أسعار المساكن مسألة «مصيرية» بالنسبة للبريطانيين

«بيت الإنجليزي هو حصنه» أكثر المقولات تعبيرا عن «هوس» الإنجليز بمساكنهم

أظهر الاستطلاع الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن المساحين لاحظوا انخفاضا في أسعار المساكن في كل أنحاء المملكة المتحدة باستثناء اسكوتلندا
TT

لا يكاد يمر يوم في بريطانيا دون أن تتناول وسائل الإعلام المختلفة من صحافة مكتوبة ومسموعة ومرئية موضوعا عن سوق العقارات؛ أسعار المنازل وتوقعات توجهاتها المستقبلية. والموضوع أيضا حديث أثير بين البريطانيين، الذين يعتبر الكثيرون منهم أن استثماراتهم في منازلهم مسألة حساسة، إن لم تكن «مصيرية»، ولعل من أشهر المقولات التي تعبر عن هوس الإنجليز مثلا بمنازلهم مقولة: «بيت الإنجليزي هو حصنه». ويأخذ الموضوع حتى أبعاد «هوس» بالنسبة للبعض، الذين يتوقفون عن الاستفسار وبشكل مستمر عما وصلت إليه أسعار منازلهم سواء عبر تقييمات المكاتب العقارية أو بعض المواقع المتخصصة، التي تعطي بدقة كبيرة في كثير من الأحيان قيمة المنازل المباعة ومن نفس الحجم في الشارع نفسه، والمدينة نفسها للمستفسر عنها. لكن آخر تطور في سوق العقارات في بريطانيا أعاد مخاوف أصحاب المنازل في بريطانيا أو بالأحرى زادها، لأنها لم تتبدد تماما بعد أزمة الائتمان التي بلغت ذروتها في 2008. وقد أظهر الاستطلاع الأخير لهيئة المساحين البريطانيين، الذي نشر هذا الأسبوع، أن أكبر نسبة من المساحين تتوقع أن تنخفض أسعار المساكن في الأشهر المقبلة أكثر من أي وقت منذ مارس (آذار) من العام الماضي.

وأظهر الاستطلاع الذي أجرته الهيئة الملكية للمساحين المعتمدين أن أكثر من 38% من المستطلعين يتوقعون أن تنخفض الأسعار بدلا من الارتفاع في الأشهر الثلاثة المقبلة، فيما كشف المعهد عن أن قيمة العقارات انخفضت للشهر الثاني على التوالي في أغسطس (آب) الماضي.

وأظهر الاستطلاع الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن المساحين لاحظوا انخفاضا في أسعار المساكن في كل أنحاء المملكة المتحدة باستثناء اسكوتلندا. وشمل المسح الذي أجرته الهيئة الملكية للمساحين المعتمدين عينة صغيرة نسبيا من 259 من المهنيين المنخرطين ضمنها، لكن الاستطلاع يعكس، بحسب الخبراء، الكثير من الاستطلاعات الأخرى التي أجريت في نفس الفترة على أسعار المنازل في بريطانيا.

وأرجعت الهيئة الملكية للمساحين انخفاض أسعار المنازل في المملكة المتحدة لارتفاع المعروض مع عودة أصحاب المنازل الذين يريدون بيع منازلهم إلى السوق، بعدما سحبوها من السوق في الفترة السابقة بسبب تراجع الأسعار بفعل تأثيرات أزمة الائتمان، والذين اعتقدوا أن الأوضاع أفضل، لكن هذه الفورة في المعروض لم يقابلها إقبال كبير في الطلب من المشترين، وهم في غالبيتهم من «مشتري العقارات لأول مرة» أو ما يعرف بالإنجليزية باسم FIRST TIME BUYERS، الذين لا يزالون يرون أن الأسعار مرتفعة وليست في متناولهم، وحتى وإن كان بعضهم مستعدا للشراء فإنهم يجدون صعوبة في الحصول على قروض عقارية مع تشدد البنوك في منحها، ومطالبتها غالبا بمقدم كبير لا يقل عن 30% من قيمة المنزل.

وفي المقابل، كشف الاستطلاع عن أن 18% فقط من المساحين يتوقعون في أغسطس أن ترتفع أسعار المنازل خلال الأشهر الثلاثة المقبلة مقابل 8% فقط في يوليو (تموز) الماضي. وأرجع هؤلاء المساحون هذا الشعور المتفائل بحسب تقرير الهيئة الملكية للمساحين إلى أن انخفاض أسعار المنازل قد يدفع إلى إقبال المشترين عليها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مما سيؤدي إلى رفع الأسعار.

وأظهر مسح الهيئة الملكية أن مبيعات المساكن المتفق عليها خلال شهر أغسطس الماضي تراجعت بـ20% مقارنة بارتفاع 1% خلال يوليو الذي سبقه.

وفي تعليقه على هذه التطورات في سوق المساكن البريطانية، قال جيريمي ليف، المتحدث باسم الهيئة الملكية للمساحين في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «أحدث مجموعة من النتائج تشير إلى أن الأسعار في أجزاء كثيرة من البلاد قد تشير إلى الانزلاق، ولكن هذا قد يبدو أنه يشيع أجواء تفاؤل في أوساط المساحين بأن مبيعات المساكن ستنتعش بسبب ذلك التراجع في الأسعار. ولكن مؤشرات الأسعار لدينا هي التي تروي قصة مختلطة تتسق مع حالة عدم اليقين التي تخيم على الاقتصاد، وانخفاض مستوى أسعار الفائدة وعدم وجود بناء منزل جديد».

من جهة أخرى، أظهرت بيانات جديدة من وزارة الجاليات والحكومة المحلية أن أسعار المنازل في بريطانيا انخفضت بنسبة 0.3 في المائة في يوليو مقارنة مع الشهر السابق.

وكشفت أرقام الوزارة أيضا عن حدوث تباطؤ في معدل التضخم السنوي لأسعار المنازل، ليستقر المعدل عند 8.4% في يوليو الماضي.

وأظهرت الأرقام أن متوسط سعر المنزل استقر عند 240.220 جنيه إسترليني في إنجلترا، و170.78 جنيه إسترليني في اسكوتلندا، و147.770 في آيرلندا الشمالية، و157.16 في ويلز.

وأظهر المسح أيضا أن هناك أيضا تباينا في أسعار المنازل بين شمال إنجلترا وجنوبها، حيث إن أسعار المنازل في شرق إنجلترا، وفي العاصمة لندن، وفي الجنوب الشرقي والجنوب الغربي هي الأعلى مقارنة بباقي أنحاء المملكة المتحدة.

من ناحية أخرى، أكدت إحصاءات جديدة من هيئة الخدمات المالية البريطانية (هيئة الرقابة المالية) حالة الركود النسبي في سوق الرهن العقاري في المملكة المتحدة لغير القادرين على تقديم ودائع أو مقدمات بيع كبيرة.

وقالت الوكالة خلال ربع السنة الممتد من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، قدمت ما يزيد قليلا على 2% من القروض الجديدة لمشتري العقارات، الذين لدهم ودائع بـ10% أو أقل من سعر المنزل.

فيما أكدت الوكالة أن نسبة المنازل التي تم حجزها بسبب عدم قدرة أصحابها على دفع رهونها العقارية انخفضت بنسبة 5% في الربع الثاني من هذه السنة، وهو أدنى مستوى خلال عامين.