أسعار المساكن تواصل الارتفاع داخل تورونتو الكندية

الارتفاع بلغ 20% منذ الأزمة المالية

TT

اختيرت المنطقة التي تحتوي على قرابة 17 مجمعا سكنيا، لأن تُجرى فيها معظم أعمال البناء والإنشاءات الجديدة في كندا، بسبب علاقتها بقطاع النسيج. وتقع المنطقة غرب وسط مدينة تورونتو، ونجدها مقسمة إلى جزءين بامتداد شارع كينغ ستريت، بسبب خط ترام المدينة الأكثر شعبية. وقد تركزت أعمال الإنشاء في «فيكتوريا ميموريال بارك» الصغيرة جدا، والتي تحيط بها مبان أنيقة متوسطة الارتفاع ومبان صناعية تعطي نمطا جديدا للحياة من خلال مطاعم ومحلات تجارية تواكب الاتجاهات السائدة. وحتى داخل سوق العقارات الكندية التي تشهد نموا كبيرا منذ نحو عشرة أعوام، تبرز المبيعات الكبيرة داخل المنطقة والأسعار المرتفعة بشكل متسارع.

ويقول فرانسيس غرينبرغر، رئيس شركة «تايم إكويتيز إنك» داخل نيويورك «إنه مزيج بين منطقة سوهو ومنطقة تعليب اللحوم (بنيويورك) لكن داخل تورونتو. ويعد التحول الذي طرأ عليها مدهشا كما كان داخل منطقة تعليب اللحوم هنا». وتعمل الشركة في مجال الإنشاءات داخل المنطقة منذ عام 2004 عندما انضمت إلى «فريد ديفيلوبمنتس» بتورونتو من أجل بناء مبنى مكون من 85 وحدة اسمه «66 بورتلاند».

ومنذ ذلك الحين، أتمت شركة «فريد» خمسة مشروعات إضافية، من بينها فندق، ولديها أربعة أخرى يجري تسويقها أو تحت الإنشاء، ويحدث ذلك عادة في إطار شراكة مع «تايم إكويتيز» وشركاء آخرين.

وتخطط «فريد ديفيلوبمنتس» أيضا إلى إنشاء أكبر مشروع لها، ويتكون من 1200 وحدة، وجار العمل فيه مع شركة الإنشاءات الكندية «مينتو غروب»، بحسب ما يقوله نائب رئيس «فريد» للعمليات بيل غاردنر. ويضيف غاردنر «نحن مهتمون نوعا ما بالحصول على أكبر عدد ممكن من المواقع، ولذا لا توجد مساحة للكثير من شركات الإنشاءات الأخرى لتدخل وتنافس، إلا أننا نرحب بذلك». ونوه قائلا «كي تأتي هذه الشركات الأكبر وتقوم بهذه المشروعات فإن ذلك بمثابة ثناء على ما نقوم به هنا».

وقد كان ملاحظا النمو الذي يحدث في مجال الإنشاءات. وفي عام 2008، قامت شركة «تريدل كوربوريشن»، وهي من أكبر شركات إنشاء الشقق السكنية داخل كندا، بشراء مشروع «ستاروود هوتلز» المتعثر داخل المنطقة، والذي كان من المفترض أن يبنى فيه فندق «ألوفت» وفندق «إليمينت». وكان قد جرى تنقيب منطقة إيواء السيارات، وقامت «تريدل» ببناء 305 شقق سكنية داخل مبنى زجاجي مكون من 14 طابقا أطلقت عليه اسم «ريفي». ويقول جيمس ريتشي، نائب الرئيس الأول المسؤول عن المبيعات والتسويق داخل «تريدل»: «نشير إلى هذه المنطقة على أنها كينغ ويست، وهي بالفعل منطقة تحظى بشعبية كبيرة في ما يتعلق ببناء الشقق السكنية داخل تورونتو». وأشار إلى أنها «أكبر سوق داخل المدينة لإنشاء الشقق السكنية». وتمتد منطقة كينغ ويست إلى مجمعات قليلة غرب شارع بوثورست ستريت.

وخلال العام الأخير قامت شركة «تريدل» ببيع أكثر من 270 شقة سكنية داخل «ريفي»، ولم يتبق سوى الوحدات الأكبر، بحسب ما يقوله ريتشي، الذي أضاف «تحظى المنطقة بقبول حسن داخل السوق».

وقد بدأت الموجة الأخيرة من الإنشاءات داخل المنطقة في عام 1996، عندما بدأت «كونتكست» للإنشاءات في بناء «توينتي نياغارا»، وهو عبارة عن مبنى سكني زجاجي مكون من 24 وحدة داخل المنطقة. ويقول هوارد كوهين، رئيس «كونتكست»، إن المدينة سمحت بتجريب تغير صفة المباني من مبان سكنية إلى مبان صناعية.

ويضيف كوهين «جاءت فرصة لتعمير موقع مثير بالفعل لأنه كان يطل على حديقة داخل هذه المنطقة شبه الصناعية لكنه قريب جدا من قلب تورونتو». وقال «حسبنا أنه سيكون هناك بعض الطلب للإقامة في قلب المدينة داخل منطقة لديها سمة واضحة على الرغم من أنها لا تروق للجميع لأنها لا تزال بها الكثير من المباني الصناعية القديمة وأماكن إيواء السيارات».

وأشار إلى أنه استغرق عاما من أجل بيع وحدات المبنى بأسعار تبلغ 100 دولار للقدم المربع، لكنه كان نجاحا من جانب المدينة بعد أن قامت بإعادة تصنيف المنطقة لتصبح منطقة إنشاءات سكنية. وأضاف كوهين أنه في الوقت الحالي يجري بيع مئات الوحدات في العام، والأسعار داخل هذه المنطقة الرائجة بلغت 700 دولار للقدم المربع، وجاء الكثير من هذه المكاسب خلال الأعوام الأربعة الأخيرة.

ويبلغ السعر في المتوسط بالنسبة للقدم المربع داخل الشقق السكنية في منطقة تورونتو الكبرى 532 دولارا، و814 دولارا داخل قلب تورونتو، وذلك بحسب ما أفادت به شركة خدمات المعلومات العقارية «ريال نت كندا».

وأحدث مشروعات تكملها «فريد ديفيلوبمنتس» هو مبنى 550 ويلينغتون ويست، ويحتوي على 336 شقة سكنية، ويقع بالقريب من «تومبسون هوتل»، وبه 102 غرفة للنزلاء. وتشترك الأبنية في حمام سباحة على السطح وردهة، على غرار فندق «غانزفورت» داخل نيويورك، إلى جانب ثلاث مطاعم من بينها «سكاربيتا» الذي افتتح داخل منطقة تعليب اللحوم في نيويورك عام 2008.

وتقوم «فريد ديفيلوبمنتس» بإضافة مساحة تجزئة داخل عروضها السكنية، بحسب ما يقوله غاردنر. وفي مشروع مكون من 216 وحدة، أطلق عليه اسم «75 بورتلاند»، قام فيليب ستارك بتصميم الأجزاء الداخلية فيه، وتوجد مساحة تجزئة متاحة للإيجار. ويشير إلى أنه مخطط لإضافة مطعم متخصص في اللحوم داخل «650 كينغ»، وهو مشروع مطروح داخل السوق به 236 وحدة.

وفي البداية كان المشترون في الأغلب من غير المتزوجين الشباب، ولحقت بهم في الفترة الأخيرة عائلات ومهاجرون جدد. ويتملك الكثير من الشقق السكنية مستثمرون يأملون في تحقيق أرباح.

وعلى الرغم من أن المنطقة لا تزال جذابة بالنسبة إلى المستثمرين والمشترين الذين يخططون للعيش هنا، فإن هناك بعض المخاوف بشأن ما إذا كان في مقدروهم الاستمرار في ظل ركود داخل سوق العقارات السكنية في كندا. ويقدر بعض خبراء العقارات أن المنازل داخل كندا ارتفعت في قيمتها بنسبة 20 في المائة، على الرغم من أن البنوك لا تقدم قروضا إلى مشروعات التنمية السكنية التي لم تبع منها وحدات تتراوح بين 65 و70 في المائة.

وبموجب القانون، يجب أن ينهي المشترون تفاصيل التعاقد بمجرد أن يوقعوا على عقد شراء، كما أن معدلات الفائدة على قروض المنازل ليست قابلة للخصومات الضريبية. وينطبق قانون الإقراض بصورة عامة على الشركات وأصحاب المنازل، الذين يكونون مسؤولين عن أي جزء من القرض لا يمكن للمصرف استعادته من خلال بيع العقار، وذلك في حال التعثر. وطبقا للقانون الكندي، يجب على المقرضين ضمان أي رهن عقاري مقابل أكثر من 80 في المائة من قيمة العقار.

ويقول كوهين «على الرغم من أن هناك الكثير من أعمال الإنشاء الجارية، فإنني لن أصفها بأنها فقاعة، لأن هؤلاء مشترون حقيقيون، بودائع نسبتها 20 في المائة، مسؤولين عن الشراء حتى لو تراجعت الأسعار».

ويقول بعض المتخصصين إن معدلات الفائدة المنخفضة انتشلت سوق الإسكان داخل كندا خلال فترة الركود، التي يمكن أن تفضي إلى معدلات حبس رهون عقارية بقدر أكبر. وفي هذه الأثناء، قبل المستهلكون الكنديون ديونا أكثر خلال الأعوام الأخيرة، فيما قامت مؤسسة «الإسكان والرهن العقاري الكندية»، وهي هيئة إسكان وطني حكومية، بتوسيع فترة استهلاك الدين وذلك بالنسبة للديون المنزلية لتصل إلى 40 عاما بدلا من 25 عاما، وبدأت ضمان القروض التي لم يقدم لها المشترون أي دفعات أولى.

ويقول غرينبرغر من «تايم إكويتيز»: «يرى المعلقون طلبا مستمرا على عدد كبير من الوحدات خلال فترة زمنية محددة، لكن يبدو أننا اختبرنا ذلك في أسواق أخرى، وفجأة حدث شيء، وأصبحت الأسواق ليست قوية كما حسبنا». ويضيف «أمام تورونتو طريق طويل، لكننا نعرف أن الأشياء لا تمضي دوما في خط مستقيم».