إقبال محموم على عقارات وفنادق لندن.. قبل أيام من الزفاف الأميري

المناسبة السعيدة قد لا تنعكس إيجابا على سوق العقارات البريطانية بمجملها

السياحة في بريطانيا على موعد مع زفاف الأمير ويليام لزيادة عدد رواد الفنادق (رويترز)
TT

تعيش لندن هذه الأيام فترة ترقب لأكبر حدث هذا العام وهو الزفاف الأميري للأمير ويليام وخطيبته كيت ميدلتون، مع انعكاسات قوية على عدة قطاعات فيها أهمها سوق العقار والفنادق، لإقامة زائري لندن الذين يأتون خصيصا لحضور هذه المناسبة. وأحدث الزفاف الأميري انتعاشا ملحوظا في أسعار الإيجارات والهدايا التذكارية التي تقدم في هذه المناسبة، وأيضا في تذاكر الطيران للرحلات المتوجهة إلى لندن خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل (نيسان) الحالي.

وتقول إحصاءات على الإنترنت إن محركات البحث عن العقارات والفنادق وتذاكر الطيران إلى لندن زادت سبعة أضعاف هذا الشهر عن معدلها الطبيعي. وأشارت الإحصاءات أيضا إلى أن عددا قياسيا من البريطانيين يريدون مغادرة بريطانيا أثناء تلك الفترة بحثا عن بعض المواقع الهادئة التي يقضون فيها بعض الوقت حتى تنتهي احتفالات العاصمة البريطانية.

وقال موقع العقار البريطاني «ليت رومز دوت كوم» الذي يوفر شققا وفنادق للإقامة في عواصم العالم إن الإقبال على لندن زاد ثلاثة أضعاف وإن حجم سوق الهدايا وحدها وصل إلى 18 مليون إسترليني (27 مليون دولار). ويعتقد الموقع أن لندن قبل أيام قليلة من الحدث التاريخي سوف تكون محجوزة بالكامل.

ونشأت في لندن سوق جديدة لبيع المساحات الاستراتيجية التي تطل على طريق موكب الزفاف بين «ويستمنستر آبي» و«باكنغهام بالاس» من أجل المشاهدة، وأحيانا لمواقع التصوير التلفزيوني. وبلغ ثمن أحد هذه المواقع نحو مائة ألف إسترليني (150 ألف دولار). ويتكون الموقع من غرفة وشرفة في فندق سانكتشواري هاوس الذي يقع قبالة مدخل «وستمنستر آبي» حيث يعقد فيه الزفاف. كما تؤجر غرفة التجارة الإيرانية - البريطانية طابقين فيها على الطريق المطل على «فيكتوريا رود» بثمن مماثل. وتقدم بعض الفنادق احتفاليات خاصة تشمل الإقامة والوجبات ومشاهدة جانب من طريق الزفاف بمبالغ تبدأ من مائة جنية في اليوم وتصل إلى عدة آلاف من الجنيهات. وسوف تتوجه محطات التلفزيون العالمية إلى منصة مخصصة للتصوير في شارع فيكتوريا بجانب موقع الزفاف. ويجري بث مراسم الاحتفال لجمهور عالمي يقدر عدده بنحو مليار ونصف المليار مشاهد.

ومن المقرر أن تبث المدن البريطانية مشاهد من الاحتفال على شاشات عملاقة، كما تجري العديد من حفلات الشوارع في العديد من المدن والقرى البريطانية. إحدى هذه الحفلات سوف تقام في «داونينغ ستريت» حيث مقر رئيس الوزراء، ويستضيف الحفل سامانثا كاميرون زوجة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

ومن المتوقع أن يجلب الزفاف الأميري الكثير من الأرباح لسكان لندن الذين يؤجرون مساكنهم أو غرفا فيها للسياح. وتقول تقارير عقارية إن ربع سكان لندن على الأقل سوف يعرضون عقاراتهم للإيجار خلال تلك الفترة. ومع ذلك، فقد تكون هناك صعوبة جمة في الحصول على عقارات للإقامة لمن لم يحجز عقارا قبل سفره إلى لندن خلال فترة الزفاف.

وتختلف أسعار العقار المعروض للإيجار وفقا لنوعيته وقربه من موقع الحدث. وقال أحد المستثمرين إنه عرض إيجار عقاره بسعر يزيد على 20 في المائة عن معدل السوق على أساس أن العقار لا يبعد أكثر من 20 دقيقة على الأقدام من موقع الزفاف. وعلى الفور طلبت عائلة من أستراليا حجز العقار للإقامة فيه خلال أسبوع الزفاف هذا الشهر. ويتوقع موقع «فايند ابروبرتي دوت كوم» أن يبلغ ربح أصحاب العقار في لندن من تأجير عقاراتهم أثناء الزفاف الأميري نحو مائة مليون إسترليني (150 مليون دولار). وينافس أصحاب هذه العقارات فنادق العاصمة التي توفر غرفا بأسعار تبدأ من 300 جنيه إسترليني في الليلة الواحدة، بينما يمكن الحصول على غرفة في منزل خاص في لندن بأقل من 50 جنيها في الليلة الواحدة.

ولكن المناسبة السعيدة قد لا تنعكس إيجابا على سوق العقار البريطاني بمجمله، خصوصا أن شهر أبريل (نيسان) الحالي يحمل معه ميزانية تقشف للعام المالي الجديد، وضرائب تمغة إضافية للعقارات التي يزيد ثمنها على مليون إسترليني. وقد تسببت هذه الضرائب في موجة عارمة لإنهاء إجراءات البيع قبل بداية العام المالي الجديد. ويعتقد بعض خبراء العقار أنه وبغض النظر عن انعكاسات الزفاف الأميري على الاقتصاد البريطاني، فإن التأثير المباشر على سوق العقار البريطانية سوف يكون مؤقتا. فالاستثمار العقاري هو للمدى الطويل ولا يتأثر بأحداث عابرة إلا في ما يتعلق بتوقيت هذه الأحداث، مثل ارتفاع الإيجارات أثناء شهر الزفاف. والبعض يؤكد أن هناك عوامل إيجابية تمتد إلى المدى الطويل نتيجة للانتشار الإعلامي الدولي والتسويق الذي سوف تتمتع به بريطانيا نتيجة للحدث. وهذا التحليل قد يكون صحيحا أيضا في رفع الطلب على بعض المواقع البريطانية، مثل العاصمة لندن لأنها سوق عقارية دولية، ولكن ليس بالضرورة على كل أنحاء بريطانيا.

وفي هذا المجال، أجرت شركة «نايت فرانك» العقارية الشهيرة بحثا حول أفضل مواقع الاستثمار العقاري البريطاني، وهي المواقع التي تحافظ على قيمتها حتى في حالات التراجع والكساد الاقتصادي. وكانت على رأس القائمة مدينة كمبردج التي تضم الجامعة الشهيرة. فهي تقدم المزايا كافة التي اعتمد عليها البحث من حيث معدل الأجور ونسب النمو السكاني ومعدلات نمو القيمة العقارية. فهي الأعلى في الأجور والأفضل في كفاءة القوى العاملة فيها، كما أنها مدينة تاريخية وتوفر الجامعة فيها فرص عمل متعددة. وتضم كمبردج أيضا مستشفيات ومراكز علوم وهي تتشدد في إصدار تراخيص البناء مما يحافظ على قيمة العقار القائم فيها.

وجاءت يورك في الموقع الثاني على لائحة أفضل مدن الاستثمار العقاري في بريطانيا. وهي أيضا مدينة جذابة وتاريخية وتتمتع بالكثير من المزايا مثل السياحة والمواصلات السريعة إلى لندن (تستغرق الرحلة إليها ساعتين بالقطار). كما أنها محاطة بالعديد من المدن التي توفر فرص العمل والزيارة. وتوفر يورك أفضل العوائد الإيجارية كما أن بها بعض أفضل المدارس في شمال إنجلترا.

من المدن الجذابة الأخرى مدينة أكسفورد على بعد خمسين ميلا شمال غربي لندن. ويصل ثمن المنازل العائلية في أفضل ضواحي أكسفورد إلى ما بين 1.2 و1.5 مليون إسترليني، ولكن الطلب عليها يزيد عن المعروض منها للبيع. وهي سوق متنوعة ما بين مستثمرين وأساتذة جامعة وطلاب أثرياء من خارج بريطانيا. وهي باختصار مدينة مضادة للكساد. وجاءت لندن ضمن المدن العشر الأولى لأنها توفر بعض أفضل فرص التشغيل والتعليم والحياة الاجتماعية النشيطة.

من الناحية السياحية، قالت هيئة السياحة البريطانية إن الزواج الأميري البريطاني سوف يضيف عوائد سياحية لن تقل عن 500 مليون إسترليني خلال هذا العام. ويزور بريطانيا سنويا أكثر من 30 مليون سائح يجلبون معهم من العوائد ما يزيد على 16 مليار إسترليني. وسجلت شركة تنتج خواتم مقلدة لخاتم الخطبة الذي قدمه الأمير ويليام لخطيبته كيت، وهو يعود في الأصل إلى والدته الأميرة ديانا، ارتفاعا مفاجئا في مبيعاتها بثمانية أضعاف على الأقل وهي تستعد لتسويقه بقوة أثناء أسبوع الزفاف في لندن.

ويبدو أن الإقبال على تأجير العقار البريطاني انعكس أيضا على البريطانيين أنفسهم الذين أضحى معظمهم يفضل التأجير على دخول سوق العقار في الوقت الراهن. وتقول أحدث تقارير شركة «باراغون» التي تنشط في مجال الإقراض العقاري بغرض عرض العقارات التأجير إن الطلب يزداد على تأجير العقارات كخيار أفضل نظرا للظروف الصعبة في أسواق العقار وتوقع تراجع الأسعار من ناحية؛ ولتوفير المرونة في التنقل من ناحية أخرى. وساهمت صعوبة الحصول على تمويل عقاري في توجه المزيد من المشترين المحتملين إلى الإيجار.

وانعكس الطلب المتزايد على الإيجار على وضع السوق بانخفاض فترة بقاء العقارات شاغرة خلال الربع الأول من العام الحالي إلى أسبوعين فقط، وهي أقصر فترة منذ عام 2009. ويشير رئيس شركة «باراغون» نايجل تيرنغتون إلى أن إجراءات تسهيل دخول المشترين الجدد إلى السوق التي أعلن عنها وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن في ميزانيته الأخيرة تعتمد على المشاركة في الملكية وتوفر جزء من المقدم. ولكن هذه الخطوة ليست كافية في أسواق اليوم لأنها لا تفيد أكثر من مائة ألف مشتر، أي نسبة خمسة في المائة فقط من المشترين الجدد.

ونتج عن هذا الوضع زيادة كبيرة في معدلات الإيجار، خصوصا في لندن التي تزيد فيها الإيجارات بنحو ضعف المعدل البريطاني. ويصل متوسط الإيجار في لندن هذا الشهر إلى نحو 975 جنيها شهريا مقابل 685 شهريا في أنحاء بريطانيا الأخرى في المتوسط. وتتوقع شركة «باراغون» أن تزيد هذه الأسعار بنسبة 20 في المائة على الأقل بشكل مؤقت خلال الزفاف الأميري هذا الشهر.

هذا، وسوف يتم بث الاحتفال على الهواء مباشرة على شاشات عملاقة في موقعين في وسط لندن هما هايد بارك وترافلغار سكوير. ويبدأ الاحتفال في الساعة الحادية عشرة صباحا يوم 29 أبريل (نيسان) وتتوجه كيت ميدلتون إلى موقع الزفاف في «ويستمنستر آبي» في سيارة، ولكنها تعود إلى قصر باكنغهام في عربة تقليدية مكشوفة مع عريسها.