السعودية: عشوائية قطاع العقار في نجران أهم أسباب ارتفاع الأسعار

خبير: الأبراج السكنية تقلل من التمدد الأفقي للمدينة ولا حاجة للاستفادة من الجبال حاليا

يعتبر القطاع العقاري في السعودية أحد أهم الأشكال الاستثمارية.. وازدياد ضخ الأموال فيه قد يسهم في ارتفاع الأسعار («الشرق الأوسط»)
TT

دعا خبراء عقاريون في مدينة نجران (جنوب غربي السعودية) إلى ضرورة إيجاد حلول لتخفيض الأسعار في العقارات السكنية، وذلك من خلال السماح بزيادة الطوابق وبناء الأبراج، بهدف التقليل من التمدد الأفقي للمدينة وهو ما اعتبر إرهاقا للميزانيات الحكومية في الوقت الحالي. وقال الدكتور ذيب بن سعد بن عامر آل سالم عضو لجنة العقار بالغرفة التجارية بنجران وعضو اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف السعودي أن الأهمية تكمن في ضرورة السماح بزيادة الأدوار وبناء الأبراج السكنية للتقليل من التمدد الأفقي للمدينة مما قد يرهق ميزانيات الجهات الحكومية حاليا. وعزا الدكتور ذيب آل سالم أسباب ارتفاع العقار في المنطقة بشكل مبالغ فيه إلى أن سوق العقار هي السوق الوحيدة القادرة على استيعاب الثروة والسيولة وحمايتها وتنميتها ومعظم العقارات مملوكة بتمويل ذاتي والسوق العقارية السعودية ملاذ للأموال ومستودع للثروات بخلاف السلع الأخرى.

واعتبر ظاهرة الغلاء ظاهرة عالمية، نظرا لعدم وجود جهة رسمية تنظم وتسعر وتثمن العقار، وتزايد أسعار مجمل مواد البناء، وذلك بسبب الإقبال الواسع على إعادة الترميم، وبناء وحدات سكنية جديدة. وكذلك بناء المشاريع الحكومية أخذت وبصورة كبيرة وغير متوقعة النسبة الأكبر من مواد البناء. وكذلك الاستقرار الأمني وعودة الأموال المهاجرة للخارج وتأخير توزيع المخططات السكنية الحكومية على المواطنين أو بناء مجمعات سكنية لهم مما دفع الناس للبحث عن مساكن أو أراض لهم وزيادة الطلب على العقار وشح المخططات المطورة وقلة المعروض والنمو السكاني، أسهمت في ارتفاع العقار. وقال عضو لجنة العقار بالغرفة التجارية بنجران: «البنية العقارية الحالية في بعض المدن قديمة سواء في بنيتها أو تكيفها مع معطيات الحياة الحديثة بكل ما تبعثه من طلب البديل ومحدودية مجالات الاستثمار في المملكة ستظل عاملا رئيسيا في توجيه الأموال نحو العقار، وهو الأبسط والمتوفر لتوجيه رؤوس الأموال».

وبين الدكتور ذيب آل سالم أن الوقت ما زال مبكرا للاستفادة من الجبال؛ حيث إن تكلفتها عالية على المواطن، وكذلك إيصال الخدمات لها وما زال امتداد المنطقة من الناحية الشرقية في بدايته والمنطقة بحاجة إلى خطوات سريعة لتسهيل الحصول على أراض للسكن والاستفادة من القروض السكنية والتمويل، ومنها الإسراع في توزيع أراضي منحة خادم الحرمين والمقدرة بنحو 50 ألف قطعة وإنهاء حجج الاستحكام على الأراضي الجدية الموقوفة لدى المحكمة التي تقدر بآلاف القطع والسماح بتحويل الأراضي الزراعية بالاثايبة والغويله إلى أراض سكنية وتخطيطها، خصوصا بعد نضوب المياه وعدم صلاحيتها للزراعة وإيصال الخدمات إلى المخططات البلدية الجديدة شرق المطار والشرفة والحصينية وغيرها.

وبذلك ستحل مشكلة الحاجة إلى أراض في الوقت الحاضر ومستقبلا. هنالك أراضي فضاء شرق نجران يمكن أن تستوعب جميع الطلبات.

وحول قلة الأبراج السكنية بالمنطقة، أشار إلى أن غالبية أهل المنطقة يفضلون البيوت المستقلة والكبيرة التي بها خصوصية، علما بأن الأبراج تساعد في تركيز الخدمات وتكاملها، والمنطقة بحاجة إلى الأبراج التجارية التي تشمل الأسواق والنزل ومكاتب الشركات وكذلك مباني الإدارات الحكومية، حيث إن الأبراج السكنية تضفي على المنطقة الشيء الكثير بأشكالها الجمالية ومبانيها الشاهقة. ولفت إلى أن الحاجة ملحة للسماح بزيادة وتعدد الأدوار داخل نطاق المنطقة لتواكب زيادة الكثافة السكانية بشرط مواكبته مع المعايير التخطيطية في توسعة الشوارع ورفع كفاءة الخدمات المتوفرة في المنطقة وتخصيص مواقف للسيارات اللازمة.

وأكد أن ذلك سينتج عنه التقليل من التمدد الأفقي للمدينة، بما يعنيه من إرهاق لميزانيات كثير من الجهات الخدمية، التي لا تستطيع نشر خدماتها وهو ما يحد من انتشار العمران، مما يؤدي إلى تقليص قطاع العقار إلى جانب تشتت العمران، بدلا من نسيج عمراني متصل. وهنالك تخوف من التمليك في الأبراج السكنية، وذلك لافتقار جمعيات ومجالس الملاك للقوة اللازمة التي تمكنها من فرض الانضباط والتقيد بقوانين السكن والوفاء بالتزاماتها.

وأكد أن فرض أنظمة وقوانين ملزمة لكل السكان وسبل تطبيقها سيؤدي حتما إلى الطمأنينة لدى المشترين، وبالتالي الإقبال على هذه المشاريع، وبالتالي زيادة عدد المطورين لهذا المجال.

وأضاف أن اللجنة العقارية هي إحدى اللجان المنبثقة من الغرفة التجارية والمرتبطة باللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف السعودي، ومن أبرز أعمال تلك اللجان المساهمة في رفع مهنية وإعداد المواطنين العاملين في القطاع العقاري والمساهمة في تطوير ممارسة المهنة والأنظمة التي تنظم العمل العقاري والقنوات الاستثمارية للقطاع العقاري.

وأشار إلى أن نشر ثقافة الصناعة العقارية من بين مهامها إلى جانب العمل على إصدار نظام لممارسة المهنة وتأهيل العاملين بالعقار وعمل الدراسات والأبحاث وتقديم بيانات نافعة والمساهمة في تطوير الأنظمة عند الطلب من قبل الجهات الرسمية، مثل أنظمة البناء، وما تشملها من مستجدات وإعداد دراسات لتفعيل مزايا المنطقة الجوهرية وإبرازها كمنطقة جاذبة للاستثمار في مجال العقار.

والسعودية هي أكبر اقتصاد عربي، ويشكل القطاع العقاري جزءا رئيسيا من اقتصاد البلاد، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى إيجاد بنية تحتية من خلال المشاريع الضخمة والموزعة على أرجاء البلاد. وأضاف آل سالم أن اللجنة تسعى إلى المساهمة في تشجيع رؤوس الأموال بالاستثمار في صناعة العقار ونشر الثقافة المهنية لدى العاملين في صناعة العقار وتنظيم وتطوير أداء المنشآت العقارية نحو تقديم الخدمات المطلوبة بالتوعية المتعارف عليها مهنيا وذلك بطريقة علمية تحفزها نحو تطوير ذاتها وأعمالها بالتقدم إلى درجات أعلى، مما يحد من تجاوز غير المهنيين وتداخلهم غير الاحترافي في صناعة العقار، وتبني إقامة برنامج تدريب وتأهيل العاملين بالقطاع، والعمل على الاعتراف بها من الجهات المختصة كأساس لممارسة المهنة.

من جهته، قال محمد القحطاني، الخبير العقاري، إن حال مدينة كمدينة نجران كحال أي مدينة في السعودية، حيث تعيش حالة نمو بشكل كبير، وهو ما سيسهم بشكل مباشر وغير مباشر في إنعاش القطاع العقاري، مما قد يتسبب في ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أن ذلك الوضع طبيعي، كونه دورة عقارية متواصلة، الأمر الذي يخرج بفرص استثمارية جديدة في ضخ منتجات عقارية، كما أنه يسهم في إيجاد بنية فوقية تعمل على استيعاب الطلب المتنامي في المدينة، مؤكدا أن الحاجة لزيادة الطوابق وبناء الأبراج قد يدفع التضخم في الانخفاض في الأسعار خلال الفترة المقبلة.