لهذه الأسباب.. الهنود أكبر المستثمرين الأجانب في عقارات دبي

تراجع أسعارها زاد من إقبالهم عليها

منظر جوي لمدينة دبي («الشرق الأوسط»)
TT

يتدفق الهنود إلى دبي التي أصبحت سوق عقاراتها هدفا للمشترين الهنود بعد الانخفاض الحاد في أسعار العقارات خلال العامين الماضيين. ويأتي الهنود على رأس قائمة الأجانب الذين يقومون بشراء العقارات في دبي، حيث قاموا بشراء عقارات بقيمة 9.3 مليار درهم، أي ما يوازي 19 في المائة من إجمالي الاستثمار في عام 2010.

وتعد دبي ثاني أكبر قبلة للمستثمرين الهنود، ويشهد هذا الاتجاه في الوقت الراهن تزايدا، بسبب تقديم دبي لبعض الصفقات الكبيرة في أعقاب الركود العقاري في المنطقة.

وقد أدت الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط إلى الحد من رغبة المشترين إلى حد ما، ولكن الكثير من المستثمرين الأجانب، بما في ذلك الهنود، قد عقدوا صفقات كبيرة في السوق العقارية المتعثرة.

وبالمقارنة بالمدن الهندية الكبرى، مثل مومباي أو دلهي، التي تصل فيها أسعار العقارات إلى أرقام فلكية، تقدم دبي صفقات واتفاقات أفضل بكثير، فيكفي أن تعرف أن أسعار العقارات في مومباي في الآونة الأخيرة تزيد على مثيلاتها في دبي بمقدار 50 في المائة.

وفي الوقت الذي يصل فيه متوسط ??سعر القدم المربع في دبي لنحو 264 دولارا، فإنها بذلك تعد أرخص بنحو 60 في المائة من أسعار العقارات في وسط مومباي، حيث يصل سعر القدم المربع لنحو 664 دولارا.

ومن الناحيتين الجغرافية والعاطفية، تقع دبي على مقربة شديدة من شبه القارة الهندية، ولذا دائما ما تشعر الجالية الهندية في دبي وكأنها في وطنها، وبالتالي نجد أن الهنود من بين أوائل المستثمرين في سوق العقارات في دبي.

واليوم، فإن العرض القيم المقدم من قبل الكثير من الشركات في دبي، من حيث نمط الحياة والأسعار والجودة، هو عرض لا مثيل له. وعلاوة على ذلك، تقع دبي على بعد أقل من ثلاث ساعات من المدن الهندية الكبرى، لذا فمن السهل أن نفهم لماذا يحبذ الهنود الاستثمار في القطاع العقاري في دبي.

يخلق هذا ألفة طبيعية للاستثمارات بين الهنود، كما يوجد عامل آخر يتمثل في السهولة النسبية لاستثمار الهنود في دبي، علاوة على حقيقة أن عددا كبيرا من الهنود لديهم أعمال ومصالح شخصية هناك.

وحتى مايو (أيار) 2002، كان يتم السماح للأجانب باستئجار أو امتلاك العقارات لمدة 99 عاما فقط. ومع ذلك، يمكنهم الآن الشراء أو التملك بشكل مطلق، ولكن في منطقة دبي الجديدة فقط، وخلافا لما يحدث في الهند، تقوم دبي بحماية رأسمال المستثمرين خلال عملية الشراء، من خلال قانون عهد التنفيذ (عقد أو صك أو سند يودع لدى شخص ثالث ليسلمه إلى المستفيد عند تنفيذ شرط معين).

وهناك عوامل أخرى، مثل قانون الطبقات المقترح الذي يصب في مصلحة أصحاب المنازل في دبي. وبموجب هذا القانون، الذي اقترحته هيئة دبي لتنظيم العقارات، يتمتع مالكو المنازل بقدر أكبر من السيطرة على ممتلكاتهم. وكان أصحاب المنازل يتذمرون من رسوم إدارة الممتلكات المجحفة التي كانوا يدفعونها للشركات التي تحافظ على منازلهم. ويسعى قانون الطبقات إلى حل القضايا بين أصحاب المنازل وشركات إدارة الممتلكات عن طريق رصد تكلفة وجودة الخدمات المقدمة.

ويعتزم الزوجان راجيش وسانجيتا، محاسب قانوني ومهندسة، اللذان يملكان منزلا ورثاه عن الأجداد في شيناي الهندية، الانتقال إلى مومباي في غضون العامين المقبلين، ولكنها لا يملكان سوي 15 مليون روبية وهو ما يمكنهما من شراء شقة مكونة من غرفتي نوم في جنوب مومباي، لذا قاما بنفس هذا المبلغ بشراء فيلا مكونة من غرفتي نوم في ضواحي دبي.

تبين هذه التجربة السبب وراء شراء المزيد والمزيد من الهنود للعقارات في أماكن مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يريد البعض أن يمتلك مكانا يقضي فيه عطلته، في حين ينظر آخرون إلى هذا على أنه استثمار، ولكن كل منهم يكتشف أن أسعار العقارات في الخارج هي نفس الأسعار وربما أقل مما هي عليه في الهند، مما يجعل من هذه العقارات مكانا مثاليا كمنزل ثان أو ثالث.

ويقول رجا كاوشال، وهو الرئيس التنفيذي لشركة «بترهومز» للعقارات في دبي: «لا توجد ضرائب على شراء العقارات في دبي، وحتى إذا قمت بتأجير العقارات الخاصة بك، فسيكون الدخل معفى من الضرائب تماما». والأسعار مماثلة لتلك الموجودة في المناطق المركزية الهندية، بدءا من مليوني روبية؛ ففي مومباي على سبيل المثال، ستكون بحاجة على الأقل إلى 6 ملايين روبية لشراء منزل داخل حدود المدينة.

وفي أعقاب الهبوط الحاد في أسعار العقارات في عام 2008، قامت المشاريع الجديدة في ضواحي دبي الجديدة، مثل «وارسان» و«ميديا سيتي» بإعادة تحديد معالم المساكن بأسعار معقولة.

وقال المستشار العقاري فيغاي شودري: «يمكنك الحصول على شقة تحتوي على غرفة واحدة بمساحة 500 قدم مربع مقابل 1.6 مليون درهم إماراتي (نحو مليوني روبية)، أو شقة مكونة من حجرة نوم وصالة ومطبخ، مقابل 2.5 مليون روبية فقط في أي من التجمعات التابعة لـ«دبي إنترناشيونال سيتي».

تعد هذه أسعارا رخيصة بالمقارنة بسعر شقة مماثلة في مومباي؛ إذا ما أخذت في الاعتبار حقيقة أنه يتم بيع هذه العقارات على أساس نظام المساحة الصافية والمعروفة باسم «كاربت إريا» وليس نظام المساحة الإجمالية أو «سوبر إريا» كما هو الحال في الهند. كما يعد توافر القروض المصرفية بفائدة أقل بالمقارنة مع البنوك الهندية نقطة جذب إضافية.

وتملك مجموعة «نخيل»، إحدى شركات التطوير العقاري الرائدة، التي تتخذ من دبي مقرا لها، عشرات العملاء الهنود. ويمكن للأجانب تملك عقارات في معظم المناطق التي تم تطويرها في الآونة الأخيرة أو التي يجري تطويرها من قبل مجموعة «نخيل».

وتستهدف المساكن المنخفضة التكلفة بنظام التملك الحر الموجة الجديدة من المغتربين. ويقول شودري: «يبعد وسط المدينة نحو 20 دقيقة بالسيارة، بدلا من مدة الساعتين التي تأتي كحزمة واحدة مع المنازل التي تتمتع بأسعار معقولة في مومباي».

وقد شهد الطلب على شراء المنازل في دبي زيادة خلال الاثني عشر شهرا الماضية. وعلى عكس مومباي، حيث تسمح المؤسسات السياسية الصديقة للمطورين بتثبيت الأسعار، فإن اقتصاد السوق الحرة في دبي لا يسمح بهذا. ويمكن تفسير هذا التفاوت الصارخ بين أسواق العقارات في مومباي ودبي من خلال حقيقة أن الأسعار قد ارتفعت بنسبة 50 في المائة تقريبا في أحدهما، في حين لا تزال منخفضة بمقدار 50 في المائة في الآخر.

من بين المزايا الأخرى للاستثمار في العقارات في دبي عدم وجود ضرائب على دخل الإيجار، كما لا يوجد ضريبة على مكاسب رأس المال الناتجة عن بيع العقارات. ويقول فيكي أوزوال، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة «أوزوال ريالتي» التي تملك علاقات وطيدة مع مؤسسة «ستار غيغا»: «يمكن أن تحقق المشاريع في دبي متوسط ??عائد تأجير يتراوح بين 7 و10 في المائة سنويا».

ووفقا للوائح التي وضعها المصرف الاحتياطي الهندي، قد يحول الهندي ما يصل إلى 100 ألف دولار سنويا لحساب جار و/أو معاملات حساب رأس المال. وبالنسبة للعقارات خارج الهند، يمكن للهنود شراء العقارات دون الحصول على موافقة من بنك الاحتياطي.

وفي الوقت الذي لم تتأثر فيه العقارات الهندية بشكل كبير من جراء الركود العالمي، انخفضت أسعار العقارات في أوروبا الغربية ودول الخليج إلى أقل مستوياتها، مما يجعلها سوقا مثالية للهنود الأثرياء، الذين يتطلعون إلى الاستفادة من انخفاض أسعار العقارات بشكل هائل.

ووفقا لسانجاي دوت، الرئيس التنفيذي للأعمال التجارية بشركة «جونز لانغ لاسال إنديا»، تكمن المصلحة الفعلية للمشتري إلى حد كبير في استجابة المستثمرين لترشيد أسعار العقارات في دبي للاستفادة من تحسن السوق في وقت لاحق، لكنه يحذر من أن دبي تعد وجهة استثمارية غير مضمونة النتائج، نظرا لأنه من المرجح أن تشهد إنشاء أكثر من 45 ألف وحدة سكنية جديدة على مدى العامين المقبلين. وأضاف: «ومن ناحية أخرى، تعتمد أسعار العقارات في مومباي على الأسعار التي يكون المشترون على استعداد لدفعها خلال فترة الازدهار. وهناك بطء من جانب المطورين في الاستجابة للديناميكيات الجديدة في الأسواق، لذلك فمن المؤكد أن هناك عنصرا من عناصر التضخم في الأسعار الآن».

يشكل الهنود نحو 42 في المائة من سكان دبي، وبالطبع تنعكس هذه النسبة على سوق العقارات في الإمارات العربية المتحدة. ووفقا للبيانات الصادرة عن شركة «داستور»، يملك العشرات من الهنود، والمقبلين من مومباي، منازل خاصة في دبي.

وعلى الجانب الآخر، يعد بيع العقارات في دبي من الأشياء الصعبة، لأنه في حين يفضل معظم الهنود العمل في دبي، فإنهم لا يفضلون التقاعد فيها.