ارتفاع الإيجارات في لندن بسبب قوة الطلب وقلة المعروض

وسط تشديد البنوك لشروط الإقراض

جانب من العقارات في حي تشيلسي (تصوير: حاتم عويضة)
TT

واصلت أسعار الإيجارات السكنية في لندن ارتفاعها، وسط قلة في العرض وارتفاع في الطلب. ويأتي ذلك وسط تشديد المصارف البريطانية في أعقاب الأزمة المالية شروط منح القروض السكنية، حيث يطالب كثير من المصارف بدفعات مقدمة تتراوح بين 15 و20 في المائة للمتقدمين للحصول على قروض سكنية للمرة الأولى. كما تطالب البنوك كذلك بضمانات من جهات التوظيف، وباتت تدقق كثيرا في طلبات القروض السكنية قبل الموافقة على إقراض المشترين للمرة الأولى. ويقول محللون إن هذه الظروف الصعبة جعلت كثيرا من سكان لندن، خاصة الشباب، يلجأون للإيجار بدلا من الشراء كما كان في السابق.

وفي هذا الصدد كشفت وكالة «كلاتونز»، إحدى كبرى شركات الاستشارات العقارية، عن ارتفاع ملحوظ في قيم الإيجارات السكنية بالعاصمة البريطانية لندن، وفقا لبيان صحافي صدر عنها أخيرا. ووفقا للوكالة فإن معدلات الارتفاع تتراوح بين 15 – 20 في المائة، وحتى 35 في المائة، في مناطق وسط لندن والمناطق الاستراتيجية التي يرغب فيها رجال الأعمال وكبار المصرفيين، مثل منطقة «هايد بارك» و«ماريليبون».

وفي تعليق على ارتفاع الإيجارات في المواقع الاستراتيجية قالت الوكالة: «يجري تأجير وحدات سكنية بهذه الأسعار المرتفعة في غضون ساعات قليلة فقط، وغالبا من دون تفاوض، وبدفعات مالية مسبقة لعدة أشهر. وينطبق ذلك بشكل خاص على العقارات السكنية عالية الجودة ذات غرفة نوم واحدة أو غرفتين». وأضافت: «يعزى زيادة الطلب على تأجير مثل هذه العقارات في وقت تعاني فيه السوق العقارية في لندن من نقص في الوحدات السكنية المعروضة إلى الكثير من العوامل، التي يأتي في مقدمتها تردد بعض الأفراد على شراء وحدات عقارية، في ضوء المناخ الاقتصادي الحالي، فضلا عن صعوبة حصولهم على التمويل اللازم من قبل البنوك وشركات التمويل».

وعليه، يسود السوق العقارية في لندن في الوقت الراهن انعدام في التوازن بين مستويات العرض والطلب أكثر من أي وقت مضى.

ويستفيد المستثمرون من ارتفاع إيجارات لندن، خاصة المستثمرين الأجانب، وعلى رأسهم العرب والصينيين، الذين باتوا يحققون عوائد أعلى في ظروف انهيارات أسعار وإيجارات العقارات في مناطق جذب رئيسية، مثل دبي.

ويذكر أن كثيرا من الشركات بدأت عمليات استثمار جديدة للاستفادة من عقارات وسط لندن، في هذا الصدد قالت شركة «لندن آند ستامفورد» العقارية إنها ستضخ سيولة بقيمة مليار جنيه إسترليني (1.59 مليار دولار) لعمليات استحواذ جديدة في عقارات لندن خلال عام 2011. ويأتي ذلك في أعقاب قيام بعض شركائها بالشرق الأوسط بضخ مساهمات جديدة بقيمة 100 مليون جنيه في مشروع مشترك.

كما تقوم شركة «غرين بارك إنفستمنتس» التي تحالفت معها لشراء 50 في المائة حصة في مركز التسوق «ميدوول» في 2009، حيث زادت استثماراتها في المشروع بعدما أبرمت «لندن آند ستامفورد» اتفاقا استثماريا آخر في سوق العقارات البريطانية، التي بدأت تتعافى.

وأعلنت الشركة أنها اشترت محفظة عقارات خاصة بالأعمال اللوجيستية والتوزيع من شركة صناديق نصحت بها «إيه آي دبليو يوروب» و«تريستان كابيتال بارتنرز» مقابل 123 مليون جنيه إسترليني.

وأوضحت «لندن آند ستامفورد» أن المحفظة تشمل خمس وحدات بمساحة إجمالية 986 ألفا و268 قدما مكعبة، تستأجرها خمس جهات، بينها هيئة شرطة منطقة العاصمة، ومجموعة البريد الملكي (وبيرسون). وتدر تلك الأصول 8.7 مليون جنيه إيجارات، ثلثاها من أربعة مبان قريبة من مطار هيثرو في غرب لندن.

وقالت «لندن آند ستامفورد» إنها التزمت بتقديم سيولة 64 مليون جنيه لإنجاز الاتفاق ليبلغ الإنفاق الإجمالي 205 ملايين جنيه هذا الشهر، من بينها 100 مليون في صورة أسهم. ويخطط الشركاء لإعادة تمويل الاستحواذات في مطلع 2011.

ويذكر أن ظروف القروض العقارية قد تتحسن في أعقاب المفاوضات التي تجريها الحكومة البريطانية مع البنوك التجارية. وفي مؤشر إيجابي على بداية تحسن سوق العقارات البريطانية، أظهرت بيانات «بانك أوف إنغلاند»، البنك المركزي البريطاني يوم الثلاثاء الماضي أن الموافقات على الرهون العقارية ارتفعت في بريطانيا على غير المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أعلى مستوياتها منذ يوليو (تموز) لكن الإقراض غير المضمون للمستهلكين شهد أكبر تراجع شهري منذ أغسطس (آب). ويتزامن ارتفاع الموافقات على الرهون العقارية مع زيادة غير متوقعة في مؤشر أسعار المساكن على مستوى الدولة في ديسمبر (كانون الأول) على الرغم من أن النشاط ما زال أقل بكثير عنه قبل 12 شهرا، وتوقع الكثير من الاقتصاديين استمرار ضعف السوق العقارية في 2011.

وارتفعت الموافقات على الرهون العقارية إلى 48019 في نوفمبر من 47315 في أكتوبر فيما يتعارض مع توقعات الاقتصاديين بانخفاض طفيف إلى 47 ألفا. وهبط صافي ائتمان المستهلكين بمقدار 121 مليون جنيه إسترليني، وهو أكبر انخفاض منذ أغسطس بعد ارتفاعه بمقدار 298 مليون جنيه إسترليني في أكتوبر.