بالإضافة إلى مشاريع المتقاعدين هناك أيضا مجمعات سكنية انتشرت في المدن الغربية مؤخرا يطلق عليها اسم «لايف ستايل». ويقول خبراء الإعمار إن الطلب على هذه الوحدات السكنية متكاملة الخدمات يرتفع عن مثيله في المجمعات السكنية العادية بنحو 25 في المائة، ويقدرون أن هذه النسبة تمثل أيضا فارق الثمن بين هذين النوعين من المجمعات.
من العوامل التي أدت إلى الإقبال على المجمعات السكنية ذات الخدمات المتكاملة، نوعية المعيشة في المدن العصرية. فسكان المدن يعانون من ازدحامها وصعوبة العثور على أماكن لصف السيارات فيها. كما أن العمل لساعات طويلة خلال اليوم يجعل الخروج ليلا للبحث عن مطعم من المهام المحبطة للخروج. ولكن وجود الخدمات في موقع السكن يشجع على الخروج والاستمتاع بوقت خارج المنزل دون الاضطرار إلى الذهاب بعيدا.
وفي المشاريع الجديدة يدخل جانب الخدمات كأحد أهم أركان المعادلة في المجمعات الجديدة، حيث ترصد مساحات كافية للوحدات التجارية، ويتم تحديد نشاط العمل فيها من مرحلة التخطيط وتعرض للتشغيل وفق هذه الأنشطة مع اشتراط عدم تغيير النشاط. وترفض بعض المجمعات منح مطاعم الوجبات السريعة فرصة العمل من مواقعها حتى لا تتأثر قيمة العقارات سلبا.
وفي لندن مثلا هناك مجمعات سكنية تدير الخدمات في الموقع بنفسها ولا تسمح إلا بالمنافذ المرموقة للعمل في المواقع نفسها. من هذه المجمعات ما يعرف باسم «إمبريال وارف» في جنوب غربي العاصمة. من الخدمات التي تقدمها إدارة الموقع لسكانه، الكثير من المطاعم وناد صحي ومحلات هدايا وكافيتريات. ولعل هذا هو السبب في أن الشقق في هذا المجمع تعرض بأسعار تبدأ من نصف مليون إسترليني.
من العوامل الجاذبة أيضا الموقع النهري لهذا المجمع السكني الجديد الذي يجعل الإقبال على المطاعم والمقاهي فيه تجربة سوف تتوسع بالتأكيد في المستقبل لتجذب زبائن من خارجه. وتأمل هذه المجمعات أن تتحول إلى مواقع جذب سكني وتجاري في المناطق التي تقام فيها، بحيث تساهم في رفع مستوى الخدمات في المنطقة بهدف الارتقاء بقيمة العقار للمستثمرين فيه.
ويعتمد الكثير من مشاريع «لايف ستايل» الجديدة على المواقع الجيدة وعلى السعة الداخلية. وهي تركز على الإطلالة على الواجهات المفتوحة بلا مشاريع قريبة بالارتفاع نفسه. ويمكن أيضا وصل مساحات وحدتين سكنيتين معا داخل هذه المجمعات.
والمفيد لمطوري هذه العقارات معرفة نوعية النشاطات المطلوبة في مثل هذا المشاريع لأنها تساهم في إضافة قيمة للعقار وتضمن الإقبال عليه. وهناك الكثير من الأنشطة التي يمكن إضافتها للعقارات لزيادة الإقبال عليها ومن ثم رفع قيمتها، من هذه الخدمات حمامات السباحة والأندية الصحية والمقاهي والمطاعم المرموقة من النوع الذي يوجد داخل الفنادق.
ولا بد من التفكير في المجمعات السكنية وكأنها مجمعات سياحية أو فنادق فاخرة تقدم الخدمات فيها بالمقاييس نفسها. فسكان هذه المجمعات لن يمانعوا في دفع أسعار أكبر لمن يضمن لهم أسلوب حياة مميزة. وتشمل مطالب المشترين الخدمات المعيشية المتنوعة، وربما أيضا توفير بعض المساحات الخضراء الخاصة بالعقار وضمان الهدوء المعيشي عبر معايير بناء تأخذ في الاعتبار عوازل الصوت ضمن الجدران المشتركة وعبر منع النشاطات المزعجة من العقارات. فالهدوء في المدن الكبرى ما زال هو العامل الحاسم الذي يكلف بعض هذه المدن الكثير من قيمتها كمواقع جذب عقاري.
من ضمن المشاريع التي لفتت نظر الطبقة الراقية في السنوات الأخيرة موقع في منطقة تشيلسي كان في الماضي جامعة أكاديمية. ولكنه الآن مشروع عقاري متكامل باسم «كنجز تشيلسي». وهو مدينة داخل مدينة، حيث يقع على مساحة سبعة أفدنة ويوفر لسكانه وحدات عقارية منبسطة على موقع هو في الواقع حديقة واسعة، خلف بوابات خارجية توفر ما يعتبره سكان المنطقة أحد أهم احتياجاتهم، وهو الأمن. وتتوافر الخدمات المتعددة لسكان هذا المجمع الأفقي الراقي، منها حمامات السباحة والأندية الصحية وملاعب التنس المغطاة ومواقف السيارات تحت الأرض. وقد بيعت كل الوحدات المعروضة للبيع خلال شهور، فالموقع والخدمات ضمنت لمطور هذا المشروع فرض الأسعار التي يراها مناسبة.