كيف تبيع وتشتري عقارات القطاع الفاخر؟

خبراء يكشفون عن أسرار انتزاع صفقاتها

العقارات الفاخرة تحتاج إلى مهارات خاصة لبيعها
TT

على الرغم من أن قطاع العقار الفاخر لا يتبع في معظم الأحوال مسار أسواق العقار العادية، لأنه مقيد بحجم محدود من الباعة والمشترين ويتميز بالندرة، فإن مستثمري العقار في هذا القطاع يحتاجون إلى النصيحة التي تتيح لهم فرص البيع بأفضل العوائد، مهما كانت أحوال السوق.

وهناك العديد من شركات العقار المتخصصة في قطاع القمة التي تقدم نصائح متعددة من أجل ضمان السعر الأقصى عند عرض هذه العقارات للبيع، حتى في أقسى ظروف السوق صعوبة. وإحدى هذه النصائح هي ضرورة تسعير العقار بقيمته الحقيقية في السوق، حيث أثبتت الدراسات على عشرات العقارات الفاخرة أن تلك التي كان تقييمها صحيحا في بداية التسويق حققت أسعارا أعلى من تلك التي دخلت السوق بأسعار عالية واضطر أصحابها بعد ذلك لتخفيض قيمتها لتحقيق صفقة البيع.

وتتميز السوق بفترة هدوء نسبي الآن حيث انتهت عمليات المضاربة للشراء بأي ثمن كما توقف أيضا تيار التراجع في المدن الكبرى، ولكن العقارات الجيدة في مواقع استثنائية لا تبقى في السوق لفترات طويلة. وبينما يتلقى المشترون العديد من النصائح حول أساليب تحقيق أفضل الصفقات، فإن أحدا لا ينصح البائعين الأثرياء ربما لانطباع أنهم لا يحتاجون إلى النصيحة لأن لديهم ما يكفيهم من المستشارين. ولكنهم في الواقع يحتاجون إلى النصيحة أكثر من غيرهم لأن أي خطأ في التسويق قد يعني خسارة آلاف وأحيانا ملايين من الدولارات.

وفي هذا القطاع يلجأ العديد من البائعين إلى الإنترنت للبيع المباشر على أساس أن هذا الأسلوب يوفر مبالغ طائلة هي أرباح شركات العقار. ولهذا الأسلوب مزاياه وعيوبه. وأهم المزايا أنه يوسع حجم السوق للبائع بحيث يتخطى الحدود الجغرافية الضيقة للعقار ويفتح أبواب التسويق الدولي له، بالإضافة إلى إلغاء عمولة شركات التسويق العقاري. وتقدر مصادر السوق أن نسبة 79 في المائة من الباحثين عن العقار يبدأون هذا البحث على شبكة الإنترنت أولا. ويمكن بواسطة الإنترنت أيضا تحليل توجهات السوق ومستوى الأسعار والتوقيت المناسب لدخول السوق، وغيرها من العوامل. ويمكن للبائع الذي يتمتع ببعض الخبرة في نواحي التسويق ولديه الرغبة في بيع عقاره بنفسه اللجوء إلى هذا الأسلوب الذي يمكن أن يكون مربحا.

ولكن لأسلوب التسويق على الإنترنت مساوئه أيضا حيث لا يبرز مزايا العقار كما يجب. ويتأثر التسويق عبر الإنترنت بالكثير من العوامل السلبية المنتشرة في السوق بما يضغط على الأسعار سلبا. ويفضل باحثون أن تتم الاستعانة بخبرات شركات التسويق العقاري التي تضاعف جهودها في الأوقات الصعبة عبر شبكات اتصال خاصة بها، من أجل تسجيل أعلى ثمن ممكن للعقار حفاظا على حصتها من العمولة. وهي تلجأ إلى التسويق الفعال بكل الأساليب الممكنة وتبرز مزايا العقار من حيث الموقع والتصميم والمساحة، بما لا يمكن أن يقوم به بائع العقار نفسه.

وتستخدم الشركات العديد من استراتيجيات البيع في أسواق هابطة، تركز فيها أحيانا على موقع العقار أو مساحته أو تصميمه أو حتى تاريخ العقار وسكانه السابقين. وتعتقد مصادر السوق أن شركات العقار تغطي في العادة عمولتها من زيادة سعر العقار التي تحققها. ولا بد من اختيار الشركة المناسبة ذات الخبرة المحلية.

هذه الاستراتيجيات يجب أن تطبق بسرعة في مناخ الأسواق المتراجعة، وفور اتخاذ قرار البيع لأن الانتظار بلا نتيجة قد يكون معناه خسارة المزيد من القيمة. ولا بد من التسويق بهدف الإيحاء بأن العقار الفريد في مزاياه لن يبقى في السوق طويلا وأنه يباع مرة واحدة فقط وإذا ماطل المشتري توقعا لمزيد من الهبوط في القيمة فإنه قد يفقد فرصة الشراء بالمرة.

وحتى في قطاع العقار الفاخر لا يجب إنفاق آلاف الدولارات في تجديد الديكورات الداخلية على أمل رفع قيمة العقار، لأن هذا الأسلوب لا يعوض الأموال المهدرة فيه. ولا بد من التركيز على الرتوش التجميلية أو المهام الأساسية للإصلاح بأقل التكاليف قبل البيع. ولا بد من الاهتمام بالمظهر الخارجي للعقار من الحديقة الأمامية إلى باب الجراج.

وهناك أساليب غير معهودة تلجأ إليها شركات التسويق العقاري أحيانا لتنفيذ صفقات بيع سريعة ومربحة، منها الاستعانة بشركات ديكور داخلي تستأجر منها بعض المفروشات والإضاءة الداخلية التي تبرز جمال العقار أثناء فترة عرضه للبيع. وتؤكد بعض الشركات أن هذا الأسلوب يعوض بعدة أضعاف الأموال المدفوعة في استئجار معدات الديكور.

وهناك من بائعي العقار من يقدم بعض الحوافز للشراء مثل تقديم سيارة فاخرة جديدة أو معدات موسيقية راقية، وقد تتكلف هذه الحوافز عدة آلاف من الدولارات ولكنها تزيد الإقبال على العقار وتحقق صفقات بملايين الدولارات. وبيع عقار بسرعة مع تكلفة الحوافز قد يكون أفضل من الانتظار وفقدان هوامش أرباح أعلى.

وتقلد شركات العقار في هذا الأسلوب أفكار مطوري العقارات الجديدة الفاخرة حيث يقدمون معها العديد من الحوافز التي تتراوح بين هدايا من السيارات أو إعادة نسبة من الاستثمار، فيما يسمى «كاش باك». هناك أيضا من الشركات ما تتكفل بدفع مقدم الثمن كحافز للمشتري، أو تقدم للمشتري رحلة سياحية حول العالم.

والعديد من الشركات العقارية الكبرى تلجأ إلى هذا الأسلوب حاليا لتحسين موقفها المالي المتدهور، أو لتشجيع بيع وحدات في مشاريع أقبلت عليها وارتبطت بها أثناء عصر الرخاء العقاري في السنوات الخمس الماضية.

وفي بعض الحالات يكون الحل الأفضل هو تأجير العقار والاستفادة بعوائده كدخل إضافي أو لسداد أقساط القروض المستحقة عليه، انتظارا لتوقيت بيع أفضل يحقق فيه العقار الفاخر قيمته الحقيقية.

هذا ويلجأ العديد من المشترين في القطاع الفاخر إلى الاستعانة بوكلاء شراء يبحثون لهم عن العقار المناسب ويعرضون الشراء على الفور أحيانا من قبل عرض العقار في السوق. ولقاء هذه الخدمات يدفع المشتري في العادة نسبة إلى الوكيل فوق سعر السوق، ولكنه يضمن عدم مزاحمة آخرين له في شراء العقار أثناء تدبيره مصادر التمويل اللازمة له. وقد يكون أحرى بالبائع الاستفادة من هذا الوضع بالحديث مباشرة مع وكلاء الشراء قبل عرض العقار في السوق.

فالبائع في هذا القطاع يفضل عدم عرض عقاره علنا، وهو يرفض أيضا تعليق لافتات «للبيع» على العقار الارستقراطي، ولذلك فهو يفضل التعامل مع وكيل شراء عقاري ينهي كل الإجراءات في هدوء، أحيانا من دون أن يشعر الجيران في العقار المجاور أو يعرفوا أن العقار كان معروضا للبيع.

وعلى رغم تراجع الأسواق في السنوات الأخيرة والنصائح المتعددة التي تقدمها شركات العقار لبائعي العقار الفاخر من أجل تحقيق أفضل العوائد، فإن العقارات الفاخرة ما زالت محدودة العدد ونادرة الوجود في السوق ويجد بعضها منافسة على الشراء بأي ثمن، ففي القطاع الفاخر أحيانا لا يهم السعر وإنما الاقتناء.

وأحيانا يكتشف العديد من الأثرياء أنهم لا يجدون العقار المناسب بسهولة، وعندما يعثرون عليه يجدون طابورا طويلا من المشترين قد سبقهم إلى البائع. سبب هذا أن عقارات القطاع الفاخر التي تقع بين حدود خمسة إلى عشرة ملايين دولار انخفض المعروض منها في السوق بنحو 20 في المائة في العام الأخير. وفي الوقت نفسه ارتفع عدد المشترين بنفس النسبة تقريبا.

ويقول فيليب سيلواي من وكالة الشراء «باينغ سوليوشن» إن المشتري في هذا القطاع ينقسم إلى عدة فئات، منها نحو 15 في المائة من الأثرياء بالوراثة، ومثلهم من الذين كونوا ثرواتهم من الاستثمار العقاري أو في الأوراق المالية. ونسبة كبيرة من فئات المشترين النشطين في أسواق بريطانيا حاليا هم من أصحاب الملايين الأجانب. ويأتي معظم الأجانب من روسيا وأنحاء آسيا والشرق الأوسط.

ومعظم القادمين من الشرق الأوسط هم في العادة في أعمار تتراوح بين الثلاثين والخمسين ويهدفون إلى الشراء العقاري من أجل الاستثمار. ويفضل المستثمرون من الشرق الأوسط وسط المدن عن الضواحي ويبحثون عن عقارات في مواقع متميزة، وتغريهم أكثر من أي شيء آخر المساحة الرحبة داخل العقار. وفي لندن يفضل هؤلاء مناطق وسط المدينة وعلى الأخص أحياء بلغرافيا ونوتنغ هيل القريبة من إدجوار رود، شارع العرب في لندن، بمسافات قصيرة لا تتعدى محطتي مترو أنفاق. ويختلف البريطانيون عن الأجانب في أنهم، في هذا القطاع الفاخر، ينطلقون بقوة إلى الضواحي الخضراء والمقاطعات التي تبعد عن لندن زمن ساعة بالقطار.

ويضيف سيلواي أن المشترين الإنجليز في هذا القطاع هم في العادة من العائلات الصغيرة أو الأزواج بلا أطفال الذين يبحثون عن نوعية حياة جيدة خارج زحام العاصمة، ومدارس جيدة للأطفال. وجميع هؤلاء يبحثون في هذا القطاع عن منزل الأحلام الذي يتكون من خمس أو ست غرف بالإضافة إلى غرف إضافية لطاقم الخدم مع ملعب تنس وحمام سباحة وأراض خضراء مساحتها في حدود خمسة إلى عشرة فدادين. والسعر الأدنى لهذه المواصفات لا يقل عن أربعة ملايين إسترليني ولكنه يصل في المتوسط إلى ستة ملايين.

والمناطق المفضلة هي تلك المقاطعات التي تحيط بلندن خصوصا في جهات الغرب والجنوب، وإلى حد ما الشمال. ولكن المعضلة التي تواجه المشتري دوما هي عدم وجود العقارات الكافية التي تغطي الطلب على هذه النوعية من العقار. وهذه الندرة تضغط على الأسعار ارتفاعا مما يجبر المشترين أحيانا على دفع مبالغ أعلى مما يطلب البائع – تصل أحيانا إلى 15 في المائة – للفوز بالعقار.

وتأتي أهمية الاستعانة بوكيل الشراء العقاري لأنه خبير بالعقارات التي تستحق قيمة الثمن المطلوب فيها. فهو يسدي النصيحة في العقارات التي تعتبر مؤهلة لعرض الشراء الفوري. حيث يقول أحد الوكلاء إن بعض المشترين يزايدون في السعر أحيانا على عقارات «من الدرجة الثانية» حيث لها عيوب واضحة مثل القرب من محطات السكك الحديدية (أي أنها مزعجة) أو أبراج الضغط العالي الكهربائية.

وكيل الشراء العقاري، من ناحية أخرى، يمكنه أن ينصح العميل بانتظار الفرصة المناسبة، وعدم التقدم بعروض لعقارات معينة. وفي معظم الأحيان يمكن للوكيل عن طريق اتصالاته بوكلاء البيع الحصول على معلومات العقارات المعروضة قبل أن تظهر في السوق. هناك أيضا العديد من أصحاب العقارات الفاخرة الذين يرفضون فكرة عرض العقارات في السوق المفتوحة، ويتصلون مباشرة بوكلاء الشراء لإيجاد عميل مناسب للشراء من دون أن تطرح العقارات في السوق بالمرة.

هناك أيضا أسلوب مغاير وهو أن يتقدم وكيل الشراء بالنيابة عن المشتري لسؤال مالك العقار بأن هناك من يهمه شراء العقار بالثمن الذي يحدده. وفي معظم الأحوال السابقة لا بد للمشتري أن يكون مستعدا لدفع مبالغ أعلى من سعر السوق، وهي علاوة يقدرها خبراء الشراء بنحو 10-15 في المائة من ثمن الشراء.

ولكن الاستراتيجية المناسبة تعتمد على حالة السوق. ففي الأحوال التي يكون فيها العرض أكبر من الطلب ينصح الوكيل عميله المشتري بالانتظار حتى تعرض العقارات في السوق قبل أن يتقدم للشراء. ولكن النصيحة في أحوال نقص المعروض، هي الإسراع بإتمام الصفقة قبل وصول العقار إلى السوق.

ويؤكد وكيل شراء أن عملية الشراء عادة ما تكون عاطفية، فالمشتري يقع في حب عقار معين ولا يمانع من دفع أي مبلغ للحصول عليه. وهناك حالات لمشترين دفعوا مليون دولار إضافية على السعر للحصول على منزل الأحلام. وفي الوقت الذي يزداد فيه استخدام وكلاء الشراء، فإن بعض المشترين يفضلون التوجه مباشرة إلى أصحاب العقار. ولكن هذا الأسلوب له أيضا العديد من السلبيات، فهو يضايق أصحاب العقار الذين قد يقررون عدم البيع لمشتر معين مهما كانت الإغراءات، كذلك فإن مثل هذه الأساليب تغضب وكلاء الشراء الذين يتجنبون التعامل مع المشتري ويتصلون بغيره عندما تصل إليهم فرصة تسويق العقار المناسب. هناك العديد من الإجراءات الأخرى التي ينصح بها وكلاء شراء العقار للمساعدة على إتمام الصفقات، فالمشتري يجب أن يكون مرنا خصوصا في توقيت إتمام الصفقة حتى لو طلب مالك العقار منحه بعض الوقت لكي ينتقل إلى عقار آخر. وفي النهاية، فإن أفضل أسلوب هو مراعاة مشاعر البائعين، ودخول مجال العقارات الفخمة من أوسع أبوابه، أي عبر وكيل الشراء العقاري.