أسعار العقارات السعودية تحول دون توافق العرض مع الطلب في السوق

خبراء: قيم الوحدات السكنية وصلت إلى أعلى منحنيات الأسعار

تسجل المدن السعودية عرضا كبيرا من الوحدات الإسكانية في ظل ارتفاع الأسعار مما يوقف الطلب عليها (تصوير: خالد الخميس)
TT

في الوقت الذي تشهد فيه السوق العقارية في السعودية ركودا على مدى الفترة الحالية، تقف «الأسعار» حاجزا بين تزاوج العرض والطلب، خاصة مع التضخم الواسع الذي تشهده أسعار العقارات مؤخرا في المملكة.

ويعرض الكثير من شركات التطوير والعقارات منازل وشققا سكنية، إضافة إلى مكاتب تجارية، إلا أن التداولات تعتبر محدودة على الرغم من ارتفاع العرض وزيادة الطلب، مما يضع عوائق بين المشتري والبائع، لا تمكن من نفاذ المعروض خلال الفترة الماضية.

وبحسب خبراء عقاريين فإن العقارات في السعودية وصلت إلى المستويات العالية من الأسعار، إلا أن وصولها لم يكن له مسببات، مما يرجع في ذلك قصة سوق الأسهم في الأعوام السابقة التي ارتفعت فيها الأسعار إلى مستويات لا تمثل مستويات الأسهم الحقيقية، مما تسبب في وقت لاحق بسقوط السوق.

ويصل حجم سوق العقارات في السعودية (أكبر اقتصاد عربي) إلى 1.250 تريليون ريال (333 مليار دولار)، وتحتاج البلاد إلى ما يقارب 200 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي، في وقت تتنامى فيه الأسر الجديدة عطفا على مستوى نسبة الشباب في تشكيل المجتمع السعودي.

وقال الدكتور عبد الله المغلوث، الباحث والخبير العقاري، إن السوق العقارية في المملكة تمر بمرحلة ركود، تسبب فيها عدد من العوامل خلال الفترة الماضية، تتمثل في التخوف لدى الكثير من المستثمرين من ضخ سيولة في العقارات خلال الفترة الحالية، بعد ما وصلت إلى مستويات عالية من الأسعار، إضافة إلى التوقعات بانخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى ضبابية وضع منظومة الرهن العقاري، مما يجعل ذلك التخوف مسيطرا خلال الفترة الراهنة.

وتشهد المملكة حاليا عددا من المزادات العقارية، في الوقت الذي تعتبر فيه المنطقة الشرقية على ساحل الخليج العربي أكبر أسواق البلاد في بيع الأراضي عبر المزادات العلنية، حيث سجلت مبيعات أراض نحو ملياري ريال (533 مليون دولار)، وذلك من خلال 10 مزادات تمت إقامتها في العام الحالي 2010، حيث يتوقع أن تكون تلك مؤشرات لما ستكون عليه الحركة العقارية في المزادات في العام الحالي 2011.

وأضاف المغلوث «هناك عوامل تؤثر على أسواق العقار، فهي تعتبر إحدى الأسواق المتداولة والنشطة، وإن أي معلومة قد تؤثر عليها، وهو ما يدل على ما حدث قبل مدة من الإشاعة التي أطلقت بدراسة وزارة العدل فرض الزكاة على الأراضي البيضاء، الأمر الذي نفته الوزارة، وهذه الأخبار قد تؤثر على أسعار الأراضي خلال الفترة المقبلة».

من جهته قال خالد الضبعان، الخبير العقاري، إن العوامل التي تتسبب في ازدياد الفجوة بين العرض والطلب على الرغم من وجود معروض لم يتداول ترجع بشكل رئيسي إلى الأسعار، مشيرا إلى أن مستوى الأسعار في الوقت الحالي يصعب المهمة من تلك المنازل على الرغم من انتشارها في عدد من أنحاء البلاد.

وأضاف «حتى المنازل القديمة في الأحياء الجيدة تشهد هي الأخرى تضخما كبيرا، وذلك من خلال الأسعار المطروحة خلال الفترة الحالية، حيث يقيّم المنزل في الوقت الحالي بقيمة الأرض ثم يضاف عليها أسعار المنزل، وإن كان قد بني منذ 20 عاما».

وكان مجلس الشورى السعودي أوصى بتحديث نظام الصندوق بما ينسجم مع نظام الهيئة العامة للإسكان والأنظمة ذات العلاقة، مبررا ذلك بأن الحاجة ماسة إلى سرعة إصدار نظام حديث للصندوق ليسهم بشكل جذري في حل مشاكل السكن، خاصة ما يتعلق بالشراكة مع القطاع الخاص وتطوير آليات التحصيل.

وهنا يشير الدكتور المغلوث إلى أن من أسباب الركود عزم هيئة الإسكان لبناء مساكن متعددة في عدد من المدن بالبلاد، مشيرا إلى أن عنصر غياب التمويل هو الآخر يعتبر من مسببات غياب التداول خلال الفترة الحالية، وإن وجد التمويل العقاري فإن هناك قائمة من الشروط ونسبة فائدة عالية، في الوقت الذي يعتبر فيه أكثر المستهلكين للمساكن هم من الفئة التي لا تتمكن من التملك في ظل الأسعار الحالية.

وقال «نحن بحاجة إلى وحدات سكنية بأسعار معقولة تستوعب الطلب الكبير في الوقت الحالي، إضافة إلى تغير الثقافة الإسكانية من السكن في منازل ذات مساحات واسعة، إلى الاكتفاء بالضرورة وقصر المساحات من 500 متر مربع إلى 250 مترا مربعا، وهو ما سيسهم أيضا في قدرة التملك والسكن خلال الفترة المقبلة».

ويشكل نسبة بناء الأفراد في المملكة أكثر من 80 في المائة من العقارات الحالية في البلاد بحسب إحصائيات سابقة، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد حركة في إنشاء شركات التطوير العقاري استعدادا للمرحلة المقبلة، التي ستتطلب نموا كبيرا في الطلب على الوحدات السكنية، مع ضرورة أخذ متطلبات المرحلة الحالية من بيوت ذكية وغيرها من الخدمات الجديدة.

ويوضح الخبير العقاري الضبعان أن فكرة بناء الفرد لمنزله لم تعد مجدية كما في السابق، خاصة مع اكتشاف أخطاء تنفيذية في المنازل القديمة، في حين أن شركات التطوير العقاري تعمل على ضمان المنازل من خلال خدمات ما بعد البيع، الأمر الذي يدفع إلى أهمية وجود شركات تطوير عقاري تعمل على ضخ المزيد من الوحدات العقارية المضمونة والتي تم بناؤها بشكل صحيح ومنظم.

إلى ذلك، قال الدكتور المغلوث إن القطاع يحتاج إلى جهود تنظيمية بشكل أكبر، من خلال جهة تعمل على تحليله وتنظيمه ووضع قواعد بيانات واسعة، تشكل نواة لصناعة حقيقية مبنية على معطيات واقعية في البلاد، مما يساعد في المستقبل القريب على معرفة مكامن الخلل وإصلاحها، الأمر الذي يمكن المملكة من دفع عجلة التنمية الإسكانية إلى الأمام في السنوات القليلة المقبلة.