تحذير من عشوائية المكاتب العقارية في السعودية .. وتوقعات بانخفاض أسعار المساكن 30%

خبراء: «غرفة جدة» تحدد مبالغ المساهمات المتعثرة بـ 53.3 مليار دولار.. وتدعو لربط المكاتب العقارية آليا

دعا خبراء عقاريون في محافظة جدة إلى المحافظة على الاستثمارات العقارية التي تتجاوز نحو 80 مليون دولار في السوق المحلية («الشرق الأوسط»)
TT

توقع خبير اقتصادي تراجع الأسعار في سوق العقار خلال هذا العام، مدعومة بطرح مشاريع عقارية كبيرة وتوجه الدولة إلى دعم مشاريع الإسكان، حيث تضمنت ميزانية الدولة نحو 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) لجهات تعنى بالإسكان مثل صندوق التنمية العقاري أو هيئة الإسكان والمؤسسة العامة للتقاعد.

وجاءت توقعات الخبير العقاري في وقت تدخل فيه السعودية عاما جديدا في انتظار إقرار تشريعات جديدة، يتوقع أن تسهم في تطور سوق العقارات، والبالغ نحو 1.250 تريليون ريال (333 مليار دولار)، مشيرا إلى أن توجه شركات عقارية إلى تبني مشاريع كبيرة لبناء وحدات سكنية تسهم هي الأخرى في انخفاض الأسعار، ومؤكدا أن الأسعار بدأت فعلا في التراجع مع مطلع العام بنسبة قد تصل إلى 5 في المائة في حين أن كل المعطيات تعطي انطباعا وتشير إلى انخفاض أسعار العقارات بنسبة 30 في المائة في نهاية العام الحالي.

وأوضح عبد الله سعد الأحمري، رئيس اللجنة العقارية والتطوير العمراني في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن انخفاض المبيعات في قطاع العقارات خلال 2010 مقارنة بـ2009 بلغ نسبة 40 في المائة. ويعد هذا الانخفاض مؤشرا مهما في اتجاه سوق العقارات خلال السنوات المقبلة، حيث حدث في ظل تنامي خطط الإسكان التي حتما ستلجم الارتفاع الفادح الذي وصلت إليه العقارات في السنوات الأخيرة.

وأشار إلى أن القرارات الأخيرة التي تقضي بإعفاء المواطنين من تقديم صك الأرض عند التقديم لطلب قرض من صندوق التنمية العقارية سيلقي بظلاله على سعر الأراضي التي تقع خارج النطاق العمراني، وستتراجع أسعارها بنسبة تصل إلى 50 في المائة، مبينا أنه خلال الثلاث السنوات المقبلة ستعود أسعار العقار إلى وضعها الطبيعي وستكون في متناول الجميع، خصوصا بعد توجه الدولة لحصر الثروة العقارية لدى كتابات العدل في مختلف مناطق السعودية، وتوصيل الخدمات إلى المناطق والمخططات التي تقع في أطراف المدن.

وقال الأحمري إن التوقعات تشير إلى ضخ نحو 150 مليار ريال (40 مليار دولار) في مشاريع عقارية على مدى 3 سنوات، مبينا أن المشاريع القائمة في المنطقة الغربية التي تبنتها الدولة وتنفذها شركة «تطوير جدة»، وهي شركة تابعة لأمانة جدة، وذلك لتطوير قصر خزام والرويس ووسط البلد، سيتم خلالها نزع نحو 8 آلاف عقار لبناء أبراج سكنية وتجارية، الأمر الذي من شأنه أن يستوعب نحو 30 في المائة من سكان جدة، وبالتالي سيسهم في خفض الطلب على الوحدات السكنية، وستكون عاملا إضافيا لخفض أسعار العقارات، متى ما نفذ مثل هذا المشروع وفق ما خطط له.

وأبدى الأحمري تفاؤلا في نجاح اللجان التي شكلت من جهات عليا لوضع حلول للمساهمات المتعثرة التي قدرها بنحو 40 مليون متر مربع، والتي تهدد بإهدار أكثر من 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) في مساهمات وتوظيف أموال وطالب الأحمري بالشفافية في كتابات العدل لتأكيد سلامة صكوك بعض المخططات لحفظ حقوق الملاك والمساهمين.

وكشف رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة التوجه في تصنيف المكاتب العقارية إلى 3 فئات، وهي فئة «أ» وهي المكاتب التي تقوم بالتطوير والبناء والتخطيط، وفئة «ب»، وهي المكاتب التي تعنى بالتسويق والوساطة العقارية، وفئة «ج»، وهي المكاتب التي تقوم بإدارة الأملاك والتأجير والتوسط بين المالك والمستأجر.

وطالب بتطبيق العقد الموحد وربط المكاتب العقارية آليا لحفظ معلومات جميع قاطني الأحياء وعددهم وتزويد عمد الأحياء بصورة من عقود المستأجرين، بما يكفل الوصول إلى المعلومة لأي شخص في أقصر وقت ممكن بما يخدم المواطن والمقيم، ويعزز الجوانب الأمنية. مشيرا إلى أن غرفة جدة قد أكملت مشروع ربط المكاتب العقارية آليا وتنظيم عملية العقار، وأن التطبيق يتوقف على دعم بعض القطاعات الأخرى والجهات الأمنية.

إلى ذلك، حذر خبير عقاري سعودي من أن تتسبب العشوائية القائمة حاليا في أعمال أكثر من 5 آلاف مكتب عقاري في مدينة جدة في ارتفاع جديد لأسعار العقارات والإيجارات، وضياع حقوق المتعاملين من مشترين ومستأجرين.

كان ذلك في دورة متخصصة عقدت في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، الأسبوع الماضي لأصحاب المكاتب العقارية، قدمها المستشار العقاري المهندس صالح العمري بمشاركة 50 عقاريا ومختصا في تنظيم «ازدهار للتدريب» في مقر الغرفة، استشرفوا آفاق وتحديات السوق العقارية المحلية وتطوراتها.

وطالب العمري بضرورة تدخل وزارة التجارة ومجلس الغرف السعودية لوضع معايير وأنظمة واضحة لعمل هذه المكاتب بما يكفل المحافظة على الاستثمارات العقارية الضخمة التي تتجاوز 300 مليار ريال (80 مليار دولار) في السوق المحلية.

من جهة أخرى أكد الدكتور أيمن تونسي، رئيس لجنة التدريب في الغرفة التجارية الصناعية بجدة والرئيس التنفيذي لـ«ازدهار»، أن الدورة اكتسبت أهمية كبرى في ظل التطورات التي تشهدها السوق العقارية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الدورات والبرامج التي تقيمها «ازدهار للتدريب» لمواكبة تطورات الساحة المحلية.

وأبدى المستشار العقاري المهندس صالح العمري تخوفه من أن تتسبب فوضى التعاملات، الموجودة في الوقت الحالي في أغلب المكاتب العقارية، في ضعف معايير ضمان الحقوق للمتعاملين مع هذه المكاتب حتى تصل إلى مرحلة ضياع الحقوق في حال حصول خلافات أو أسباب جوهرية تعوق التملك للمستفيدين من خدماتها مثل عدم سلامة الوثائق الشرعية والرسمية أو تداخل الملكيات، وحدوث ارتفاع أسعار العقارات من دون مبرر سليم يحكمة العرض والطلب وجودة المنتج العقاري، وقيام تكتلات بغرض المضاربات ونشر الشائعات غير الصحيحة على المواقع العقارية لتصريفها أو للحد من تداولها وتوجيه التداول لمواقع أخرى.

وتابع: «يتعثر من ذلك أيضا توفير فرص وظيفية جيدة للسعوديين، ويساهم في إيواء المتخلفين نظاميا مع انعدام وجود قواعد بيانات سليمة يعتمد عليها اقتصاديا وأمنيا، والتسبب في نشوء أزمة رهن عقاري على المدى المتوسط والبعيد».

وأكد المهندس صالح العمري، المستشار العقاري، أن «المعطيات الراهنة تتطلب العمل بأسلوب تنظيمي وفق معايير وأنظمة تتواكب مع المتغيرات الحديثة بهدف تحقيق عمل مهني محترف داخل المكاتب العقارية يجعلها ذراعا داعمة لدفة النشاط الاقتصادي وفق أنظمة وآليات عمل، وأبرز ما يمكن أن يحقق ذلك إنشاء جمعية أو هيئة رسمية تتولى الإشراف والتنظيم والمتابعة والتطوير للمكاتب العقارية بما يواكب تطورات الساحة العقارية المحلية».