مصر: السوق العقارية تنتظر صفعة أكبر ما لم تحل أزمة عقود الأراضي

خبراء: أفضل الحلول تعديل العقود وسحب الأراضي من غير الجادين

على الحكومة المصرية تشكيل لجنة متخصصة لاعادة صياغة القوانين الخاصة بهيئات المجتمعات العمرانية («الشرق الأوسط»)
TT

تنتظر السوق العقارية أزمة أخرى قد تؤثر على العاملين في هذا القطاع الذي يرتبط به أكثر من 92 صناعة ونشاطا، والتي بدأت بوادرها تظهر خلال الفترة الماضية، فمن المنتظر أن تتوقف بعض المشروعات العقارية في البلاد على أثر الأحكام القضائية لإلغاء عقود بيع أراضي الدولة للشركات التي حصلت عليها بالأمر المباشر دون اتباع السبل القانونية المتمثلة في المناقصات والمزايدات.

وبدأت بالفعل بوادر تلك الأزمة تظهر بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة مؤخرا ببطلان عقد أرض شركة «بالم هيلز» للتعمير بالقاهرة الجديدة البالغ مساحتها 930 ألف متر مربع. ورغم تأكيد الشركة أن هذا لن يضر بحاجزي الوحدات لديها، فإن ذلك قد يمنعها من استكمال مشروعها أو التأخر في تنفيذه، فتنتظر الشؤون القانونية بهيئة المجتمعات العمرانية مسودة حكم بطلان أراضي شركة «بالم هيلز» للبدء في إجراءات الطعن عليه.

من جانبه أكد عبد الحميد شعير المستشار الإعلامي لوزارة الإسكان أن الهيئة في انتظار الحكم للتعرف على أسباب بطلان العقد والتعرف على طريقة التعامل مع العقد بأنه مخالف لقانون المزايدات والمناقصات أم للقانون الخاص بهيئة المجتمعات العمرانية، مشيرا إلى أن الحكم يواجه جدلا قانونيا، وهي نفس مشكلة بطلان عقد أرض «مدينتي»، وأكد أن الهيئة ستقوم باستئناف الحكم وليس شركة «بالم هيلز» لأنها كانت حسنة النية في حصولها على الأرض.

ويرى خبراء أن الحكومة المصرية يجب أن تعلن خطتها للتعامل خلال الفترة الحالية مع المشاريع التي ستقضي المحاكم المصرية ببطلان عقودها، فهل سيتم ذلك من خلال إعادة التسعير مرة أخرى، أم ستقوم الدولة باسترداد تلك الأراضي؟

ولم تعلن الحكومة المصرية حتى الآن عن استراتيجيتها للتعامل مع تلك الحالات، إلا أن خبراء رجحوا أن يتم التعامل مع كل حالة على حدة، حتى لا يتم الإضرار بالمستثمرين وبالمناخ الاقتصادي في البلاد، مبررين رؤيتهم بما تم الاتفاق عليه مع شركة «المملكة القابضة» المملوكة للأمير الوليد بن طلال لإنهاء أزمة أرض الشركة الزراعية في توشكى (جنوب مصر)، والبالغة مساحتها 100 ألف فدان، باحتفاظ الوليد بن طلال بمساحة 10 آلاف فدان فقط بنظام التمليك، بالإضافة إلى 15 ألف فدان بنظام حق الانتفاع على أن يلتزم ببرنامج زمني للزراعة، وتسترد مصر في المقابل باقي المساحة بالكامل والبالغة 75 ألف فدان دون أي مقابل.

في حين يرى حمدي الفخراني الذي أقام دعاوى قضائية ضد بعض الشركات العقارية لبطلان عقد تملكها لبعض أراضيها، أن الحكومة يجب عليها استرداد تلك الأراضي مرة أخرى، ثم الإعلان عن مزاد علني يشارك فيه مطورون عقاريون، لتحديد سعر لتلك المشاريع، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قلت لحكومة أحمد نظيف أثناء صدور حكم بطلان عقد (مدينتي) إن هناك مستثمرين جادين أبدوا استعدادهم للمشاركة في مزاد على أرض (مدينتي) في حال إعلان الحكومة ذلك، إلا أن هذا لم يتم وتم تعديل العقد دون أي تغيير». وأضاف: «أرفض التصالح مع المستثمرين، يجب رد الأرض للحكومة لإعادة تنميتها وبيعها تبعا لأحكام القانون، وقد تمنع الظروف الحالية تقدم مستثمرين للحصول على أراضٍ، ولكن مع بداية العام المقبل ستكون الأمور أكثر استقرارا، والمناخ سيكون أكثر جذبا».

ويرى حمادة صلاح خبير التثمين لدى البنك المركزي المصري أن على الحكومة خلال الفترة الحالية أن توفق أوضاعها مع الشركات التي لديها قاعدة كبيرة من المساهمين، لأن المتضرر الأكبر في حالة فسخ تلك العقود واسترداد الأراضي هم صغار المستثمرين، أما بالنسبة للأراضي التي يمتلكها أفراد بشكل غير قانوني، فإن سحبها من هؤلاء الأفراد لن يضر بالاقتصاد، ولكن من الممكن التعامل معهم على أساس جديتهم في التنمية، واتخاذ الإجراء المتبع مع أراضي الأمير الوليد بن طلال في توشكى كإجراء استرشادي بما يمكن أن يتبع مع بقية الأراضي التي من الممكن أن يصدر لها حكم ببطلان عقدها.

وأشار صلاح إلى أنه على الحكومة تشكيل لجنة متخصصة من إخصائيين لإعادة صياغة القوانين الخاصة بهيئات المجتمعات العمرانية، وإعادة تسعير الأراضي من جديد، والاستعلام بشكل جيد عن المستثمرين ومنح الأراضي للجادين منهم فقط، وستساهم تلك الإجراءات في إعادة النشاط في سوق العقارات سريعا، وتلافي الأضرار الذي يتعرض له القطاع.

ويخشى محمد السعيد الخبير الاقتصادي من أن تظل أراضي الدولة التي يتم استردادها من المستثمرين خاوية، دون أن يقترب منها أحد، ويرى أن الحل الأمثل يتمثل في التفاوض مع الشركات التي تقيم مشروعات على هذه الأراضي، فمن الممكن أن تحصل الدولة على فروق أسعار أو وحدات سكنية تجلب لها ملايين الجنيهات في وقت هي في أشد الحاجة إلى الأموال.