أكثر من ربع المستأجرين الأميركيين ينفقون أكثر من نصف دخلهم على الإيجار

في أسوأ معدل خلال نصف قرن

TT

طبقا لدراسة أجرتها جامعة هارفارد، وصلت نسبة المستأجرين الذين ينفقون أكثر من نصف دخلهم في دفع إيجار السكن إلى أعلى مستوى لها خلال نصف قرن ولم يعد المستأجرون محدودو الدخل هم فقط من يعانون ذلك. ومن المقرر أن تنشر هذه الدراسة يوم الثلاثاء.

وأنفق نحو 26 في المائة من المستأجرين أو 10.1 مليون أكثر من نصف دخل الأسرة قبل دفع الضرائب على الإيجار وخدمات المرافق عام 2009 وذلك بسبب تناقص الدخول بشكل كبير في بداية العقد حتى في ظل ارتفاع الإيجارات. وتقدم الدراسة آخر إحصاءات باعثة على الأسى عن ندرة العقارات التي تعرض للإيجار خاصة بالنسبة للعاملين الفقراء. من أسباب قلة العرض عن الطلب نقص الشقق التي تمثل الجزء الأكبر من العقارات الجديدة المعروضة للإيجار. وخفضت شركات التنمية العقارية عدد المشاريع أثناء تدهور الوضع الاقتصادي عام 2009 الذي أدى إلى نقص الوحدات الخالية وزيادة الإيجارات. ويتوقع المحللون استمرار ارتفاع قيمة الإيجارات في ظل محاولة شركات التنمية العقارية زيادة المشاريع لتلبية الطلب على العقارات المعروضة للإيجار.

في الكثير من المناطق يكون أكثر الذين يبحثون عن شقق للإيجار من الأسر التي فقدت منازلها بسبب التخلف عن سداد الأقساط خلال فترة التراجع التي شهدتها سوق العقارات السكنية وانتهى بها الحال إلى السعي لاستئجار شقق. على الجانب الآخر، ومع انتعاش سوق العمل يبدو أن الشباب الحاصل حديثا على وظائف يسعى للاستقلال عن الأسرة والبحث عن شقق خاصة بهم مما يزيد من قيمة الإيجارات بحسب أحد الباحثين المشاركين في هذه الدراسة.

ينبغي ألا ينفق المستأجرون أكثر من 30 في المائة من دخلهم على المسكن بحسب ما توضح الدراسة. وكان المستأجرون محدودو الدخل يحاولون جاهدين ألا يتجاوزوا ذلك الحد خلال العقد الماضي. وكذلك فعل المستأجرون ذوو الدخل المتوسط وهم من يتراوح دخلهم بين ضعف إلى ثلاثة أمثال الحد الأدنى للأجور. وفي عام 2009، أنفق 7.5 في المائة من المستأجرين من ذوي الدخل المتوسط أكثر من نصف دخلهم على الإيجارات التي تضاعفت عام 2001.

يقول إريك بيلسكي، المدير التنفيذي لمركز هارفارد المشترك لدراسات الإسكان: «إن هذا يمثل ضغطا على الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط وقد بدأنا نرى بالفعل امتداد هذا التأثير على الأسر التي تنتمي للطبقة المتوسطة. ولا تلوح في الأفق احتمالات تحقيق أي تحسن». وعلى هذه الخلفية يمكن أن يكون العثور على مسكن إيجاره منخفض مخيفا بحسب ما خلصت إليه دراسة جامعة هارفارد.

وقد أقرت إدارة أوباما في تقرير إلى الكونغرس في فبراير (شباط) أن تمويل بناء عقارات سكنية فاخرة أصبح ممكنا. ويساعد ذلك في توضيح سبب وجود 32 منزلا للإيجار لكل 100 أسرة أميركية محدودة الدخل بحسب ما جاء في التقرير.

وقد أوضحت دراسة أخرى نشرتها وزارة الإسكان والتنمية العمرانية في فبراير الماضي تنافس الأسر ذات الدخل المرتفع التي تعاني من تدني دخولها على عدد محدود من المنازل ذات الإيجارات المعقولة وهو ما يؤدي إلى المزيد من التناقص في معدلات الوحدات السكنية القليلة المعروضة للإيجار.

وتتضح ندرة الوحدات السكنية ذات الإيجارات المعقولة في الغرب، حيث يبلغ عددها 53 وحدة لكل 100 أسرة محدودة الدخل تبحث عن استئجار وحدات سكنية بحسب الدراسة القائمة على تحليل بيانات مسح فيدرالي أجري عام 2009. أما في الجنوب، فيبلغ عدد الوحدات السكنية المتوفرة 65، وفي الشمال الشرقي 66 وفي منطقة الغرب الأوسط 87.

كذلك أوضحت الدراسة التي أجرتها جامعة هارفارد وجود مشكلة في العرض، فقد قامت بتحليل 6 ملايين وحدة قام ملاكها بتأجيرها عام 1999 مقابل إيجار شهري أقل من 400 دولار. وقد اكتشفت الدراسة أنه تم هدم نحو 12 في المائة منها عام 2009 فضلا عن عدم توفر عدد أكبر منها لأسباب أخرى مثل عدم ترميم الوحدة أو تحويلها إلى وحدة غير سكنية.

وكذلك قامت الدراسة بتحليل نسبة الذين ينفقون أكثر من نصف دخلهم على الإيجار بحسب المنطقة. ووصلت نسبة المستأجرين في واشنطن إلى 21.5 في المائة عام 2009 بعد أن كانت 15.9 في المائة عام 2000.

كذلك أوضح تحليل آخر قامت به صحيفة «واشنطن بوست» ارتفاع قيمة الإيجارات بنسبة 22 في المائة عام 2009 مقارنة بعقد مضى بحسب إحصاءات تعداد السكان بعد تعديلها بحسب معدل التضخم. ومن أسباب الارتفاع الكبير في الأسعار تخلي ملاك 10 آلاف منزل كانوا يسكنون فيها منذ عامين عنها وعرضها للإيجار. وتعد مساحات أكثر هذه الوحدات أكبر وإيجارها أكبر من إيجار الشقق.

رغم أن زيادة معدل استعادة العقارات في إطار أزمة الرهن العقاري دفعت الناس إلى السعي لاستئجار الوحدات السكنية في مختلف أنحاء البلاد، لم يكن لهذا العامل تأثير كبير في هذه المنطقة. فقد كان النمو في سوق العقارات المعروضة للإيجار يتعلق بفرص العمل المتوفرة التي جذبت الوافدين الجدد الذين لم تتوفر لديهم القدرة على شراء منزل هنا أو الرغبة في ذلك. وارتفع عدد المستأجرين إلى 8 في المائة على مستوى الولايات المتحدة وإلى 12 في المائة على مستوى المنطقة بين عامي 2007 و2009 بحسب ما توضح إحصاءات مكتب تعداد السكان. ومع زيادة الطلب على استئجار العقارات، ارتفعت الإيجارات بنسبة 3 في المائة على مستوى الولايات المتحدة و5 في المائة على مستوى المنطقة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»