السعودية: جغرافية عسير الصخرية ضريبة يتحملها المستثمر العقاري وترفع تكاليف البناء

تكسير الأرض يكلف نحو 18.6 ألف دولار مما يرفع قيمتها

يواجه المستثمرون العقاريون في منطقة عسير مشكلة ارتفاع تكاليف بناء الأرض من خلال وجود الطبيعة الصخرية التي تتطلب مبالغ لتهيئتها («الشرق الأوسط»)
TT

يواجه ملاك العقارات في منطقة عسير (جنوب السعودية) عقبة الأراضي الصخرية، التي تشكل نسبة 65 في المائة من المخططات والأملاك، وهذا يعود، كما ذكر خبراء عقاريون، إلى طبيعة عسير الجغرافية، إلى جانب شراء بعض أبناء المنطقة للأراضي الصخرية بحثا عن أقل الأسعار، في ظل ارتفاع أسعار العقارات في المنطقة.

وتحتاج معالجة تلك الأراضي من خلال تكسير أو تفتيت صخورها إلى تكلفة قد تتجاوز في معظم الأحيان الـ70 ألف ريال (18.6 ألف دولار).

وأوضح عبد العزيز آل مشاري، باحث جيولوجي، أن «كثرة الصخور في منطقة عسير كانت كما سبق، حيث ذكر المؤرخون أن أحد أسباب تسمية منطقة عسير بهذا الاسم لعسر طبيعتها الجغرافية، التي اشتهرت بمسالكها الصعبة كالأودية والصخور والجبال»، وأضاف: «انتشار الصخور وحجمها يعدان عائقين كبيرين أمام مستثمري المخططات وأصحاب العقارات».

وتابع: «كما يعتبر أخف الأمرين، سواء لدى المشتري في حال عرض عليه قطعة أرض كانت الصخرية أقل ثمنا من الأخرى، لتبدأ معانات البحث عن مقاول لتكسير الصخور يعمل بأمانة مهنية، إلى جانب البحث عن الطرق الأسرع والأحدث، مع مراعاة الأقل سعرا، لإنهاء مشكلة تنشأ مع انتهاء غلاء العقار».

جغرافية عسير تفرض ضريبة يتحملها المستثمر والمواطن، واستغلال بعض المقاولين لهذه الطبيعة يزيد من خسارة مالك الأرض، وبين مازن المازني، صاحب أرض صخرية، معاناته في ارتفاع أسعار الحفر وتفتيت الصخور، وقال: «اضطررت إلى إحضار مقاول حفر بالأجر اليومي، وكانت الأسعار مرتفعة، وقد يصل الأمر إلى دفع 40 ألف ريال (10.6 ألف دولار) لأرض لا تتجاوز مساحتها 375 مترا مربعا.

وأردف المازني: «كل ما يدفع من مبالغ مالية ضخمة يصاحبها شرط، وهو أن يتواجد صاحب الأرض، الذي هو مسؤول عن دفع تلك المبالغ، مع المقاول المسؤول أو العامل حتى يقف بشكل مباشر على العمل، وكي لا يتعرض لنوع من التباطؤ في العمل من قبل العامل، الذي غالبا ما يتعمد التأخير حتى تزيد ساعات العمل ويرتفع السعر المتفق عليه سابقا».

من جهته، أشار يونس عبد الغفار، مقاول حفر وتكسير صخور، إلى أن من يحدد القيمة المالية هو نوع التربة، فكلما كانت التربة قوية وقاسية كانت التكلفة أكبر، وتحتاج إلى أكثر من أربعة أيام حفر، وأسبوع في حال كانت الأرض صخرية، وأحيانا قد تصل المدة إلى الشهر، فقد يواجه العامل أنواعا مختلفة من الصخور تتباين ما بين صخور كبيرة وصخور رسوبية وصخور متحولة وصخور صغيرة، وهنا أيضا تختلف التسعيرة، حيث لا يمكن فرض قيمة واحدة على كل أنواع الصخور المذكورة»، وأضاف: «كما أن مساحة الأرض وعمق الحفر يلعبان دورا في ارتفاع وانخفاض التكلفة».

وحول تهرب بعض المقاولين وتمديدهم للوقت بهدف الزيادة في المبلغ، أشار المقاول يونس إلى أنه لا بد من أن يتم إبرام اتفاق بين الطرفين (المقاول وصاحب الأرض)، وبوجود المهندس، وشرح كل ما يخص الطرفين من بنود الاتفاق، مع الالتزام بتلك البنود، مرجعا سبب ذلك إلى أن أغلبية المقاولين يبدأون بالجزء السهل ثم يتهربون من باقي العمل.

من جهة أخرى استعرض صالح الشهراني، صاحب مؤسسة لعمليات التفجيرات الصخرية، بعض طرق تكسير وتفتيت أنواع الصخور المختلفة، حيث قال: «هناك أنواع مختلفة من التكسير والتفتيت، منها ما يعتمد على الآلات الحديثة (البوكلين)، أو بعض المعدات الثقيلة الأخرى، التي تقوم على تفتيت الصخور من خلال ضربات قوية يوجهها (البوكلين) للصخرة، وبذلك يحدث شرخ وكسر في الصخرة، ومن ثم يتم نقلها».

وأوضح أنه يتم إلى جانب ذلك استخدام مواد كيميائية تستخدم من خلال إحداث خرم في الصخرة، وبمسافة معينة، وفق الحاجة، بما يقارب 80 سنتيمترا إلى 160 سنتيمترا، وبعد ذلك توضع المادة الكيميائية داخل الخروم وتترك لمدة 24 ساعة، ومن بعدها يحدث تفتيت وتصدع للصخرة وهذا يساعد (البوكلين) على إنهاء عملية التكسير سريعا.

وأضاف الشهراني: «هناك شركات ومؤسسات متخصصة في عملية التفتيت والتكسير، تقوم بعملها تحت إشراف ورقابة من قبل الجهات المختصة والمتمثلة في وزارة الداخلية، التي ينتج عن عملها في تفتيت الصخور إنتاج أحجام صخرية يمكن إدخالها في الكسارات بهدف طحنها واستخراج الحجارة، بالإضافة إلى طرق أخرى كقص بلوكات الصخور، التي لا بد أن ينتج عنها كتل شبه مستوية تستخدم في عمل الأسطح الملساء».

وأشار الشهراني إلى أن أسعار التكسير أو التفتيت تختلف حسب مساحة الأرض الخاضعة للمعالجة ونوع التفتيت أو التكسير وعدد الآلات المستخدمة في معالجة الصخور، وأضاف: «نحن نعتمد في عملنا على عقود اتفاق توضح ما للطرفين من التزامات تصنف كبنود»، ملفتا إلى أن جنوب السعودية من أكثر المناطق التي تعاني من الأراضي الصخرية، حيث يقبل عليها المشتري لرخص سعرها، دون أن يعلم بأن عملية المعالجة أو الحفر والتكسير قد تصل إلى نصف سعر الأرض.