رجال أعمال مغاربة ينقذون أكبر مشروع عقاري في ضواحي الرباط

«مدينة تامسنا» تحول من حلم معماري إلى ما يشبه الكابوس

TT

بعد توقف أحد أكبر المشاريع العقارية في المغرب فترة طويلة، وهو مشروع كانت تعول عليها السلطات المغربية لتخفيف الضغط العمراني على العاصمة الرباط، نتيجة مشكلات مالية معقدة واجهت شركة «كونتراكتور» الفرنسية المشرفة على عمليات التشييد، عادت الروح من جديد لـ«مدينة تامسنا» بعد أن تمكن مساهمون مغاربة اشتروا الشركة الفرنسية، من ضخ أموال ضخمة لإنقاذ أكبر مشروع عمراني في الرباط. وقال مسؤولون من الشركة إن عمليات تسليم الشقق السكنية لزبائنها المغاربة انطلقت خلال شهر سبتمبر (أيلول) الحالي. وقال إيلي بيريز، رئيس شركة «جنرال كونتراكتور ماروك» إن تغيير لائحة المساهمين في الشركة الفرنسية، بعد أن اقتناها رجال أعمال مغاربة، أعطى دفعة جديدة قوية لهذا المشروع.

وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة قائلا: «لقد تغيرت الأمور تماما عقب تكليف فريق عمل جديد بإدارة الشركة، حيث تم استقطاب كفاءات تقنية وإدارية جديدة لضمان نجاح المشروع، وقد مكَّن ذلك من استعادة الثقة ووضوح الرؤية والأمان، سواء من طرف الزبائن، أم مختلف الشركاء».

وأضاف أن «المساهمين الجدد في (جنرال كونتراكتور ماروك) على ثقة كبيرة في أن مشروع تامسنا يتوفر على كل شروط النجاح، فهذه المدينة التي تعد التجربة الأولى ضمن البرنامج الذي أطلقته الدولة لتشييد أقطاب معمارية حضرية تحيط بالمدن الكبرى في المغرب، ستشكل، في واقع الأمر، إطارا لعيش متميز، وموردا عقاريا يسهم في تكريس ودعم الحق في السكن للجميع».

ويراهن المستثمرون الجدد الذين اقتنوا الشركة بعد تعرضها لمصاعب مالية، على ما وصفوه بالمستقبل الواعد لهذا المشروع، كما أنهم عازمون على مشروع «توفير تساوي الفرص في الحق في السكن للمواطن».

ويعتقد محمد ماليكي، المستشار القانوني للشركة، أن المالكين الجدد المشرفين على تسيير شركة «جنرال كونتراكتور ماروك» تمكنوا من إعادة الثقة لشركائهم ومزوديهم.

وكان مشروع «مدينة تامسنا» عرف أزمة كبيرة، بسبب المشكلات المالية للشركة الفرنسية المشرفة على المشروع، وهو ما جعل الذين سددوا أموالا لشراء شقق ينتظرون أحيانا فترات طويلة، وفي بعض الأحيان لا تكون المواصفات مطابقة لما تم الاتفاق عليه، أو يكون هناك نقص في الخدمات. وهو ما دفع المستفيدين إلى تأسيس جمعيتين للدفاع عن مصالحهم، مما أدى إلى أن يتحول المشروع من «معلمة عقارية» إلى مشكلة عقارية، وتناولت وسائل الإعلام المحلية الأمر، وقالت إن المشروع على وشك الانهيار.

وخلال المرحلة الممتدة ما بين 2007 وسبتمبر من العام الماضي, مر مشروع «مدينة تامسنا» الذي يدخل في إطار مشروع عقاري ضخم، عبر مراحل مدّ وجزر، أثرت عليه سلبا وبشكل كبير. فقد كاد هذا المشروع، الذي يتكون من 80 فيلا جاهزة، و373 فيلا شبه منتهية، و952 سكنا منخفض القيمة العقارية الإجمالية، و3808 شقق ترويجية، و461 وحدة للأنشطة التجارية، أن يتحول إلى كابوس للسلطات المغربية.

وأسهم تدخل رجال أعمال مغاربة، الذين قاموا بشراء شركة «جنرال كونتراكتور» الفرنسية المشرفة سابقا عن المشروع التي واجهت صعوبات كبيرة، في إنقاذ المشروع، لكن دون أن تتضح تفاصيل دخول هؤلاء المستثمرين، والشروط التي وضعوها لإنقاذ المشروع.

وكانت شركة «جنرال كونتراكتور ماروك» الفرنسية، تتكون من رأسمال فرنسي مغربي مشترك، فازت في عام 2007 بطلب العروض الدولي الذي أطلقته الحكومة، في إطار تشييد مشروع «مدينة تامسنا» جنوب العاصمة الرباط. واعتبرت الحكومة أن المشروع نموذجي، ويدخل في إطار سياسة السلطات الهادفة إلى توفير السكن لكل الطبقات الاجتماعية أيا كان مستوى دخلهم؛ منخفضا أو متوسطا أو عاليا. وبعد مرور عام على فوزها بالصفقة، تعرضت شركة «جنرال كونتراكتور ماروك» لصعوبات، الشيء الذي دفع إدارتها إلى الإعلان عن عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها وإنهاء الأشغال، لتدخل معها الحكومة في دوامة الملفات القضائية.

وقالت مصادر مالية إن «جنرال كونتراكتور ماروك»، أضحت، بعد أن تمت تصفية كل مشكلاتها المادية عقب انتقال ملكية رأسمالها لمساهمين جدد، شركة تتوفر على كل الشروط والعوامل التي تؤمن لها إنهاء أشغال المشروع داخل الآجال المحددة والمتفق عليها، ويعتقد الآن أن مشروع «مدينة تامسنا» وجد فرصة للانطلاق من جديد، بعد التعثر الذي عرفه، لكن لا يزال يسود الغموض بشأن ظروف ضخ أموال في المشروع، وكذا التزامات المساهمين الجدد.