أسعار شقق نيويورك تتجه إلى ارتفاع كبير مع تناقص الفائض وتعافي الاقتصاد

محللون: سوق مانهاتن تمثل فرصا استثمارية ممتازة لأصحاب الأموال

متوسط أسعار الشقق في نيويورك يبدأ من 1.25 مليون دولار
TT

في ذروة الازدهار الذي شهده قطاع العقارات داخل مانهاتن، بدا أنه في كل أسبوع يتم كشف النقاب عن برج شقق زجاجي جديد وتباع الوحدات الموجودة فيه قبل انتهاء العقار الثاني من عمل موقع له على شبكة الإنترنت. والآن في الوقت الذي تشهد فيه السوق انتعاشة بطيئة ولكنها تسير بوتيرة مضطردة، يقول سماسرة ومقاولون إن المدينة ستواجه قريبا نقصا في البنايات الجديدة.

ربما يتم العفو عن متشككين يسخرون من فكرة أن هذا النقص سيؤدي إلى زيادة الطلب ويرفع الأسعار. ولكن بإلقاء نظرة على مؤشر واحد، وهو عدد تصريحات البناء التي قدمت بهدف إنشاء وحدات سكنية جديدة خلال الأعوام الأخيرة، ربما تجعل المتشككين يتوقفون قليلا. خلال العام الماضي، حتى نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدرت المدينة تصاريح لعشرة مبان سكنية جديدة فقط، تحتوي في المجمل على 505 وحدات جديدة. ويعكس ذلك تراجعا نسبته 95 في المائة، سواء من ناحية شقق التمليك أو تلك المخصصة للإيجار، بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2008، حيث قُدمت طلبات للحصول على تصاريح من أجل بناء 9448 وحدة في 147 بناية، وفقا لما أفادت به بيانات إحصائية. (وقد تراجع عدد الوحدات إلى 1203 في 31 بناية عام 2009). ويقول غريغوري هيم، الاقتصادي البارز بـ«هالستيد بروبرتي آند براون هاريس ستيفينز»: «تتجه العقارات إلى المرور عبر هذه الفترات التي يكون فيها المخزون قليلا عند الخروج في نهاية المطاف من فترة ركود. في المعتاد يتوقع التغلب على التباطؤ خلال عامين، ولكن يشبه الأمر الضغط بقوة على المكابح فجأة، ولذا فإنه من أجل بدء السير مرة أخرى تحتاج إلى بعض الوقت».

ويقول سماسرة ومقاولون ومراقبون للقطاع، إنه بعيدا عن حدوث مفاجآت اقتصادية، فإن قيم العقارات داخل مانهاتن ستستمر في الارتفاع بوتيرة منتظمة خلال 2011. ولكن في بداية 2012، بعد بيع معظم أو جميع المشاريع التي توقفت أو تعطلت، سيشهد معدل الشقق الجديدة المتوافرة بلا شك انخفاضا حتميا، ومن المحتمل أن ترتفع أسعار جميع الشقق بشكل ملحوظ مرة أخرى. وتقول كيلي ماك، رئيسة مجموعة «كوكوران صنشاين للتسويق»: «بمجرد الانتهاء من المخزون القائم، ولا يكون هناك شيء جديد قادم، سيكون ثمة تحول كبير داخل السوق. وربما تبدأ الأسعار في الارتفاع خلال 2012، تحسبا للتحول الذي سيشهد المخزون».

ويقول هيم إنه مع الوضع في الاعتبار أن الحصول على تصريح لا يترجم دوما إلى عملية بناء، فإن الكثير من التصاريح منذ 2008، وحتى قبل ذلك، لم تتحول إلى أبنية يمكن بيعها والإقامة داخلها. ويقول: «هناك أيضا قضية كمية الأبنية التي توقفت خلال التباطؤ الاقتصادي ولا تزال موجودة، ومتى سوف تطرح داخل السوق. وعليه هناك الكثير من الأشياء المجهولة».

ويقول غاري بارنت، رئيس «إكستل للتنمية» وأحد أصحاب شركات الإنشاءات التي استمرت في تشييد بنايات خلال فترة التباطؤ الاقتصادي، إن قلة المخزون أمر جلي في الوقت الحالي بالمقارنة مع فترات الركود الاقتصادي السابقة. ويضيف: «في مطلع التسعينات من القرن الماضي، كانت هناك أشياء عالقة كثيرة بنيت في أواخر الثمانينات، ولكن عندما توقفت الأمور هذه المرة، سقطت من على شفا جرف».

ويشير إلى أن عدد تصاريح البناء «لم تتحول من 10.000 إلى 6000، ولكن من 10.000 إلى لا شيء. ولذا ليست هناك مشاريع عالقة ومخزون كبير. وهذا هو سبب تعافي السوق بسرعة أكبر مما توقعه الناس».

ويتفق سماسرة ومقاولون على أن سبب التراجع الكبير المفاجئ في تصاريح البناء يرجع سببه إلى قلة التمويل المتوافر للقيام بمشاريع. وقد واجه الباحثون عن شقق سكنية فترة عصيبة خلال العامين الماضيين أثناء سعيهم للحصول على رهون عقارية. ويقول بروس ديل، نائب الرئيس التنفيذي لدى «ريلاتد كامبنيز» التي تكمل العام الحالي برجا من 60 طابقا في 42 ستريت و10 أفينيو يحتوي على شقق تمليك وشقق للإيجار: «إذا نظرت إلى جميع اللاعبين التقليديين في سوق الشقق التمليك، ستجد أن عددا قليلا للغاية لديه منشآت قيد البناء لأنه لا يوجد تمويل متاح».

ولكن يعترف بيل وبارنت أنه سيتم البدء في عدد قليل من المشاريع الكبيرة خلال العام الحالي، ويشيران إلى أنه لا يعتقد أن أية مشاريع كبرى سوف يتم البدء فيها خلال 2012. ولن تكون المشاريع التي يجري العمل فيها هذا العام جاهزة للبيع حتى 2013 على أفضل تقدير، بعد أن يتراجع المخزون ومع بدء ارتفاع الأسعار.

في العام الماضي، بدأت «إكستل» مشروع شقق تمليك وفندق في ويست 57 ستريت بالقرب من كارنيغي هول يحتوي على 136 شقة، يقول بارنت إنها سوف تدخل السوق في 2013. وتخطط «ريلاتد» لمشروع تابع لها لاستخدامات متعددة داخل هودسون ياردس. وربما يبدأ البناء في موقع داخل ويست 30 ستريت، ولكن يقول كينيث هورن، رئيس «ألكمي بروبرتيس»، التي تبني عمارات بها أقل من 100 شقة، إنهم شعروا بأنهم محظوظون لأنهم تمكنوا من الاتفاق على موقع في أواخر 2010، ولأنهم حصلوا على قرض بناء. ويقول: «كنت أقول على مدار الأشهر الثمانية عشر الأخيرة أنه حان الوقت للشراء والبناء، ولكن لم يكن التمويل متوافرا. والسبب الوحيد لحصولنا على هذا القرض هو علاقات تمكنا من بنائها على مدار الأعوام».

وسيكون المشروع عبارة عن برج مكون من 23 طابقا على 15 ستريت وفيفث أفينيو يحتوي على مدرسة في طوابقه الأولى و57 شقة فوقها. وسوف تبدأ «ألكمي» عملية البناء هذا العام، وتأمل البدء في بيع الوحدات في أواخر 2013. ويقول هورن: «مَن يعلم ما إذا كانت الأسعار سوف ترتفع خلال 2013، ولكن يعتمد الأمر على العرض والطلب. وإذا كان في مقدوري تقديم منتج خلال 2013، سأكون في أعلى المنحنى. وكنت سأنفذ مقدارا أكبر من المشاريع لو استطعت إقناع شركائي الماليين».

ويقول بيل إنه على الرغم من أن تمويل البناء كان أمرا صعب الحصول عليه سواء للأبنية المخصصة للإيجار أو الشقق التمليك، فإنه يعرف ما يصل إلى 3000 وحدة للإيجار مخطط بناؤها ويمكن البدء في إنشائها خلال 2011. ويقول: «توجد صفقتان هنا أو هناك سمع الناس عنهما، ولكن لا يوجد الكثير داخل السوق التي كانت تنتج من قبل ما يصل إلى 10.000 وحدة في العام».

ويقول إندي غرينغر، المدير الإداري لـ«ماركتينغ ديركتورز»، إن شركات مقاولات ومستثمرين بدأوا مؤخرا شراء أراض من جديد. ويضيف: «يتم شراء وبيع مواقع، وقد تحدثنا إلى أشخاص ينفضون الغبار عن خطط أرجئت على مدار العامين الماضيين».

ويقول هوارد لوربر، رئيس «برودنشال دوغلاس إليمان»، إن الكثير من المشاريع التي كانت موضع دراسة قبل التباطؤ الاقتصادي يتم النظر فيها مجددا. ويشير إلى أن معظم هذه المشاريع استحوذ عليها ملاك جدد ومن المحتمل البدء في الإنشاء خلال الأشهر الستة المقبلة. وأضاف: «لدي 10 مشاريع مختلفة نعمل عليها، ولم يبدأ أي منها بعد. لنقل إن سبعة منها فقط سيتم القيام بها. وستكون هناك 1000 وحدة» يمكن أن تطرح داخل الأسواق بحلول 2013. ومن المتوقع أن يكون أداء مجموعة أبنية بدأت بيع الشقق خلال 2011 جيدا، ولا سيما داخل مناطق بها القليل من عمليات البناء الجديدة. وفي عام 2007، كان المشترون يوقعون على عقود، معتمدين فقط على رسوم بيانية أو أوراق دعاية أنيقة الشكل، طرحت أكثر من 8500 وحدة جديدة في السوق داخل مانهاتن، ويشمل ذلك مناطق في آبر مانهاتن، وذلك وفقا لما أفادت به بيانات أعدتها مجموعة «كوركوران صان شاين للتسويق». وقد تراجع هذا الرقم إلى 553 وحدة فقط خلال 2009، عندما تراجعت سوق ما قبل الطرح للبيع لأن المشترين كانوا غير راغبين في الاستثمار داخل عقارات قد لا يرونها أو يلمسونها. وقد بلغت أسعار الشقق بالنسبة للمشاريع الجديدة ذروتها في 2009، حيث بلغ السعر في المتوسط 1.215 مليون دولار، وفقا لما أفاد به موقع streeteasy.com. واستمرت الأسعار في الارتفاع خلال التباطؤ الاقتصادي - حتى مع تراجع أسعار إعادة البيع - لأن كثيرا من التعاقدات الموقعة قبل الأزمة المالية لم يتم الانتهاء منها حتى أواخر 2009. وبحلول 2010، كان عدد وحدات المنشآت الجديدة ارتفع من جديد إلى 1.767، ولكن تراجع متوسط السعر بنسبة 13 في المائة إلى 1.059 مليون دولار. وتقول ماك إنها توقعت أن ما بين 600 إلى 700 وحدة تمليك جديدة في نحو اثنتي عشرة بناية سوف تصل إلى السوق خلال العام الحالي. ويتضمن مشروعان كبيران جديدان: «ألدين» في ريفرسايد بولفارد، وهو برج مكون من 40 طابقا قامت «اكستل» ببنائه وتقوم «كوركوران صن شاين» بتسويقه. وإلى جانب ذلك يأتي برج 42 ستريت التابع لـ«ريلاتد». وسوف يبدأ الإيجار داخل «ألدين»، وبه 286 وحدة للتمليك والإيجار، من 2.695 دولارا للشقة الاستوديو. وتتراوح أسعار الشقق المملوكة من 775.000 دولار، للشقة التي تحتوي على غرفة نوم واحدة، إلى 15.9 مليون دولار بالنسبة للشقة التي تحتوي على ست غرف نوم. وستبدأ بناية 42 ستريت تأجير 500 شقة في مارس (آذار)، ولكن لن يبدأ بيع 150 شقة للتمليك حتى وقت متأخر من العام. ومن المتوقع أن يكون النشاط في الإيجار أكبر، حيث يتوقع افتتاح 2500 وحدة إيجار جديدة في 2011، بحسب ما يقول غاري مالين، رئيس «سيتي هابيتاتس»، مضيفا: «لكننا لا نتحدث عن عملية بناء كبرى قريبا».

وتضم الأعداد الخاصة بعام 2011 ما يصل إلى 900 شقة في «8 سبروس ستريت»، وهو برج مكون من 76 طابقا صممه فرانك غيري، و250 وحدة في «كلينتون بارك»، وهو مشروع تابع لـ«تو تريز مانيجمنت» في 53 ستريت و11 أفينيو سيكون به في النهاية 900 شقة؛ إلى جانب 338 وحدة في «كونتيننتال»، وهو برج مكون من 53 طابقا في أفينيو أوف ذي أميركاس و32 ستريت. ويقول مالين: «الكثير مما سيبدأ العمل فيه هذا العام تم التخطيط له منذ وقت طويل».

وقامت «دورست فنتر ريزيدنشال» مؤخرا بالاتفاق على موقع شقق تمليك متعثرة سيصبح الآن مبنى لوحدات للإيجار. وتخطط لبدء البناء في مطلع 2012 على برج للإيجار مكون من 40 طابقا في 855 سكث أفينيو على 30 ستريت. وسيحتوي المبنى إما على مساحة لبيع تجزئة أو فندق في الطوابق السفلى ومئات الشقق في الأعلى. ولن يتم الانتهاء منه حتى 2014.

وعلى الأرجح فإن الأسعار داخل البنايات التي ستفتتح هذا العام ستبدأ في الارتفاع داخل بعض المناطق قبل مناطق أخرى. ولا تزال مناطق ناشئة مثل هارلم والمنطقة المالية وداونتاون بروكلين بها مخزون كبير، وستبقى الأسعار مستقرة. ويقول غرينغر: «ولكن نحو 80 في المائة من مدينة نيويورك بها كمية قليلة حاليا». ولا يعني ذلك أن أي مبنى جديد يحتمل أن يبيع 50 وحدة في الشهر، مثلما كان مألوفا عام 2007 و2008. «ولكن هذه المستويات لم تكن حقيقية، ومستوى السوق يميل بدرجة أكبر إلى 5 - 10 وحدات في الشهر، وهو ما نشهده مؤخرا».

وقد بدت التوقعات جيدة خلال الأشهر الأخيرة بخصوص العديد من البنايات الجديدة التي افتتحت في وسط المدينة. وذكرت ماك «123 ثيرد أفينيو»، وهو برج مكون من 19 طابقا في 14 ستريت بدأت مبيعاته في فصل الخريف الماضي. وتمكن البرج من بيع 70 في المائة من 47 شقة خلال أربعة أشهر، بحسب ما قالت، مضيفة أن المشاريع ذات المبيعات الجيدة هي تلك التي تحدد أسعارها بصورة جيدة مع مناطقها.

وبدأت مبيعات «كرامرسي 19» في ثيرد أفينيو، به 16 وحدة، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبيعت 12 وحدة خلال 10 أيام، بحسب ما يقوله ستيفن كليغرمان، المدير التنفيذي لتسويق الإنشاءات في «هالستيد». وقد كانت أربع من عمليات البيع بمثابة حرب عروض، وبيعت الوحدات بسعر أعلى 5 في المائة عن السعر المطلوب المبدئي. ويبدأ السعر داخل «غرامرسي 19» بـ440.000 دولار للوحدة التي تحتوي على غرفة نوم واحدة، ويصل إلى 2.65 مليون دولار للوحدة التي تحتوي على ثلاث غرف نوم. ويقول كليغرمان: «لا يحدث هذا الأمر في كل مكان، ودائما ما توجد مناطق ساطعة ومناطق أقل. ولكن بصورة عامة، نشهد طلبا جيدا في كل مكان تقريبا».

وفي آبر ويست سايد، وهي منطقة لم تشهد تاريخيا إنشاءات جديدة، بدأ «براون هاريس ستيفنز» المبيعات في ديسمبر (كانون الأول) داخل لوريت، وهو مبنى مكون من 20 طابقا يحتوي على 76 شقة. ويحتوي المبنى بالأساس على شقق كبيرة مكونة من ثلاث إلى سبع غرف نوم، ولم يتم الانتهاء منه حتى الآن، ولكن يوجد اهتمام كبير ولذا فإنه بداية من الأول من يناير (كانون الثاني) وقع 600 شخص على قائمة انتظار لرؤية الوحدات. ويقول كليغرمان إن العدد الأقل من الشقق الجديدة المطروحة «قد يكون شيئا جيدا للسوق»، مضيفا: «يعطي ذلك وقتا للسوق ليستعيد التوازن».

* خدمة «نيويورك تايمز»