السعودية: اقتصاديون يطالبون بإصدار نظام جديد لـ«التأجير التمويلي»

توقعات ببلوغ نسبة التمويل العقاري 4% من الناتج المحلي بحلول نهاية 2013

جانب من العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

قدر خبراء عقاريون حجم عمليات التأجير والتمويل في دول العالم بأكثر من 700 مليار دولار في الوقت الذي ارتفعت عقود التأجير والتمويل الموقعة في الدول النامية بأكثر من 150 مليار دولار.

وتوقع الدكتور فهد آل خفير، عضو مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمحكم المعتمد في وزارة العدل، أن تبلغ العوائد السنوية لصناعة قروض التمويل العقارية والتأجير في السعودية خلال الفترة المقبلة ما بين 150 مليار ريال (40 مليار دولار) و180 مليار ريال (48 مليار دولار) وذلك نتيجة النهضة الاقتصادية، فيما سيصل حجم التمويل العقاري إلى نحو 70 مليار ريال (18.6 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأشار إلى أن نسبة ذلك التمويل ستصبح نحو 4 في المائة من الناتج المحلي بحلول نهاية عام 2013، مؤكدا أن حجم التمويل العقاري في السعودية وصل حتى الآن إلى نحو 8 مليارات ريال بزيادة تتجاوز 3 مليارات ريال مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأوضح أن التأجير التمويلي يتطلب قدرات مالية كبيرة في المؤجر التمويلي، إذ لا ينبغي السماح للأفراد بمزاولة ذلك النشاط، مشددا على ضرورة قصره على الشركات ذات الشخصيات الاعتبارية، خاصة شركات المساهمة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن للتأجير التمويلي طابعا ماليا وائتمانيا ظاهرا، الأمر الذي يحتم إخضاع هذا النشاط للرقابة التي تفرض على المصارف والمؤسسات المالية، لما يترتب على التوسع غير الرشيد في منح الائتمان من موجات تضخمية تؤثر سلبا في الاقتصاد القومي، مما يؤدي إلى أزمة عامة في حالة شيوع عدم الوفاء بالأقساط المقررة بموجب عقود التأجير التمويلي.

وبين أنه يجب الأخذ بنظام إشهار عقود التأجير التمويلي للتأكد من فعالية الضمان الذي يتمتع به المؤجر التمويلي والمتمثل في ملكية العين المؤجرة كي يمكنه الاحتجاج بحق ملكيته للعين في مواجهة دائني المستأجر وخلفه الخاص.

وطالب بضرورة وضع قواعد ضريبية خاصة بنشاط التأجير التمويلي، لا سيما أن كثيرا ما يزدوج نقل الملكية من البائع أو الصانع إلى المؤجر أولا ثم إلى المستأجر، إلى جانب ضرورة تفادي ازدواج فرض الضرائب على المبيعات أو الضرائب العقارية، عدا عن إمكانية السماح للمستأجر بخصم كامل أقساط الأجرة من وعائه الضريبي بوصفها من التكاليف والسماح للمؤجر التمويلي بخصم مخصصات إهلاك العين من وعائه الضريبي أيضا.

وأضاف أن التنظيم القانوني للتأجير التمويلي يتطلب إصدار نظام خاص به وليس مجرد التعديل في الأنظمة، خصوصا أنه من الممكن إعداد دراسة خاصة بوضع أسس مشروع النظام المقترح إذا ما طالبت السلطات المعنية بذلك.

وذكر الدكتور فهد آل خفير أن تلك الدراسة ستقوم على تحديد نطاق العمل بأحكام النظام، سواء من حيث الأحول أو الأشخاص، وتحديد الشروط الواجب توافرها فيمن يرخص له بمزاولة نشاط التأجير التمويلي، وتنظيم إشهار عقود التأجير التمويلي وذلك بتحديد الجهة التي يناط بها مسك السجل وكيفية تقديم طلب القيد وبياناته ومدى لزوم تجديده وطريقه محوه، مع بيان الجزاء المترتب على تخلف الإشهار، إضافة إلى تنظيم الآثار الضريبية المترتبة على التأجير التمويلي والأحكام الخاصة المنظمة للعلاقات الناشئة عنه، خاصة علاقات المؤجر التمويلي بالمستأجر التمويلي.

من جهته، أوضح ممدوح أسعد، مدير أحد فروع «البنك الأهلي التجاري» في جدة الذي عمل مسؤولا عن ذلك البرنامج لمدة تتجاوز الخمس سنوات أن التأجير التمويلي موجود وقائم حتى الآن بالسعودية، غير أن المواطن يعتبر المعوق الأساسي لتحقيق النجاح بالشكل المطلوب، لافتا إلى أن هذا البرنامج بدأ في البنك منذ عام 2005. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تخلي المواطنين دائما عن السداد والالتزام به، والتزوير والتزييف في المستندات المطلوبة من العميل والتحايل على النظام تمثل أبرز المعوقات التي تحول دون نجاح التأجير التمويلي بطريقة سليمة.

وأكد على أن البنوك بمفردها لا تستطيع التحكم في نجاح التجربة، الأمر الذي يتطلب ضرورة تضافر جهود جميع الجهات المعنية، مضيفا أن شركات التأمين لا تعوض تلك البنوك بنسبة 100 في المائة.

وشدد على ضرورة وجود أنظمة تحد من عمليات تزوير وتزييف الخطابات والمستندات المطلوبة، إلى جانب التعامل من قبل الجهات الحكومية بمرونة مع معاملات البنوك المختصة بالتأجير التمويلي، لا سيما أن التأخير في إنهاء المعاملات من شأنه أن يحدث تضاربا في المصالح والخدمات المقدمة للعملاء.

وأضاف أن هناك إقبالا كبيرا من الناس على التأجير التمويلي بحسب الاحتياجات، مما جعل البنك يتفادى الكثير من المعوقات التي واجهته في بداية تطبيق ذلك البرنامج.

وبالعودة إلى الدكتور فهد آل خفير، الذي أكد أن غياب التنظيم القانوني الدقيق لإشهار الحقوق العينية الواردة على العقارات يعد أبرز المشكلات العقارية في السوق السعودية. ولفت إلى ضرورة تبني خطوات محددة لحل هذه المشكلة والمتضمنة كتابة كل عقد من شأنه إنشاء أو نقل أو إنهاء حق عيني على أي عقار بواسطة كاتب العدل، وإنشاء مصلحة للشهر العقاري تتولى تسجيل العقارات بحسب مواقفها وليس بحسب أسماء ملاكها كي تقيد فيه العقود والقرارات والأحكام المتعلقة بالمركز العيني للعقار.

وأضاف: «تتسم السوق العقارية في السعودية بالميل نحو المضاربة على ائتمان العقارات، في ظل شراء الأراضي بمناطق نائية تحسبا لإدخال المرافق الحياتية بها ليترتب على ذلك ارتفاع ثمن الأراضي الذي ينتج عنه إعادة بيعها لمن يرغب في استعمالها أو استغلالها، مما يزيد التكلفة الاستثمارية لأي مشروع عقاري».وأشار إلى أن ذلك يؤثر على التأجير التمويلي، إذ إن تعزيز ضمان ملكية العقار المؤجر يتطلب إنفاذ حق الملكية في مواجهة الغير عن طريق إشهار عقد التأجير التمويلي العقاري بقيده في سجل العقارات، لا سيما أن غياب الإشهار يؤدي إلى عزوف المؤجرين عن العمل في مجال التأجير التمويلي العقاري.

وقال إن موجات المضاربة العقارية من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع تكلفة التأجير التمويلي، إذ يتخذ من ثمن شراء العقار أساسا لتحديد قيمة الأجرة التي يلتزم المستأجر التمويلي بدفعها فتكون تلك الأجرة مرتفعة نتيجة ارتفاع ثمن العقار بفعل المضاربة.

وطالب المحكم المعتمد في وزارة العدل الجهات المعنية بالحد من تقييد الأجانب في تملك العقارات بالسعودية إذا كان ذلك يتم لأغراض استثمارية، خصوصا بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، لافتا إلى إمكانية تنظيم تملك غير السعوديين للعقارات بتحديد الجهة الرسمية التي يناط بها الترخيص لهم بالتملك مع تحديد حد المساحة التي يجب عندها استصدار الترخيص وطلب إصدار ترخيص للتوكيل في إدارة عقارات الغير، إلى جانب وضع رسوم مرتفعة نسبيا لذلك الترخيص، لا سيما أنه غالبا ما يقوم المالك الصوري المتمثل في المواطن السعودي بتوكيل المالك الحقيقي الأجنبي في إدارة العقار.