لماذا قد تؤخر عملية «التجميل» إعادة بناء مركز التجارة العالمي؟

أعيد بناؤه بعد هجمات 11 سبتمبر ومن المقرر افتتاحه في يناير 2014

جانب من أشغال إعادة بناء مركز التجارة العالمي (نيويورك تايمز)
TT

كان من المفترض أن يكون هناك حل مناسب لمشكلة كبيرة وهي كيفية تغطية قاعدة خراسانية محصنة ارتفاعها 185 قدما لمركز التجارة العالمي (1) بحيث لا تبدو مثل ملجأ ضخم. كانت الخطة هي تغطية القاعدة بـ2000 لوح زجاجي منشوري ملتحمة بطبقات من الألمنيوم، يمكن التعبير عن ذلك بمصطلحات معمارية من خلال وصفها بأنها «سطح زجاجي ديناميكي متلألئ».

لكن ثبت صعوبة تصنيع الزجاج بهذا الشكل، حيث تجعل إعادة التشطيب الضرورية لإحداث التأثير المنشوري الزجاج سهل الكسر. وبفضل الإطار الفولاذي للمبنى الذي وصل الآن إلى الطابق الخامس والستين، درست إدارة موانئ نيويورك ونيوجيرسي الفكرة وكلفت المهندسين المعماريين بإعادة النظر في المبنى. وقال جون كيلي، المتحدث باسم إدارة موانئ نيويورك ونيوجيرسي: «مع دخول التصميم مرحلة الاختبار، بات من الواضح أن الزجاج المنشوري له الكثير من المشكلات الفنية وتكلفته لن تكون في محلها. لقد انتهينا من عمل تصميم أكثر عملية ومميز ومذهل». لقد تم إنفاق 10 ملايين دولار بالفعل على الزجاج، ولم يجب ديفيد تشايلدز من «سكيدمور أوينغز آند ميريل» الذي قام بتصميم البرج والسطح الزجاجي المنشوري، على المكالمات الهاتفية للتعليق على الأمر. وقال دوغلاس ديرست من مؤسسة «ديرست» التي تمتلك 10 في المائة من المبنى ومسؤولة عن تأجيره إن تبدل الخطط ينبغي ألا يؤثر على الجدول الزمني للانتهاء من المبنى الذي من المقرر أن يفتتح في يناير (كانون الثاني) 2014. ومن المرجح أن تكون الواجهة الجديدة من ألواح زجاجية تقليدية شفافة وبعض الأجزاء الجرانيتية تربطه بالمباني المحيطة به.

توضح المشكلة المرتبطة بالزجاج الإشكالية الكامنة في المشروع الذي تبلغ تكلفته 3,2 مليار دولار وهي كيفية بناء ناطحة سحاب كانت من المعالم الشهيرة والتي تصدت لهجمات إرهابية مع ضغط النفقات في الوقت ذاته.

وعام 2003، قام دانييل لايبسكيند، كبير مخططي موقع مركز التجارة العالمي، بتصميم الجزء الشمالي الغربي من مساحة الأرض التي تبلغ 16 فدانا من أجل بناء برج ارتفاعه 1776 قدما أطلق عليه جورج باتاكي، رئيس بلدية نيويورك، اسم «برج الحرية» ثم سمي بعد ذلك مركز التجارة العالمي (1). استعان لاري سيلفرستين، الذي تولى مهمة تشييد المبنى في ذلك الوقت قبل أن يسلم الأمر لإدارة الموانئ، بتشايلدز، المهندس المعماري الشهير الذي قام بتصميم مركز «تايم وارنر»، فضلا عن مبان شهيرة أخرى. لكن عاد تصميم تشايلدز إلى مجلس التصميم عام 2005 بعد أن حذر شرطة نيويورك من أخطار قنبلة في سيارة. أعاد تشايلدز، الذي يقول عنه أصدقاؤه إنه يرى البرج على أنه مشروع تراث، تصميم المبنى وأبعد الأساس عن شارع ويست ستريت وأدخل منصة خراسانية سميكة مصممة بحيث تبعد البرج عن طريق أي انفجار يمكن أن يحدث.

بفضل هذا التصميم أصبح يوجد بهو يبلغ ارتفاع أسقفه 50 قدما، لكن لا يوجد مساحة لمكاتب حتى الطابق العشرين.

لكن أثار تصميم تشايلدز الذي يتضمن وجود واجهة فولاذية بلا نوافذ للمنصة انتقادات الكثيرين الذين وصفوها بأنها «ملجأ خراساني»، بينما أثار قلق باتاكي الذي كان يشعر بحساسية تجاه صورة ناطحة السحاب. في يونيو (حزيران) 2006، كشف تشايلدز عن التصميم الذي أدخل عليه بعض التعديلات ومنها أن تكون القاعدة الخراسانية مكسوة بالزجاج المنشوري الملحومة بأسطح من الألمنيوم حتى تضفي نوعا من الشفافية على القاعدة. وتم تصميم الألواح الزجاجية التي يبلغ سمكها بوصة ومساحتها 13 قدما في 4 بوصات لتتفتت إلى قطع صغيرة في حالة انفجار قنبلة مثلما يحدث لزجاج السيارة الأمامي.

من أجل صناعة زجاج منشوري، تم تثبيت الأوتاد في السطح لإحداث التأثير المنشوري بحيث يكون الزجاج عاكسا وكاسرا للشعاع وينقل أشعة الضوء بأطياف مختلفة دون أن يسبب اضطراب في رؤية المارين أو السائقين بحسب تشايلدز. ويستخدم الزجاج المنشوري لغرض الزخرفة منذ ما يزيد على قرن من الزمان في المصابيح وواجهات المتاجر. لكن يعد تصميم مركز التجارة العالمي فريدا من نوعه وغير مسبوق على الأقل في الولايات المتحدة على حد قول ويليام يانيك، نائب الرئيس التنفيذي لاتحاد زجاج أميركا الشمالية في توبيكا بولاية كنساس. ويوضح قائلا: «على حد علمنا لم يستخدم الزجاج المنشوري في تشييد أي مبنى بهذه الضخامة». وفوق القاعدة يثبت العمال أكثر من 12 ألف لوح زجاج عالي الشفافية بالإطار الفولاذي.

وتنافست ثلاث شركات على عقد بقيمة 82 مليون دولار لتصنيع وتركيب واجهة القاعدة. وفي أغسطس (آب) 2008، اختارت إدارة موانئ نيويورك ونيوجيرسي أن توكل المشروع إلى شركتي «دي إس إم إريكتورز» و«سوليرا كونستراكشن». وفي محاولة لخفض التكاليف قررت الشركتان اللتان رفضتا التعليق تصنيع الزجاج في الصين وهي خطوة أثارت حنق ثلاث شركات أميركية قدمت الدعم الفني للمشروع وكذلك محافظي ولايات نيوجيرسي وبنسلفانيا ومنيسوتا مقرات الشركات بحسب ما صرح به غاري دانويسكي، نائب رئيس «بي بي جي بيرفورمانس غليزينغز»، التي تعمل في مجال تصنيع الزجاج بولاية بنسلفانيا عام 2009. وقال غاري: «تمثل فكرة صناعة الطبقة الواقية للمبنى الذي تشتهر به أميركا من زجاج مستورد من دولة في الجانب الآخر من العالم لا من خامات محلية الصنع ضربة كبيرة». لكن في ظل عدم قدرة المصنع الصيني على إنتاج ألواح زجاجية تماثل العينة المرجوة، طلبت الشركتان اللتان تتولى مهمة تشييد المبنى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي زجاجا خاما من مصنع زجاج تابع لشركة «بي بي جي» خارج كارليزل بولاية بنسلفانيا.

لكن ما زال من المقرر أن تتم عملية التصنيع في الصين وتم إرسال بعض ألواح الزجاج منذ بداية شهر يناير. إن ذلك يحدث بسبب العقدة الناتجة عن الرغبة في خفض التكاليف مع وضع طبقة واقية وداعمة من أجل حماية الزجاج. لكن كانت ألواح الزجاج تميل إلى الانحناء بعد قطعها ومعالجتها التي دخلت مع عملية وضع الطبقة الواقية. كذلك ثبت هشاشة الحواف المتداخلة مع الزجاج وتكسرت إلى قطع كبيرة بدلا من القطع الصغيرة كما حدث من قبل. ليس من الواضح بعد ما إذا كان المصنع الأميركي سيحقق نجاحا أكبر أم لا، لكن بعد عامين وإنفاق ملايين الدولارات، قررت إدارة الموانئ أنه لن يكون من الحكمة القيام بمزيد من المحاولات وتخلت عن الفكرة تماما في مارس.

* خدمة «نيويورك تايمز»