الرهن العقاري يلقي بظلاله على حالة الطلب والأسعار للوحدات السكنية في السعودية

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: شح المعروض وارتفاع الأسعار يحرم متوسطي الدخل من قروض عقارية لشراء منازل

ارتفاع أسعار الشقق والمنازل حرم متوسطي الدخل من الحصول على قروض عقارية (تصوير: غازي مهدي)
TT

تسبب ترقب القطاع العقاري في السعودية لإصدار موافقة الدولة على مشروع الرهن العقاري وحزم الأنظمة المتعلقة بنشاطات صناعة قطاع العقار في فرض واقع سلبي جديد على حالة الطلب والأسعار للوحدات السكنية في البلاد.

وكشف خبراء في التمويل العقاري أن انخفاض كبير للوحدات السكنية في المدن الرئيسية في السعودية، انعكس على مستوى العرض، مقابل الطلب المتزايد للراغبين في تملك منزل، لتقفز أسعار الوحدات بمختلف أنواعها خلال الـخمسة أشهر الأخيرة إلى 35 في المائة.

وبحسب المختصين، فإن هذه الحالة تسببت في رفض كثير من طلبات الحصول على قرض لدى شركات التمويل والبنوك لأصحاب الرواتب المنخفضة، وتحديدا لمن تقل رواتبهم عن 7 آلاف ريال( 1870 دولارا)، مرجعين ذلك لتفضيل الشركات العقارية التريث في إنشاء الوحدات السكنية حتى منتصف العام المقبل، لاعتماد الرهن العقاري بالبلاد وتشريع نظم قضائية تضمن حقوق البنوك وشركات التمويل، واستقرار أسعار البناء والارتفاع المتزايد في الأراضي، وقلة الفرص الاستثمارية بالمبادرة من قبل المطورين في إنشاء مساكن في مخططات خارج النطاق العمراني، تناسب فئة أصحاب الدخل المتوسط والمنخفض أو المحدود، لانخفاض أسعار الأراضي، مقارنة بالأسعار المرتفعة داخل الأحياء بالمدن.

وأوضح على المدخلي، المستشار والإخصائي في التمويل العقاري بشركة دار التمليك أن الطلب على القروض العقارية للحصول على مساكن تأثر بشكل كبير، لارتفاع أسعارها وعدم قدره كثير من السعوديين والمقيمين على التملك، خاصة من فئة الموظفين، وهي الشريحة الكبرى بالمجتمع، وهو ما جعل من البعض يتجهون لخيارات أخرى كتملك الشقق المفروشة، تناسب رواتبهم والاستقطاعات الشهرية لقيمة التمويل العقاري.

وبين المدخلي أن سعر شقة في شمال وشرق جدة يعادل سعر منزل صغير قبل 3 سنوات في المنطقة نفسها إذ تتجاوز أسعارها حاليا بـ750 ألف ريال (200 ألف دولار)، بعد أن كانت في السابق لا تتجاوز 350 ألف ريال (94 ألف دولار)، مضيفا أن الارتفاعات فرضت على كثير من شركات التمويل، وأصبح من الصعوبة قبول أصحاب الدخول المنخفضة للحصول على قيمة التمويل.

وأرجع المدخلي الأسباب، لارتفاع الأراضي بشكل كبير وعدم استقرار مواد البناء، وهو ما جعل الكثير من الشركات العقارية تفضل عدم المخاطرة في إنشاء مجمعات سكنية وفيلل جاهزة أو أبراج سكنية لبيع شقق التمليك في الوقت الحالي لعدم تناسب الجدوى الاقتصادية للمشاريع السكنية مع مستوى دخول ورواتب السواد الأعظم من المجتمع.

ووفقا لتقرير دولي صدر الأسبوع الماضي لـ«سي بي ريتشارد أليس» أكد فيه أن استمرار النقص في التمويل، الذي يقابله تنام سكاني قد يدفع بأسعار المنازل للاستمرار في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية، وبالتالي تضاؤل المساكن، ويصبح إنشاؤها محصورا فقط على مجموعة من المطورين القادرين على تحمل تكاليف الإنشاءات المرتفعة حاليا، وهذا النوع من المطورين يركز فقط على فئة الدخول المرتفعة من رجال الأعمال، ويتم تجاهل الفئات من الدخول المتوسطة والمحدودة.

وأكد محمد الجهوري، رئيس شركة «أكنان» العربية للتطوير العمراني «أن كثيرا من البنوك العقارية وشركات التمويل تعمل على تمويل الأفراد بمبالغ تتراوح بين 400 ألف ريال (107 آلاف دولار) إلى 550 ألف ريال (147 ألف دولار)، نظرا لمحدودية الرواتب الشهرية، وهذه المبالغ لا تكفى لشراء شقة حاليا مكونة من غرفتين فقط في المدن الرئيسية».

وأضاف «تتجاوز قيمة الأراضي حاليا قيمة الإنشاءات في المنازل، وهو ما يسبب مخاطرة كبيرة للعقاريين، وعلى الرغم من ذلك، فإن المطورين العقاريين على استعداد كامل لإنشاء مجمعات سكنية بأسعار مناسبة لكل الأسر، إذا وجدوا أراضي بقيمة بسيطة كتعاون من الجهات الحكومية».

وأشار الجهوري إلى أن النقص في الوحدات أو الشقق السكنية في جميع المناطق، ولكنه يكون بشكل كبير في المدن الرئيسية في السعودية كالرياض وجدة والدمام لزيادة الطلب في التملك في تلك المدن لأغراض سكنية واستثمارية.

وأوضح هاني السليماني، إخصائي تمويل بأحد البنوك المحلية، «أن التمويل العقاري أصبح مقتصرا على أصحاب السجلات التجارية، ممن لديهم أرباح سنوية أو من أصحاب المناصب الكبيرة بالقطاعين الخاص والحكومي، الذين تتراوح رواتبهم الشهرية بين 20 و25 ألفا، فهذه الشريحة هم الوحيدون حاليا القادرون على شراء منازل، وذلك يرجع لطول السنوات التي يتم فيها تسديد المبلغ باستقطاعات شهرية مع قيمة الفائدة».

وقال الاقتصادي والخبير في التمويل العقاري عبد العزيز الحارثي «إن كثيرا من صغار العقاريين يعانون من أزمة كبيرة بسبب تأخر بيع وحداتهم السكنية بالأسعار السوقية حاليا، حيث يستصعب على كثير من أصحاب الدخول المتوسطة تملكها، وهو ما تسبب في تعلقهم وعدم وجود السيولة المالية لإنشاء وحدات إضافية».

وطالب الحارثي بسرعة إقرار الرهن العقاري بالسعودية، الذي تتم دراسته من عدة جهات حكومية، كمجلس الشورى، لإصدار لائحة تنظيمية لإنهاء مشكلات السكن بالسعودية سواء من جهة المطورين العقاريين أو الجهات التمويلية أو المواطنين.