مكة المكرمة: موسم العمرة ينعش قطاع العقارات.. وتوترات المنطقة العربية لم تؤثر على الفنادق

ارتفاع نسب الإشغال في أكثر من 500 فندق بالمدينة المقدسة

موسم العمرة أدى إلى ازدياد الطلب على قطاع الإيواء في مكة المكرمة (تصوير: مروان الجهني)
TT

كشف مختصون في قطاعي الحج والعمرة والفندقة بالعاصمة المقدسة، أن نسبة التشغيل الفندقي لموسم العمرة الذي دخل حيز التنفيذ منذ أسابيع لن تتأثر أبدا بالمتغيرات السياسية التي عجت بها دول مجاورة، حيث سجلت أعداد القادمين مؤشرا مرتفعا في الأيام الماضية، وارتفعت نسبة التشغيل في أكثر من 500 فندق في مكة، وهو القطاع الذي يشغل وحده ما نسبته ثلثا قطاع الإيواء في السعودية.

وقال وليد أبو سبعة، رئيس لجنة الفنادق في الغرفة التجارية الصناعية بالعاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم تصنيف عدد كبير من الفنادق في العاصمة المقدسة، من فئة الخمس نجوم إلى فئة النجمتين، وهو ما عكس ارتفاعا في مستوى الخدمة، وبات لكل فئة من الفئات تصنيفاتها الخاصة بها في شكل متميز، وبدأ المؤشر التشغيلي في الارتفاع المتزايد نظير ما سماه التغيير الجذري للتصنيفات التي أقرت من هيئة السياحة في الآونة الأخيرة.

وأضاف أبو سبعة أن «الخدمات والتصنيف رفعت هذا العام مستوى الخدمات الفندقية، بحجة أن كل مواصفات تتطلب خدمات معينة؛ ففئة الأربع نجوم يتطلب وجود (البيزنس سنتر)، وخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة، وأصبحت المنافسة بين قطاعات الإيواء نفسها واضحة جدا، بعد أن وضحت الصورة بشكل كبير لكل فندق ما هو وما الذي ينبغي أن يتحرك من خلاله».

وأبان رئيس لجنة الفنادق، أنه منذ فتح باب العمرة قبل أسابيع قلائل، وقطاع الفندقة في العاصمة المقدسة عليه طلب جيد، من جميع الأسواق، وفي كل عام يتحسن الوضع بشكل أفضل عن ذي قبل في كمية الطلب من الخارج، متوقعا عدم اختلال الأعداد المعتادة من القادمين للعمرة خاصة في الدول التي تشهد نزاعات سياسية، وأن الطلب لهذا العام سجل أرقاما مميزة وسيتحسن بدوره في الأشهر المقبلة.

وعن مدى التأثر المباشر من مصر وإيران وليبيا واليمن وتونس، أوضح أن العالم الإسلامي عالم كبير ومترامي الأطراف، ولا يمكن أن تتأثر الأعداد نهائيا، فهناك دول تنتظر فقط منحها الحصة لتقوم بعملية التتمة اللازمة، مشيرا إلى أن «سوق تركيا غطى بشكل كبير، ونحن نعرف أن إيران تحتل الرقم واحد في عدد القادمين بحكم كبر حجم السكان، لعدد يصل إلى 800 ألف نسمة».

وذكر أبو سبعة، أن تركيا وحدها غطت سوق العمرة بنحو 30 ألف معتمر، وتم صرف التأشيرات لدولة إيران، وترتيبات قدومهم تتم بكل سلاسة - بحسب أبو سبعة - متوقعا «ارتفاع العدد لهذا العام ليشهد الإشغال الفندقي نسبة تزيد على العام الماضي، فإيران قدم منها 600 ألف معتمر، أما هذا العام فنتوقع قفزه لـ800 ألف معتمر».

وأضاف رئيس لجنة الفنادق بغرفة مكة المكرمة أن فنادق العاصمة المقدسة وضعت قدمها على الطريق الصحيح في الخارطة العالمية الفندقية، مبينا أن التصنيف ليس فقط مسألة شهادة، وهي مواصفات عالمية، وتم إلغاء بعض التصنيفات بمكة بسبب المساحات الضيقة والصغيرة، التي بلا جدوى فاعلة فندقيا، كحمامات السباحة، ومواقف السيارات وما إلى ذلك، وهو ما وصفه بظروف مكة الخاصة.

واستطرد بالقول: «تم تصنيف أكثر من 13 فندقا كدرجة أولى، وهي بذلك تحتل صدارة كبريات المدن السعودية في الحصول على هذا الرقم كدرجة أولى، وهذا يدل على تفعيل مفاهيم الجودة في العاصمة المقدسة في السنوات الأخيرة». وحول قيام وحدات استثمارية كبيرة بالاستثمار الفندقي الكبير العامين الماضيين، أوضح أنه «لا يصح إلا الصحيح، فكلما طورت المبنى ووضعت به المواصفات المطلوبة، كانت الرغبة أكبر وأفضل».

واختتم أبو سبعة: «الفكر القديم في تشغيل الفنادق في العاصمة المقدسة قد انتهى، والمعايير العالمية في الجودة والتصنيف لا تسمح بأنصاف الحلول، خاصة أنه أمر مربوط بتسهيل قدوم المعتمرين عن طريق شركات العمرة في بدء إصدار التأشيرات اللازمة لقدوم المعتمرين، خاصة أن الوزارة تلزم شركات العمرة بتأمين المسكن للقادمين لأداء نسك العمرة».

إلى ذلك، قال محمد العمري، المدير التنفيذي لجهاز السياحة في منطقة مكة المكرمة، إنهم يتعاملون مع المنشأة من دون النظر إلى من سيقطنها سواء كان معتمرا أو حاجا أو سائحا وخلافه، وإن التصنيف سهل وبسيط يتناسب مع حجم الاستثمارات في المدينتين المقدستين من حيث مساحات الغرف والممرات ونوع الخدمات المطلوب توافرها، وقد روعي عند وضع سعر الأرض الذي يعد مرتفعا عن بقية المناطق الأخرى، كما أن الهيئة عقدت أكثر من ورشة عمل مع ملاك الفنادق والشقق المفروشة في مكة المكرمة وفي جدة وفي أكثر من منطقة أخرى، وتم التنبيه خلال ورش العمل على ملاك تلك الدور بالالتزام بالمطلوب.

من جانبه، قال سعد القرشي، رئيس اللجنة الوطنية للحج والعمرة، إن الجهات المعنية فرغت من ترخيص 500 فندق في المنطقة المجاورة الحرم المكي الشريف، من بينها فندق يضم 5 آلاف غرفة، مقدرا حجم العائدات بـ 100 مليار ريال (27 مليار دولار)، لوجود دور إيواء إضافية ومناسبة لجميع الشرائح في المجتمع.

وأكد سعد القرشي رئيس لجنة الخدمات المساندة في الحج والعمرة أن توفير هذا العدد الكبير من الفنادق التي تتميز بكثرة الغرف والأجنحة، سيساهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين، سواء من القادمين من خارج السعودية أو من الداخل من المواطنين والمقيمين، وهو ما ينعكس بشكل كبير على مستوى الخدمات الفندقية بشكل عام، إضافة إلى تحقيق أرباح كبيرة في شتى المجالات التجارية في العاصمة المقدسة.

من جهته، قال إبراهيم الراشد، رئيس اللجنة السياحية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف من التصنيف الذي توصلت إليه الهيئة العامة للسياحة والآثار هو الوصول نحو الجودة، وتحقيق أعلى الدرجات، مبينا أن التصنيف أعطى رؤية واضحة لعدد كبير من الفنادق في مكة المكرمة، وهو مما أسهم بشكل فاعل في تقديم موسم العمرة لهذا العام في قالب آخر.

وأضاف الراشد أنه في كل دول العالم توجد مستويات عالمية في التصنيف، وما نهجته الهيئة العامة للسياحة والاستثمار في التصنيف الأخير، أزاح لأول مرة الضبابية لدى المعتمرين من أنحاء الأرض كافة، بحكم أن التصنيفات الحقيقية ستخدم المعتمرين في تحديد الفندقة التي يريدون، موضحا أن كل تلك الأمور تنضوي على إجراءات السلامة بحكم أن مكة عانت كثيرا مما وصفه بـ«عشوائية مرافق الإيواء»، وما شاب ذلك من أن أنصاف المساكن تتحول للمجال الفندقي بين عشية وضحاها.

وقال الراشد: « كثرة أعداد القادمين لمواسم العمرة، دفعت بكثير من مالكي قطاع الإيواء للنظر مرة أخرى في إعطاء تشغيل حقيقي وفاعل، والسبب يكمن في أن تكوين سمعة حقيقية وريادية لتلك الفنادق أصبح أمرا حتميا ولا رجعة فيه، والسبب الأرجح في ذلك هو صيرورة موسمي الحج والعمرة؛ فالفنادق التي تخل بالتزاماتها ستخسر بضاعتها في السوق، ولن تجد عليها طلبا من قبل شركات الحج والعمرة الخارجية والداخلية».

وحول وجود أكثر من ثلثي فنادق السعودية في مكة، ذهب رئيس اللجنة السياحية بغرفة جده إلى أنه «أمر محفز بشكل كبير، سيما أن أرقام التشغيل المرتفعة واضحة وجلية، وهذا التشغيل المرتفع يدخل مكة حالة تقييم حقيقة تتوثب فيها لتقديم خدماتها بأسلوب عصري واحترافي، والزائر لمكة لا يحتاج لخدمة فندقية فقط، بل لخدمات أخرى، وبالتالي فوجود الأسواق والمطاعم، تجعل من الخدمة الفندقية خدمة متميزة جدا».