من أجل تلبية هذه الاحتياجات، فإنه على المطورين في المملكة أن يبنوا ما نسبته 20 في المائة من مجمل الكمية الحالية من المساكن في غضون ثلاث سنوات، ومن دون دعم قانون الرهن العقاري ستكون العملية صعبة.

وقال التقرير إن الظروف الاقتصادية العالمية في 2008، والنقص المستمر في التمويل بالعاصمة السعودية الرياض، أدت إلى انخفاض بسيط في مبيعات المساكن على صعيد أحجام المنازل وأسعارها المحققة، كما أن معدلات الإيجار قد انخفضت بشكل بسيط، وهو الأمر الناجم عن التوفير - شد الأحزمة - الذي قام به كل من الأجانب والمواطنين السعوديين.

وأوضح أنه بسبب التشريع الذي يمنع بيع الوحدات السكنية خارج المخططات من دون إذن خاص، وبسبب تضاؤل ثقة المستهلكين في المشاريع الداخلة في المخططات العامة بطبيعة الحال، انخفض مستوى تلبية احتياجات المساكن، حيث أصبح بأيدي مجموعة من المطورين ذوي الإمكانيات المحدودة العاجزين عن تلبية الاحتياجات الكلية للسوق.

وأكد وليامز أن هذا النوع من المطورين يسعى إلى التركيز على عدد محدد من الوحدات السكنية لذوي الدخل المرتفع والدخل المتوسط، والنتيجة تكون عدم تلبية الاحتياجات السكنية لكل الفئات الأخرى.

ولفت إلى أنه، على الرغم من استمرار النقص في التمويل، فإن الضغط الكبير الناجم عن النمو السكاني، والزيادة في تكاليف الإنشاء، والنقص في تطوير المشاريع السكنية، قد يدفع بأسعار المنازل إلى الأعلى قليلا في الرياض على المدى القصير، وفي حال تم إقرار قانون الرهن العقاري وحلت القضايا الرئيسية، فإن توفر التمويل سوف يسمح للأسعار بالارتفاع، قبل أن يستطيع العرض أن يتفوق على الطلب.

ولا يختلف الوضع في جدة عن الحال في الرياض، فإن النمو السكاني السريع ونقص تمويل القروض العقارية يتحدان معا ليجبرا السكان على العيش في منازل مزدحمة وذات شروط صعبة، حيث فاقم هذا الوضع كارثة الفيضانات الأخيرة.

وأشارت «سي بي ريتشارد أليس» للاستشارات إلى أن تقديرات عدد سكان جدة في اختلاف، ولكن يعتقد أن الرقم يقارب 3.5 مليون نسمة، كما أن عدد الوحدات السكنية هو 700 ألف وحدة، وأضاف أنه لعدد من الأسباب، من بينها نوعية المساكن، يقدر النقص الحالي في عدد المساكن من قبل بلدية جدة بنحو 300 ألف وحدة.

وأوضحت أن الطلب الرئيسي على المساكن يقع ضمن فئات الدخل المنخفض والدخل المتوسط، ولا توجد طريقة لمعالجة هذا النقص في المساكن حتى حصول الموافقة على قانون الرهن العقاري وتحرير التمويل في الفترة المقبلة.

إلى ذلك أوضح المدير التنفيذي ورئيس قسم الأبحاث والاستشارات لـ«الشرق الأوسط» بشركة «سي بي ريتشارد أليس» للاستشارات، أنه عند الأخذ بعين الاعتبار أن المنطقة الشرقية كانت عادة أقل عرضة لضغوط النمو السكاني من مدينتي جدة والرياض، نجد أن عدم التوافق بين العرض والطلب كان أقل وضوحا، وأن عدم وجود مجتمع مدني كبير ذي دخل منخفض على المدى الطويل، يعني أيضا أن الطلب على المساكن لذوي الدخل المنخفض إلى المتوسط قد نشأ من قاعدة سكانية صغيرة نسبيا.

وأكد أن قضية قانون الرهن العقاري أدت إلى وضع أصبح فيه المطورون العقاريون يركزون على قطاعات المساكن لذوي الدخل المتوسط إلى العالي، لدرجة أنه أصبح واضحا أن هناك فائضا في المعروض.

ومن الناحية العملية، يوضح وليامز أن عوامل نشاط القطاع العقاري السكني تختلف بشكل كلي عنها في مدينتي الرياض وجدة، ولكن من دون نقص المنازل المزمن نجد أن أسعار المبيع قد انخفضت بشكل فعلي، اعتبارا من منتصف 2009 بنحو 10 في المائة.

في الوقت ذاته، بقيت معدلات الإيجارات ثابتة خلال الفترة نفسها، وتتوقع شركة «سي بي ريتشارد أليس الدولية» أن تكون هناك حركة قليلة في أسعار البيع ومعدلات الإيجار على المدى القصير، حيث ارتفعت معدلات الإيجار في المجمعات السكنية خلال السنوات القليلة الماضية، التي انتقل إليها الأجانب الغربيون الذين تم توظيفهم في قطاع النفط والغاز بالمنطقة الشرقية، ولكن بعد أن هدأت الآن فورة إعادة انتقال الموظفين. ويتوقع أيضا أن تبقى معدلات الإيجار ثابتة على المدى القصير إلى المتوسط.