مفاجأة «مدوية» في قمة العقار الفاخر في لندن.. المستثمرون المصريون في المركز الخامس

متقدمين على الإماراتيين بمتوسط سعر يبلغ 5 ملايين إسترليني

العقارات السوبر في لندن تحافظ على قيمتها («الشرق الأوسط»)
TT

أشار أحدث إحصاء من شركة «نايت فرانك» المتخصصة في العقارات الفاخرة في لندن ومدن عالمية أخرى إلى أن قمة العقار الفاخر في لندن يحتلها الصينيون بمعدل سعري لا يقل عن 6.5 مليون إسترليني للعقار الواحد. وهبط الروس إلى المركز الرابع بمتوسط سعر عقاري يبلغ 5.4 مليون إسترليني. ولكن المفاجأة أن المصريين يحتلون الآن المركز الخامس في قمة قطاع العقار البريطاني بمتوسط سعر يبلغ خمسة ملايين إسترليني. وجاءت الإمارات في المركز السادس بمتوسط يبلغ 4.8 مليون إسترليني. وجاءت البحرين في المركز العشرين والأخير بمتوسط سعر يبلغ مليون إسترليني فقط.

ويغطي هذا الإحصاء فترة 12 شهرا منتهية في شهر فبراير (شباط) الماضي. وهو غير معني بالحجم الإجمالي للاستثمار وإنما بالتوجه نحو قمة السوق للعقارات الأغلى ثمنا. ويعتقد ليام بيلي كبير الباحثين في الشركة، أن الشرق الأوسط وروسيا ما زالا يحتلان قمة السوق من حيث حجم الصفقات، حيث يقتطع الشرق الأوسط السوق حصة ثمانية في المائة من السوق، بينما تأتي روسيا بعده بنسبة 6.7 في المائة. ومن حيث النسبة المجردة ما زال المستثمرون الأوروبيون يحتلون قمة القطاع العقاري الفاخر الذي يزيد على مليوني إسترليني من حيث حجم الصفقات وتصل نسبتهم إلى 14.5 في المائة.

من الجنسيات الأخرى التي تقع على قمة سوق العقار اللندنية كل من ماليزيا وهونغ كونغ والهند وأميركا ونيجيريا وإيطاليا وسنغافورة وألمانيا وسويسرا. ومن بريطانيا نفسها يشتري البريطانيون في قمة العقار بمتوسط سعر لا يزيد على ثلاثة ملايين إسترليني.

وتقول شركة عقار اسمها «كاي آند كو» في لندن إن عددا من المشترين الصينيين المسجلين لديها يبحثون عن عقارات بأسعار تتراوح ما بين ثمانية و15 مليون إسترليني. ويهتم الصينيون بالعقارات التي تطل على هايد بارك أو تقع في منطقة مايفير. وتضيف شركة «تشسترتون» أنها تبحث عن عقارات بأسعار تصل إلى 25 مليون إسترليني لمشترين صينيين في حي مايفير وسان جيمس.

وتقول الشركة إنها باعت مؤخرا عقارين في منطقة سان جونز وود بمبلغين وصلا إلى 12 و25 مليون إسترليني على التوالي. وهي ترى أن أهم العوامل الجاذبة في الوقت الحاضر تراجع قيمة الجنيه الإسترليني الذي يمثل حسما في الأسعار يصل إلى 25 في المائة.

ويعتقد بيلي أن الصينيين سوف يتبعون خطى الروس في دخول السوق تدريجيا، في المرحلة الأولى يدخل الكبار في قمة السوق ويتبعهم بعد ذلك الأثرياء العاديون في قاع هذا القطاع من السوق. ومن حيث حجم الصفقات كنسبة من السوق، يتفوق المشترون من الإمارات الذين حققوا نسبة 4.4 في المائة من قيمة سوق العقار البريطاني الفاخر في العام الماضي. ويليهم في الترتيب مشترون من الولايات المتحدة بنسبة 3.7 في المائة.

وتقول شركة «نايت فرانك» في أحدث تقرير لها عن فئة القمة لقطاع العقار السوبر في لندن إن فئة السوبر أضحت الآن هي الفئة التي تبدأ من سعر عشرة ملايين إسترليني بعد أن كانت مليون إسترليني قبل عقد من الزمان. وبينما كانت لندن هي المدينة المستفيدة من مرحلة الانتعاش قبل عام 2007، مع رغبة رجال الأعمال حول العالم في الشراء بوسط لندن، فإن قيمة لندن تعززت مع فترة الكساد لأنها حافظت على القيمة، بينما انهارت هذه القيم في مدن أخرى، بما فيها حي مانهاتن في قلب نيويورك.

ولكن موقع لندن القيادي في عالم المال والأعمال يتعرض الآن إلى الكثير من المخاطر. فمن ناحية، تنمو أسواق المال الآسيوية بنسبة كبيرة تقترب بها من موقع لندن. ومن ناحية أخرى هناك الكثير من العوامل السلبية الداخلية، مثل فرض ضريبة مرتفعة على الأثرياء تبلغ 50 في المائة من قيمة الدخل، وفضيحة فواتير تكاليف المعيشة من أعضاء البرلمان، وتوجيه الاتهامات إلى المصرفيين واتهامهم بالجشع بسبب العلاوات الباهظة التي يحصلون عليها.

ولمعرفة تأثير كل ذلك على موقع لندن العقاري، قامت شركة «نايت فرانك» بتوجيه استفسارات لنحو 30 من خبراء إدارة الثروة والمحاسبين والمحامين، بالإضافة إلى خبراء الشركة في فروعها التي تتعامل مع القطاع العقاري السوبر. وكان السؤال الأول عن اعتبارات الشراء في لندن والعوامل التي تدفع إلى اتخاذ مثل هذا القرار.

وكانت نسبة كبيرة من الإجابات تتعلق بوجود شبكة اتصالات في لندن، من الأصدقاء وأصحاب الأعمال، الذين يريد المشتري أن يكون معهم وعلى اتصال وثيق بهم. أما العامل الثاني، غير الاقتصادي أيضا، فهو وضع لندن «كملاذ آمن» للثروة في ظل المتاعب والاضطرابات السياسية في مواقع أخرى. ويذكر التقرير، تحديدا، الأوضاع غير المستقرة في مصر وتونس كمثال لهروب رؤوس الأموال، وربما كان ذلك هو السبب في أن المشترين المصريين يقعون في المركز الخامس على قمة شراء العقارات الفاخرة في لندن.

أما العوامل الاقتصادية، فهي تشمل تدني قيمة الجنيه الإسترليني مقابل العملات الحرة الأخرى، وارتفاع نسبة التضخم في أنحاء آسيا والشرق الأوسط، الأمر الذي يجعل لندن جذابة من جهة المحافظة على قيمة الاستثمار.

أما العوامل السلبية الطاردة للاستثمار العقاري في لندن، فكان أولها المناخ الضريبي، خصوصا فرض ضريبة نسبتها 50 في المائة على الأثرياء، ووجود شروط ضريبية على غير المقيمين، وفرض الضرائب الاستثنائية على علاوات المصرفيين. وقالت نسبة كبيرة من البائعين إن العقار الذي تعرضه للبيع لم تعد هناك حاجة له، بينما قالت نسبة أقل إنها تبيع العقار من أجل الانتقال إلى عقار أصغر مع البقاء في لندن. وتراجعت نسب هؤلاء الذين يودون البيع من أجل مغادرة البلاد بسبب الضرائب.

ويرى المستثمرون أن لندن توفر لهم فوائد عالم المال والأعمال فيها، بالإضافة إلى أسلوب الحياة السهل والحر، مع فرص التعليم الجيد للأطفال والاستقرار السياسي. وعلى الرغم من أن الكثير من المستثمرين المعترضين على تغيير الهياكل الضريبية البريطانية ضد مصالحهم هددوا بالانتقال إلى سويسرا، فإن أغلبهم لم يتخذ القرار بسبب أسلوب الحياة في لندن الذي لا يقارن. وتوصل أغلب هؤلاء إلى قناعة بأن جنيف لا تستطيع أن توفر الفرص التي يمكن للندن أن توفرها. كما أن الحجم الصغير لسويسرا لا يمكنه أن ينافس نوعية الخدمات التي توفرها مدينة مثل لندن أو نيويورك. ففي لندن مثلا يوجد 800 صندوق استثمارات تحوط يمكن الاختيار بينها، تدير 300 مليار إسترليني من الأصول، مقارنة مع 140 صندوقا في سويسرا تدير ما يعادل 15 مليار إسترليني.

ومن أهم العناصر الجاذبة إلى لندن وجود الطلب الدولي المتزايد عليها. فهناك 50 جنسية تتنافس على الشراء في لندن من خلال الاستفسارات من شركة واحدة، مثل «نايت فرانك» هذا العام مقابل 30 جنسية فقط منذ عامين. وتفسر الشركة هذا الإقبال بأنه كلما زادت الثروة العالمية زاد الإقبال أكثر على لندن.

وتعتقد شركات العقار التي تعمل في قمة السوق أن الإقبال في المستقبل سوف يزيد من الروس ودول الاتحاد السوفياتي السابق، وهي مجموعة كانت تمثل نحو 14 في المائة من حجم السوق في العام الماضي. وتلحق بهذه المجموعة مجموعات أخرى يتقدمها الصينيون، ثم مستثمرون من الهند والشرق الأوسط. وهناك الكثير من الجنسيات الجديدة على السوق اللندنية، منها مستثمرون من مصر وتركيا ولبنان، وهي مؤشرات لزيادة الثروة في هذه الدول، بالإضافة إلى مخاطر الاضطرابات السياسية.

وسألت شركة «نايت فرانك» خبراء فروعها عن المناطق اللندنية التي يمكن أن تصبح جاذبة للاستثمار الأجنبي في المستقبل. فكانت الردود متوافقة على أن وسط لندن القريب من حديقة هايد بارك هو مركز اهتمام الاستثمار الأجنبي، وتتوسع هذه المنطقة شمالا باتجاه سان جونز وود، وغربا باتجاه تشيلسي، وشرقا حتى الحي المالي في السيتي. وعما يتطلبه الأثرياء في عقاراتهم جاءت الخصوصية على قمة المطالب.

وهذه المناطق تعكس الفرص المتاحة لتجمعات الأعمال وسيولة في عمليات بيع العقارات وتبادلها. وبوجه عام توفر لندن حالة الاستقرار التي لا تشهدها مواقع أخرى في العالم، وهو ربما يكون العامل الرئيسي في الاستثمار فيها.

ومن يتابع تطور قطاع العقار السوبر في لندن خلال السنوات الأخيرة يتعرف على سوق لم تتراجع كثيرا خلال سنوات الكساد، ثم تسارعت في النمو منذ عام 2009 بفضل تزايد الإقبال الدولي وندرة العقارات المتاحة في السوق في هذا القطاع. وخلال الربع الأول من عام 2010 كان حجم المشترين المسجلين أكبر بنحو 18 في المائة عنهم في العام الأسبق، بينما لم ترتفع نسبة العقارات المتاحة إلا بنحو خمسة في المائة. وساعد في هذا الطلب انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني الذي منح المشترين بالدولار حسما نسبته 25 في المائة.

مما يذكر أيضا أن أزمة منطقة اليورو أسهمت في رفع الطلب الأوروبي على العقار البريطاني من مستثمرين يبحثون عن ملاذ آمن. وارتفع الاستثمار الأوروبي في العقار اللندني السوبر بنسبة 25 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي. وما زال قطاع العقارات في لندن يسير عكس تيار التراجع السائد في أرجاء بريطانيا الأخرى، ويقود هذا الانطلاق قطاع السوبر في وسط لندن. ففي هذا القطاع زادت مبيعات العقارات التي تفوق العشرة ملايين إسترليني بنسبة 80 في المائة مقارنة بحجمها خلال عام 2008. وبلغ حجم المبيعات نحو 20 صفقة شهريا في هذا القطاع.

وتعتقد شركة «نايت فرانك» أن عامل الثقة بدأ يعود إلى الأسواق، وتشير الشركة إلى أن مكاتبها في منطقتي كنزنغتون ونوتنغ هيل أكملت خمس صفقات بحجم أكبر من عشرة ملايين إسترليني في فترة ستة أسابيع في نهاية عام 2010. وكانت معظم الصفقات لمشترين أجانب، وإن كان بعضها أيضا لمشترين من سكان لندن الذين يتطلعون إلى الانتقال إلى عقارات أكثر فخامة.

وتقدر الشركة أن أسعار العقار السوبر في لندن ارتفعت في عام 2010 بنسبة ثمانية في المائة، ولكن في هذا القطاع يعتمد الأمر على نوعية العقارات التي زاد بعضها بنسب وصلت إلى 20 في المائة. وهي عقارات من النوع النادر الذي قلما وصل إلى الأسواق، خصوصا العقارات التي تم تجديدها. ولا توجد إضافات لهذه السوق في المدى المنظور، حيث لا تحصل شركات التطوير العقاري على التمويل الذي يسمح لها ببناء عقارات جديدة في القطاع السوبر.

وفي ما يتعلق بتوقعات عام 2011، سوف تستمر ندرة العقارات في القطاع السوبر في لعب دور مؤثر في تعزيز القيمة في هذا القطاع. وتزداد قيمة لندن كملاذ آمن مع زيادة الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط ومناطق أخرى. ولكن من ناحية أخرى تعاني لندن أيضا من التوقعات السلبية للاقتصاد البريطاني الذي لم يدخل بعد مرحلة استعادة النمو. وهناك مشكلات اقتصادية أخرى متعلقة باضطراب منطقة اليورو ومشكلة الديون البريطانية.

وفي ما يتعلق بتوقعات الأسعار، فإن سوق العقار في لندن بوجه عام لا تتوقع أي زيادة هذا العام، ولكن فئة السوبر تتوقع زيادة ما بين خمسة وعشرة في المائة. ويعزز هذا الاعتقاد وجود بعض الصفقات المهمة التي تحققت بأسعار أعلى خلال الربع الأول من العام الحالي. ومع استمرار ندرة العقارات في هذا القطاع، فإن توقعات زيادة الأسعار تبدو واقعية.

* ما يفضله المشتري في العقار السوبر

* أحد الجوانب التي تعاملت معها شركة «نايت فرانك» في أبحاثها، هو المزايا التي يبحث عنها المشتري في القطاع السوبر في وسط لندن. وتم ترتيب هذه المزايا وفق الأهمية التي يطلبها المشتري كضرورة. وكانت أهم هذه الأولويات بالترتيب كما يلي:

- الخصوصية.

- وجود مكان لصف السيارة بعيدا عن الشارع العام.

- نواحي الأمان في العقار.

- وجود حديقة خاصة.

- أن يكون العقار تاريخيا وليس بناء حديثا.

- وجود تسهيلات رياضية مثل الجيم وغرفة البخار.

- أن يتمتع العقار بتحديث شامل.

- وجود حمام سباحة.

- وجود فرص لتجديد العقار بلا موانع من جانب التراخيص.