لهذه الأسباب يسيل قانون الرهن العقاري السعودي لعاب الشركات العالمية

حجم سوق المملكة العقارية يصل إلى 373 مليار دولار

يتطلع خبراء عقاريون إلى أن يحدث إقرار الرهن العقاري نقلة نوعية في قطاع العقارات السعودية خلال الفترة المقبلة (تصوير: أحمد يسري)
TT

كشف خبراء ومختصون من شركات عالمية تعمل في مجال العقار والتطوير والإنشاءات في السعودية، عن ترقب إقرار قانون الرهن العقاري، حيث برزت رغبة جامحة لدى تلك الشركات، للدخول في سوق العقار السعودي بجدية، ومن العيار الثقيل، ذلك لكون هذا القانون من شأنه تنظيم السوق بشكل أو بآخر، فضلا عن أنه سيساعد في حفظ حقوق كل الأطراف المستفيدة من العملية العقارية موضع الشركات بينها.

وحاولت الجلسة الثامنة التي خصصها منتدى اليورومني، للحديث عن الرهن العقاري، في الوقت الذي تعرضت فيه إلى الحديث عن القطاع العقاري والإسكان بشكل عام، أن تجد إجابات شافية وملحة لعدد من الأسئلة، التي تتعلق بتقييم وضع الإسكان والحلول التي وضعت في هذا الشأن وتحديد ما إذا كان بالفعل هناك نمو في هذا المجال، فضلا عن حقيقة وجود طلب حقيقي للمنتجات العقارية، مع كشف مستوى دخل المواطن السعودي، إن كان يتناسب مع المنتجات العقارية المطروحة في السوق العقارية أم لا.

ولا يزال الوسط العقاري في السعودية - أكبر اقتصاد عربي - ينتظر إقرار الرهن العقاري، وهو الذي يبدو أنه في مرحلته الأخيرة، وهو الذي يعتقد أن يقفز بقطاع العقارات، في حين يصل حجم السوق من موجودات واستثمارات في قطاع العقارات السعودية إلى 1.4 تريليون ريال (373 مليار دولار).

وجاءت النتائج والمؤشرات إيجابية في تلك الجلسة المتخصصة، التي أدارها ريتشارد بانكس مدير مؤتمر يورومني السعودية، وتحدث فيها كل من عمر القاضي الرئيس والمدير العام لشركة «إنجاز للتطوير»، وإندرو كلاوت المدير العام لشركة «سينو إنفيسمنتس» وإقبال داريديا الرئيس التنفيذي المكلف ورئيس إدارة أسواق المال وقطاع الشركات والخزينة ببنك يونيكورن الاستثماري، بالإضافة إلى متحدثين عن كل من جون ديفيس الرئيس التنفيذي لـ«كولييرز إنترناشيونال - السعودية» وعصام كلثوم الرئيس التنفيذي لشركة «الشامية للتطوير الحضري»، بأن تكون إحدى أهم نوافذ الدفع والاستقبال للمطورين العقاريين السعوديين تجاه الشركات العالمية التي تنشط في مجال التطوير والإنشاءات والهندسة والتصاميم.

من ناحيته، قال عمر القاضي الرئيس والمدير العام لشركة «إنجاز للتطوير» لـ«الشرق الأوسط»: «إن سوق الإسكان في السعودية تعاني من قلة العرض، الأمر الذي دفع بخادم الحرمين الشريفين أن يوقع لعهد جديد من التنمية، ببناء 500 ألف وحدة سكنية لحل جزء من المشكلة الكلية، مع أنه يرى أن هذا القرار سيستغرق وقتا طويلا ليس أقل من خمس إلى سبع سنوات، وبين أنه بعد هذا التاريخ من الممكن أن تتولد قدرة للبناء ولكنها غير قابلة للتنبؤ بحجمها الحقيقي وانعكاساتها الفعلية في الزمن المحدد».

وتحتاج السعودية لبناء مليون وحدة سكنية على مدى 5 سنوات، بنسبة تصل إلى 200 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي، الأمر الذي سيسهم في جذب الطلب المتنامي خلال الفترة الحالية.

وأشار القاضي إلى أن العلاقة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي في مجال البناء عادة لا تتجاوز نسبة تدخل فيها الحكومة بنسبة لا تتجاوز 15 - 20 في المائة كحد أقصى، على الأقل في الخطة الخمسية التاسعة، بينما قاربت الخطة من أن تكون من مجموع الموجود ما بين 30 و40 في المائة من حجم الطلب.

وأوضح أنه قبل عامين كانت المتاجرة في الأراضي الخام متاحة، الأمر الذي زاد من حجم العرض وهذا أدى بدوره إلى هبوط الأسعار، مبينا أن الأمر الأهم من ذلك هو أن يكون الطلب على الأراضي لتجويدها وتطويرها لا أن يكون الهدف فقط البيع، مشددا على أهمية معالجة الفجوة بين المطورين والإنشائيين وجهات التمويل.

من جهته أبدى ريتشارد تفاؤلا في أن يكون نظام تزويد العميل بحاجته من البيوت عن طريق الوزارة الحكومية مفيدا للقطاع الخاص العامل في مجال العقارات، معتقدا أن جدوى الخدمات المالية تبدو مفيدة إذا جاءت من خلال شركات مالية، فضلا عن أهميتها في زيادة قدرة الإنشاءات في السعودية التي تؤثر بشكل أو بآخر في وضعية المطورين السعوديين.

وأوضح أن قرارات الملكية الأخيرة تصب في خانة ضخ المال، بشكل إيجابي يحمس البنوك للتعاطي مع عملائها عن طريق الرهونات الصغيرة للقطاع الخاص، مبينا أن هناك الكثير من المشاريع التي ستبرز فضلا عن ظهور مجموعة قوية من المطورين، مشيرا إلى تجربتهم الناجحة في دبي، غير أنه يرى أن السوق السعودية أكثر فائدة لدى المستثمر الأجنبي أكثر من سوق دبي، ذلك لأنه يتمتع بقدرة مالية ضخمة من شأنها ردم أي هوة بين الطلب والعرض.

ولكن مع ذلك يعتقد مدير الجلسة أن هناك سؤالا صعبا وهو أن هذه الموجودات العقارية لن تبلغ نهايتها بين ليلة وضحاها فهي تحتاج إلى وقت طويل، وهناك تبرز مسألة الخوف من تذبذب الأسعار التي ترتفع في الرياض من 30 إلى 100 في المائة، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الشفافية وتوحيد الإجراءات والتوعية بأن يتم تسليم المنتج العقاري بشكل ينال رضا العميل، داعيا للتفريق بين الإسكان الميسر والآخر غير الميسر، حيث يرى أن الميسر يدخل ضمن شكل الطلب والعرض، الذي تسعى الحكومة لأن يصل إلى أعلى مستوى له.

وأكد المشاركون أن قانون الرهن العقاري مطلوب وممدوح ومن المؤمل أن يوضح مشكلات العرض ويعالج مسألة الإسكان الميسر ويساعد في نفس الوقت وضعية الشروط البنكية المتعلقة بالرهن العقاري، فضلا عن أهميته في تحسين العلاقة بين المطورين والبائعين والمشترين، مشيرين إلى أن وضعه الآن في أضيق حدوده، ما جعل الشركات العالمية تقف خائفة من المغامرة في الدخول في السوق السعودية في ظرف وضعها الحالي، داعين الحكومة لأن تعالج الوضع وتصنع نوعا من القدرة من المواجهة العادلة بين البنوك وحاجة السوق، وتبسط حق الشفافية وتعدل القوانين لتكون مواكبة لما عليه الوضع في بقية العالم الآخر، مع إقرارهم بأن القانون هو بداية حل مشكلة العقار وليس نهايتها.