سوق العقار الإيطالي تقدم فرص نمو جيدة

قرى الجنوب وأومبريا والبندقية من أفضل المناطق الواعدة

القلاع التاريخية تباع بأسعار رخيصة في جنوب إيطاليا
TT

تقدم مقاطعات الجنوب الإيطالي ومنطقة أومبريا، بالإضافة إلى جزر البندقية، أفضل فرص الاستثمار من ناحية اعتدال الأسعار في الجنوب وفرص ارتفاعها في البندقية. وتنتشر في جنوب إيطاليا، في مناطق مثل مقاطعة بازيليكاتا، السواحل الخلابة والقرى الريفية بأسعار تبدأ من ستة آلاف يورو للمتر المربع. وتتراجع الأسعار إلى أقل من نصف هذه القيمة في المناطق الداخلية وفي العقارات التي تحتاج إلى ترميم وتجديد.

ويعاني الجنوب الإيطالي من هجرة الشباب إلى المدن وإلى الخارج مما يعني أن الكثير من العقارات التاريخية والقديمة تبقى شاغرة، وتعرض للاستثمار بأسعار تنخفض إلى ثلث أسعار مناطق إيطاليا الشمالية والوسطى. وبيع في المنطقة مؤخرا قصر مكون من 12 غرفة على مساحة 800 متر مربع بسعر لا يزيد عن 180 ألف يورو. وهناك الكثير من الأوروبيين الذين يستثمرون في القصور القديمة بغرض تحديثها واستخدامها كفنادق صغيرة للسياح.

وتقول شركات العقار في المنطقة إن أهم مزايا الجنوب الإيطالي نوعية الحياة وأسلوب البحر الأبيض المتوسط المتميز في الاستمتاع بساعات النهار، خصوصا في فترة الغداء الطويلة. وتتميز المنطقة أيضا بتدني مستوى الضرائب العقارية وإلغاء ضريبة القيمة المضافة بعد خمس سنوات من الشراء. وهي منطقة تتمتع بمناظر خلابة وشعب مضياف يشتهر بالمطبخ الإيطالي وعدد قليل من السياح. أما العيوب فهي تتراوح بين إغلاق كل المحلات والمصالح لفترة ما بعد الظهر التي تسمى «سييستا»، وفتح المطاعم بداية من الثامنة مساء. وتبعد المنطقة عدة ساعات عن أقرب مطار دولي، مع عدم وجود وسائل مواصلات عامة جيدة. والقليل من أهالي المنطقة يتحدث اللغة الإنجليزية أو أي لغات أخرى غير الإيطالية.

ورغم أن منطقة توسكاني ما زالت في الطليعة من حيث الجذب العقاري الاستثماري الأعلى في القيمة والأسعار، فإن الكثير من المناطق الأخرى تنافسها بعقارات مماثلة في المساحة وجمال الطبيعة والمناخ وبأسعار أقل، مثل أومبريا وأبروزو وبوغليا. وتشير شركات العقار الإيطالية إلى أن الطلب الأجنبي على العقار الإيطالي لم يتراجع، بل إن المزيد من شركات تطوير العقار الأجنبية تبحث عن مواقع مناسبة في إيطاليا لبداية مشروعات سياحية وإسكانية توقعا لمزيد من انتعاش الأسواق. وتتوقع هذه الشركات استمرار ارتفاع الأسعار بنسب تصل إلى 10 في المائة سنويا.

وهناك بعض المناطق التي تشهد إقبالا سياحيا هائلا مما يجعل الاستثمار فيها صعبا نظرا لارتفاع أسعارها، والأفضل التوجه إلى مناطق ريفية وتاريخية تقدم قيمة أفضل، خصوصا في المناطق المفتوحة أمام رحلات الطيران الرخيص من خارج إيطاليا.

أومبريا

* تجذب منطقة أومبريا المستثمر الدولي من أنحاء أوروبا ومن روسيا ودول الشرق الأوسط لأنها من المناطق غير المكتشفة التي تقدم قيمة سعرية جيدة. وهي إحدى المناطق الأكثر جذبا للاستثمار العقاري المتنوع لأنها تغري مشترين إيطاليين أيضا من روما وضواحيها التي ارتفعت فيها الأسعار إلى مستويات غير محتملة محليا.

وهناك الكثير من الصفقات الجيدة التي ما زالت متاحة في أومبريا، وهي من المناطق القليلة في أوروبا التي ما زالت فيها العقارات تباع من الخريطة. وحتى في هذا الوقت الصعب هناك من يتوقع زيادات سنوية تصل إلى 15 في المائة، ولكن لا بد من الحذر من مثل هذه التقديرات.

وتتميز أومبريا بمشاهد خلابة رغم أنها منطقة لا سواحل لها، ولكنها تتمتع بطبيعة ثرية ومدن عتيقة بها قلاع تاريخية، والكثير من المقاهي والمطاعم. وتقدم عاصمة الإقليم بروغيا سنويا مهرجان الجاز العالمي الذي يلقى إقبالا سياحيا طوال شهر يوليو (تموز) من كل عام.

وخلال السنوات الماضية ظل التقدم السعري مضطردا في إقليم أومبريا، ولكنه تباطأ في العام الحالي إلى حد التجمد، ولكنه على الأقل لم يتراجع. ويساهم في استقرار الأسعار قيود البناء في أومبريا التي تعتبر أكثر تشددا من مقاطعة توسكاني المجاورة. وتعد المشاريع الإسكانية الجديدة نادرة نسبيا في أومبريا، الأمر الذي يبقي على معدل الأسعار مستقرا.

وما زال من الممكن العثور على عقارات بأسعار لا تزيد عن مائة ألف يورو، وهي عقارات تحتاج في الغالب إلى تجديد شامل. ويصل الإنفاق أحيانا في تجديد وصيانة العقارات العتيقة إلى ما يعادل سعر الشراء. وهناك الكثير من الشركات المتخصصة التي يمكنها أن تتولى عملية تجديد العقارات القديمة بالنيابة عن المشتري، خصوصا إذا كان المستثمر مقيما خارج إيطاليا، مما يجنبه الكثير من الجهد والوقت ومتاعب اللغة في متابعة عمليات تجديد العقار.

ويبلغ متوسط سعر العقار بعد تجديده إلى نحو 250 ألف يورو، وتختلف الأسعار باختلاف الموقع والمساحة، ويشترط أن تلجأ شركات البناء لاستخدام مواد محلية في الصيانة وأن تراعي عوامل البيئة في عمليات الترميم. وتستفيد بعض العقارات المعروضة للبيع من مزايا حديثة مثل ملاعب التنس والغولف وحمامات السباحة الساخنة. وبالمقارنة مع توسكاني ما زالت المنطقة تقل في معدل أسعارها بنسبة تصل إلى نحو 40 في المائة. وترتفع الأسعار باقتراب العقار من المدن الرئيسية في أومبريا مثل بروغيا وأسيسي وسبوليتو. كما ترتفع بنسبة 20 في المائة على الأقل على شواطئ بحيرة تراسيمينو.

ويقول مستثمرون اشتروا على ضفاف البحيرة إن المنطقة أفضل من توسكاني لأنها تقدم الروح الإيطالية الأصيلة من دون التأثير الأجنبي المتزايد في توسكاني. كما أن اختيار الموقع يعني أن مدنا مثل العاصمة روما ومدينة فلورنسا لا تبعد أكثر من 70 ميلا، مما يعني إمكانية زيارتها في رحلات لا تستغرق أكثر من يوم واحد. ولكن السلبية الوحيدة لمنطقة إيطالية أصيلة كهذه أن معظم سكانها لا يتحدثون غير اللغة الإيطالية، ولكنهم على الأقل يشجعون غيرهم على تعلمها واستخدامها.

وتجتذب المنطقة معظم المستثمرين بفضل تاريخها العريق الذي يعود إلى القرون الوسطى، وأيضا جغرافيتها الساحرة. فمعظم العقارات لها سجل تاريخي وحكايات تروى بينما تتمتع أيضا بمناظر ريفية خلابة. وهناك الكثير من المشترين الأوروبيين المقيمين في عقارات أحلامهم الإيطالية ويذهبون بين الحين والآخر لمتابعة أعمالهم سواء في ميونيخ أو في لندن. وتتيح التقنيات الحديثة إمكانية متابعة بعض الأعمال من إيطاليا بواسطة الإنترنت. وهي أيضا منطقة تتيح السفر السريع إلى أرجاء أوروبا. وتتراوح مسافات السفر الجوي بين ساعتين إلى ألمانيا، إلى ثلاث ساعات إلى لندن. وتتفوق المنطقة بقربها من المطار عن المناطق النائية الأخرى في توسكاني وأومبريا التي تماثلها في الأسعار.

جزر البندقية

* تشتهر البندقية بعدة جزر ساحرة بالإضافة إلى شاطئ الليدو الخلاب الذي يمتد على شريط ساحلي يتميز بأفضل شواطئ إيطاليا، وتنتشر الجزر الصغيرة حول مدينة البندقية (أو فينيسيا بالإيطالية)، وهي جزر توفر الهدوء مع الطبيعة نظرا لصعوبة الوصول إليها. وهناك تفاوت كبير في الأسعار بين الجزر المختلفة وأنواع العقارات المتاحة. وتتميز كل جزيرة بطابع معماري خاص ومزايا تختلف عن غيرها، وأهم الجزر المتاحة للاستثمار هي مورانو وتورسيللو وبورانو.

ويحتاج المشتري للوصول إلى هذه الجزر إلى رحلات بحرية بالزوارق تستغرق ما بين 20 إلى 40 دقيقة من الساحل الإيطالي، وهي ليست الاستثمار المثالي للتأجير وإنما للاحتفاظ بها للاستخدام الشخصي ثم بيعها مع توقع ارتفاع قيمتها. وتقل الأسعار في الجزر النائية بنسبة النصف تقريبا عن أسعار مدينة البندقية السياحية المشهورة. وتبدأ الأسعار من نحو 3700 يورو للمتر المربع مقارنة بنحو ثمانية آلاف إلى 18 ألف يورو للمتر المربع في البندقية.

وتتيح هذه الجزر أيضا أنواعا متعددة من العقار، بداية من أكواخ الصيادين إلى المنازل الريفية والمزارع. ويفضل الكثير من المشترين البقاء بالقرب من المدن الإيطالية الرئيسية، ولذلك فإن المستثمرين في عقارات هذه الجزر هم فئة خاصة من المشترين الذين يفضلون الجمال الطبيعي لذاته.

وفي بورانو، تعتمد الجزيرة على السياحة اليومية من الشواطئ القريبة، وما زال الكثير من أبنائها يعملون في الصيد البحري، وتحتفظ الجزيرة بطابع القرية وتعداد لا يزيد عن 30 ألفا. وهي تشتهر أيضا بزيارات المشاهير لها، كما ترتبط بجزيرة مازوربو المجاورة بجسر بحري.

وهناك مشاريع تطوير في جزيرة مازوربو لجذب المزيد من السياح، ولكنها تعتمد أكثر على الدخل الزراعي وتنتشر فيها مزارع الكروم. وتشتهر الجزيرة بالعقارات الريفية التي تضم خلفها حدائق أو مزارع كروم، وهي ما زالت بأسعار معقولة تبدأ من 3700 يورو للمتر المربع.

وبالقرب من البندقية تقع جزيرة مورانو التي تشتهر بصناعة الزجاج والبلّور والمرايا والحرف اليدوية. وتعود هذه الصناعات إلى القرن الثالث عشر، وهي تجذب الآن أعدادا متزايدة من السياح.

ورغم أن الطلب العقاري الأجنبي في موارنو يقل عما هو عليه في بورانو فإن الأسعار فيها أعلى. ويعتمد العقار فيها على الطلب المحلي من العاملين في مصانع الزجاج، وأيضا من القائمين على مشروعات سياحية. وتباع شقة من غرفتين بحديقة بالقرب من محطة الزوارق المركزية بنحو 350 ألف يورو. وهي تختلف عن بورانو بتنوع نماذجها العقارية واختلاط نمط الحياة فيها بين الزراعة والصناعة.

أما الجزيرة التي تشبه البندقية في نموذج مصغر فهي جزيرة تورسيللو، وهي أيضا الأبعد عنها بحريا. وهي تشتهر بأنها جذبت المشاهير في الماضي مثل ايرنست هيمنغواي الذي أقام فيها فترة في الأربعينات، كما زارها كل من الملكة إليزابيث الثانية وونستون تشرشل والفنان مارك شاغال والممثلة كيم نوفاك وأيضا تشارلي شابلن. وهي جزيرة سياحية من الطراز الأول بها الكثير من القصور التي تعود في تاريخها إلى القرن الخامس عشر.

وتقول شركات العقار المحلية إن العثور على عقار في تورسيللو ليس مهمة سهلة، ويحتاج المشتري إلى زورقه الخاص لكي يصل إليها. وهي الموقع المفضل لمن يريد العزلة والابتعاد عن زحام المناطق الأخرى. وتستفيد جميع جزر المنطقة من سمعة البندقية السياحية وقوة أسعار عقاراتها، وهي جميعا تعد باستمرار النمو على المدى البعيد.

وتنصح كلير سترودي مديرة شركة «بروبرتي كليك» العقارية في إيطاليا بأن يجري المشتري أبحاثه بدقة على السوق، وعلى الشركات التي يتعامل معها قبل اتخاذ أي قرار أو دفع أي مبالغ مالية، فهناك الكثير من الشركات العقارية والأفراد الذين يتعاملون في السوق من دون ترخيص قانوني، الأمر الذي يعرض من يتعامل معهم للمتاعب في حالات مخالفة الاتفاق. ولا يوجد هناك تأمين يحمي من هؤلاء، والأفضل أن يتم التعامل فقط مع الشركات المعتمدة بعد الاطلاع على ترخيصها. وتقوم شركات العقار الإيطالية في العادة بعملية المسح الهيكلي على العقارات التي تعرضها للبيع كما تقوم بكتابة التعاقدات، فالمحامي ليس ضروريا في عمليات شراء العقار الإيطالي. ولذلك من الضروري أن يتم التعامل مع شركات عالية الاحتراف وأن تكون الحماية القانونية مكفولة لكل من البائع والمشتري ضد الأخطاء التي قد ترتكبها الشركات. ويجب الانتباه أكثر إلى الشركات التي تبيع العقارات الإيطالية من خارج إيطاليا لأنها قد لا تكون مخولة لذلك قانونا. ولا بد أيضا من اتباع الخطوات القانونية الإيطالية التي قد تختلف عنها في الكثير من الدول الأخرى.

النصيحة الأساسية هي الحذر عند التعاقد، خصوصا إذا كان المشتري واقعا تحت تأثير سحر المكان والخوف من فقدان عقار الأحلام. ولا بد من الاستعانة بمحامٍ متعدد اللغات للتعامل معه ودفع أي مبالغ نقدية في صندوق خاص يكفل الحماية القانونية وليس لشركات العقار أو للبائع. وبعد العثور على شركة العقار المناسبة يمكنها أن تقوم بكل الإجراءات التي يطلبها المشتري بداية من مشاهدة العقار وحتى توقيع التعاقد. كما يمكنها أيضا ترشيح شركات البناء المناسبة وشركات المحاسبة والبنوك من أجل تغيير العملة والاقتراض أو فتح الحسابات المحلية.

الضرائب ترتفع بالتناسب مع مساحة العقار

* يدفع المشتري في العادة نحو 10 في المائة من الضرائب العقارية على الشراء، ترتفع إلى 20 في المائة للعقارات الفاخرة التي تزيد مساحتها عن 200 متر مربع. ويدفع المشتري عمولة شراء تصل نسبتها إلى ثلاثة في المائة بالإضافة إلى تكلفة التسجيل العقاري.

ويحاول بعض البائعين ووكلاء العقار إقناع المشتري بإعلان سعر أقل للعقار حتى ينخفض معدل الضرائب، ولكن الحكومة الإيطالية ترصد مثل هذه المحاولات وتفرض غرامات باهظة على المخالفين. كما أن البيع قبل مضي خمس سنوات يجذب معدلات أعلى من ضريبة القيمة المضافة.