الأستوديو.. «الكلمة الطنانة» في سوق الإسكان الهندية

الشقق ذات الغرفة الواحدة تجتذب الشركات العقارية.. خصوصا في المدن الكبرى

جانب من مدينة مومباي الهندية (رويترز)
TT

الكلمة الطنانة الجديدة الآن في سوق العقارات الهندية، وخصوصا سوق الإسكان، هي الشقق المفروشة الصغيرة (الأستوديو)، التي اجتذبت شركات التطوير العقاري في جميع المدن الهندية الكبرى.

وتنتشر الوحدات، المؤثثة بالكامل التي تتألف من غرفة واحدة وتحتوي على جميع وسائل الراحة التي تناسب أسلوب حياة الطبقة الوسطى، في جميع أنحاء منطقة العاصمة، دلهي، وفي بنغالور، وحيدر آباد، ومومباي، وبيون.

ومع وجود حمام منفصل، تستطيع مساحة المعيشة وغرفة النوم والمطبخ الحفاظ على مساحات مميزة في وحدات الشقق الصغيرة (الأستوديو) التي تتراوح مساحتها بين 35 و80 مترا مربعا. وتأتي المطابخ مجهزة بثلاجات وأفران ميكرويف وأفران تحميص الخبز. وتقدم شركات التطوير العقاري التصميمات الكاملة في هذه الشقق لاجتذاب العملاء.

وتتمثل الوسيلة الأخرى التي تلجأ إليها شركات التنمية العقارية في تطوير هذه الشقق الصغيرة لتصبح منازل مفروشة تحتوي على جميع الخدمات التي تقدمها الفنادق. وإلى جانب وجود بواب للمبنى وخدمات غسيل الملابس وتنظيف الغرف، وكذلك نادي صحي وحمام سباحة ومنشآت رياضية، تقدم هذه المشروعات الآن منشآت مثل المقاهي والمطاعم ومراكز أعمال داخل المباني.

وعندما قدمت نيدا ريهمان (25 عاما)، من كشمير إلى منطقة العاصمة في دلهي لتتولى مهام وظيفتها الجديدة كمهندسة برمجيات، لم تكن مستعدة لمتاعب البحث عن منزل. ولم تكن نيدا تريد اقتسام شقة مع أحد، لكنها أرادت مكانا صغيرا تعيش فيه بمفردها. وحول الملاك الذين يطلبون أجورا عالية والمواقع السيئة ومواجهة تيار لا ينتهي من سماسرة العقارات بحثها عن شقة إلى ما يشبه الكابوس.

وقالت نيدا: «كل ما أردته هو مكان آمن لشخص أعزب ويعمل. كنت مستعدة لاستئجار أو شراء شقة، لكن التجربة كانت مخيفة».

وانتهى الكابوس الذي واجهته عندما عثرت على شقة صغيرة مفروشة في نويدا، المتاخمة لدلهي. وقالت: «هذا هو المكان الخاص بي، لقد اشتريته مقابل مليون روبية هندية، جزء من مدخراتي والباقي من قرض من أحد المصارف. أشعر بأمان، وتوجد في هذه الشقة جميع وسائل الراحة الأساسية التي اعتدت عليها في حياتي».

وفي ظل الحقيقة التي تقول إن أكثر من نصف الشباب في الهند تحت سن 30 عاما، وإن الشركات حريصة على تعيين مزيد من الشباب، فإن الطلب على السكن في هذه الفئة من السكان من المتوقع أن يرتفع. وتستعد شركات التنمية العقارية للاستفادة من هذه الفرصة الكبيرة.

ويأتي الطلب على هذه الشقق الصغيرة من المهنيين في الطبقة العليا المتوسطة، وكذلك من الشركات التي تتطلع إلى استخدام هذه الوحدات كاستراحات للموظفين. ويقول استشاري العقارات، إن دي ميهتا: «في حين أن شراء العقارات كان يُنظر إليه في السابق على أنه يأتي من الأسر التي يحصل عائلها على مرتبات عالية، فإن المهنيين الشباب غير المتزوجين وكذلك المتزوجين الجدد في هذه الأيام يتطلعون بجد إلى شراء منزل خاص».

ووفقا لمسح أجرته شركة «نايت فرانك» للعقارات، تبلغ حجم الاستثمارات الكلية في إنشاءات الشقق الصغيرة (الأستوديو) نحو 15 مليار روبية هندية، ومن المقدر أن تنمو بواقع 15 - 20 في المائة سنويا.

وقال سوميت أغاروال، المسؤول التنفيذي في موقع «99acres.com» العقاري، «يأتي نحو 80 في المائة من الطلب من المهنيين من الشباب، غير المتزوجين، الذين يمتلكون الأموال، لكنهم لا يريدون إهدار مدخراتهم في شقة كبيرة. لذا، يلجأون إلى هذه الشقق الصغيرة. وعلاوة على ذلك، في الوقت الذي تتراوح فيه أسعار هذه الشقق من 600 ألف روبية إلى 1.5 مليون روبية، فمن السهل على هؤلاء الأفراد دفع سعر الشقة في صورة أقساط شهرية».

ومع انخفاض الاستثمارات المعنية نسبيا، فإن هذه الشريحة من الإسكان تجتذب المستثمرين أيضا. تبيع الشركات الصغيرة هذه المنتجات وتأخذ المستخدمين والمستثمرين في الاعتبار.

وقال ألوك ميشرا، أخصائي تكنولوجيا المعلومات، الذي اشترى شقة من هذا النوع الشهر الماضي، «يتراوح سعر السيارة المتوسطة بين 800 ألف روبية إلى مليون روبية. لذا، فإن امتلاك عقار مقابل مليون روبية يعد أمرا مربحا للغاية في منطقة العاصمة في دلهي. تعد العقارات أحد الأصول المربحة، وسترتفع قيمتها في المستقبل. وعلى رأس ذلك، من الممكن أن يوفر لك إيجار هذا العقار أيضا عائدا شهريا مجزيا».

وعلى الرغم من أن اللاعبين الصغار يسيطرون على هذه الشريحة من العقارات الآن، فإن اللاعبين الأكبر مستعدين لدخول هذا السوق. ويوجد لاعبون مثل «جايبي» و«دي إل إف» و«فاتيكا غروب» و«بارسفناث» و«أسوتيك» بالفعل في هذا المجال، بل وحتى اللاعبين الدوليين مثل «أسكورت» و«أوك وود» انضموا إلى هذه الموجة.

وقال غروفر، مسؤول تنفيذي بارز في شركة «دي إل إف»: «هناك إمكانات كبرى للنمو في هذا المجال، نظرا للطلب الضخم والتكاليف المعتدلة. ومع ذلك، فإن هذه الإمكانات لم تستغل بعد بصورة كاملة. وفي المستقبل، سينضم الكثير من اللاعبين إلى هذا النوع من الاستثمار».

وقال غروفر: «تتراوح قيمة إيجار الشقق الأستوديو ما بين 6000 إلى 7000 روبية، والشقق التي تحتوي على غرفة نوم وصالة ومطبخ، نحو 16 ألف روبية، والشقق التي تحتوي على غرفتي نوم وصالة ومطبخ، 36 ألف روبية. ومع ذلك، يلجأ السياح والأجانب في المقام الأول إلى إيجار الشقق التي تحتوي على غرفتي نوم وصالة ومطبخ لأنها أرخص من الفنادق وتحتوي على جميع المرافق».

وهذا هو السبب في أن شركات الإسكان والضيافة، مثل مجموعة شركات «تاتا»، تعتزم دخول هذا المجال في كثير من مدن الدرجة الأولى.

ويقول هاريندر باشيست، مدير مجموعة «فاردمان»، «أدركت شركات التنمية العقارية سريعا الطلب المتنامي على شقق الأستوديو. وتحقق هذه الوحدات مبيعات عالية لأنها مناسبة من حيث التكلفة. كما أنهت المجموعة إنشاء مشروع (ميتروبوليس1) في نويدا الكبرى وبدأت الحجوزات في مشروع (ميتروبوليس2) الذي سيجري تنفيذه في نفس المنطقة».

وأضاف: «الدليل على الطلب الزائد في هذه الشريحة من العقارات هو أن جميع الشقق في المشروع الأول (300 شقة) نفدت، وأنه جرى بالفعل بيع 80 في المائة من شقق المشروع الثاني (350 شقة)».

وبدأت الشركات شراء الشقق الصغيرة، التي تصل في بعض الأحيان إلى 1520 وحدة في المشروع الواحد، بهدف توفير سكن للموظفين الذين تتطلب طبيعة عملهم الانتقال والسفر. وفي حين أن الفنادق تهتم بالزيارات القصيرة، فإن هذه الشقق الصغيرة أرخص من حيث التكلفة وتعد بديلا منطقيا.

ويقول ميهتا إن هذه الوحدات تفي بغرض الأفراد الذين تتطلب طبيعة عملهم السفر إلى مواقع مختلفة. ولأن هذه الشقق ذات تكلفة معقولة، فإن الكثير من المهنيين يتطلعون إلى الاستثمار في مجال الشقق الأستوديو بعد تلقي قرض لشراء منزل، حيث إن الأقساط الشهرية أقل من الإيجار الشهري للمنازل الأكبر حجما.

كما أن هناك الكثير من المستثمرين الذين يجمعون هذه الشقق لأنهم يحصلون على إيجار يبلغ نحو 15 ألف روبية، حيث إن جميع وسائل الراحة متوافرة بها، حسبما يقول فيكاس غوبتا، مدير شركة «الأرض» للتنمية العقارية. وتعتزم هذه الشركة العقارية بناء 200 شقة أستوديو في مشروعها للمساكن الصديقة للبيئة، وتدعي أنها بالفعل باعت 85 في المائة من هذه الوحدات. ويتراوح سعر هذه المنازل بين 1.2 مليون و1.5 مليون روبية. وأعلنت شركة «جايبي غرينز» عن خططها لبناء شقق أستوديو في مشروعها في منطقة نويدا الكبرى.

ويقول باشيشت من شركة «فاردامان غروب»: «بالنسبة إلى مشروع (ميتروبوليس1)، فإن الوحدات التي تبلغ مساحتها 53 مترا مربعا كانت تباع مقابل 1.2 مليون روبية، والآن تباع مقابل 1.8 مليون روبية».

وفي مدينة السليكون الهندية، بنغالور، بدأت شركات عقارية مثل «بورفانكارا» و«بريغيد» و«سي إس سي هومز» مشروعات تستهدف هذا النوع من العقارات داخل وخارج المدينة، وتتراوح أسعار الشقق فيها بين 700 ألف روبية و1.2 مليون روبية.

وأطلقت شركة «أكروتي للتنمية العقارية» في بنغالور مشروعا للشقق الصغيرة بتكلفة 400 مليون روبية، ويسمى «أفالون»، ويقع بالقرب من المركز الدولي للتكنولوجيا، في وايتفيلد. ووفقا للشركة، تبحث الشركة إعادة تحديد أنماط التصميم الحالية والمعايير التي وضعها أسلافها، وتأمل تقديم أنماط جديدة في تصميمات المباني وإنشاء مساحات للعيش.

ويحتوي المشروع على 150 وحدة، وتتراوح مساحة كل وحدة بين 65 و80 مترا مربعا، في حين أن الأسعار تتراوح بين 1.5 مليون و3.5 مليون روبية. وجرى بالفعل بيع 75 وحدة من هذه الوحدات، في حين أن الشركة تعتزم المحافظة على بقية الوحدات لنفسها.

وفي الوقت الذي تنشئ المزيد والمزيد من الشركات الدولية متاجر في الهند، فإن الحاجة إلى خيارات طويلة المدى للبقاء تتزايد. وتشهد مومباي، التي تعد العاصمة التجارية في الهند، أكبر رقم من المسافرين من رجال الأعمال الذين يمكثون لفترات أطول مقارنة بالسياح. وفي الوقت ذاته، يفضل المسؤولون التنفيذيون في الشركات، الذين يطمحون في مستوى معيشة أفضل وقدر من الخصوصية، هذه الشقق الصغيرة.

وعلاوة على ذلك، في الوقت الذي يمكث فيه المسافرون لفترات أطول، فإن الشقة يجب إلى أن تكون مفروشة بالكامل. وبالنظر إلى التكلفة العالية لحجز غرفة في أحد الفنادق الـ5 نجوم لفترة طويلة، فإن الكثير من شركات التنمية العقارية يقدمون مشاريع الشقق الصغيرة.

وانتشرت هذه الشقق في جميع أنحاء المدينة، لا سيما بالقرب من مراكز الأعمال، حيث يمثل المسافرون من رجال الأعمال العملاء الرئيسيين لمثل هذه الشقق. ومع ذلك، لوحظ أنه بعيدا عن المسافرين من رجال الأعمال، فإن السياح الذين يقضون فترات طويلة في البلد يفضلون الشقق الصغيرة بدلا من حجز غرفة في أحد الفنادق.

وفي مومباي، العاصمة التجارية للهند، يتم تجهيز العديد من الشقق لتصبح منازل أستوديو في ضواحي مومباي، مثل ثين وفاشي ونافي مومباي.

وفي منتجع غوا الساحلي، تتجاوز تكلفة مجموعة من الشقق الأستوديو، تحت الإنشاء، 20 مليون روبية. ويجري تشييد هذه الشقق على مساحة 12 ألف متر مربع، وستكون جاهزة بحلول عام 2011. وتعِد هذه الشقق بعالم من الرفاهية، حيث إنها تحتوي على جميع وسائل الراحة. وتحتوي معظم هذه المباني السكنية على أماكن لانتظار السيارات وحمامات سباحة ومساحات خضراء وصالات ألعاب رياضية ومنشآت أمنية ومناطق مستقلة لألعاب الأطفال.

وعلى الرغم من ذلك، تكون قيمة الشقق التي تطل على البحر أعلى من الشقق الأخرى. ويجري إنشاء مجموعة أخرى مؤلفة من سبع شقق أستوديو على شاطئ ماجوردا أوتوردا، وتبلغ تكلفة المشروع 50 مليون روبية. وتحتوي هذه الشقق على مرافق مماثلة، مثل الحدائق وأماكن انتظار السيارات ومناطق لألعاب الأطفال.