الأردن: بهدف تحريك السوق.. شركات عقارية تتوجه نحو البيع بالتقسيط

جمعية المستثمرين تدعو إلى تشييد مساكن جديدة للحفاظ على توازن السوق

TT

أكد عقاريون أن سوق الشقق السكنية في المملكة الأردنية تشهد طلبا نشطا مع قرب نهاية العام الحالي، رغم أن المغتربين الأردنيين العاملين بالخارج بدأوا بالعودة إلى أماكن عملهم، خصوصا العاملين في دول الخليج العربي.

وتؤكد الأرقام الإحصائية الصادرة عن دائرة الأراضي والمساحة ما ذهب إليه عقاريون حول الطلب النشط في السوق، إذ بلغ إجمالي معاملات بيع العقار حتى نهاية أغسطس (آب) الماضي 58303 معاملات بارتفاع بلغت نسبته 16 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث توزعت على 22430 معاملة في محافظة العاصمة بنسبة 38 في المائة و35873 معاملة لباقي المحافظات بنسبة 62 في المائة.

وتشير الأرقام ذاتها إلى أن معاملات البيع في محافظة العاصمة توزعت على 10172 معاملة للشقق و12258 معاملة للأراضي، في حين توزعت معاملات البيع في باقي المحافظات الأردنية على 3937 معاملة للشقق و31936 معاملة للأراضي.

وعزا رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري الحركة النشطة التي يشهدها القطاع الإسكاني إلى قرب انتهاء الحوافز العقارية والإعفاءات الممنوحة من قبل الحكومة للقطاع العقاري، حيث تنتهي مع نهاية العام الحالي.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة الإعفاءات الحكومية الممنوحة للقطاع العقاري توفر ما مقداره 4 آلاف دينار إلى 5 آلاف دينار(الدولار الأميركي يعادل 0.0708 دينار أردني) في الشقة الواحدة، مما يشكل حافزا للمواطنين لاغتنام الفرصة قبل انتهاء مدة الإعفاءات الحكومية.

وأكد العمري، أن توجه ما نسبته 10 في المائة من الشركات المستثمرة في قطاع الإسكان إلى البيع بالتقسيط المباشر ولفترات قصيرة ومن دون وساطة البنوك ليس بالجديد.

وقال العمري، إن هذا الإجراء يهدف إلى تسويق منتجات الشركات بشكل مباشر للمواطن وتحريك سوق العقار التي كانت قد دخلت في حالة ركود، لا سيما بعد تشدد البنوك في إعطاء القروض للمواطنين.

وأشار إلى أن الزيادة السنوية عن الحجم المعروض والمطلوب من الشقق في السوق المحلية بواقع 5 آلاف وحدة سكنية، بحاجة ماسة إلى سياسة تسويقية لتحريك قطاع العقار، وأن توجه الشركات للتقسيط ليس بالحجم الكبير بسبب نقص السيولة لدى هذه الشركات.

أما بالنسبة للشركات العقارية، التي تعلن البيع المباشر للمواطنين وبالتقسيط ومن دون وساطة البنوك، فقد قال العمري إن عدد هذه الشركات قليل جدا واعتقد أن لديها ملاءة مالية تستطيع أن تستثمرها في بيع منتجها بالتقسيط، موضحا أن عددا من هذه الشركات يتوجه إلى البيع بالتقسيط ولمدد طويلة بالتعاون مع شركات مالية تدعم هذا التوجه.

وقال إن غالبية المواطنين لا يسمح بدخولهم لشراء شقة سكنية بشكل مباشر، مبينا أن الكثير من المواطنين يتوجهون للبنوك لطلب تمويل شراء الشقق وبنسب متفاوتة تصل في حدها الأعلى إلى 100 في المائة أو باقتراض جزء من ثمنها.

وأوضح أن البنوك تشددت في الفترة الأخيرة في إعطاء القروض للمواطنين، مؤكدا أن توجه الشركات للبيع بشكل مباشر أعطى فرصة لأي مواطن يبحث عن شقة ولديه جزء كبير من ثمنها، بتقسيط المبلغ المتبقي لفترة قصيرة ومن دون فوائد.

وفي هذا السياق، بين أن البنوك تتقاضى فوائد على القروض بنسب متفاوتة تتراوح بين 7.5 و12.5 في المائة وحسب المدة. وأشار المهندس العمري إلى أن غالبية المواطنين في الأعوام الأخيرة توجهوا لشراء الشقق هربا من الإيجار، ولا سيما أن الإيجارات في ارتفاع مستمر، مما يدفع المواطن إلى التفكير في أن الإيجار الشهري الذي يدفعه يوازي القسط الشهري لثمن الشقة التي ستؤول إليه ملكيتها في آخر الأمر.

وأكد أن «عدد الشقق المتوافرة في السوق المحلية ازداد بعد عزوف المواطنين عن الشراء في الأعوام الأخيرة، بسبب ارتفاع أسعار العقار. ولكن إذا تم احتساب أعداد الشقق المتوافرة بالنسبة لعدد السكان المتزايد فأعتقد أن هناك نقصا، والسوق بحاجة إلى 40 ألف شقة في السنة».

وقالت دائرة الأراضي والمساحة إن قيمة الإعفاءات الحكومية المقدمة للقطاع العقاري بلغت حتى نهاية الثلث الثاني من العام الحالي نحو 58.9 مليون دينار، بينما بلغت إيرادات دائرة الأراضي والمساحة خلال الفترة نفسها 162.3 مليون دينار، حيث جاءت مديرية تسجيل شمال عمان بالمرتبة الأولى بإيرادات بلغت 33.3 مليون دينار، ومديرية تسجيل عمان بالمرتبة الثانية بإيرادات بلغت 25.4 مليون دينار، تلتها مديرية تسجيل أراضي غرب عمان 19.9 مليون دينار، ثم مديرية تسجيل جنوب عمان 16.6 مليون دينار، بينما جاءت مديرية تسجيل أراضي ناعور في المرتبة الخامسة بإيرادات بلغت 11 مليون دينار. وأوضح العمري أن أسعار الشقق السكنية منذ العام استقرت على انخفاض جراء الأزمة المالية العالمية، مما أسهم بشكل كبير في تشجيع المواطنين على التملك لوصولهم إلى قناعة بأن الأسعار لن تنخفض عن المستويات الحالية، إضافة إلى توافر تسهيلات بنكية جيدة تلبي حاجات المواطنين من ناحية المقدار والمدة.

ودعا العمري المستثمرين إلى ضرورة الشروع في مشاريع إسكانية جديدة لتلبية احتياجات المواطنين من المساكن، محذرا من أن أي تقاعس قد يحدث خللا من خلال تفوق الطلب على العرض، الأمر الذي يقود في اتجاه ارتفاع الأسعار في السوق المحلية.

وأشارت الأرقام الصادرة عن نقابة المهندسين إلى أن هناك ارتفاعا بسيطا في عدد رخص البناء حتى نهاية الثلث الثاني من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ويشار إلى أن حجم التداول في سوق العقار في المملكة خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الحالي بلغ 3.5 مليار دينار، بارتفاع بلغت نسبته (26%) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وكشف العمري عن توجه لدى شركات منتسبة للجمعية لإنشاء صندوق لتأمين قروض الإسكان للشركات والمواطنين.

وقال العمري إن فكرة إنشاء الصندوق جاءت بفعل التشدد الكبير من قبل البنوك في منح القروض للطرفين ولإعادة النشاط لقطاع العقار المحلي، الذي تأثر سلبا بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.

وأضاف أن الجمعية أجرت اتصالات مع عدة صناديق استثمارية من السعودية والكويت، للمساهمة في عائدات الصندوق، وهناك وعود جدية منها وبنسبة مرابحة لن تتجاوز 4 في المائة، مشيرا إلى أن الصندوق سيرى النور بعد استكمال إجراءات التأسيس. وأكد العمري أن قطاع العقار المحلي يمر حاليا بالظروف ذاتها التي تمر بها القطاعات الاقتصادية الأخرى بفعل تأثره بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي انعكست على القدرة الشرائية لدى المواطنين، جراء تشدد البنوك في منح القروض الإسكانية وارتفاع أسعار الفائدة.

واستدرك أن الأزمة كان لها انعكاس إيجابي على أسعار النفط العالمية، مما خفض أسعار المواد الإنشائية في السوق المحلية التي وصلت خلال العام الماضي وبداية العام الحالي إلى أرقام غير مسبوقة، وبالتالي انخفاض أسعار الشقق السكنية بمعدل 15 في المائة.

وقال إن تأثيرات الأزمة العالمية ما زالت مستمرة رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ منتصف العام الحالي من خلال خفض رسوم نقل ملكية الأراضي من 10 إلى 7.5 في المائة ورفع سقف إعفاء رسوم التسجيل للشقق السكنية من 120 مترا إلى 300 متر، ومهما بلغ عدد الشقق التي يرغب المواطن في تملكها.

وبين أن هذه الإجراءات انعكست إيجابا على نشاط القطاع لزيادة حجم المبيعات، داعيا المواطنين إلى الاستفادة من هذه الإعفاءات التي تنتهي مع نهاية العام الحالي.

ولفت العمري إلى أن قطاع العقار هو المحرك الرئيس للقطاعات الأخرى، ويعتبر المولد الأول لفرص العمل، ويسهم بنسبة جيدة في الناتج المحلي الإجمالي. وأوضح أن المملكة تحتاج سنويا لبناء نحو 45 ألف شقة، ولكن حاليا لا ينجز منها سوى 70 في المائة لضعف القدرة الشرائية للمواطنين أصحاب الدخل المحدود، مشيرا إلى أن القطاع الخاص لم يستطع أن يوفر لهم المسكن، لارتفاع أسعار الأراضي.

وقال العمري إن المبادرة الملكية (سكن كريم لعيش كريم) جاءت في الوقت المناسب لإنصاف هذه الشريحة من المواطنين بعد ارتفاع أسعار العقارات وزيادة الفجوة بين القدرة الشرائية والأسعار المعروضة، مما أدى إلى رفع نسبة المواطنين غير القادرين على الشراء من 30 إلى 65 في المائة ضمن الشروط الحالية. وأكد العمري أن الحكومة معنية حاليا بتوفير السكن الملائم للمواطنين تنفيذا للتوجيهات الملكية من خلال تحفيز البنوك على منح قروض إسكانية طويلة الأجل تصل إلى 35 عاما كما هو في دول العالم الأخرى وتخفيض الفائدة عليها التي ارتفعت إلى 8.5 في المائة نهاية العام الماضي، وأن يكون القسط الشهري لامتلاك مسكن مقاربا للأجرة الشهرية.

وبخصوص خفض أسعار الشقق السكنية بعد تراجع أسعار المواد الإنشائية، لفت العمري إلى أننا نعيش في سوق حرة وهناك منافسة بين الشركات التي يتجاوز عددها 1250 شركة، والأسعار يحكمها العرض والطلب والمواصفات، نافيا وجود احتكارات في القطاع والأسعار الحالية في المملكة منطقية.

وحث العمري المواطنين على اغتنام الفرصة والمبادرة إلى امتلاك الشقق خوفا من عودة الأسعار إلى الارتفاع مجددا، لعدم انخفاض أسعار الأراضي لقلتها داخل التنظيم وملاكها من الأثرياء، وارتفاع أسعار المواد الإنشائية لارتفاع أسعار النفط. وقال إن المعروض حاليا من شقق سكنية مشجع على الشراء، كونها بنيت بالتكلفة الجديدة وأسعارها معقولة، ولن تبقى خلال المرحلة القادمة كما هي الآن وسترتفع بالتأكيد. ولفت إلى تراجع الاستثمارات العقارية في المملكة وتجميد المشاريع التي كانت مطروحة قبل حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية، وهناك شركات توقفت عن العمل وخرجت من السوق.