السعودية: معرض الرياض للعقارات يكشف التباعد بين التمويل والتطوير

خبراء يؤكدون أن الحل في تزاوج القطاعين من خلال الأنظمة والتشريعات

شهد معرض الرياض العقاري حضورا كبيرا من الراغبين في شراء مساكن مما تعرضه الشركات المشاركة (تصوير: خالد الخميس)
TT

خلص المشهد العقاري في السعودية إلى وجود تباعد بين قطاع التطوير العقاري وشركات وبنوك التمويل، حيث وضح ذلك من خلال المشاركات في معرض الرياض العقاري، الذي اختتم أعماله أمس بمشاركة أكثر من 50 شركة عقارية وتمويلية ومصارف مالية.

وأجمع عدد من الخبراء في القطاع العقاري السعودي على ضرورة التزاوج بين التمويل والتطوير في الشأن العقاري، وذلك للوصول إلى حلول ملموسة تسهم في سد احتياجات القطاع، واستيعاب الطلب الكبير المتنامي في القطاعات العقارية التجارية والصناعية والسكنية كافة إضافة إلى السياحية.

وقال خالد الضبعان الخبير العقاري إن المشهد الحالي الذي وضح في معرض الرياض العقاري الأخير، أبرز عدم وجود تناغم بين قطاع التطوير العقاري وشركات وبنوك التمويل، «فعند الذهاب لشركة تمويل أو لبنك تجد ندرة المشاريع التي يسوقها البنك، التي قد تكون موجودة على أرض الواقع، وبينما الأغلبية تتمثل في مشاريع لم تنجز أو ما زالت تحت التنفيذ».

وأضاف: «جرت العادة أن تقدم شركات التطوير مشاريع الوحدات السكنية وتقدم للراغبين خيارات التمويل من خلال البنوك المتعاقدة معها، أو أن البنك الذي يعمل على توجيه المشتري إلى عدد من المشاريع المتعاقد معها، ولكن في الصورة الحالية تكمن في أن المشتري هو من يبحث عن العقار ومن ثم يذهب للبنك ليمول العقار».

وسيطر غياب النظم والتشريعات المطلوبة للقطاع العقاري على أغلب مناقشات الخبراء وتداولات جلسات الملتقى العقاري المصاحب للمعرض، خاصة في ما يتعلق بتقليص الدور التمويلي للمصارف وزيادة عدد الجهات المتخصصة في التمويل العقاري.

وأوضح الخبراء أن من أهم معوقات التمويل الإسكاني، قلة عدد شركات التمويل، وسيطرة التمويل والتطوير الفردي الضعيف على حساب التطوير المؤسسي الاحترافي للشركات الكبرى. وناقش حمد الشويعر، رئيس اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف السعودية، معوقات الاستثمار العقاري في السعودية بين القطاعين الحكومي والخاص، التي كان من أبرزها ضعف البنى التحتية للمدن من طرق وتمديدات للماء والكهرباء والاتصالات ومواقف السيارات، إضافة إلى اختلاف أنظمة البناء من بلدية لأخرى، وعدم وجود نظام للملكية المشتركة.

كما أشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات، ووجود كثير من الأراضي البيضاء التي لم تتم الاستفادة منها، هما من المعوقات التي يشهدها القطاع العقاري، في الوقت الذي أشار فيه عمر القاضي العضو المنتدب لشركة «إنجاز للتطوير العمراني»، إلى أن تطبيق الأنظمة العقارية الجديدة قد يسهم في حل كثير من العقبات التي تعترض نمو السوق العقارية، وتوفر المساكن بشكل كبير.

وأضاف: «ستساعد هذه الأنظمة على انطلاق شركات وصناديق تمويل عقارية جديدة ستفتح قنوات عدة للتمويل تنعكس إيجابا على حركة السوق عموما، إضافة إلى الحد من المخاطر التي تتعرض لها شركات تطوير العقارات ومؤسسات الإقراض، وتوفر تمويلا إضافيا لسوق العقارات».

وتوقع القاضي أن تعطي هذه الأنظمة دفعة قوية للأسواق المالية بالمحصلة، حيث ستلعب دور المحفز للنمو الاقتصادي والثبات، كما توقع أن يوفر التمويل العقاري الأطر القانونية والتنظيمية الملائمة، التي ستوضح العلاقة التي ستربط بين جهات التمويل والمقترضين، وستزيل أية عوائق أو تردد لدى البنوك أو المؤسسات التمويلية لتوفير خطط أو برامج التمويل الملائمة.

وشدد العضو المنتدب لشركة «إنجاز للتطوير العمراني» على أهمية الخروج برؤية استراتيجية مشتركة بين الأطياف والجهات الحكومية كافة المعنية بالقطاع العقاري في المملكة، وعلى ضرورة تكاتف الجهود في سبيل تحديد الأطر الكفيلة بالخروج من حالة التراجع وعدم التوازن التي يعاني منها القطاع العقاري، على الرغم من توافر الظروف والعوامل لوجود طفرة عقارية حقيقية في ظل الحاجة الماسة والطلب المتنامي على الوحدات السكنية والتجارية على اختلاف أنواعها.

وزاد: «المملكة تشهد نقطة تحول تنموية لافتة، مصحوبة بحزمة كبيرة من مشاريع البنية التحتية العملاقة، ورؤية طموحة للتوسع والنهوض الاقتصادي والاجتماعية». وطالب المشاركون في الملتقى العقاري المصاحب لمعرض الرياض للعقارات بضرورة التحول إلى ضواحي المملكة، وتعزيز ثقافة البناء، مطلقين دعوة لإعادة التفكير في أسلوب التفكير، كما شدد المتحدثون على ضرورة إنشاء هيئة عليا للعقار، ودعوا إلى ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص.

وتشير التقديرات الحالية للحاجة إلى إنشاء أكثر من مليون منزل بحلول 2014 من أجل تلبية الاحتياجات الحالية للمساكن، ويشير تقرير إلى أن إقرار أنظمة الرهن والتمويل العقاري ستقود إلى رفع القدرة الشرائية لعدد كبير من الأفراد في ظل تنامي الطلب، على الرغم من وجود وحدات سكنية شاغرة بسبب عدم القدرة على الشراء تتراوح نسبتها بين 5 و15 في المائة.

في حين صنف تقرير لشركة «جونغ لانغ لاسال» السوق السعودية في المركز الأول ضمن قائمة الأسواق العقارية الأفضل أداء في المنطقة. واستند التقرير إلى عاملين أساسين في تصنيفه للمملكة هما: قوة الطلب المحلي على العقارات، واعتماد الاقتصاد على النفط الذي حافظ على مستويات سعرية مرتفعة.

وأضاف التقرير أن المملكة تملك مقومات تجعل سوقها العقارية الأقوى في المنطقة، كما أنها قادرة على المحافظة على هذه المكانة لمدة عامين مقبلين. وبالنسبة للعوائد على الاستثمار العقاري في المنطقة، فإن السعودية تصدرت قائمة الأسواق الأكثر ربحية، حيث بلغت نسبة العائد السنوي 12 في المائة عام 2010 مقابل 10.8 في المائة عام 2009.

ويتوقع عقاريون سعوديون أن يشهد عام 2011 نشاطا عقاريا كبيرا وذلك على أثر التشريعات الجديدة التي أقرت مؤخرا، هذا إلى جانب الأوامر الملكية المتعلقة بقطاع العقار، متوقعين زيادة رقعة التطوير للتنمية العقارية، الأمر الذي سينعكس إيجابا على القطاع الإسكاني في توفير مساكن للمواطنين.

وتقدر حاجة المملكة بنحو 4.5 مليون وحدة سكنية بحلول عام 2020، وبين الخبراء أن القطاع العقاري حقق خلال الأعوام الخمسة الماضية نموا في رأس المال الثابت في السوق العقارية تجاوز 40 في المائة.