تقرير: القطاع العام السعودي اللاعب الرئيسي في سوق العقارات خلال السنوات الـ10 الماضية

ارتفاع أسعار العقارات في المدن الرئيسية خلال النصف الأول من العام الحالي

شهدت الفترة ما بين 2007 إلى 2009 سيطرة القطاع العام على سوق العقارات السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشف تقرير أصدره بنك سعودي الأسبوع المنصرم وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه عن توسيع الحكومة السعودية لاستثماراتها في القطاع العقاري، وأشار التقرير إلى أنه خلال العقد الماضي شهد سيناريو هذا التوسع، الذي قال التقرير إنه جاء على حساب الدور الاستثماري للقطاع الخاص في بعض القطاعات الرئيسية، بما فيها قطاع البناء.

وأشار التقرير إلى أنه في عام 2001 ساهمت استثمارات القطاع الخاص في تكوين 96 في المائة من إجمالي رأس المال الثابت لقطاع بناء العقارات السكنية، كما ساهمت في تكوين 63 في المائة من إجمالي رأس المال الثابت لقطاع بناء العقارات غير السكنية.

وتابع التقرير الذي أصدره البنك السعودي الفرنسي أن في السنوات الثماني التالية شهد الوضع تحولا كبيرا، حيث تراجعت هاتان النسبتان إلى 74 في المائة و23.7 في المائة على التوالي.

وقال معدا التقرير، وهما الدكتور جون اسفيكياناكيس، مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي، وتركي بن عبد العزيز الحقيل، المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي، إن هذا التحول كان باتجاه سيطرة القطاع العام على سوق العقارات المحلية أكثر وضوحا بين عامي 2007 و2009.

وأشاروا إلى أن هذه الفترة شهدت صعود مساهمة القطاع العام في تكوين إجمالي رأس المال الثابت لقطاع بناء العقارات السكنية إلى أحد عشر أمثالها لتبلغ 12.63 مليار ريال (3.3 مليار دولار)، بينما ازدادت مساهمة القطاع الخاص في هذا المجال بنسبة 8 في المائة فقط إلى 36.31 مليار ريال (9.6 مليار دولار).

وتابع التقرير قراءة بيانات السنوات العشر الماضية، حيث أشار إلى أنه في عام 2003 كانت مساهمة القطاع الخاص في تكوين إجمالي رأس المال الثابت لقطاع بناء العقارات غير السكنية أكبر من مساهمة القطاع العام. إلا أن هذا السيناريو بحسب ما توصل إليه معدا التقرير تغير إثر عودة أسعار النفط إلى الارتفاع، ففي عام 2009 كانت مساهمة القطاع العام في هذا المجال قد بلغت ثمانية أضعاف مستواها في عام 2001، فارتفعت إلى 85.54 مليار ريال (22.8 مليار دولار) مقارنة مع 26.54 مليار ريال (7.07 مليار دولار) للقطاع الخاص الذي ازدادت مساهمته بنسبة 41.3 في المائة فقط عن مستواها في عام 2001.

دور القطاع الخاص

* واعتبر التقرير أن أداء القطاع الخاص كان ضعيفا خلال العقد الماضي في قطاع العقارات على الرغم من الثقة الكبيرة بالاقتصاد، وعلى الرغم من توافر الكثير من فرص الاستثمار الجيدة بحسب رأي معدي التقرير، حيث تشير البيانات إلى أن القطاع الخاص فضل عدم التوسع، مما دفع الحكومة إلى التحول إلى محرك رئيسي لاقتصاد البلاد بعدما تدخلت بقوة لمعالجة النقص في التمويل وحل مشكلة النقص في معروض العقارات السكنية.

وفي السوق العقارية اعتبر معدا التقرير أن الخلل الناجم عن النقص في معروض العقارات والطلب المتزايد عليها، خصوصا الفيلات الصغيرة، يشكل تحديا رئيسيا يتعين على مستثمري القطاعين العام والخاص أن يتغلبوا عليه في السنوات المقبلة، حيث تشير التوقعات إلى صعود الطلب على هذا النوع من المنتجات العقارية نتيجة لنسبة الشباب الكبيرة في المجتمع السعودي.

واعتبر أن تعزيز قدرة المواطنين على شراء المساكن مسألة حاسمة، فالكثير من السعوديين يتقاضون أقل من 8 آلاف ريال (2130 دولارا) شهريا، ما يعني أن أسعار العقارات السائدة حاليا تجعل شراء المساكن بعيدا عن متناولهم.

وقال معدا التقرير إن الحكومة السعودية تعمل على معالجة هذه المشكلة من خلال صندوق التنمية العقارية الرسمي الذي يمنح المواطنين قروضا سكنية معفاة من الفوائد، تكفي حاليا لتغطية نحو 81 في المائة من التكلفة الكلية لكل مسكن.

وأشار التقرير إلى أن العام الحالي شهد ضخ الحكومة السعودية لأربعين مليار ريال (10.6 مليار دولار) إضافية في صندوق التنمية العقارية بهدف تقليص فترة الانتظار اللازمة للحصول على قروض سكنية منه، بالإضافة إلى رفع الحد الأقصى لهذه القروض من 300 ألف ريال (80 ألف دولار) سابقا إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار) حاليا.

وفي المقابل فقد ارتفع معدل نمو الإقراض السكني المصرفي خلال السنتين الماضيتين. وفي الربع الرابع من عام 2010 بلغ مجموع القروض السكنية المصرفية في المملكة 23.1 مليار ريال (6.16 مليار دولار) مسجلا نموا سنويا قدره 30 في المائة.

وحث معدا التقرير الحكومة السعودية على ضرورة الإسراع في تمرير وتطبيق قانون الرهن العقاري السعودي الجديد الذي طال انتظاره لأنه قد يساهم، على المدى المتوسط، في رفع نسبة التملك المساكن بين السعوديين، خصوصا إذا أقرنته البنوك بأسعار فائدة جذابة وفترات سداد أطول.

وسجل التقرير أن السعوديين الراغبين في شراء مساكن يواجهون مشكلة حقيقية، وذلك بسبب ارتفاع المتوسط العام لأسعار الفيلات الصغيرة إلى 1.28 مليون ريال (341 ألف دولار) في النصف الأول من العام الحالي، الأمر الذي يجعل شراء هذه المنتجات العقارية بعيدا جدا عن متناول غالبية الشباب السعودي.

وتوقع أن تتجه الأسر السعودية، خصوصا الأسر الصغيرة، إلى شراء شقق كبيرة، بدلا من التفكير في شراء فيلات، حيث يتوقع أن يكلف شراء شقة كبيرة بسعر متوسط قدره 518 ألف ريال (138.1 ألف دولار)، حيث سيكون في مقدور أعداد متزايدة من المواطنين السعوديين توفير هذا المبلغ لتملك سكن.

ومن خلال نتائج الدراسة التي أجرها الدكتور جون وتركي الحقيل لإعداد التقرير حول أداء السوق العقارية السعودية في النصف الأول من العام الحالي، توصلا إلى أن مستوى الثقة في القطاع العقاري السعودي استمرت في الارتفاع، لأن أسعار الشقق والفيلات والأراضي في المدن الست التي شملتها هذه الدراسة واصلت ارتفاعها، مع تسجيل ملاحظة التراجع الملحوظ في القيمة الكلية لصفقات الأراضي مرة أخرى وضرورة أن تنظر الحكومة السعودية في تقديم أراض سكنية إضافية في المدن الرئيسية، وتزويد هذه الأراضي بقدر معقول من الخدمات والمرافق الأساسية. ومن خلال خفض أسعار الأراضي السكنية يمكن تخفيف جزء كبير من تكاليف المباني التي تقام عليها. وعلى المستوى القانوني، من شأن سماح الحكومة السعودية لشركات البناء ببيع المساكن التي هي قيد الإنشاء، أو ما يُعرف باسم «البيع على الخريطة»، أن يشجع شركات القطاع الخاص السعودي على توسيع مشاركتها في السوق العقارية المحلية.

وفي جانب قطاع المواد الخام سجل التقرير ثبات أسعار مواد البناء بشكل نسبي خلال السنتين الماضيتين، لكنها عادت إلى الارتفاع مجددا في النصف الأول من العام الحالي، لا سيما حديد البناء، حيث شهدت أسعار هذه السلعة ارتفاعا في النصف الأول من العام الحالي بمعدل 37.9 في المائة بالمقارنة مع النصف الثاني من عام 2010. كما ارتفع متوسطة أسعار الكابلات الكهربائية بنسبة 10 في المائة من مستويات النصف الثاني من العام الماضي. في المقابل، ظلت أسعار الإسمنت ثابتة منذ أكثر من سنة. أما أسعار البلوكات - التي ما زالت دون مستوياتها القياسية المرتفعة بنحو 45 في المائة - فقد تأرجحت بين الاستقرار والارتفاع الطفيف.

العاصمة الرياض

* وشملت الدراسة التي أجراها البنك الفرنسي المدن الرئيسية بدءا من العاصمة الرياض، حيث أكد معدا التقرير أن أسعار الفيلات في العاصمة أصبحت باهظة جدا في العام الماضي. فمنذ النصف الأول من عام 2010، ارتفع متوسط الأسعار المطلوبة لبيع الفيلات الصغيرة في جميع الأحياء الراقية الموجودة في شمال الرياض، وعددها 31، حيث ارتفعت أسعار هذه العقارات بنسبة هائلة وقدرها 59.4 في المائة. وبلغ متوسط أسعار الفيلات الصغيرة في شمال مدينة الرياض كلها 1.7 مليون ريال (453.3 ألف دولار) بالمقارنة مع 1.07 مليون ريال (285.3 ألف دولار) في النصف الأول من عام 2010، وارتفع هذا المتوسط بنسبة 13.3 في المائة من مستويات النصف الثاني من العام الماضي.

وعلى الرغم من هذه الارتفاعات السعرية ظلت أسعار الفيلات في منطقة شمال مدينة الرياض الأدنى في شمال البلاد، لأن متوسط الأسعار المطلوبة لبيع الفيلات الموجودة في شمال مدينة الرياض، التي تضم الكثير من الأحياء الراقية، ارتفع بمعدل سنوي قدره 37.3 في المائة إلى 1.93 مليون ريال (514.6 ألف دولار)، والذي يعد أعلى سعر من نوعه في مدينة الرياض وثاني أعلى أسعار الفيلات الصغيرة في البلاد بعد شمال مدينة جدة.

وفي شرق العاصمة الرياض الذي تزيد فيه أسعار العقارات عن أسعار نظيراتها في جنوب وغرب المدينة، سجل أكبر قفزة في أسعار الفيلات على مستوى البلاد منذ النصف الثاني من العام الماضي. فقد ارتفع متوسط الأسعار الترويجية للفيلات الصغيرة بمعدل 30 في المائة إلى 1.24 مليون ريال (330.6 ألف دولار) في أحياء شرق العاصمة الأحد عشر، بينما ارتفع متوسط الأسعار المطلوبة لبيع الفيلات الكبيرة بمعدل 17.2 في المائة إلى 1.97 مليون ريال (525.3 ألف دولار)، بينما سجلت أسعار الفيلات في غرب وجنوب العاصمة 725 ألف ريال (193.3 ألف دولار) و695 ألف ريال (185.3 ألف دولار) على التوالي، حيث سجلت كلتا المنطقتين متوسط ارتفاع سنوي بلغ نحو وقدره 9 في المائة تقريبا.

كما سجلت أسعار الشقق ارتفعا في العاصمة بمعدلات معتدلة، فقد ازداد متوسط أسعار الشقق الكبيرة في الرياض بنسبة 3.8 في المائة من مستويات النصف الثاني من العام الماضي إلى 560833 ريالا (149.3 ألف دولار)، ما يمثل ارتفاعا سنويا بمعدل 7.5 في المائة. وسجل شرق الرياض مجددا أكبر الارتفاعات في أسعار الشقق، فقد ازدادت هذه الأسعار هناك بمعدل سنوي قدره 15.1 في المائة إلى 502667 ريالا (133.8 ألف دولار)، وسجل التقرير تفاوت أسعار الشقق الكبيرة في العاصمة حيث بلغت 380 ألف ريال (101.3 ألف دولار) في جنوب الرياض، بينما ناهزت ضعف هذا المستوى في أحيائها الشمالية. كما لاحظ معدا التقرير أن متوسط أسعار الشقق الصغيرة زاد في العاصمة بشكل عام بنسبة 1.6 في المائة من مستويات النصف الثاني من العام الماضي إلى 428334 ريالا (114.1 ألف دولار). وعزا التقرير الارتفاع المعتدل في أسعار الشقق إلى تفضيل المواطنين للفيلات، فقد أظهر إحصاء سكاني أُجري في عام 2007 أن ثلث السعوديين يملكون الشقق التي يعيشون فيها، بينما بلغت نسبة تملك الفيلات في السعودية 85 في المائة.

محافظة جدة

* في محافظة جدة كان الأمر على عكس التوقعات، فبعد انخفاض أسعار الفيلات الصغيرة في جدة عقب السيول التي اجتاحتها في أواخر عام 2009، ارتفعت مجددا إلى مستويات عام 2008، لكن أسعار الشقق ما زالت أدنى بقليل من مستوياتها قبل سنتين، وبالمجمل فإن الارتفاعات التي سجلتها أسعار العقارات في جدة خلال النصف الأول من العام الحالي جاءت دون المستويات التي شهدتها الرياض.

وتُعد العقارات في جدة، الواقعة في غرب البلاد، أغلى العقارات، فالمحافظة تعد ثاني أكبر المدن السعودية وفيها أحد الموانئ البحرية الرئيسية للسعودية، ما يجعلها مركزا تجاريا مهمّا. ونتيجة لقربها من المدينة المنورة ومكة المكرمة، تحولت هذه المدينة إلى بوابة رئيسية للسياحة الدينية.

وفي النصف الأول من العام الحالي سجل متوسط أسعار الفيلات الصغيرة في جدة (300 إلى 400 متر مربع) زيادة بنسبة 6 في المائة من مستويات النصف الثاني من عام 2010، ليبلغ متوسط أسعار الفلل الصغيرة 1.71 مليون ريال (456 ألف دولار)، واعتبر التقرير أن أغلى فيلات البلاد توجد في شمال مدينة جدة.

ولاحظ معدا التقرير أن متوسط أسعار الفيلات في شمال جدة ارتفع بمعدل سنوي مرتفع نسبيا وقدره 11 في المائة تقريبا إلى 2.63 مليون ريال (701.3 ألف دولار)، في حين سجل متوسط أسعار الفيلات الكبيرة في شمال مدينة جدة، ارتفاعا بمعدل سنوي معتدل وقدره 3.9 في المائة إلى 3.6 مليون ريال (960 ألف دولار).

كما قفز متوسط أسعار بيع الفيلات الكبيرة في جنوب جدة في النصف الأول من العام الحالي بمعدل 14.9 في المائة بحسب التقرير، حيث بلغ متوسط الأسعار نحو 1.28 مليون ريال (341.3 ألف دولار)، بعد أن كان متوسط الأسعار خلال النصف الثاني من العام المنصرم في حدود 916667 ريالا (244.2 ألف دولار).

وبحسب التقرير فقد سجل متوسط الأسعار للشقق الكبيرة في شمال مدينة جدة ارتفع بنسبة 1.7 في المائة من مستويات النصف الثاني من العام الماضي، إلى 783333 ريالا (208.8 ألف دولار)، واعتبر هذا الارتفاع الأعلى في السعودية، وعلى مستوى المدينة كلها ارتفع متوسط أسعار الشقق الكبيرة بنسبة 1.5 في المائة من مستويات النصف الثاني من عام 2010، إلى 622778 ريالا سعوديا، وارتفع متوسط أسعار الشقق الصغيرة بنسبة 2.1 في المائة من مستويات النصف الثاني من عام 2010، إلى 501111 ريالا (133.6 ألف دولار)، ما جعلها الأغلى من نوعها في البلاد.

المنطقة الشرقية

* في المنطقة الشرقية وفي النصف الأول من العام الحالي قال معدا التقرير إن الفارق يتسع بين أسعار المساكن الموجودة في الخبر وتلك الموجودة في الدمام والظهران المجاورتين.

وبلغ متوسط أسعار بيع الفيلات الصغيرة في الخبر، المرفق التجاري الرئيسي في المنطقة الشرقية، بنسبة 12.8 في المائة من مستويات النصف الثاني من عام 2010، إلى 1.33 مليون ريال (354.6 ألف دولار)، بينما ارتفع متوسط أسعار الفيلات الكبيرة بنسبة 15.4 في المائة إلى 2.19 مليون ريال (584 ألف دولار).

وفي المقابل انخفض متوسط أسعار الفيلات الصغيرة في مدينة الظهران، التي تتخذ منها شركة «أرامكو السعودية» النفطية العملاقة مقرا لها، انخفض بنسبة 1.3 في المائة إلى 758333 ريالا (202.1 ألف دولار)، بينما ارتفع متوسط أسعار الفيلات الكبيرة هناك بنسبة 6.7 في المائة إلى 1.07 مليون ريال (285.3 ألف دولار). وسجل التقرير أرخص العقارات في مدينة الدمام، ففي النصف الأول من العام الحالي، ارتفع متوسط أسعار الفيلات الصغيرة في الدمام بنسبة 7.3 في المائة من مستويات النصف الثاني من العام الماضي إلى 744167 ريالا (198.4 ألف دولار). أما فيلاتها الكبيرة فهي أرخص من نظيراتها في الخبر بنسبة 61 في المائة، حيث بلغ متوسط أسعارها نحو 863333 ريالا (230.1 ألف دولار).

وفي جانب الشقق في المنطقة الشرقية كانت أقل ارتفاعا، إذ ارتفع متوسط الأسعار الترويجية للشقق الكبيرة بنسبة 2.1 في المائة إلى 331389 ريالا (88.2 آلاف دولار)، بينما ارتفع متوسط الأسعار الترويجية للشقق الصغيرة بنسبة 1.8 في المائة إلى 236944 ريالا (62.9 ألف دولار).