إقبال صيني متزايد على العقارات الأميركية

تراجع الأسعار بفعل الأزمة وفر فرصا ثمينة لهم

TT

قبل أن تصبح معروفة باسم منطقة مارينا، كانت المنطقة التي تبلغ مساحتها 128 فدانا من الحشائش الطويلة وأكوام التراب على نهر مومي هنا، موطنا لأحد أكثر المشاهد القبيحة التي لا تود العين رؤيتها، وهي محطة «أكمي» للكهرباء التي تعمل بالفحم، والتي خرجت من الخدمة في عام 1994.

وعلى محاذاة جانب النهر توجد منطقة الأحواض التي تبلغ مساحتها 69,550 قدما مربعا، وكانت عبارة عن مجمع ترفيهي مملوك للمدينة، يقدم فيه الطعام، وظل لسنوات بعد بنائه في عام 1996 واحدا من المقاصد الأكثر شعبية في توليدو، ولكن الركود الأخير قد ضرب توليدو بشدة، وتم إغلاق مطعمين من المطاعم الخمسة خلال هذا العام، مما أدى إلى خسارة مئات الآلاف من الدولارات في شكل إيجارات غير مدفوعة، وخسائر في عائدات الضرائب.

ويبدو أن المساحة المفتوحة على طول الضفة الشرقية لنهر مومي، والتي يحدها شارع «فرنت ستريت» وشارع «مان ستريت» والطريق السريع «إنترستيت» 280، ستكون بمثابة تحد آخر من التحديات التي تواجه تنمية واحدة من أكثر المناطق تضررا من الركود، ولكن في الخريف الماضي، ألقى مقاولان عقاريان مقبلان من الصين، اختارهما شخصيا رئيس البلدية مايكل بيل وموظفوه، نظرة على المدينة التي يبلغ عدد سكانها 287,000 نسمة، ووجدوا أن هناك فرصة في تنمية المدينة.

وفي الثامن عشر من مارس (آذار)، قام المستثمران يوان أكسوهونا وكين هونغ، بشراء الأحواض والمساحة المتاخمة التي تبلغ مساحتها خمسة أفدنة مخصصة لمواقف السيارات مقابل 2.15 مليون دولار. وفي إحدى المقابلات الشخصية، قال بيل (56 عاما) الذي تم انتخابه لرئاسة مجلس المدينة في عام 2009، إنه اعتقد هو وشخصيات أخرى بارزة في المدينة أن الصفقة من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تنفيذ مشروع أكبر من ذلك بكثير، وهو بيع الـ69 فدانا المجاورة ليوان وهونغ، اللذين قالا في مذكرة وقعت في فبراير (شباط) إنهما يعتزمان بناء منطقة سكنية وإدارية بها مناطق للبيع بالتجزئة والترفيه على جانب النهر.

وقال بيل، وهو شاب ضخم الجثة كان يلعب كمدافع في جامعة توليدو، ومغرم بركوب الدراجة البخارية هارلي، ويفضل أحذية رعاة البقر ذات اللون الوردي والمصنوعة من جلد النعام وما يلائمها من رابطات العنق وردية اللون «لقد قالوا ما يعتزمون القيام به، ويستند جزء كبير مما يحدث وما سيحدث، على الثقة التي وضعناها، فإن شراء الأحواض هو الخطوة الأولى التي تظهر أن لدينا طاقة ولدينا طريقا نسير فيه».

وقال سكوت ريفان، وهو مستشار العقارات الذي قدم بيل ليوان وهونغ خلال زيارة قام بها إلى الصين في سبتمبر (أيلول)، إن الدراسات الهندسية قد بدأت. وأوضح أمام أحد الصحافيين بعضا من الرسومات المعمارية الأولى، التي تصور مبنى سكنيا منخفض الارتفاع ومباني إدارية ومساحات تجارية محاطة بالحدائق والواجهة المائية لنهر مومي. وقال ريفان إن الهدف من التنمية هو أن تكون بمثابة منطقة تجمع للمديرين التنفيذيين العالميين لمزاولة العمل في منطقة الغرب الأوسط، وهي منطقة حضرية مفعمة بالحياة لأزواجهم وأولادهم، ووجهة للتسوق وتناول الطعام للمقيمين في منطقة توليدو.

وقال ريفان: «الفكرة رائعة، والسوق سيدعم هذا النوع من الأفكار».

وقد أعرب يوان ويونغ، رئيسا مجموعة «داشينج بسيفيك»، عن حماسهما الكبير لهذا المشروع. وكتبت يوان في المذكرة التي وقعت في شهر فبراير (شباط)، والتي قامت هي وبيل بالتوقيع عليها، أن هدف الشركة هو «العمل بجد من أجل إعداد عرض لشراء منطقة مارينا، وأشاطركم رؤيتنا لتنمية هذه المنطقة».

وقد قامت يوان، التي لم يكن بالإمكان إجراء مقابلة شخصية معها، بزيارة توليدو مرتين، كان آخرها في أواخر مارس (آذار) عندما التقت المحافظ الجمهوري جون كاسيتش المنتخب حديثا، والذي صرح بأنه يؤيد المشروع. كما قام هونغ بزيارة توليدو في شهر أكتوبر (تشرين الأول) وأرسل نجله جيمي وو، الذي يعيش في نيويورك، للاجتماع مع كاسيتش.

وقدر المتخصصون في العقارات استثمارات يوان وهونغ بإجمالي يتراوح بين 200 مليون دولار و300 مليون دولار، وهو ما من شأنه أن يكون واحدا من أكبر الاستثمارات العقارية في الولايات المتحدة من قبل مقاولين صينيين، وجزءا من العدد المتزايد للمشاريع ذات التمويل الصيني في الأسواق الصغيرة في المناطق الحضرية الأميركية.

ووفقا لبيانات شركة «ريال كابيتال أنالتكس»، وبصرف النظر عن الاستثمارات في مبنيين إداريين في نيويورك بقيمة 900 مليون دولار، كان أكبر استثمار صيني في العام الماضي هو شراء مجموعة «شينزين نيو ورلد» لفندق «شيراتون يونيفرسال» في شمال هوليوود بكاليفورنيا في صفقة بلغت قيمتها 90 مليون دولار. أما أكبر شراء عقاري في العام الماضي من قبل المستثمرين الصينيين في الغرب الأوسط، وفقا لشركة «ريال كابيتال أنالتكس»، فكان بقيمة 7.2 مليون دولار التي دفعتها شركة «شينزين بي آر سي للتنمية» لشراء مركز تجاري تبلغ مساحته 120,500 قدم مربع في منطقة ساوث بند. ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد علاقة بين الشركات التي قامت بالاستحواذ على هذه الصفقات.

وقال سبنسر ليفي، وهو العضو المنتدب لشركة «سي بي ريتشارد إليس كابيتال ماركيتس» «الشيء الملحوظ بطريقة جيدة بشأن صفقة توليدو هو من الناحية التاريخية عندما يفكر الناس في المستثمرين المقبلين من الصين، الذين ركزوا على الأسواق الرئيسية – نيويورك وسان فرانسيسكو ولوس أنجليس، لكننا بدأنا نجد اهتماما كبيرا من جانب الصين فيما ينظر الناس إليه على أنه أسواق ثانوية، واهتماما بفئات الأصول التي لا تتمتع بالاستقرار وليس لديها عقود إيجار طويلة الأجل».

لقد أدت خطة منطقة مارينا وبيع الأحواض الصغيرة إلى تنامي خوف سكان توليدو من أي شيء أجنبي. وقال توماس كروثيرس، وهو نائب عمدة المدينة للعلاقات الخارجية، «لقد كانت هناك بضع رسائل وعدد قليل من المدونات التي رفضت بشدة بيع ممتلكاتها على طول النهر للمستثمرين الصينيين، أو لأي مستثمر أجنبي، وعلى الرغم من ذلك، فإن مهمتنا تكمن في جلب الاستثمارات من المصادر المحلية أو الأجنبية لتنمية مجتمعنا».

ومع ذلك، أشاد الكثير من رجال الأعمال هنا بالصفقة، وقال فورد ويبر، الرئيس والرئيس التنفيذي لمجموعة «لوكاس كونتي إمبروفمنت كوربوريشن»، للتنمية الاقتصادية «إن رجال الأعمال يقدمون الدعم بشكل جيد للغاية، وهي فرصة للاستحواذ على ملكية شاغرة من دون ضرائب، ثم المساهمة به في تحسين مستوى المعيشة وإنعاش الاقتصاد وتوسيع القاعدة الضريبية». تحاول المدينة منذ سنوات أن تقوم بتطوير منطقة مارينا، وهي المنطقة التي شهدت مشروعا بقيمة 42 مليون دولار لتنظيف النفايات السامة، وتم الانتهاء من المشروع في عام 2007، كما قضت المدينة أربع سنوات في تسويق الأحواض لكي تسحب سندا بقيمة 1.66 مليون دولار، وتحقق إيرادات للمساعدة في خفض العجز في الميزانية، الذي سيصل هذا العام إلى 4.85 مليون دولار. إن القيمة التي دفعتها مجموعة «داشينج بسيفيك»، التي تبلغ 2.15 مليون دولار، لشراء مجموعة المطاعم، سوف تحقق لتوليدو صافي ربح يبلغ نحو 300,000 دولار، حسب تصريحات مسؤولي المدينة.

*خدمة «نيويورك تايمز»