سجال شعبي حول قانون المالكين والمستأجرين الجديد في الأردن

توجه حكومي لتعديل القانون وتأجيل العمل سنة أخرى لمناقشته وتعديله

TT

حذرت فعاليات تجارية وسياسية في الأردن من عواقب ستحل بأصحاب المحال التجارية والمواطنين المستأجرين جراء بدء تطبيق قانون المالكين والمستأجرين مطلع الشهر المقبل، والذي أجاز للمالك رفع قيمة الإيجار وفق نسب محددة بينها القانون أو إخلاء المستأجرين دون انتظار.

واعتبرت هذه الفعاليات القانون الجديد للمالكين والمستأجرين سيفا مسلطا على رقاب العباد، كونه سيلقي بالكثير من المواطنين في الشارع، في حال عدم انصياعهم لرغبات المالكين في وضع التسعيرة التي يرونها مناسبة لهم عند مرور المهلة التي حددها القانون برفع الإيجار بنسب محددة، وبعدها يحق للمالك إخلاء المؤجر ابتداء من عام 2011 حتى عام 2015.

وأوضح رئيس غرفة تجارة عمان رياض الصيفي أن القانون رغم إقراره دستوريا فإنه يحتوي على لغط كبير، وبخاصة في ما يتعلق بالقطاع التجاري، لافتا في الوقت ذاته إلى وجود تحركات كشف عنها رئيس الحكومة الأردنية سمير الرفاعي خلال زيارته مؤخرا لغرفة التجارة لاستبدال كلمة «إخلاء» من نص القانون بكلمة بدل إيجار. بينما كشفت مصادر نيابية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة ستتقدم لمجلس النواب وبصفة الاستعجال بمشروع قانون معدل لقانون المالكين والمستأجرين، لتعديل نص المادة «5» المتعلقة بإخلاء المؤجر. ووفقا للمصادر نفسها، فإن التعديل الذي سيحمل صفة الاستعجال سينص على تأجيل العمل بقانون المالكين والمستأجرين حتى نهاية العام المقبل، وتحديدا الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2011، ليتسنى لمجلس النواب مناقشته وتعديله بما يضمن مصلحة المالكين والمستأجرين، وبعد إجراء حوارات واسعة مع كل فئات المجتمع الأردني المعنية بالقانون.

وأوضح الصيفي أن المالكين يأملون من خلال إخلاء المستأجرين للمحلات التجارية في الحصول على وتأجير عقاراتهم لآخرين للحصول على بدل «خلوات»، كونه لا يحق للمستأجر ضمن القانون الجديد طلب «خلو» عند الإخلاء كما هو معروف. واعتبر الصيفي إخلاء عدد كبير من المحلات التجارية يضر بالوضع الاقتصادي لعدد كبير من المستأجرين بسبب رفع إيجارات المحلات، مبينا أن وضع كلمة «بدل» له الأثر الكبير في حل المشكلة، بحيث يكون تقدير الإيجار الجديد من خلال المقارنة بمثيله من الإيجارات المجاورة.

في حين يرى النائب السابق المحامي الدكتور مصطفى العماوي أن المدة الزمنية التي منحت للمستأجرين بحسب قانون المالكين والمستأجرين الجديد رقم 17 لعام 2009 والبالغة عشر سنوات كافية.

ويرى العماوي أن الذريعة التي يتخذها بعض التجار بأن لهم اسما تجاريا معروفا في المنطقة المستأجرين بها، فإنهم حصلوا مقابل ذلك على أرباح مالية تمتعوا بها لفترات طويلة في ظل إيجارات زهيدة، ولذلك يجب أن تتعادل الأجور القديمة مع مثيلتها في نفس المناطق التجارية، خصوصا في ظل تهرب بعض التجار من دفع الضرائب المستحقة عليهم بصورة كاملة.

وأوضح أن إنهاء مدة العقد مر بمراحل إجرائية قبل تطبيقه، وأن محاولة استبدال كلمة إخلاء إلى بدل إيجار تتنافى مع شرعية القانون، كون الإخلاء جاء لإنهاء مدة العقد أو لإخلاء مستأجر أو رفع الإيجار. من جانبه، قال محمد المغربي، صاحب محل تجاري مشهور في شارع طلال بوسط العاصمة، إن هناك تخوفا من أن يستغل المالك اسم الشهرة للمحلات القديمة بوضع اسم إضافي للاسم الدارج ويعمل تحت هذا الاسم، بمعنى أنه إذا كان هناك محل يبيع الفلافل تحت مسمى «النسر» فإن المالك قد يستغل الاسم بوضع اسم جديد مثل «النسر الذهبي»، والقانون لم يعاقب على ذلك، أو إضافة اسم جديد لاسم الشهرة بخط صغير، مشيرا إلى أن هذا إجحاف بحق أصحاب المحال المشهورة.

على صعيد متصل، اعتبر نقيب المحامين السابق صالح العرموطي، قانون المالكين والمستأجرين الجديد ضربة موجعة بحق المساكين والفقراء، مؤكدا أن القانون تمت دراسته بصورة مستعجلة كونه رحل المشكلة بشكل جزئي، وأدى إلى ذبح الأمن الاجتماعي كونه أجاز إخلاء المستأجر من قبل قاضي الأمور المستعجلة في مدة قصيرة.

وأوضح العرموطي أن القانون الجديد مكن المستأجر من إقامة دعوى قضائية، محدثا بذلك أضرارا كبيرة للفئات الفقيرة والعفيفة، خصوصا أن هذا القانون سوف يطبق على بعض الفئات ابتداء من نهاية العام الحالي.

ويرى أنه كان يتوجب على الحكومة ممارسة صلاحياتها بزيادة الأجور حسب الظروف الاقتصادية، إلا أن مجلس الوزراء لم يمارس هذه الصلاحية إلا لفترة قصيرة بموجب قانون المالكين والمستأجرين السابق.

وطالب العرموطي بفتح ملف هذا القانون كونه ألحق الضرر بعدد كبير، بمن فيهم أصحاب المحلات التجارية، بالإضافة إلى الشريحة المعدمة التي سوف تلقى في الشارع. وشدد العرموطي على ضرورة التمييز بين المحلات التجارية المخصصة أصلا للتجارة والمنازل السكنية وإيجاد لجنة لدراسة العرض والطلب وتحديد قيمة الإيجار على ضوء توصياتها، كما أنه يتوجب على الحكومة توفير حماية للأسر الفقيرة والمعدمة وإلا سوف تجد الحكومة نفسها لا تستطيع أن تحرك ساكنا في ظل الأحكام الكثيرة بالإخلاء.

وصنف القانون المعدل للمالكين والمستأجرين الذي صدر في عام 2009 الإيجارات إلى سكنية وغير سكنية (صناعية، وتجارية، وخدمية..)، حيث تراوحت الفترات والمهل المعطاة بموجب القانون لإنهاء عقود المستأجرين وإخلاء العقارات (التي تم استئجارها في الفترة ما قبل 1970 وحتى عام 2000 على اختلاف فئاتهم وتصنيفاتهم) بين سنة واحدة و5 سنوات تبدأ مع نهاية عام 2010 وتنتهي بنهاية 2015.

وأعطى القانون المالكين حق زيادة بدل الإيجارات على المستأجرين بنسب محددة خلال فترة الإمهال والتمديد، حيث تم رفع قيمة العقود المبرمة قبل عام 1975 بنسبة 5% مضروبة في عدد سنوات إشغال المؤجر، والعقود ما بين 1975 و1990 بنسبة 3% مضروبة في عدد سنوات الإشغال وحتى 2010، وبنسبة 1% للعقود المبرمة من عام 1990 وحتى 2000 مضروبة في عدد سنوات إشغال المؤجر، حيث أمهل عقود الإيجارات السكنية ما قبل عام 1970 لتنتهي بنهاية عام 2010، وما قبل عام 1975 لتنتهي بنهاية 2011، والعقود المبرمة ما بين بداية 1975 ونهاية 1984 لتنتهي بنهاية 2012، وللعقود المبرمة بين بداية 1985 ونهاية 1989 لتنتهي بنهاية 2013، وللعقود المبرمة بين بداية 1995 ونهاية أغسطس (آب) 2000 لتنتهي بنهاية 2015.