العقارات الفاخرة تواصل تحليقها في لندن

تزيد قيمتها بما يصل إلى 1125 دولارا يوميا وبارتفاع 31% منذ مارس 2009

جانب من العاصمة البريطانية لندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

على العكس من تطورات أسعار العقار السكني العادي، أشارت التقارير الأخيرة إلى أن قيمة العقارات الفاخرة في وسط العاصمة البريطانية لندن قد ارتفعت بنسبة لا تقل عن 1 في المائة في أبريل (نيسان) هذا العام، مما رفع نسبة النمو السنوية على الأسعار إلى 8.3 في المائة. وكانت أسعار العقارات السكنية العادية قد تراجعت منذ عام إلى أكثر من 1.3 في المائة.

وعلى هذا الأساس، يكون معدل سعر العقار الفاخر في وسط العاصمة قد ارتفع بنسبة لا تقل عن 31.2 في المائة منذ مارس (آذار) عام 2009، أي بزيادة ما قيمته 750 جنيها إسترلينيا (1125 دولارا تقريبا) على العقار يوميا.

وأشارت الأرقام الأخيرة التي نشرتها مؤسسة «نايت فرانك الدولية» المعروفة إلى أن أسعار العقارات الفاخرة في وسط المدينة التي يتراوح سعرها بين مليون جنيه (1.5 مليون دولار تقريبا) و5 ملايين جنيه (7.5 مليون دولار تقريبا)، قد ارتفعت بنسبة 4 في المائة منذ ثلاثة أشهر فقط. ويبدو أن أكثر المناطق الفاخرة في وسط العاصمة التي سجلت ارتفاعا ممتازا على الأسعار، كانت مناطق ماي فير وسانت جونس وود وكينزينغتون وملبورن، وقد وصلت نسبة الارتفاع على الأسعار في هذه المناطق إلى 10 في المائة بين أبريل العام الماضي (2010) وأبريل العام الحالي.

كما أن الفجوة بين أسعار وأداء هذه المناطق وغيرها من المناطق البريطانية، عدا بلغرافيا وتشيلسي ونايتسبريدج وهولند بارك بالطبع، ازدادت واتسعت أكثر من أي وقت سابق، خصوصا خلال العام الماضي.

وتقول «نايت فرانك» إن نمو الأسعار جزء من العوامل التي تأخذ بعين الاعتبار لمعرفة صحة الأسواق وأدائها إضافة إلى حجم الصفقات العقارية المعقودة.

وعلى صعيد هذه الفجوة بين الوسط وبقية المناطق، تشير الأرقام إلى أنه فيما تراجع عدد الصفقات في وسط لندن خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام بنسبة 31 في المائة، تراجع عدد الصفقات في بقية مناطق البلاد في الفترة نفسها بنسبة لا تقل عن 5 في المائة.

وكما سبق أن ذكرنا، فقد كان اهتمام المستثمرين الأجانب، هو العامل الحاسم في نمو أسعار العقارات الفاخرة في العاصمة لندن خلال السنوات القليلة الماضية خصوصا خلال العام الماضي، وسجل خلال العام الماضي نشاط أكثر من ستين جنسية في وسط العاصمة لندن.

ومع هذا، لا يمكن الاستهانة بالأداء المحلي في الأسواق الفاخرة وأثره على الأسعار ونموها الإيجابي؛ إذ لا يزال النشاط البريطاني المحلي وعدد الصفقات بشكل خاص، يشكل نصف عدد الصفقات المعقودة العام الماضي، كما أن أكثرية الناشطين في العقار الفاخر الذي يتراوح سعره بين مليون جنيه و5 ملايين جنيه، هم من العاملين في القطاعين المالي والتجاري في وسط المدينة.

ويؤكد بعض المحللين والعارفين في عالم العقار الفاخر أن الأسعار يمكن أن تحافظ على نموها في المستقبل إذا ما تواصل نمو الوظائف الجديدة في وسط العاصمة لندن مقارنة ببقية المناطق الأخرى.

كما أكد مؤشر وتقرير «نايت فرانك» الخاص بقطاع الإيجار في القطاع الفاخر في وسط العاصمة لندن، أن نسبة الارتفاع الشهرية على أسعار الإيجار ساهمت في رفع نمو عائدات الإيجار السنوية إلى أكثر من 16.3 في المائة. وعلى هذا الأساس تكون نسبة الارتفاع على أسعار الإيجارات منذ يونيو (حزيران) عام 2009 حتى الآن، قد وصلت إلى 25 في المائة. وهذا أفضل وأكثر مما سجلت الأسعار في عز طفرتها عام 2008 بـ2 في المائة تقريبا.

وكانت نسب النمو على أسعار الإيجار، قد تجاوزت نسب النمو على رأس المال في وسط لندن خلال السنة الماضية، مما رفع من معدل العائدات الربحية، التي ارتفعت من 3.3 في المائة في يونيو العام الماضي إلى 3.8 في أبريل العام الحالي.

ويؤكد الخبراء في هذا المضمار، أن قطاع الإيجار في العقارات السكنية الفاخرة بشكل عام، خصوصا في العاصمة لندن، يشهد طفرة كبيرة منذ أكثر من 18 شهرا. ويعود ذلك بالطبع إلى زيادة الطلب على إيجار العقارات السكنية الفاخرة من قبل العاملين في القطاعات المصرفية والمالية والتجارية والتكنولوجية والإعلامية، مع تراجع عدد العقارات المتوفرة في الأسواق للإيجار وذهاب معظم ما هو متوفر منها إلى سوق البيع بسبب العائدات الضخمة في هذه السوق مؤخرا. كما أن النمو في أسعار الإيجارات قد ساهم في تسجيل عدد قليل من العقارات المعروضة للإيجار. وقد تراجع عدد العقارات المتوفرة في قطاع الإيجار بنسبة لا تقل عن 20 في المائة منذ أبريل العام الماضي حتى أبريل العام الحالي، مقارن بالعام السابق؛ أي منذ أبريل 2009 وحتى أبريل 2010.

ويبدو أن ارتفاع نسبة فرص العمل المتوفرة في وسط العاصمة لندن بما لا يقل عن 27 في المائة خلال العام الماضي، ساهم في تحسن سوق الإيجار، وتحسن أرقامه وأدائه بشكل عام.

ورغم أن أداء قطاع إيجار العقارات السكنية الفاخرة قد تجاوز إيجابيا أداءها في عز الطفرة عام 2008، فإن التوقعات لا تزال تشير إلى مزيد من النمو على الأسعار وعلى أسعار الإيجارات خلال العام الحالي وربما العام المقبل. ويجري الحديث عن نسبة تتراوح بين 5 و10 في المائة، على حد قول ليام بريدي من «نايت فرانك» للعقارات السكنية في لندن.

ويبدو أن بقاء سوق القروض العقارية على حالها هذا العام رغم التحسن النسبي، أحد الأسباب الرئيسية في انتعاش سوق الإيجار الآتي من الأجانب، وقد ساعد ذلك كما يبدو أيضا على إنعاش قطاع الإيجار الذي تتراوح قيمته بين 400 جنيه (600 دولار تقريبا) و1000 جنيه (1500 دولار تقريبا) في الأسبوع.

ومع كل هذا لا يتوقع أن تزداد نسبة عائدات الإيجار أكثر من 4 في المائة على الرغم من الأداء الجيد للقطاع بشكل عام. كما أنه ومع كل التحسن والطفرة التي يجري الكلام عنها في قطاع العقارات الفاخرة، فإن أسعار الإيجارات لم ترتفع فعليا بأكثر من 21 في المائة منذ عقد كامل، بينما ارتفع عائد العائلة الواحدة منذ عقد بنسبة 50 في المائة تقريبا.

كما أن الأرقام الأخيرة تشير إلى أن أسعار الإيجار حاليا وعلى أرض الواقع أرخص مما كانت عليه عام 2000.

وكانت التقارير العقارية قد أشارت بشكل عام إلى ارتفاع أسعار إيجار العقارات السكنية العادية المتوفرة في الأسواق بنسبة 16 في المائة خلال العام الماضي، أي عام 2010، مع ازدياد الطلب الخارجي. وأشار بحث مؤخرا في هذا الإطار إلى أن نسبة ارتفاع أسعار الإيجار خلال الربع الأول من هذا العام قد وصلت في شرق العاصمة لندن وحدها إلى 4.3 في المائة. ووصلت هذه النسبة في شمال المدينة إلى 3.8 في المائة، وهي نسبة ليست بعيدة عن النسبة الأولى ومن ناحية الأداء.

ويقول تقرير لمؤسسة «برابارتي وير» المعروفة إن الارتفاع على أسعار العقارات في منطقة سان جونس وود المعروفة والمرغوبة في وسط العاصمة قد وصل إلى نسبة 15 في المائة منذ 2007، أي منذ بدء أزمة الائتمان الدولية التي سببتها القروض العقارية العالية المخاطر آنذاك.

ويعود هذا النمو على أسعار الإيجار إلى عجز كثير من الناس عن دخول سوق العقار عن طريق الشراء بسبب الشروط المشددة على القروض العقارية الممنوحة وبسبب الأوضاع الاقتصادية العامة التي تشهد مرحلة من مراحل التقشف الحكومي الكبير لسداد العجز في الميزانية.

وفي حين نمت أسعار إيجار العقارات الفاخرة بنسبة 3.4 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، أي بنسبة سنوية قدرها 12 في المائة، تجاوز النمو على أسعار الإيجار، كما سبق أن ذكرنا، أسعار العقارات الفاخرة نفسها.

ومن المناطق التي طالتها نسبة الزيادة على أسعار الإيجار في شرق العاصمة لندن، كانت مناطق ووبينغ وكناري وورف، حيث سجلتا نسبة ارتفاع قدرها 4.3 في المائة خلال الربع الأول من هذا العام، أي بنسبة سنوية لا تقل عن 13.4 في المائة.

أما في شمال المدينة، فقد سجلت كل من منطقتي إيزلينغتون وهامبستيد المعروفة بجذبها للسكان الأجانب، نسبة ارتفاع على أسعار الإيجار خلال الربع الأول، قدرها 3.6 في المائة أي بنسبة 16 في المائة تقريبا سنويا. وبسبب قلة العقارات المتوفرة في هاتين المنطقتين، ارتفعت الأسعار أيضا بنسبة لا تقل 15 في المائة، مقارنة بما كانت عليه في أيام الطفرة العقارية.

أما في الوسط المالي والتجاري في لندن، فقد ارتفعت أسعار الإيجارات للعقارات السكنية العادية بنسبة لا تقل عن 2.9 في المائة خلال الربع الأول من هذا العام.

وتقول مؤسسة «سافيلز» الدولية إن القطاع سيواصل نموه الإيجابي خلال الفترة المقبلة، وإن أسعار الإيجار ستكون الأكثر نموا في المراحل المقبلة في مناطق جنوب غربي المدينة أي في فولهام وباتني ووندزوورث وريتشموند، حيث يزداد الطلب يوميا على حساب العرض ومنذ سنوات.

وعلى صعيد آخر، أشارت المعلومات الأخيرة التي وفرتها مؤسسة «إي بي بي آر» الخاصة بالأبحاث العامة، إلى أن الفجوة بين العرض والطلب في أسواق العقار السكني في بريطانيا قد تتسع لتصبح بحجم الطلب في ثلاث مدن كبرى، وهي نيوكاسل وبرمنغهام وليفربول، في حال تحسن الوضع الاقتصادي. وحتى في حال بقاء الوضع الاقتصادي على حاله، لا يتوقع أن يقل الطلب على العقارات عن 200 ألف عقار في السنة. وحسب الإحصاءات الحكومية، فإن الحاجة السنوية الطبيعية للمنازل الجديدة لا تقل عن 280 ألف عقار، وأن النقص في عدد المنازل الجديدة في إنجلترا وحدها سيصل إلى 750 ألف منزل في العام؛ إذا ما تواصل النقص في وتيرته الحالية. وتعتبر مناطق الجنوب الشرقي والعاصمة لندن وشرق إنجلترا ومنطقة يوركشاير وهامشاير الأكثر نقصا في هذا المضمار. وسيصل النقص في العاصمة لندن إلى نحو 325 ألف منزل جديد. أما في هامشاير ويوركشاير، فالرقم سيصل إلى 151 ألف منزل، وفي شرق إنجلترا إلى 132 ألف منزل، والمناطق الجنوبية الشرقية إلى 77 ألف منزل.

ويبدو أن أقل المناطق طلبا للمنازل الجديدة هي المناطق الشمالية الشرقية حيث لا يتعدى الرقم 16 ألف منزل، والمناطق الجنوبية الغربية 7 آلاف منزل.

كما أن المناطق الوحيدة التي يبدو أنها توازن بين العرض والطلب هي المناطق الشمالية الغربية.