سورية تتجه إلى فرض ضريبة على المساكن الفارغة

عددها يصل إلى 600 ألف.. ويفضل أصحابها المضاربة بها على طرحها في السوق

TT

تتجه سورية إلى إعداد صك تشريعي يفرض ضريبة على البيوت الفارغة، وذلك لمنع المضاربة في سوق العقارات، وذلك وفقا لمعلومات صادرة عن وزارة المالية السورية.

وجاء هذا التوجه في الوقت الذي تعاني فيه سورية من وجود نحو 500 إلى 600 ألف مسكن شاغر بحسب إحصاءات رسمية تكفي لحل أزمة الطلب لو طرحت في السوق، إلا أن أصحابها يفضلون بقاءها مغلقة والمتاجرة بها. على أن السمة الأبرز للتعامل مع هذه العقارات هي المضاربة بها حيث انتعشت بشكل واضح في سورية منذ نحو خمس سنوات، وتم ضخ مليارات الليرات في سوق العقارات بشكل أدى إلى رفع الأسعار عدة أضعاف في بعض المناطق.

وتتسم ملامح أزمة السكن في سورية بقلة العرض قياسا إلى الطلب، مع الإشارة إلى أن قلة العرض ناجمة عن تمركز البيوت في يد قلة من الناس ورفضهم طرحها في السوق إلا في حالات المضاربة، حيث يقومون بممارستها في سبيل تحقيق أرباح ريعية، وتقدر الأموال المجمدة في المساكن الفارغة في سورية بأكثر من 600 مليار ليرة سورية.

على أن المشكلة الموازية التي تعاني منها سوق العقارات في سورية تكمن في وجود أكثر من 300 ألف مسكن على الهيكل ضمن ظاهرة واضحة تكاد تتميز بها سورية عن غيرها من الدول وعدم الإكساء في حالات كثيرة ليس بسبب قلة السيولة وإنما لاستخدامها في المضاربة، حيث يعول أصحابها على أرباح مع مراهنتهم على ارتفاع أسعارها.

وهذا يعني أن هناك نحو 900 ألف مسكن فارغ في سورية يمكن ببساطة أن تحل أزمة السكن فيها لو طرحت في السوق وذلك لا يمكن أن يتحقق، بحسب الخبير الاقتصادي عادل محمود، «إلا باتخاذ حزمة من الإجراءات دفعة واحدة، يأتي في مقدمتها إنجاز المخططات التنظيمية بما يوفر الأراضي للإعمار ويسمح بتنظيم مناطق السكن العشوائي وتوزيع الأراضي على الجمعيات السكنية وتوفير البنى التحتية للمشاريع المرخصة لمساعدتها على الانطلاق بالبناء وإلزام الجمعيات والمشاريع بسقف زمني للقيام بأعمال التنفيذ».

وأشار الخبير إلى «أن قيام الحكومة بإلزام شركات التطوير العقاري بتنظيم نفسها وفق قوانين هيئة التطوير العقاري سيسمح بإطلاق مشاريع الإسكان خلال وقت أسرع، الأمر الذي من شأنه حلحلة السوق وتوفير معروض جيد من المساكن قد يساعد في فرملة أسعار العقارات خاصة مع وجود برامج تمويل عقاري متنوعة واسعة من قبل البنوك السورية بدأت تتنافس فيما بينها من أجل تقديم المزايا الأفضل».

في المقابل رأى محمود أن «الدولة يمكن أن يكون لها ذراع مهمة في سوق العقارات عبر التزامها بتنفيذ مشاريع السكن الموجهة إلى ذوي الدخل المحدود والمتوسط، إذ إنه مع وجود 64 ألف مكتتب على السكن الشبابي و12 ألف مكتتب على السكن العمالي، بالإضافة إلى مشاريع السكن البديلة، فإن هناك فرصة لتوفير 100 ألف منزل دفعة واحدة خلال السنوات الثلاث القادمة، وخاصة أن الميزانيات معتمدة وموجودة من قبل الدولة لصالح هذه المشاريع».

هذا وتظهر الإحصاءات أن الإقراض المصرفي الموجه نحو قطاع العقارات لم يغط سوى 27 في المائة من حجم الإنفاق على العقارات السكنية عام 2009.

والسبب يعود إلى أن القروض العقارية ما زالت متشددة وتطلب شروطا لا تناسب إلا ذوي الدخل المحدود، ومن هنا فإن الإقراض العقاري الذي قدمته المصارف الخاصة ذهب حتى الآن إلى ذوي الدخل العالي من جهة، وإلى الراغبين في تملك أكثر من منزل بالنظر إلى قدراتهم المالية على سداد أقساط عالية شهريا من جهة أخرى. في حين بقيت القروض العقارية دون متناول الشرائح الواسعة في المجتمع في الوقت الذي أدى فيه ارتفاع أسعار العقارات إلى جعل القرض العقاري المقدم من المصرف العقاري الحكومي والمصرف التجاري السوري دون القدرة على تلبية طموح الراغبين في شراء منازل إلا ضمن حدود معينة.

هذا وتشهد سورية خلال يومي 27 و28 سبتمبر (أيلول) الحالي فعاليات المؤتمر الدولي الأول للتطوير والاستثمار العقاري ويجمع المهتمين والمعنيين بشؤون التطوير والاستثمار والتمويل العقاري.

ويقدر أن تشارك في المؤتمر نحو 500 شخصية تمثل المطورين والوسطاء والممولين العقاريين والمصممين والمهندسين ومديري التخطيط في البلديات والمحافظات والشركات الاستشارية والهندسية وشركات التشييد وهيئات التطوير والاستثمار العقاري وجهات التمويل والمؤسسات المالية والمصرفية وشركات التأمين وإعادة التأمين وهيئات الاستثمار والشركات المصنعة لمواد البناء والإكساء، إضافة إلى الكثير من الجهات الأخرى ذات الصلة.

ويشكل المؤتمر، الذي يقام لأول مرة في سورية، أهم حدث من حيث عدد ونوعية المشاركين والمواضيع المطروحة، كما سيرافق المؤتمر معرض متخصص للجهات والشركات المشاركة والمهتمة بالتعريف بمنتجاتها وخدماتها.