بدأت الحكومة المصرية اتخاذ إجراءات تنفيذية للتدخل في سوق العقارات بطريقة تسمح لها بتقليص الفجوة بين العرض والطلب في هذا القطاع، وتوفير وحدات سكنية وأراض تتناسب مع دخول المصريين.
ووضعت مصر خطة لإنشاء 1.5 مليون وحدة سكنية منخفضة التكاليف، بتكلفة إجمالية 100 مليار جنيه، على مدار الخمس سنوات المقبلة، ويطبق بجميع محافظات مصر، بواقع 300 ألف وحدة سنويا بتكلفة 20 مليار جنيه تقدر الوحدة بـ100 ألف جنيه، وتسهم الحكومة المصرية بـ50 في المائة في تمويل المشروع، وباقي القيمة تمول من مؤسسات دولية تشمل البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية والأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وهيئة «الجايكا» اليابانية وبنك التعمير الألماني. كما قررت وزارة الإسكان إلغاء القرعة السابقة لحجز الأراضي، التي تم الإعلان عنها أوائل هذا العام، على أن يتم إعادة التخطيط لتوفير أكبر عدد ممكن من قطع الأراضي بمساحات تتراوح بين 250 و300 متر في مختلف المدن الجديدة للإسكان المتوسط لطرحها للمواطنين بأسعار مناسبة، كما تسعى لإعداد الدراسة القانونية لوضع الضوابط والضمانات اللازمة لعدم حصول أي أسرة على أكثر من قطعة أرض واحدة مدى الحياة لتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين ومنع المتاجرة والتربح.
ويرى مستثمرون عقاريون أن هذا المشروع سينشط شركات العقارات والمقاولات بشكل كبير، وطالبوا الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الشفافية في طرح تلك المشاريع.
ويرى مختار الدهشوري، رئيس مجلس إدارة شركة الصعيد العامة للمقاولات، أن المشروع الذي تتبناه الحكومة حاليا سينشط شركات العقارات والمقاولات بشكل كبير، وقال: «المشروع سينشط عملنا كثيرا، الحكومة ستلجأ لطرح أراض على الشركات العقارية لتتولى عملية بناء الوحدات السكنية والبيع».
وأضاف الدهشوري أن على الحكومة توفير أراض بأسعار مناسبة، حتى تتمكن الشركات العقارية من طرح الوحدات بأسعار مناسبة، ولكن الأهم هو الشفافية في الطرح، فخلال مشروع الإسكان القومي الذي تم تطبيقه خلال السنوات الماضية، كان بعض الأفراد يقومون بإنشاء شركات عقارية خلال يومين لكي يتقدموا لوزارة الإسكان لبناء المشروع، وكان يتم الموافقة لهم، دون النظر إلى سابق أعمالهم أو ملاءتهم المالية، وهو ما أثر بشكل كبير على جودة المنتج وأسعاره.
وفيما يتعلق بطرح أراض على المواطنين بأسعار ميسرة، قلل الدهشوري من تأثير ذلك على الشركات العقارية الكبرى، وقال: «قد يؤثر طرح أراض على المواطنين على الشركات العقارية الصغيرة، التي كانت تعتمد في عملها على بناء عمارات منفردة ولا تستطيع، ولكن الشركات الكبرى باستطاعتها تقديم منتج جيد ورخيص، لأن خبرتها وإمكانياتها تؤهلها للحصول على مواد البناء والعمال بأسعار أرخص مما يقوم به الأفراد».
وتابع: «لن تؤثر تلك المشاريع على أسعار الوحدات السكنية المعروضة حاليا في السوق، فالأسعار الحالية تتناسب مع تكلفة الوحدات، خاصة أن أغلب المشاريع المقامة حاليا تم شراء أراضيها بأسعار مرتفعة».
وقال سميح ساويرس، رئيس مجلس إدارة شركة «أوراسكوم» للإسكان التعاوني: «إن تعاون الدولة مع الشركات الخاصة لبناء مشاريع الإسكان منخفض التكلفة، وخاصة المدن المتكاملة، تعد وسيلة للحد من انتشار العشوائيات وتقليل من أعباء الدولة، ولكن هذا يتطلب تخطيطا من قبل الدولة لتلك المشاريع بشكل أفضل، فالمشروع القومي للإسكان واجه الكثير من العقبات والتحديات نتيجة لسوء التخطيط، لذلك فضلنا تنفيذ مشاريعنا للإسكان الاقتصادي كاملة مع وضع الدولة للمعاير والشروط اللازمة لضمان وصول الوحدات لمستحقيها».