هل سيربك فرض رسوم على الأراضي البيضاء سوق العقارات السعودية؟

وسط تباين وجهات النظر حول إيجابياته وسلبياته

يشهد قطاع العقارات السعودي تحولات جديدة مع التوجه لإيجاد الحلول السكانية (تصوير: خالد الخميس)
TT

تباينت وجهات النظر حول القرار الأخير الذي اتخذه مجلس الشورى بعد أن وافق على أن تتم دراسة فرص رسوم على الأراضي البيضاء، الأمر الذي أحدث ضجة خلال الأسبوع الماضي بين مؤيد ومعارض، في الوقت الذي لم تتأثر فيه السوق كثيرا في تداولاتها خلال الأيام الماضية.

فرض رسوم على الأراضي البيضاء لم يكن وليد اللحظة، بل كان نتيجة دراسات سابقة وتداولات بين عدد من الجهات الحكومية، وبالتحديد منذ عام 2007، حيث كان القرار قيد الدراسة لدى الجهات الحكومية وهيئة الخبراء في مجلس الوزراء السعودي، والذي كان سيعمل على الحد من التوسع الأفقي للكثير من المدن الرئيسية السعودية، في ظل وجود الكثير من الأراضي غير المستثمرة داخل النطاق العمراني في تلك المدن.

وكانت المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» آنذاك تشير إلى أن القرار سيعمل على استثمار الأراضي الواقعة داخل المدن، إضافة إلى الكشف عن الأراضي غير المملوكة داخل النطاق العمراني.

ومن الملاحظ فإن المدن السعودية تحتضن عددا كبيرا من الأراضي البيضاء داخل نطاقها العمراني، وقد تكون بمساحات كبيرة، في الوقت الذي يستفيد منها ملاك الأراضي بارتفاع أسعارها مع النهضة العمرانية التي تشهدها تلك المدن، حيث تتراوح أسعار الأمتار للأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسية ما بين 30 ألف ريال (8 آلاف دولار) وحتى 800 ريال (213 دولارا) ما بين أراض مخصصة للاستخدام السكني والتجاري والاستثماري.

وقال خالد الضبعان، الخبير العقاري، إن الأراضي تعتبر أهم قنوات الاستثمار، حيث إنها تكتسب قيمها الإضافية بمرور الوقت، حيث إن الأراضي من أكثر من المنتجات العقارية تداولا في السعودية، وقد يتكرر فيها الربح أيضا بمرور الأوقات، وهو الأمر الذي يجعل وجودها داخل المدن منتشر وبمساحات كبيرة.

ويبلغ حجم السوق العقارية في السعودية - أكبر اقتصاد عربي - نحو 1.250 تريليون ريال (333 مليار دولار) بحسب ما ذكره خبراء في وقت سابق، وهو ما يعكس مدى ارتباط المستثمرين بقطاع العقارات بشكل عام في المملكة.

وأضاف الضبعان أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء يحمل إيجابيات وسلبيات، قد تكون الإيجابيات تتمثل في خفض أسعار الأراضي وإيجاد منتجات عقارية بشكل أكبر، ورفع العرض مقابل الطلب المتنامي، خاصة أن القرار يتضمن الأراضي الواقعة في النطاق العمراني، إضافة إلى رفع معدلات الإشغال في قطاع المقاولات والبناء وهو الأمر الذي سيرفع من الاقتصاد الوطني بشكل عام.

في حين تتمثل السلبيات بعدم إعطاء فرصة لمشتري الأرض بتحقيق ربح وعائد استثماري معقول من الأرض، وذلك في ظل محدودية الارتفاعات، وهو ما قد لا يحقق القيمة الاستثمارية للأرض.

وترتفع أسعار الأراضي التجارية بشكل أسرع من الأراضي السكنية، في الوقت الذي تشهد الأراضي مضاربات واسعة من قبل مضاربي السوق، للاستفادة من رفع الأسعار وبيع بأرباح سريعة.

وقال جون هاريس، الرئيس المناوب لشركة «جونز لانغ لاسال السعودية»، إنه في الفترة الحالية لا تترتب ضرائب على المستثمرين المستحوذين على الأراضي، ولذلك تعتبر الأراضي من أكثر الشائعة المحبذة في المملكة.

وأضاف الرئيس المناوب لشركة «جونز لانغ لاسال»، أنه في حال فرضت ضرائب على الأراضي، فإنه يتوقع أن تنخفض الأسعار بشكل أكبر من عدم وجود ضرائب، ولكن في ظل النمو الاقتصادي ونمو المدن ما زالت التوقعات تتمثل في زيادة معدل الأسعار.

ووافق مجلس الشورى السعودي الأسبوع الماضي على أن تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية، بإعداد لائحة تنظم الضوابط والآلية اللازمة لفرض رسوم سنوية على الأراضي البيضاء التي تقع ضمن النطاق العمراني، واستكمال الإجراءات المطلوبة لذلك.

وتوقعت شركة «جونز لانغ لاسال للاستشارات العقارية» ارتفاع أسعار الإيجارات والأراضي في السعودية 10 في المائة على مدى العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة مع تنامي الطلب والقوة الشرائية بدعم من حزمة التحفيز السعودية لتوفير مساكن ووظائف للمواطنين.

ودعا محمد الخليل، نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف التجارية، إلى أهمية دراسة الخطوة بشكل أكبر، للابتعاد عن أي نتائج قد لا تلامس الهدف الذي تم إقراره، مشددا على أن وجود خيارات أخرى قد يكون الأفضل بدلا من فرض رسوم.

ولفت الخليل إلى أنه لو تم إعطاء فرصة لأن يكون هو تحفيز كمنح تعدد للأدوار سيكون ذلك أفضل، وإعطاء فرصة تدريجية بعد مرور مدة معينة، قد يكون خيار أفضل لاستثمار الأرض بشكل أفضل، خاصة أن أسعار الأراضي قد تكون مرتفعة ويكون هناك خيار للاستفادة من قيمة الأرض.

وتحتاج السعودية - عضو مجموعة العشرين - لبناء مليون وحدة سكنية في غضون خمس سنوات، وذلك لتنامي الطلب مقابل العرض، الأمر الذي تسبب بأن يكون قطاع الإسكان أحد مسببات التضخم في المملكة.

ولمواجهة ذلك الطلب المتنامي أمر خادم الحرمين الشريفين ببناء 500 ألف وحدة سكنية، من خلال ضخ 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، وإيعاز لعدد من المؤسسات الحكومية بتولي مساكن منسوبيها، مما سيسهم في استيعاب الطلب الكبير خلال الفترة المقبلة.

وقال خالد المبيض، المدير العام والشريك التنفيذي لشركة «بصمة لإدارة العقارات»، إن إقرار مثل هذه الضريبة قد تتسبب في إرباك السوق العقارية، وفي الأخير تكون النتيجة الأخيرة أن يتحملها المستهلك، مشيرا إلى أن المستثمر لا يتضرر من وضع ضرائب قد تصل إلى 2.5 في المائة وهو يحقق 25 في المائة عوائد سنوية.

وتابع المبيض أن هناك الكثير من الأراضي هي مملوكة لورثة، وأراض أخرى قد يكون عليها اختلاف، وأن الاختلاف يجعل قرار الحكم فيها متأخرا، مما يضع تساؤلا من سيدفع تلك الضريبة.

وشدد المدير العام والشريك التنفيذي لشركة «بصمة لإدارة العقارات» إلى أهمية إعداد الدراسة بشكل متأن ومشبع، حتى يكون القرار وفق معطيات حقيقة، مشيرا إلى أن المضاربين في السوق لا يمكن أن توقفهم مثل هذه الضريبة على المضاربة في الأراضي بمختلف أشكالها.