توفير دقيقة في القطار يرفع سعر العقار بأكثر من 3200 دولار

المواصلات تلعب دورا كبيرا في تحديد أسعار عقارات المناطق القريبة من لندن

TT

تواصلت التوقعات السلبية بشأن أسعار العقارات السكنية في بريطانيا للمستقبل القريب، وبشكل خاص خلال النصف الثاني والربع الأخير من هذا العام (2010) والعام المقبل (2011) بعد التقارير الأخيرة لهيئة المساحين الملكية وبنكي هاليفاكس ونيشن وايد اللذين يعتبران من أهم البنوك الخاصة بعالم العقار والقروض العقارية في البلاد ومؤسسة «رايت موف» المعروفة.

وقد تابعت الكثير من المؤسسات العقارية الهامة مثل «نايت فرانك» و«سافيلز» أيضا هذه التوقعات ونشرت الكثير من الأرقام الخاصة بها وتوقعاتها بعد فترة ممتازة وجيدة للأسواق العقارية السكنية وأسعارها المتنامية في جميع أنحاء بريطانيا منذ منتصف العام الماضي (2009) حتى نهاية أغسطس (آب) من هذا العام. وقد كان قطاع العقارات الفاخرة، وخصوصا العقارات التي تتعدى أسعارها الـ7.5 مليون دولار، إلى جانب العقارات العادية على رأس القطاعات التي شهدت نموا لم يسبق له مثيل منذ سنوات ومنذ الركود الاقتصادي العالمي الذي لعبت أزمة الائتمان الدولية دورا كبيرا في حدوثه في منتصف عام 2007. كما كانت العاصمة لندن أيضا ولا تزال من أهم مواقع العقارات النشطة في بريطانيا والعالم على الأرجح خلال الفترة السابقة (العامين الماضيين).

وأشار تقرير مؤسسة «رايت موف» الأخير في هذا المضمار وقبل أيام إلى أن أسعار العقارات السكنية قد تراجعت في بريطانيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأن الأسعار التي يطلبها أصحاب العقارات أو أسعار العرض قد تراجعت في إنجلترا، ومقاطعة ويلز قد تراجعت في سبتمبر (أيلول) الحالي للشهر الثالث على التوالي، وخسرت نصف ما سجلته من نمو خلال النصف الأول من العام الحالي، كما أشارت الأرقام الأخيرة. وتقول هذه الأرقام إن الأسعار قد تراجعت هذا الشهر (سبتمبر) بنسبة 1.1 في المائة وقبل ذلك في أغسطس بنسبة 1.7 في المائة (وهي أعلى نسبة تراجع في شهر واحد منذ فترة طويلة) أما في الشهر السابق لذلك أي في يوليو (تموز) فقد تراجعت بنسبة 0.6 في المائة، مما يعني أن نسبة الزيادة السنوية على أسعار العقارات قد تراجعت أيضا من 4.3 في المائة إلى 2.6 في المائة. ويعتبر العدد الكبير المتوفر من العقارات السكنية المعروضة للبيع في الأسواق السبب الرئيسي في هذا التراجع، إذ أن قلة القادرين على الحصول على القروض العقارية والمشترين دفع أصحاب العقارات الراغبين في تصريفها إلى تخفيض توقعاتهم وأسعارهم لتسريع عملية التصريف، بعد قرار الحكومة تخفيض حجم المديونية العامة. وتقول الأرقام بهذا الخصوص إن عدد العقارات التي كانت تتوفر في الأسواق أسبوعيا تراجع من 30 ألف عقار في يونيو (حزيران) ويوليو إلى 26 ألف عقار في سبتمبر. كما أن معدل عدد العقارات التي بحوزة كل سمسار أو وكيل عقاري لم يتم تصريفها وبيعها ارتفع إلى أعلى معدل له منذ سنوات حيث وصل إلى 79 عقارا لكل سمسار.

وتقول «رايت موف» في تقريرها أيضا إن أسعار عرض 7 أقاليم من أصل 10 درستها المؤسسة سجلت تراجعا في أسعار العرض وعلى رأسها المناطق الشرقية الوسطى أو ما يعرف بـ«إيست ميدلاندز». أما لندن العاصمة فقد سجلت تراجعا بنسبة 1.5 في المائة بشكل عام، لكن منطقتي فولهام وهامرسميث في غرب المدينة سجلت أكبر نسبة تراجع وصلت إلى 8.3 في المائة. وربما يعود ذلك إلى طبيعة المنطقتين التي تكثر فيهما العقارات السكنية الغالية الثمن والتي تتراوح أحيانا أسعارها بين 750 ألف دولار و1.5 مليون دولار بشكل عام.

ويقول نيك هوبكينز عن مؤسسة «برابارتي بورتفوليو راسكيو» الخاصة بشراء وتصريف العقارات إن تراجع الأسعار في البلاد كان مؤكدا خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب الإجراءات الحكومية الخاصة بتخفيض المديونية العامة وقلة منتجات القروض العقارية المتوفرة في الأسواق وغلائها. وإذ ما أضفنا إلى ذلك المخاوف المتواصلة حول نسب التضخم وارتفاع معدلات الفائدة وخصوصا الفائدة العامة ومراوحة معدل الدخل العام، يصعب رؤية أي نمو على الأسعار هذا العام. ولا يتوقع هوبكينز أي تعاف في الأسعار قبل عام 2012 وهذا يعتمد أيضا على التغيير في معدلات الفائدة ونجاح الحكومة في برنامجها التقشفي الأكبر في تاريخ بريطانيا الحديث.

على أي حال فقد كانت مؤسسة «سافيلز» المعروفة دوليا قد حذرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قبل هيئة المساحين الملكية من تراجع أسعار العقارات السكنية في النصف الثاني من هذا العام والعام المقبل، وإن كانت النسب غير دقيقة كما هو الحال عادة مع التوقعات في الأسواق الدولية المتقلبة والمتذبذبة كالأسواق الأوروبية الهامة. وتقول «سافيلز» في تقريرها الأخير الذي نشرته مؤخرا في هذا الإطار إن أسعار العقارات التي نمت بنسبة 4 في المائة في النصف الأول من العام الحالي ستتراجع على الأرجح بنسبة 10 في المائة خلال النصف الثاني أي أعلى بكثير مما كانت تتوقعه في نوفمبر الماضي (6.6 في المائة). وتقول «سافيلز» إن من شأن ذلك في حال حدوثه أن يؤدي إلى لجم أي نمو للأسعار خلال العام المقبل (2011). وفيما توقعت «سافيلز» أن يتراجع نمو الأسعار ليصل إلى 3 في المائة العام المقبل، تقول في تقريرها الأخير إن هذا النمو سيسجل تراجعا بنسبة 1.0 في المائة، أي ثلث ما كان متوقعا فعلا في نوفمبر، وهو خبر سار بالنسبة للأسواق العقارية والمتابعين لها كمؤسسات وأفراد.

وكغيرها من المؤسسات المعروفة والرئيسية في الأسواق، تعتبر المؤسسة أن الخطر الرئيسي على الأسواق العقارية السكنية في بريطانيا يكمن في الفترة الطويلة التي يحتاجها كل من الاقتصاد العام وأسواق القروض العقارية للتعافي، إذ من الصعب تسجيل أي نمو قبل تغيير جوهري في مسار هذين العاملين الهامين في حركة الأسواق ونموها ولهذا أكدت مرارا أن التراجع في النمو المعتمد على هذين العاملين قد يطول أكثر مما هو متوقع حتى الآن وربما يصل إلى بداية عام 2012 - أي قبل بدء الألعاب الأولمبية في لندن في السابع والعشرين من يوليو.

ويضيف تقرير «سافيلز» أن ارتفاع نسبة الثروات الشخصية وعدد الأغنياء حول العالم لعب دورا كبيرا في ارتفاع عدد الصفقات في قطاع العقارات الفاخرة وأسعارها في العامين الماضيين في وسط لندن، وأن الكثير من الأغنياء الآسيويين يجرون صفقاتهم بالدولار الأميركي ولهذا يهتمون أكثر بمشاريع العقارات الفاخرة الجديدة كما هو الحال مع مشروع هايد بارك في لندن وغيره من المشاريع الفاخرة جدا المزمعة على ضفاف نهر التيمس.

على أي حال، فقد جاء في تقرير «سافيلز» أن المواصلات بشكل عام وأنماطها بشكل خاص تلعب دورا كبيرا وهاما في كيفية توزيع الثروات المحصلة في لندن جغرافيا عبر أسواق العقار. فقد وجد بعض المحللين أن توفير دقيقة واحدة في رحلة القطار من لندن إلى المناطق المجاورة يضيف إلى سعر العقار العادي في هذه المناطق أكثر من 1950 دولارا وأحيانا أكثر من ذلك بكثير إذا كان العقار مستقلا ويصل ذلك إلى 3200 دولار تقريبا. ولذلك تتوقع «سافيلز» أن تكون المناطق التي لا تبتعد عن لندن بأكثر من ساعة في القطار أفضل المناطق أداء على الصعيد العقاري في المستقبلين القريب والبعيد.

وعادة ما يأخذ الناس في الحسبان عند السكن حول لندن نوعية الحياة ووقت السفر وأسعار العقارات. ويبقى الوقت العامل الحاسم في قرار أي شخص شراء عقاره أو عدمه. ولذا معظم الرحلات أو نصفها في أكثر من 174 محطة خارج العاصمة لندن هي الرحلات التي لا تتعدى الساعة، و30 في المائة للرحلات التي تتعدى الساعة و40 دقيقة وهلم جرا.

ويتركز اهتمام الناس هذه الأيام بالمناطق التي تضم مدارس ممتازة وخطوط قطار جيدة وفعالة من لندن ككمبريدج وغيلفورد ووينشيستار وسيفانوكس بالإضافة إلى قرى منطقة كنت وأسيسكس وساسيكس وإيست ساسيكس وصاري كدونتون غرين ونيوبورت ووربليسدون وفرانت، حيث ترتفع فيها أسعار العقارات بنسبة 24 في المائة عن بقية القرى في تلك المناطق نتيجة الطلب العالي على العقارات فيها.

كما يبدو أن بعض المناطق التي يتم فيها تطوير البنى التحتية والسكك الحديدية وتخفيض زمن الرحلة من لندن كإشفورد في كنت تشهد اهتماما كبيرا من قبل المشترين للمرة الأولى. ويتركز أيضا الاهتمام أيضا على مناطق جديدة كهامل هامبستيد وميلتون كينز وستيفينيج وسلاو.

وحتى الآن يبدو أن الأكثر شعبية بين المشترين والمهتمين بالعقارات في القرى والتي تتراوح الرحلة في القطار منها إلى لندن بين 30 و60 دقيقة هي: كيلفيدون (التي لا تبعد عن لندن أكثر من 48 دقيقة) التي يصل معدل سعر العقار فيها إلى 238.2 ألف جنيه إسترليني (357 ألف دولار تقريبا)، وهاتفيلد بيفيريل (التي تبعد لا أكثر من 43 دقيقة عن لندن) التي يصل معدل سعر العقار فيها إلى 266.6 ألف جنيه (400 ألف دولار تقريبا) وإيرلسوود في صاري (لا تبعد أكثر من 35 دقيقة عن لندن) التي يصل معدل سعر العقار فيها إلى 253.5 ألف جنيه (380 ألف دولار تقريبا) ثم ووربليسدون (31 دقيقة من لندن) التي يصل معدل سعر العقار فيها إلى 373 ألف جنيه (559 ألف دولار تقريبا). أما أغلى المناطق في هذه المناطق التي لا تبعد أكثر من ساعة في القطار عن العاصمة فهي سير غرين (معدل سعر العقار فيها 287 ألف جنيه تقريبا - 430 ألف دولار تقريبا) ويلهام غرين (معدل سعر العقار فيها 260 ألف جنيه - 390 ألف دولار تقريبا) وويتلي (معدل سعر العقار فيها 397 ألف جنيه - 595 ألف دولار تقريبا) وودهيرست (معدل سعر العقار فيها 314 ألف جنيه - 417 ألف دولار تقريبا) ومنطقة فرانت التي يصل معدل سعر العقار فيها إلى 390 ألف جنيه - 435 ألف دولار تقريبا.

أما المناطق التي تتراوح الرحلة في القطار منها إلى لندن بين 60 و90 دقيقة وتحظى بشعبية كبيرة هذه الأيام فهي: نيوبورت في أيسيكس (معدل سعر العقار فيها 286 ألف جنيه - 428 ألف دولار تقريبا) وكراهيرست (260 ألف جنيه - 390 ألف دولار تقريبا) وشوفورد (398 ألف جنيه - 580 ألف دولار) وغريت تشاستارفورد (292 ألف جنيه - 434 ألف دولار تقريبا) وإتشينغهام (314 ألف جنيه - 417 ألف دولار تقريبا) وروبارتس بريدج (389 ألف جنيه - 436 ألف دولار تقريبا). أما المناطق الأغلى في هذه الخانة فهي: ستنونغيت (510 ألف جنيه - 760 ألف دولار تقريبا) وشوفورد (397 ألف جنيه - 595 ألف دولار تقريبا) وبيدوين (360 ألف جنيه - 540 ألف دولار تقريبا).