مصر: مخاوف من انهيار السوق العقارية بفعل ارتدادات أزمة «مدينتي»

«المزايدات» تنقذ الاستثمارات العقارية الخليجية

أزمة مشروع «مدينتي» ما زالت تثير جدلا واسعا ومخاوف في سوق العقارات المصرية («الشرق الأوسط»)
TT

استعبد خبراء في سوق العقارات المصرية وجود تأثيرات سلبية على استثمارات شركات العقارات الخليجية في مصر، جراء حكم الإدارية العليا ببطلان عقد «مدينتي»، مشيرين إلى أن هذه المجموعات حصلت على أراضي مشاريعها عن طريق «المزايدات».

ويرى مراقبون في الوقت نفسه الحاجة لتدخل حكومي بشكل سريع للحيلولة دون انهيار السوق، والوقوف أمام أي محاولات شبيهة لقضية مشروع «مدينتي» المملوك لمجموعة «طلعت مصطفى» العقارية، التي قضت المحكمة الإدارية العليا (أعلى درجات التقاضي في البلاد) منتصف الأسبوع الماضي، ببطلان عقد أكبر المشاريع العقارية في مصر، الذي يمثل نحو 66 في المائة من أراضي مجموعة «طلعت مصطفى»، لكون أن تلك الأراضي بيعت بالأمر المباشر، بما يعد خروجا سافرا على أحكام قانون المناقصات والمزايدات الحكومي.

وقال أحمد نظيف، رئيس الوزراء المصري، في تصريحات له إن حكم «مدينتي» يؤكد أساسا، أن هناك خطأ إداريا في توقيع العقد بين هيئة المجتمعات العمرانية والشركة.

وقال علاء لطفي، رئيس المجلس التصديري للاستثمار والتسويق العقاري، لـ«الشرق الأوسط»: إن جميع مشاريع الشركات الخليجية الكبرى التي تقيم مشاريع عقارية في مصر حصلت على أراضي مشاريعها عن طريق المزايدات، وبالتالي فإنها سلكت كل السبل القانونية، فهي محصنة من أي مشكلات، مثل التي حدثت مؤخرا لشركة «طلعت مصطفى». وقوبلت عملية بيع الأراضي عن طريق المزايدات، بانتقادات حادة من قبل المستثمرين الصغار في السوق، متهمين تلك المزايدات بأنها السبب الرئيسي في رفع الأسعار بشكل جنوني.

وبالنسبة لعملية تسويق العقارات المصرية في الخارج، وتحديدا في الخليج، التي ينفذها المجلس التصديري للاستثمار والتسويق العقاري حاليا، توقع علاء لطفي عدم تأثر عملية التسويق بحكم «مدينتي»، مجددا قوله إن حكم القضاء المصري خاص بحالة واحدة فقط، ولا ينسحب على باقي العقارات أو استثمارات الشركات الأخرى، وقال: «بيع الأراضي بالأمر المباشر ألغي منذ خمس سنوات في وزارة الإسكان».

واعتبر لطفي سبب لجوء الدولة إلى بيع الأراضي بالأمر المباشر لشركة «طلعت مصطفى»، هو أن هذه المناطق صحراوية، ولا يوجد إقبال عليها، بهدف تنشيط عملية الاستثمار العقاري في تلك المناطق، مشيرا إلى أن الأمر برمته - مشكلة مدينتي - خطأ إداري.

ومن جانبه توقع مجدي عاشور، محلل قطاع العقارات بشركة «النعيم» القابضة، تدخلا حكوميا سريعا لاحتواء هذه الأزمة ليطمئن الناس والمستثمرين في السوق، وحتى لا تتأثر الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع بتلك القضية، منبها إلى أن هناك الكثير من الأراضي تم منحها بالأمر المباشر قبل صدور قانون المناقصات والمزايدات مثل أرض «الجامعة الأميركية» الجديدة في التجمع الخامس، وأراض أخرى لمشاريع عقارية.

وقال عاشور: إنه في حالة إصدار أحكام مشابهة فستدخل سوق العقارات في أزمة كبيرة.

وكان مركز حقوقي مصري قد أقام مؤخرا دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، طالب فيها بإلغاء عقود تخصيص 50 مليون متر مربع من أراضي الدولة في مشروع شمال غربي السويس، خصصت بالأمر المباشر لعدد من المستثمرين، بسعر خمسة جنيهات فقط للمتر.

وذكر المركز المصري للدفاع والحماية القانونية في بيان صدر مؤخرا، أن عددا من رجال الأعمال، أبرزهم نجيب ساويرس وأحمد عز ومحمد أبو العينين، حصلوا على 50 مليون متر مربع من أراضي الدولة، كاملة المرافق بسعر 5 جنيهات فقط للمتر، ثم باع بعضهم أجزاء كبيرة منها إلى شركات ومصانع أجنبية بسعر تجاوز الخمسين جنيها للمتر الواحد، حسب البيان.

ووصف محلل شركة «النعيم» لـ«الشرق الأوسط» حال سوق العقارات في الفترة الأخيرة، بـ«المتوتر»، مؤكدا أن عملية تسويق العقارات المصرية بالخليج تأثرت، لأن الناس في حالة ترقب، والمطلوب، بحسب رأيه، من كل شركة أن توضح موقفها حتى لا تتأثر مبيعاتها.

وعن مدى تأثر مجموعة «طلعت مصطفى»، قال إن المحفظة العقارية للمجموعة تبلع مساحتها 50 مليون متر مربع، و«مدينتي» تبلع 33 مليون متر مربع، بما يمثل 66 في المائة من أراضي الشركة، لذلك سيكون التأثر سلبا لو تم سحب هذه الأرض.

وتوقع عاشور التوصل إلى حل وسط لهذه الأزمة، مثل إعادة التفاوض حول حصة الحكومة في «مدينتي» وزيادتها إلى 12 في المائة، بدلا من 7 في المائة، حتى لا تنهار سوق العقارات، رافضا فكرة سحب الأرض من «طلعت مصطفى». وبالنسبة للاستثمارات الخليجية القائمة، أو التي تدرس الدخول للسوق، قال عاشور إنها في حالة ترقب الآن، معتقدا أن هذه الحالة لن تطول، لأن الحكومة سوف تتدخل لاحتواء هذه المشكلة.