نقص المعروض في العقارات بإنجلترا قد يصل إلى 750 ألف مسكن بحلول 2025

لن يقل عن 200 ألف وحدة في السنة حتى في أسوأ السيناريوهات المستقبلية

صورة جوية لمنطقة سكنية في لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

سلطت التطورات الأخيرة على أسواق العقار السكنية في بريطانيا على قضية النقص الكبير الحاصل في عدد من المجالات، وأهمها القروض العقارية الممنوحة من قبل المؤسسات المالية والعقارية والمصرفية وعدد الصفقات العقارية الحالية وتوافر العقارات بشكل عام نسبة إلى حاجة البلاد.

وأكد تقرير بريطاني أخير بهذا الشأن، من معهد أبحاث السياسة العامة «آي بي بي آر»، أن النقص في عدد العقارات في إنجلترا سيصل إلى 750 ألف عقار في عام 2025، وأنه في حال تحسن الاقتصاد، ستكون الفجوة بين العرض والطلب في قطاع العقار السكني مساوية لحاجة 3 مدن كبيرة في البلاد من العقارات، وهي نيوكاسل وليفربول وبيرمنغهام.

وقد تم إجراء الدراسة حول الحاجة العقارية في البلاد، على أساس 3 سيناريوهات اقتصادية، أي في حال عودة النمو الاقتصادي إلى سابق عهده وبقاء الركود وتراجع الاقتصاد وانكماشه أكثر من السابق. وحتى في أسوأ الأحوال، أي كما ذكرنا، وهي عودة الانكماش والركود، فإن الحاجة للعقارات لن تقل عن 200 ألف عقار في السنة. وفي أحسن الأحوال الاقتصادية لن تقل الحاجة عن 280 ألف عقار سنويا. ولكن إذا ما تواصل الوضع كما هو عليه منذ 20 سنة من ناحية عدد المنازل والعقارات المبنية حديثا والتي يصل معدلها حاليا إلى 160 ألف عقار، فإن الفجوة بين ما هو متوافر في الأسواق وما هو مطلوب عند عام 2025 سيتراوح بين 225 ألف عقار و1.5 مليون عقار.

وكما ذكرنا ستتعدى الحاجة عند عام 2025 إلى 750 ألف عقار في إنجلترا، وسيكون النقص الأكبر وكما هو متوقع في السنوات القادمة بالطبع، في العاصمة لندن وفي المناطق الجنوبية الشرقية وشرق البلاد ومقاطعتي يوركشار وهامبيشار.

وحسب التقرير، فإن حاجة العاصمة وحدها من العقارات ستصل إلى 325 ألف عقار (11.2 من عدد السكان)، أما مقاطعتا هامبيشار ويوركشار فستحتاجان إلى ما لا يقل عن 151 ألف عقار والمناطق الشرقية من إنجلترا إلى 132 ألف عقار والمناطق الجنوبية الشرقية والقريبة من العاصمة لندن ستصل إلى 77 ألف عقار. أما منطقة ايست ميدلاندز فستحتاج إلى 66 ألف عقار ووست ميدلاندز إلى 28 ألف عقار. أما في الشمال وخصوصا في المناطق الشمالية الشرقية التي تضم صندرلاند ونيوكال وميديلزبرة فستصل الحاجة إلى 16 ألف عقار والمناطق الجنوبية الغربية إلى 7 آلاف عقار.

ويؤكد التقرير، أن المناطق الشمالية الشرقية هي المناطق الوحيدة التي لن تعاني كثيرا من النقص في العقارات في المستقبل القريب بسبب العدد الكبير المتوافر من العقارات الشاغرة والتي يصل عددها حاليا إلى 44 ألف عقار.

وبغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية وما سيطرأ على أحوالها أكان ذلك سلبا أم إيجابا، فإن الإسكان الحكومي أو الإسكان العام سيكون أكثر القطاعات عرضة للضغوط وللنقص بسبب سياسات الحكومة الأخيرة بتخفيض النفقات والمساعدات الحكومية للمجالس المحلية. وقد قلصت الحكومة ميزانياتها للإسكان الاجتماعي الحكومي من 8.5 مليار جنيه تقريبا خلال السنوات الثلاث الماضية إلى 4.4 مليار جنيه للسنوات الأربع المقبلة. إذ يتوقع، وفي حال لم يتحسن الوضع الاقتصادي، أن تكون أكثر من 1.5 مليون عائلة عاجزة عن الحصول على عقار خاص وستحتاج إلى الإسكان الحكومي بسبب غلاء أسعار العقارات وصعوبة الحصول على القروض وارتفاع معدلات البطالة في الكثير من القطاعات. وحتى في حال تحسن الوضع الاقتصادي فإن الحاجة إلى الإسكان الحكومي عند عام 2025 لن تقل عن 550 ألف عقار.

وحذر الكثير من الخبراء من حصول أزمة كبيرة في الإسكان بإنجلترا وبريطانيا بشكل عام في ظل غياب سياسة إسكانية واضحة للحكومة، ولا يزال هؤلاء يطالبون ومنذ سنوات بأن يتم بناء المزيد من المنازل والعقارات الجديدة حتى لا تحصل تلك الأزمة التي قد تؤثر على أداء الأسواق السكنية سلبا. وهو ما تتوخاه الحكومة في ظل محاولاتها الأخيرة لإنعاش الاقتصاد العام وانتشاله من الركود. ويصل معدل بناء العقارات الجديدة إلى أدنى حد له منذ العشرينات، أي أنه نقص تاريخي في الحقيقة. ولا بد من ذكر - هنا - أن هذا النقص سيؤدي إلى رفع عدد العائلات التي تحتاج إلى الإسكان الحكومي إلى أكثر من 4.5 مليون عائلة، أي 8 في المائة من عدد السكان في إنجلترا وحدها.

ويؤكد تقرير معهد أبحاث السياسة العامة، أن هناك عددا من الأسباب للارتفاع الكبير للحاجة إلى العقارات والمساكن في إنجلترا من الآن حتى عام 2025، وأهم هذه الأسباب النمو السكاني الطبيعي. وقد كان ارتفاع عدد أصحاب المنازل والعقارات قد ارتفع بشكل كبير خلال السنوات الماضية نسبة إلى ارتفاع عدد السكان والنمو السكاني. وقد ارتفع عدد أصحاب العقارات منذ عام 1971 حتى عام 2008 بنسبة 34 في المائة في بريطانيا بينما لم يرتفع عدد السكان بأكثر من 10 في المائة.

كما أن أحد أهم الأسباب لارتفاع الطلب على العقارات، هو ارتفاع معدل عمر الإنسان في السنوات الأخيرة، مما يعني بقاء الكثير من العجزة والمعمرين في منازلهم وعدم تركها ونقلها إلى آخرين في الأسواق أو إلى الأجيال الجديدة. فبينما كان معدل عمر الرجل في بداية الستينات 68 سنة والمرأة 74 سنة، أصبح في عام 2010 للرجل 79 وللمرأة 83. أضف إلى ذلك بالطبع ارتفاع عدد الأفراد لا العائلات الذين يمتلكون العقارات في السنوات الماضية. فقد كان هذا العدد عام 1971 نحو 1.7 مليون فرد، أما العام الماضي فقد وصل عدد هؤلاء إلى 7 ملايين فرد. أضف إلى ذلك بالطبع أسباب مستترة وأخرى لها علاقة بالتغيرات الاقتصادية الكثيرة في السنوات الماضية ومنها ارتفاع الأسعار في جميع القطاعات العقارية وبشكل خاص القطاع الإسكاني وتبدل نمط الشراء والبيع مع بقاء الكثير من الشباب في منازل أهاليهم لصعوبة الحصول على القروض العقارية.

كما تعتبر الهجرة إلى إنجلترا في السنوات العشر الماضية أيضا من الأسباب الرئيسية التي تزيد من حدة الأزمة وارتفاع الحاجة أو الطلب على العقارات الجديدة، وخصوصا الهجرة الأخيرة من دول الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص من بولندا وليتثوانيا وروسيا ورومانيا وألبانيا وفرنسا وأميركا ودول العالم الثالث. وتتوقع الحكومة البريطانية أن يصل عدد المهاجرين القادمين إلى إنجلترا سنويا إلى 157 ألف مهاجر، حتى عام 2033. وكانت التقديرات السابقة قد وصلت إلى أكثر من 171 ألفا في السنة.

ويشير التقرير إلى أن هناك اختلافا في ارتفاع الطلب على امتلاك العقارات الخاصة والإسكان الاجتماعي أو الحكومي والإيجار.

ومن جهة أخرى، أكدت التقارير الأخيرة أن أسعار العقارات السكنية قد تراجعت بنسبة 1.4 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي أي بداية العام الحالي، مما يعني أن معدل سعر العقار لم يرتفع إلا بنسبة نصف في المائة منذ يناير العام الماضي (2010)، ويصل حاليا إلى 208.5 ألف جنيه (333.6 ألف دولار تقريبا). وعلى هذا الأساس يكون المعدل السنوي لارتفاع الأسعار قد تراجع للشهر الثامن على التوالي. ويأتي هذا على خلفية الارتفاع الذي حصل في ديسمبر (كانون الأول) ووصل إلى 3.8 في المائة.

كما لوحظ تراجع معدل الأسعار من فصل إلى آخر أو من ربع إلى آخر. وعادة ما يعتبر المعدل الفصلي أفضل المعدلات المعتمدة لمعرفة واقع وحال أسعار العقارات ووجهتها بدل المعدلات الشهرية والسنوية.

وقد تراجعت أسعار العقارات من نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي حتى يناير هذا العام بنسبة 0.4 في المائة مقارنة بالتراجع الذي حصل بين أغسطس (آب) ونهاية أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي والذي وصل إلى 0.2 في المائة.

ويقول هيوارد آرشار الاقتصادي الأوروبي والبريطاني، في هذا الصدد، إنه يتوقع تراجعا في أسعار العقارات هذه السنة بنسبة 5 في المائة، مما يعني أن الأسعار ستكون نهاية العام الحالي أقل بنسبة 10 في المائة عما كانت عليه في عزها العام الماضي.

وسجل نمو الأسعار تراجعا في 7 مناطق في بريطانيا، وبقيت آيرلندا الشمالية الأسوأ من جملة المناطق على صعيد التراجع السنوي، حيث وصلت النسبة إلى أكثر من 14 في المائة، ويأتي بعدها مقاطعتا هامبيشار ويروكشار بنسبة 4.6 في المائة، ثم اسكوتلندا ووست ميدلاندز بنسبة لا تقل عن 3.2 في المائة.